فتحي مهذب
الحوار المتمدن-العدد: 8328 - 2025 / 4 / 30 - 09:05
المحور:
الادب والفن
بعد الستين سنة
بعد الستين سنة
تغير كل شيء
أقارن قوس ظهري
بأقواس المدينة
أنظر إلى الأغيار
كما لو أنظر إلى ذئاب الغابات
لم يعد يسعدني شيء
في بلد مليئ بالرعب والجثث
صار الليل والنهار مثل لصين محترفين
يختلسان مجوهرات حياتي
ثم يلوذان بالفرار
لم يتركا شيئا جميلا
في غرفة قلبي
غير نواقيس جنائزية
تقرع في باحته المظلمة
بعد الستين سنة من عمري
لم يزل الشك يزأر
في حديقة رأسي
لم يترك غزلان يقيني
تنعم بالهدوء
كنت أملأ رأسي بالشعر والنبيذ
ليكف الزئير الموحش
وينام أسد الشك سكران
على رصيف السهو
بعد الستين سنة
التي سقطت من جيبي
في الوحل والعذاب والجنون
لم أجد أحدا يحمل قلبي
إلى الله
ليرتق ثقوبه العميقة
لم أجد إمرأة تصلح
لجبر جناحي المكسورين
وملء سريري بالفواكه والفرح الصافي
بعد الستين سنة
صرت أتكلم وحدي
أسمع مزيدا من الأصوات الغامضة
أنصت جيدا إلى روحي
حين تمر عربة الأموات أمامي
أسألها:بماذا توشوشين يا بنت؟
ستحملني يوما ما إلى ملاذي الأبدي
ستذهبين إلى بيت مجهول
أتعبتك كثيرا يا روحي
سامحيني قبل فوات الأوان
بعد الستين سنة
لم أجد أحدا أمشي وراء جنازته
بغيوم كثيفة من القلق الفلسفي
ونظرات فارغة من المعنى
لم أجد غير ذاتي
لأدفنها على عجل
قبل حلول المساء
بعد الستين سنة من عمري
لم تبق غير بضعة أوراق
تتمايل في شجرة العمر
كلما هبت ريح جامحة
قلت:هانذا مشرف يا نفس على الهلاك.
#فتحي_مهذب (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟