فراس الوائلي
الحوار المتمدن-العدد: 8328 - 2025 / 4 / 30 - 09:02
المحور:
الادب والفن
الموسيقى أنثى من شذى لا يُمسّ، من رعشةٍ تتكوّن بين ضلوع الريح، من نفسٍ تتشكّل على هيئة نايٍ يغرق في الحنين. خُلقت من شهقةِ مجرّةٍ ارتبكت، من ذرةِ صمتٍ انسكبت فأصبحت لحنًا، لا تُرى ولا تُعرّف، لكنها تُحسّ في العظم حين يشتاق، وفي الدمعة حين تتذكّر أنها لا سبب لها إلا صوت مرّ. ليست نغمة، بل كائن ميتافيزيقي يمشي بيننا خفيفًا، عاريًا من الضجيج، مسكونًا بكل ما لم يُقل. في كل وترٍ تسكن ذكرى خفية، وفي كل عودٍ تعيش مدينة من الأرواح، لا تُرى لكنّها تعزف كلما مرّت يدٌ تعرف ما تعني الرهفة. لكنها أيضًا تُجلد، تنكسر حين تمتد نحوها أصابع خالية من الشعور، تُقطع، تُهان، تُنسى، تُصفع بأكفّ لا تعرف كيف تُصغي، وتُحرق بخشب جفّ من الحنين. كم مرة بكت في حفلات يظنها الناس طربًا، وكم مرة تقيّأت لحنها حين عُزفَت بلا روح، وكم مرة بحثت عن قلب يؤمن بأنها ليست مجرّد فن، بل حياة تتخفّى داخل النغمة. هي لا تغني، بل تُعيد تشكيل الوجود كلما اختنق، وتعيد ترتيب الدمع في الروح حين يعجز الكلام، لا تبحث عن جمهور، بل عن تلميذ صامت يعرف كيف يتنفّس على إيقاعها، عن عاشق ينصت لا بأذنه، بل بجسده الكامل. هي غريبة، منفية من الأرض إلى الحنجرة، تسكن في زوايا لا تُضاء، وتحيا فقط حين تُعزف بنفس يعرف كيف يُولد من الوجع. الموسيقى ليست أغنية، إنها وتر يبكي في جسد الضوء، وشهقة الوجود حين يحاول أن يقول أنا هنا دون أن يتكلم.
#فراس_الوائلي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟