أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خورشيد الحسين - تحالف الأقليات: كيف تستخدم إسرائيل الهويات الطائفية لتفكيك لبنان وسوريا وفلسطين؟














المزيد.....

تحالف الأقليات: كيف تستخدم إسرائيل الهويات الطائفية لتفكيك لبنان وسوريا وفلسطين؟


خورشيد الحسين

الحوار المتمدن-العدد: 8328 - 2025 / 4 / 30 - 09:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ تأسيسها، لم تكتفِ إسرائيل بفرض وجودها ككيان استيطاني على حساب الشعب الفلسطيني، بل تبنّت استراتيجية أوسع تقوم على تمزيق البُنى الوطنية المحيطة بها من الداخل، تحت عنوان "تحالف الأقليات". هذه الاستراتيجية ترتكز على مبدأ خلق اصطفافات طائفية وإثنية، تفتّت النسيج الاجتماعي في لبنان وسوريا وفلسطين، وتُضعف إمكانيات المواجهة الشاملة معها.

تحالف الأقليات: الجذر الفكري والسياسي

فكرياً، يستند هذا الطرح إلى ما يُعرف بـ"نظرية التجزؤ الهرمي" (Hierarchical Fragmentation)، التي تفترض أن المجتمعات العربية غير متجانسة، ولا بد من تفكيكها إلى مكوناتها الطائفية والعرقية لضمان "استقرارها" على الطريقة الغربية. المفكر الأميركي من أصل لبناني دانييل بايبس، والسياسي الإسرائيلي أوديد ينون، من أبرز منظّري هذا الاتجاه، وقد دعا الأخير صراحة في خطته (1982) إلى تقسيم دول الجوار إلى كيانات طائفية متنازعة.

إسرائيلياً، ترجم هذا التوجّه ضمن "استراتيجية بيريز–بن غوريون" التي رأت أن على إسرائيل أن تتحالف مع الأقليات غير السنية في المنطقة، خاصةً المسيحيين والدروز والعلويين، من أجل خلق توازن مع الأغلبية السنية المحيطة.

لبنان: النموذج المثالي للتحالف

يُعدّ لبنان المختبر الأول والأنضج لهذا التحالف. فبذور التنسيق بين بعض النخب المسيحية والقيادة الصهيونية تعود إلى الثلاثينات، وقد تجسّدت لاحقاً في علاقات سياسية وأمنية خلال الحرب الأهلية. تقارير استخباراتية إسرائيلية كشفت عن تعاون واسع بين الجيش الإسرائيلي و"القوات اللبنانية" بقيادة بشير الجميل، شمل التدريب والتسليح والمعلومات الاستخباراتية، وانتهى بغزو بيروت عام 1982.

استثمرت إسرائيل في الخطاب الفينيقي العازل، الذي ينكر الانتماء العربي، وروّجت لفكرة "الحماية الإسرائيلية للأقليات" في وجه ما تصفه بـ"المدّ الإسلامي السنّي". وبهذا، تحوّلت إسرائيل من عدو خارجي إلى "حليف طبيعي" في نظر بعض القوى الداخلية.

سوريا: اللعب على ورقة الطوائف

رغم العداء العلني بين النظام السوري وإسرائيل، فإن الأخيرة لم تتوقف يوماً عن محاولات شقّ النسيج السوري من الداخل. وثيقة صادرة عن وزارة الخارجية الإسرائيلية عام 2013 دعت بوضوح إلى "الاعتراف بسوريا كدولة فدرالية طائفية"، مع إعطاء حكم ذاتي للمكونات العلوية والكردية والدرزية.

التمدد الإسرائيلي باتجاه الجولان لم يقتصر على الاحتلال العسكري، بل شمل محاولات اختراق اجتماعي وثقافي لبعض الدروز، عبر فرض الجنسية الإسرائيلية، وتجنيد عدد منهم في الجيش، رغم الرفض الشعبي الواسع. ومع اندلاع الأزمة السورية، سعت تل أبيب إلى ترسيخ الكيانات المحلية المفككة، ودعمت بشكل غير مباشر قوى انفصالية في الشمال الشرقي (قسد)، كما حافظت على علاقات غير معلنة مع فصائل مسلحة في الجنوب.

فلسطين: التجنيد الطائفي وتفخيخ الهوية

أما في الداخل الفلسطيني، فتُمارس إسرائيل سياسة "الأسرلة الطائفية" منذ قيامها، عبر التعامل القانوني مع الفلسطينيين كـ"طوائف دينية" لا كهوية وطنية واحدة. عام 2014، سنّ الكنيست قانوناً يعترف بـ"المسيحيين الآراميين" كطائفة منفصلة عن العرب، في محاولة لشقّ صف الفلسطينيين المسيحيين عن بيئتهم الوطنية.

الأخطر، هو ملف تجنيد الدروز الفلسطينيين قسراً في الجيش الإسرائيلي منذ عام 1956، وإقامة جهاز استخباري خاص لمتابعتهم ("شاي" التابع للشاباك). تقارير منظمات حقوقية، بينها "هيومن رايتس ووتش"، توثّق حالات تضييق على الرافضين للتجنيد، وحرمانهم من فرص التعليم والعمل، ما يعكس هدفاً صريحاً في تحويل الأقلية الدرزية إلى طابور داخلي لصالح المشروع الصهيوني.

هدف استراتيجي: تدمير الدولة الوطنية

ما يجمع بين التجارب الثلاث هو أن إسرائيل لا تتعامل مع الأقليات كحلفاء، بل كأدوات لإعادة إنتاج صراعات أهلية تعيق قيام دولة وطنية جامعة. ففي كل حالة، تُطرح إسرائيل كـ"ضامن لحماية الأقليات"، بينما تسعى عملياً إلى خلق فراغ سيادي يسهل السيطرة عليه.

هي لا تسعى فقط إلى التفكيك الأمني، بل إلى إعادة صياغة الهويات داخل المجتمعات، لتُصبح الطائفة أو الإثنية هي الوحدة السياسية الأساسية، لا الوطن أو الأمة.

الخاتمة: نحو مشروع مضاد

في وجه هذا المشروع، لا يكفي الحديث عن "الوحدة الوطنية" كشعار. المطلوب هو إعادة بناء الدولة الوطنية المدنية، التي تضمن التعدد وتكسر منطق المحاصصة. كما أن من الضروري تفكيك الخطاب الطائفي الذي تسلّل حتى إلى القوى المقاومة، ومراكمة وعي جديد يربط بين التحرر الوطني والتحصين الاجتماعي.

فـ"تحالف الأقليات" ليس فقط خيار إسرائيل، بل إحدى أدواتها لاستدامة التفوق عبر تأبيد الانقسام. ومواجهته تبدأ أولاً بإعادة تعريف معنى الوطن: لا بوصفه حصةً طائفية، بل مجالاً حراً للانتماء والمشاركة والكرامة.



#خورشيد_الحسين (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شعب خروفي وساسة ذئبيون...الفساد أزمة وطن
- لبنان وفلسطين : وحدة الجغرافيا والمصير في مواجهة الكيان الصه ...
- السلام والخداع الإستراتيجي: وهم الدولة وعدمية السلام
- من فلسطين إلى الوطن العربي...أنا الشاهدة والشهيدة
- الصهيونية الأصيلة ورديفتها العربية الألعن
- من فلسطين الى الوطن الأكبر
- جفن قد غفا...
- عاش الزعيم..ومات الشعب العنيد
- انطلقوا في مشروعم وانطلقنا في انتحارنا
- حكومة تنظيم الإنهيار وإدارة الفوضى والإنتخابات النيابية
- ذئاب السلطة والقطيع المطيع
- كأننا نطف خرجت من بين الذل والرذائل
- أين الغرباء؟؟؟
- نص عربي مشوه لزمن مشوه
- لا تكن منطقيا...كن ثائرا في قافلة (لا..)
- حسن مراد من البقاع إلى كل لبنان...(غد أفضل يتوهج) حضورا
- اﻹستسلام ليس قدرا وأمريكا ليست قضاء والمقاومة حبل الل ...
- عودة بني قينقاع وترميم حصن خيبر
- بين ثورة الحسين وعبدالناصر...وعجل يزيد
- مجزرة الحرم الإبراهيمي...حلقةفي سلسلة المذابح والدم المباح


المزيد.....




- حصد ملايين المشاهدات.. حقيقة فيديو متداول لـ-العاصفة الجداري ...
- الشيباني يتحدث عن تطلعات سوريا نحو شراكات مع روسيا والولايات ...
- أوكرانيا.. العثور على رفات ضحايا مذبحة فولينيا غرب البلاد
- صفقة تبادلية مثيرة بين بوروسيا دورتموند وتشيلسي !
- إسرائيل: نفذنا عملية ضد مسلحين هاجموا مقاتلين دروز في سوريا ...
- المفوضية الأوروبية تنوي تخصيص 910 ملايين يورو لدعم صناعة الأ ...
- تركيا تسمح لطائرة نتنياهو بعبور مجالها الجوي إلى أذربيجان
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي على القطاع ...
- الضفة الغربية.. استمرار الاقتحامات الإسرائيلية وحملات الاعتق ...
- تحذير إسرائيلي من حصول مصر على سلاح بري يضرب الأهداف على بعد ...


المزيد.....

- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خورشيد الحسين - تحالف الأقليات: كيف تستخدم إسرائيل الهويات الطائفية لتفكيك لبنان وسوريا وفلسطين؟