أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض سعد - العراق وتنازلات السياسة الخارجية... بين الواقع والمأمول














المزيد.....

العراق وتنازلات السياسة الخارجية... بين الواقع والمأمول


رياض سعد

الحوار المتمدن-العدد: 8327 - 2025 / 4 / 29 - 23:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا يخفى على مُتتبع أن السياسة الخارجية لأي دولة تُبنى على مرتكزات مُعقدة تجمع بين الحسابات الجيوسياسية، والموازنات الاقتصادية، والعلاقات التاريخية، فضلًا عن التحديات الأمنية.
ومن المُسَلَّم به أن الغاية الأسمى لأي سياسة خارجية ناجحة هي حماية المصالح العليا للوطن، وضمان رفاهية المواطن وأمنه، دون التضحية بثرواته أو حقوقه لصالح دول أخرى. فالسِّياسي الأمريكي -مثلًا- لا يتردد في تغليب مصالح بلاده حتى لو تعارضت مع مصالح حلفائه، تمامًا كما يفعل السِّياسي الصيني أو الروسي، إذ لا مكان للمشاعر في معادلة المصالح الدولية.
لكن الواقع العراقي -للأسف- يبدو مغايرًا لهذه القاعدة الجوهرية؛ فمنذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة، لم تشهد السياسة الخارجية إنجازات تُذكر تُحسب لصالح الشعب، بل اتسمت مسيرتها بسلسلة من التنازلات المُجحفة، سواء في مجال الحدود أو المياه أو الثروات، مما فتح الباب أمام دول الجوار للتنافس على انتهاك السيادة العراقية.
والأدهى أن الاعتراضات العراقية -إن وُجدت- تُقابل بمنطق الازدواجية: *«لماذا تُحاسبوننا ولا تُحاسبون غيرنا؟»*، في مشهد يُكرس حالة الاستضعاف ويُعيق بناء سياسة خارجية فاعلة.
التنازلات المشبوهة... بين الأمس واليوم:
لا يكاد يمر عقد من الزمن إلا والعراق يقدم تنازلات تُهدد أمنه الوطني ، بدءًا من الاتفاقيات الحدودية المُلغمة، ومرورًا بالامتيازات الاقتصادية المُجحفة، وصولًا إلى التبرعات التي تُناقض منطق الأولويات... ؛ فمؤخرًا، أقدمت الحكومة العراقية على التبرع بـ220 ألف طن من القمح للحكومة السورية الارهابية المعادية ، وهي الخطوة التي أثارت تساؤلاتٍ حول حِكْمتها في ظل الأزمات الداخلية التي يعانيها العراق، حيث يُعاني ملايين المواطنين من الفقر وغياب الخدمات الأساسية.
جدلية المبررات... بين الواقع والخداع:
يحاول بعض الساسة تبرير هذه الخطوة بـ«حقن دماء المكونات الشيعية والعلوية» في سوريا، أو بتسهيل زيارة العتبات المقدسة، لكن الوقائع تُكذب هذه الادعاءات؛ فـ«عصابات الجولاني» لم تلتزم بأي من هذه الوعود، بل انتهكت حُرمة المراقد المقدسة، واهانت واعتقلت وزجت بالعراقيين الذين دخلوا الأراضي السورية تحت ذرائع مختلفة بل ان البعض منهم تعرض للخطف والقتل .

المفارقة العراقية... بين العطاء والحرمان:
تُصبح المُفارقة أكثر إيلامًا حين نعلم أن قيمة الـ220 ألف طن من القمح (التي تُقدر بنحو 66 مليون دولار) تكفي لبناء عشرات المدارس في المناطق الفقيرة، أو توفير مخصصات غذائية لنحو 22 ألف عائلة عراقية لمدة أشهر... ؛ فكيف يُعقل أن تُنفق حكومةٌ أموالًا بهذا الحجم على تنازلاتٍ خارجية، بينما يعيش شعبها تحت خط الفقر، وتتهاوى بنيته التحتية؟!
السياسة الخارجية... بين العقلنة والتبعية:
لا يعيب الدولة أن تُقدم مساعدات إنسانية لدولٍ في أزمات، لكن العيب كل العيب أن تتحول هذه المساعدات إلى أداة للمُحاصصة الطائفية، أو إلى صفقاتٍ مُجرَّدة من الحس الوطني... ؛ فالسِّياسي الذكي يربط أي تعاون خارجي بضماناتٍ تحمي مصالح بلاده، أما السِّياسي المُنهك -الذي يلهث وراء الشعارات- فيُسخِّر ثروات شعبه لترميم صورة الأنظمة المُتعثرة.
ختامًا:
العراق ليس فقيرًا بموارده، لكنه يُصبح أفقر حين تُدار ثرواته بعقلية الارتجال والتبعية... ؛ آن الأوان لمراجعة السياسة الخارجية بعيدًا عن الانحيازات القومية والطائفية والمذهبية، والارتقاء بها إلى مستوى يحفظ كرامة العراقيين قبل أن يُحاسب التاريخُ من ضيَّعوا حقوق الأجيال القادمة.



#رياض_سعد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التعاون مع الإرهاب لمُكافحة الإرهاب : مُناقضة عَقَليّة أم خِ ...
- السياسة بين فن الممكن وواجب الدفاع عن الأرض: خور عبد الله ال ...
- التيه القيادي: أزمة الهوية والتبعية في الواقع الشيعي العراقي
- مليشيا حرس نينوى والتآمر التركي القديم المتجدد
- ظاهرة الجُعْصُ : حين تتحوَّلُ السجونُ من مراكزَ إصلاحٍ إلى و ...
- سوريا : من الربيع المزيف إلى مملكة الإرهاب
- متى تتعلم ( دونية ) الاغلبية العراقية من تجربة الدرزي قاسم ا ...
- احذروا من السوريين المتطرفين في كل مكان
- بين شَفرتَيْ المَصلحةِ والشيطانِ: السِّيَاسَةُ حِينَ تَرْقُص ...
- الماضي الدموي والحاضر المُنتج : قراءة نقدية في خطاب الكراهية ...
- النبط: أسلافنا المؤسسون
- السيارات الهجينة الكهربائية في العراق: ميزاتها، تحدياتها، وآ ...
- حادثة المهندس بشير خالد: قراءة في الأبعاد المؤسسية والتداعيا ...
- الازدواجية الرقمية: بين المجاملة الاجتماعية والحقيقة الخفية ...
- الافسد يطالب بمحاسبة الفاسد ؟!
- الحبر تحت الحصار: حين تصير الكتابة جريمة ونقمة !!
- 9 نيسان يوم سقوط الصنم الاكبر والاخطر والاحقر
- الولاء للأغلبية العراقية : بين مسؤولية التمثيل وخيانة الانتم ...
- الوفيات تحت التعذيب : جرائم تخفيها الاجهزة الامنية ويكشفها ا ...
- سوريا تحت نير الحركات متعددة الجنسيات والعصابات الدولية


المزيد.....




- باكستان: الهند قد تهاجمنا خلال 24 إلى 36 ساعة
- ترامب: روسيا قوة عسكرية كبيرة جدا وأوكرانيا ليست كذلك.. التع ...
- ترامب يحتفل بأول 100 يوم.. -إنجازات ووظائف-
- كارني يتعهد بعد فوزه بالانتخابات بتوحيد كندا في مواجهة حرب ت ...
- وزير الخارجية بحكومة البرلمان يتلقى دعوة لزيارة روسيا
- السفير الروسي في ألمانيا: لا يمكن تصور البنية الأمنية في أور ...
- باكستان: الهند تحضر لهجوم وشيك
- الأردن يعلن ضوابط جديدة خاصة بسفر السوريين المتواجدين في الم ...
- ترامب: الولايات المتحدة تسعى لاتفاق تجاري مع الصين دون خسارة ...
- مصرع 9 أشخاص بحادث سير في الجزائر


المزيد.....

- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض سعد - العراق وتنازلات السياسة الخارجية... بين الواقع والمأمول