سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 8327 - 2025 / 4 / 29 - 17:08
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل حقا انتصرت إسرائيل الانتصار الساحق في حربها الشرق أوسطية ؟ من ينكر هذه الحقيقة جاحد او يغطي الشمس بالغربال .
1 ) حرب غزة :
لقد تم حسم حرب غزة بالكامل , وتم حسم الحرب مع حزب الله الشيعي اللبناني , وتم اسقاط نظام البعث في العراق , وتبعه اسقاط البعث السوري , وتسليم دمشق عاصمة الامويين الى الداعشي الجولاني .. دون ان ننسى نجاحها عند ابرام اتفاقية كامب ديفيد , التي اصطفت مصر في صف الدول المطبعة رغما عنها بالدولة العبرية ..
واذا استعرضنا واستحضرنا نهاية " جبهة الصمود والتصدي " , وبقاء النظام الجزائري وحده يردد شعارات الجبهة التي لا تصدت لاحد ولا صمدت في وجه اخر , وتشتت كلها عن اخرها , لكان كل هذا الإنجاز الصهيوني دليلا على النصر الساحق الذي تعدى انتصارات إسرائيل التاريخية من 1948 الى 1967 الى 1973 والى 1982 , الى اليوم الذي تم فيه اقبار أي حلم فلسطيني بالدويلة وبحق العودة , وتحوله الى سراب .. فحتى محمود عباس وحسين الشيخ كما كان محمد دحلان , عملاء عند الشاباك وامان والموساد والجيش , أي عند الدولة الإسرائيلية التي لا تزال تتمدد للوصول الى ارض الميعاد , طبعا غير مستعجلة التصرف , لان المشروع يتعلق بالحضارة الإسرائيلية اليهودية , ويتطلب الرزانة والثقة من نجاح كل خطوة تخطوها ..
فانتصار اليوم هو النوعي والحاسم في حرب إسرائيل منذ 77 سنة مضت .. وهو الانتصار المفصل الذي سيغلق كل الاحلام بخلق الدويلة الفلسطينية ..
فهل سقطت حماس الاخوانية في المصيدة الإسرائيلية حتى تقوم بحماقة السابع من أكتوبر الجمعة السوداء التي انتحرت فيها حماس ..
وبطريقة أخرى . لو لم انتحار حماس بخطئها , هل كان لإسرائيل ان تحسم حرب غزة بعد ان خرجت منها تحت ضغط حماس ..
إسرائيل اقوى دولة بالمنطقة , وأصبحت مساندة من قبل الأنظمة السياسية العربية , مصر الامارات الأردن المغرب ... ومساندة حليف من قبل الغرب الرأسمالي , وحتى روسيا والصين , وظفت عامل الزمن والجرجرة لانهاك الخصم / العدو , لدفعه في النهاية بالإيمان باستحالة تصور الدويلة الفلسطينية , وباستحالة ترك إسرائيل للأراضي التي احتلتها , او تلك المرشحة للاحتلال في طريق الوصول الى ارض الميعاد الغير معروفة الحدود والغير معروفة الجيران .. فكانت تفاوض منذ 1982 وبعده 1993 كمشروع حضاري يبتغي الأرض وليس الدولة التي أصبحت بالأمر الواقع . لكن المحاور ( المفاوض ) الفلسطيني الذي كان يجهل هذه الحقيقة , حقيقة المشروع الحضاري اليهودي , انتهى به الامر الى الاستسلام للمشروع اليهودي , ولم يخطئ محمود عباس مثل حسني مبارك مخاطبا صدام حسين , وهو يخاطب ما تبقى من حماس , اطلقوا سراح المختطفين وخلصونا .. بل ان حسين الشيخ الذي ينتظر الدولار الإسرائيلي في شكل ضرائب , يحرص الحرص التام لتنزيل جميع الطلبات الإسرائيلية ومن دون تفكير او تردد , لانهم اصبحوا مقتنعين بالهزيمة التاريخية التي جعلت منهم مجرد متعاونين مع تل ابيب .. وهنا من سلم احمد سعدات الأمين العام للجبهة الشعبية للشاباك ؟ اليس الرجوب مستشار عرفات شخصيا .. ومن كان يسلم المقاومين للجيش الإسرائيلي .. اليس ياسر عرفات نفسه وبعده محمود عباس وحسين الشيخ ومحمد دحلان .. قتلة عرفات نفسه ..
ولنا ان نتساءل : يتكلمون عن الاف الصواريخ بيد حماس والجهاد .. لكن لم يسبق لصاروخ واحد ان هدم عمارة او قتل يهوديا .. فما الفائدة من تلويك أسطوانة الصواريخ اذا كانت عاجزة عن قتل يهودي واحد ؟
لن تقوم هناك حتى دويلة فلسطينية , بإرادة إسرائيل , وبإرادة الغرب دراع وحامي الدولة العبرية .. ولو كان العرب غير منشغلين بتحت الحزام , لكان لهم ان يفهموا رد الغرب الساحق , ورد الرئيس الأمريكي عندما وضع صدام حسين امر الخروج من الكويت , بأراضي 1967 وليس بأراضي 1948 .. فكان الرد المزلزل الذي دمر كل العراق الذي هدد بإحراق نصف إسرائيل ان تجرأت وضربت من جديد مفاعله النووي الذي دمرته إسرائيل بمساعدة السعودية التي فتحت اجواءها لطائراتها ..
ان مقايضة الكويت بأراضي 1967 , والتهديد بإحراق نصف إسرائيل , دفعت بوزيرة الخارجية الامريكية Madlein Olbreit الى الوعد بإرجاع العراق الى اكثر من العصور الوسطى , وهو ما كان خاصة وقد تم التعبير جماعة من قبل الغرب على عدم قبول حتى دويلة فلسطينية ..
ولنا ان نسئل منذ ظهور حماس من قبل الدولة الإسرائيلية , اين هي منظمات ( التحرير ) الفلسطينية ؟ الجبهة الشعبية , والجبهة الديمقراطية , والشعبية القيادة العامة , وفتح , والصاعقة , وأبو موسى القيادة العامة ... الخ .. خاصة مع سقوط سورية وذهاب حزب البعث الذي وفر الغطاء حتى لحماس التي تنكرت له عندما اسودت سماءه بالغيوم السوداء ..
نعم لقد انتهى كل شيء والى الابد .. وما ينتظر الغزاويين , الرحيل الجماعي الى ارض ليست بارض الميعاد الفلسطينية , سيرحلون لوحدهم بسبب منع إعادة الاعمار .. الجوع .. الماء .. التطبيب .. الادوية .. غياب حتى الحد الأدنى من ظروف المعيشة .. وسيخرج من تبقى من حماس من القطاع , خروج منظمة التحرير من لبنان في سنة 1982 .. وستتحقق وحدة " يهودا والسامرة " , الأراضي اليهودية منذ الاف السنين .. في انتظار حلول الوقت للتوسع من اجل بلوغ ارض الميعاد من النيل الى الفرات .. فالقضية تتعلق بالمشروع اليهودي الذي لا يستعجل التنفيذ ولا يستعجل السرعة , المهم ان أي ارض تبسط عليها إسرائيل سلطتها تصبح أراضي إسرائيلية لن تخرج منها ..
نعم لقد انتهى شيء كان يسمى بالأراضي الفلسطينية , واصبحنا امام دولة إسرائيل المخاطب الغربي الوحيد من قبل الغرب ومن قبل الدول العربية المعرضة لخطر الابتلاع حين تحل المعطيات التي تسقط علاقات النفاق , من تودد ومن الانخراط في خدمة المشروع الحضاري اليهودي ..
2 ) حرب لبنان " حزب الله " :
لم يسبق لإسرائيل في جميع حروبها بلبنان , ان حققت انتصارا ساحقا ماحقا , على حزب الله اللبناني الشيعي ( الفقيه ) , وعلى الحركات والمنظمات السياسية العسكرية التي كانت تعيش في كنف المخابرات السورية لحزب البعث بلبنان ..
ففي حرب 1978 , لم يجتز الجيش الإسرائيلي حدود الجنوب , ورجع مسرعا بفعل المقاومة الشيعية ( حزب الله / لم يكن قد تأسس رسميا وحركة امل ) , والمقاومة الوطنية اللبنانية والفلسطينية برئاسة كمال جمبلاط .. فالاجتياح الإسرائيلي في سنة 1978 , لم يحقق نتائج إيجابية .. لكن إسرائيل التي تعمل وتشتغل على أساس المشروع الحضاري اليهودي لم تيأس ولم تمل , فخططت لاجتياح ثاني في سنة 1982 وصل الى قلب العاصمة بيروت . ولأول مرة تحتل إسرائيل عاصمة دولة عربية امام تفرج النظام السياسي العربي العميل والمنهزم .. فرغم المناداة بتطبيق اتفاقية الدفاع المشترك , لم تستجب اكبر دولة عربية التي هي مصر , في الوقت الذي زاد فيه النظام السوري من لعب دركي إسرائيل , وفي التوسع في مجابهة نظام البعث في العراق ..
فاسفر الاجتياح الذي تبعته مباشرة مذبحة " صبرا وشاتيلا " خروج منظمة التحرير الفلسطينية الى المنافي والفيافي العربية باليمن والسودان وتونس ... الخ . فكانت مأساة ضاهت مأساة النكبة .. الرحيل والفراق الذي سيدوم لسنين , وسيصبح مع حق العودة من اطلال ذاك الزمان الذي فقد فيه الفلسطيني شروط ومكانزمات الحلول وهو يتحاور ( يتفاوض ) مع الدولة العبرية ..
انتصار اليوم , انتصار غير متصور , ولا يشبه الانتصارات السابقة , انه انتصار ساحق حصل في غيبة البعث عن سورية وسقوط دمشق , وسقوط بغداد سابقا .. واصبح حزب الله الذي تأسس شعبويا في سنة 1983 , ولا علاقة له بجبهة البوليساريو التي تأسست في سنة 1973 , يعتمد على جمهور الفقراء والجياع , ويعتمد على ايران التي وظفته لخدمة اجندتها , وليس خدمة اجندته .. فيوم القدس الإيراني كان للاستعراض , وايران الشيعة الفرسية عندها العرب ولو الشيعيين في مرتبة ادنى , تستعملهم لكنها لا تثق فيهم .. فحتى تسليم سفارة إسرائيل لمنظمة التحرير في سنة 1979 كان لكسب تعاطف الرجل العربي الذي تغلب عليه العاطفة , وتبهره الصور ولو المغشوشة , ولم يكن بفعل يوم القدس ولا بفعل القضية الفلسطينية التي تلاعب بها الجميع قوميين دينيين أنظمة وطبعا ايران الملالي الخرافات الفاشية ..
عندما انطلق حزب الله الذي همش الشيوعيين والاشتراكيين والقوميين والبعثيين , وهمش حتى حركة " امل " الشيعية لأنها لا تأخذ بولاية الفقيه التي يأخذ بها حزب الله , وكانت مندمجة مع البعث السوري ومع المخابرات السورية , وشاركت جيش النظام السوري حرب المخيمات ( مخيم تل الزعتر ) ومخيمات أخرى , احتكر الساحة بمفرده , معتقدا انه يسدد خدمة للنظام الإيراني الذي كان المزود الرئيسي للحزب كما لحماس ملايين الدولارات .. فاستطاعت ايران ان تبسط اذرعها المختلفة لتأكيد وجودها بالمنطقة العربية المشتعلة ..ولتزاحم بل تسيطر على النظام البعثي السوري بعد ان تسببت ونجحت في تقديم البعث العراقي على طبق من ذهب لإسرائيل ..
هكذا ستصبح ايران تسيطر على سورية باسم الخبراء العسكريين , وسيطرت على العراق بالحشد الشعبي وبحزب الدعوة ( المالكي ) .. فاصبح التوجه الإيراني ليس هو إسرائيل التي لا تنازعها أي عداء حقيقي , واصبح التنافس الإيراني الإسرائيلي ثروات الخليج العربي , ودولار النظام الساسي الخليجي .. وهنا لا نتعجب عندما قال ولي العهد السعودي بان القضية الفلسطينية لا تهمه ولا تعنيه في شيء .. وهي هرولة مسبوقة اتجاه إسرائيل واتجاه أمريكا وبريطانيا ..
لقد تخلت ايران الفارسية عن حزب الله اللبناني العربي , وتركته يتلقى الضربات الإسرائيلية لوحده , بل تخلت عن نظام حزب البعث السوري , وتركته يواجه مصيره بيده , حتى وهو في الطريق الى السقوط .. فلم تبادر ايران بمنح الرئيس السوري دركي إسرائيل حتى حق اللجوء السياسي , وتركته يواجه مصيره لوحده .. فاتضح ان ايران الفارسية وظفت العرب من حزب الله والنظام السوري والحشد العراقي لخدمة أهدافها التي منها ضمان استمرار البرنامج النووي الإيراني كما تريد ايران وتريد إسرائيل وامريكا .. وان الكبش بينهم جميعا النظام السياسي العربي , والمواطن العربي .. فلا فرق بين عربستان ولا بين عرب أراضي 1948 ..
فاصبح حزب الله يتلقى الضربات الإسرائيلية بالطائرات من دون ان يرد بإطلاق صاروخ من الصواريخ , وهي صواريخ مثل صواريخ صدام حسين لم تقتل يهوديا واحدا , ولا ساوت عمارة يهودية بالأرض ..
لقد انهزم حزب الله , وانهزمت منظمات ( التحرير الفلسطينية ) ,كما انهزمت الحركة الوطنية اللبنانية ..واصبح حزب الله مجبر على تطبيق الاتفاق 1707 , ومن شروط الاتفاق ليس تسليم السلاح او الاحتفاظ بالمتوسط منه , بل تدمير سلاح الحزب في قواعده حتى لا ينقل الى الجيش الغير مسلح , وحتى لا يعاد تكرار ظروف 1983 ..
ان الدولة اللبنانية تؤكد سحب السلاح بدل تدميره , وتؤكد حصر استعماله .. ويكون الحزب بين مطرقة إسرائيل وسند الدولة والحركة الوطنية المسيحية اللبنانية .. فايران لفظت الحزب .. ولفظت كل التبعات التي ترتبت عن عملية الاحتضان في سنة 1983 ..
لقد تم قتل إسماعيل هنية ومعه قادة اخرون , وتم قتل حسن نصر الله ومعه قادة اخرون .. وتم اسقاط البعث في سورية , وسقطت الدولة لتسلم الى الدواعش , وتم اسقاط العراق البعث , واليوم عراق الحشد , واصبح محمود عباس ومن معه موظفون عند الشاباك وامان والموساد والجيش .. يسيل لعابهم على الدولار الإسرائيلي الذي يتقن كيف استعمال العملاء كوزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة Tsépé Levni المؤنثة الجميلة الحسناء التي استعملت قريع وياسر عبد ربه واخرون طعما لجلب المعلومة الى المخابرات الإسرائيلية ..
انتصرت إسرائيل الانتصار الساحق , ومن يعارض جاحد جاهل على منوال عبد الباري عطوان وناصر قنديل وقومجيين وليسوا قوميين اخرين , القومية بريئة منهم ..
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟