أسامة خليفة
الحوار المتمدن-العدد: 8327 - 2025 / 4 / 29 - 14:07
المحور:
القضية الفلسطينية
كاتب فلسطيني
كما كان متوقعاً، أقر المجلس المركزي بـالأغلبية الساحقة الموافقة على استحداث منصب، وربما هما منصبان، نائب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ونائب رئيس دولة فلسطين. ولماذا ليسوا ثلاثة مناصب؟. «ثلاثة في واحد»؟. تعددت المناصب والمسؤول واحد، كأن تعدد المناصب العليا للشخص الواحد يجمع له المجد من جميع أطرافه، رئيس السلطة الفلسطينية، هو رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وهو رئيس حركة فتح، وهذه الثلاثية متكاملة انتقلت من الرئيس الشهيد ياسر عرفات إلى محمود عباس، فهل يصبح هذا عرفاً فلسطينياً؟. لأنه لا يمكن أن يتحول إلى مشروع قانون.
يذكرنا استحداث منصب نائب الرئيس بإقرار المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية بالإجماع استحداث منصب رئيس وزراء في السلطة الوطنية الفلسطينية، والذي جاء تحت عنوان أهمية خطة الإصلاح الشامل في كل المرافق الفلسطينية، إصلاح جاء بضغوط أميركية وليس لحاجة داخلية. وتم تكليف محمود عباس بتولي هذا المنصب جامعاً معها وزارة الدّاخلية في الفترة ما بين آذار /مارس 2003 إلى أيلول/ سبتمبر من نفس العام، شهدت هذه الفترة نزاعاً حول الصلاحيات تهدف إلى عزل عرفات سياسياً، وتجريده من الصلاحيات الواسعة التي يتمتع بها، وكان محمود عباس يشترط الحصول على صلاحيات حقيقية، في حين ظل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات يرفض تفويض صلاحياته لأي مسؤول فلسطيني، متسلحاً بشعبيته، ومستقوياً بالمنظمة على حكومة عباس.
رغم نفي ما يتردد من أن تعيين رئيس وزراء جديد في السلطة الفلسطينية سيكون انتقاصاً لسلطات الرئيس ياسر عرفات، قال صائب عريقات وزير الحكم المحلي الفلسطيني وقتها: إنه سيكون لمساندة الرئيس عرفات وليس بديلاً عنه. ولم تعقد جلسة المجلس المركزي، ولا جلسة المجلس التشريعي لوضع صلاحيات رئيس الوزراء وإقرار استحداث المنصب حتى أُعلن أن الطرفين تفاهما حول مختلف صلاحيات منصب رئيس الوزراء.
اختيار الرئيس لحسين الشيخ للمنصب المستحدث خطوة نحو خلافته للرئيس محمود عباس في منصبه أو مناصبه، وهو يشغل منصب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، ويؤهله المنصب الجديد كنائب لرئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، ليشغل منصب نائب رئيس السلطة الفلسطينية، وقد شغل منصب أمين سر مرجعية فتح في الضفة الغربية، ووزير للشؤون المدنية لإدارة العلاقات اليومية مع إسرائيل.
تعددت مناصب المسؤولين في هيكلي النظام السياسي الفلسطيني، وهذه التعددية تبرز إشكالية العلاقة بين منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية، حيث الجمع بين عدة مناصب يؤدي إلى تداخل صلاحيات السلطة الوطنية الفلسطينية بصلاحيات منظمة التحرير الفلسطينية، كما تؤدي إلى اضطراب العلاقة بين منظمة التحرير والسلطة الوطنية الفلسطينية، وقد تناوب المسؤولون على ترجيح أحدهما على الأخرى لاعتبارات عديدة أهمها الصراع على المناصب وعلى الصلاحيات، فتعددت المناصب بتعدد المؤسسات، لكن تشابهت الاختصاصات.
صائب عريقات شغل منصب يخص التفاوض في المنظمة، ومرات أخرى كوزير مفاوضات في السلطة، بدأها رئيساً للوفد الفلسطيني المفاوض عام 1994، بعدها شغل منصب وزير الحكم المحلي في خمس حكومات متتالية 20/5/1994- 30/4/2003 ثم وزير دولة لشؤون المفاوضات في سلطة الحكم الذاتي في الحكومة الفلسطينية السادسة، ثم وزير مفاوضات في حكومتين برئاسة أحمد قريع، في 2005 تولى منصب رئيس لدائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، وختمها في 5 آذار/مارس 2005، عضواً في لجنة المفاوضات ضمن اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وأمين سر اللجنة التنفيذية في المنظمة، حيث تكمن الحقيقة في أن المفاوضات هي من اختصاص منظمة التحرير، هذا الانتقال بين منصبين في جهتين المفترض أن يتكاملا بأداء المهام، ويتوحدا في ذات الأهداف، ولكن يحدث أن يختلفا في المصالح، في ترجيح السلطة على المنظمة أو العكس، رغم أن السلطة الوطنية الفلسطينية جاءت بقرار من منظمة التحرير الفلسطينية وهي تعتبر بمثابة الجهاز الخاص لمنظمة التحرير الفلسطينية وقد أنشئت بموجب قرار صادر عن المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية في دورته المنعقدة في العاشر من شهر أكتوبر عام 1993 في تونس.
عقدت اللجنة المركزية لحركة فتح، خلال اليومين السابقين للدورة الـ«32» للمركزي، اجتماعاً لها لبحث أجندة المجلس المركزي الفلسطيني، والقرارات المرجوة منه، وقرار الرئيس الفلسطيني الذي أعلن عنه عباس في القمة العربية الطارئة في القاهرة في آذار/ مارس/ 2025، استحداث منصب نائب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية رئيس دولة فلسطين، وحول ذلك قال عزام الأحمد، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وأحد اثنين مرشحين للمنصب الجديد: «بالأمس حسمنا الموضوع، نحن باتجاه اتخاذ قرار باستحداث منصب نائب لرئيس منظمة التحرير لا نريد تعديل الأنظمة بل نريد قراراً من المجلس المركزي أن يطلب من اللجنة التنفيذية تعيين نائب لرئيس منظمة التحرير، وثم «أوتوماتيكياً»، باعتبار الرئيس محمود عباس هو رئيس الدولة يصبح النائب الجديد هو نائب لرئيس الدولة أيضاً». في كلمة «أوتوماتيكياً» يعني التأكيد على أنهما منصب واحد. وما يعني به «أوتوماتيكياً» يخالف الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس، ففي حال شغور منصبي الرئاسة، يصبح رئيس المجلس المركزي «روحي فتوح» رئيساً مؤقتاً للسلطة الفلسطينية إلى أن تتم الانتخابات الرئاسية للسلطة الفلسطينية، بينما نائب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير «حسين الشيخ» يصبح رئيساً لمنظمة التحرير، وبالتالي هناك منصبين لشخصين. وإذا لم توضع الأمور في نصابها ستؤدي إلى تفسيرات وخلافات وربما صراع حول المناصب الثلاثة.
في هذا إشكالية أخرى، هل ما جرى من استحداث منصبين يدرج تحت عنوان تعديل دستوري أم قرار رئاسي؟. أم العمل بتوصية من المجلس المركزي؟. وقد أعطى الرئيس نفسه صلاحيات إضافية بتكليف نائبه بمهام، وأن يعفيه من منصبه، وأن يقبل استقالته. يقتضي العمل المنظم وضع الأمور في نصابها، يقولون قرار من ضمن صلاحيات الرئيس، أما التعديل فيكون بتشريع أو قانون من الهيئة التمثيلية، المجلس التشريعي -وقد حُل- في حال أمر يخص السلطة، والمجلس المركزي في حال أمر يخص المنظمة، وفي الحالتين يختص محمود عباس بالتوقيع، بصفته رئيساً للسلطة الوطنية، وبصفته رئيساً للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وفي النهاية النظام السياسي الفلسطيني بحجة لاصلاح.
وما زال هناك الكثير مما يخص مهام وملامح هذا المنصب يحتاج إلى توضيح، وما هي حدود سلطته المستقبلية في حال شغور منصب الرئاسة أو بعد انتهاء ولاية الرئيس، هل يتولى الرئاسة «أوتوماتيكيا»ً، وينتخب نائب رئيس جديد من قبل اللجنة التنفيذية. الشيء المحدد الواضح والمعلن هو تعيين نائب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير من بين أعضاء اللجنة التنفيذية، بترشيح من رئيس اللجنة ومصادقة أعضائها. ولكن الغير معلن أن يكون من مسؤولي حركة فتح دون غيرها، وهذا لن يدخل في التعديل الدستوري لو وضع نص متكامل حول هذا المنصب. لكن هل حركة فتح هي من يختار مرشحها لمنصب نائب رئيس منظمة التحرير بالتوافق بين مسؤوليها، أم رئيس الحركة يعينه وفق رؤيته الشخصية؟.
ثمة إشكالية أخرى في هذا المنصب هل هو نائب رئيس الدولة الفلسطينية أم نائب رئيس السلطة؟. نشخص المرحلة التي تمر بها الحالة الفلسطينية أنها مرحلة تحرر وطني، وهي في الوقت ذاته مرحلة بناء أسس الدولة المستقلة، ليس في إجراءات شكلية، لكن في إجراءات عملية على أرض الواقع تقربنا من دولة مستقلة كاملة السيادة بما يعني انجاز مرحلة التحرر الوطني، وتنتقل طبيعة المنظمة ومهماتها وأهدافها إلى المرحلة الجديدة من الثورة إلى الدولة.
#أسامة_خليفة (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟