أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رحيم حمادي غضبان - السويد بين مفترق طرق .هل تتحول العودة الطوعية الى تطهير ناعم وتمييز مقنن














المزيد.....

السويد بين مفترق طرق .هل تتحول العودة الطوعية الى تطهير ناعم وتمييز مقنن


رحيم حمادي غضبان
(Raheem Hamadey Ghadban)


الحوار المتمدن-العدد: 8327 - 2025 / 4 / 29 - 07:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في خطوة أثارت جدلاً داخلياً ودولياً، أعلنت الحكومة السويدية بقيادة حزب "ديمقراطيي السويد" عن برنامج مالي لدعم "العودة الطوعية" للمهاجرين إلى بلدانهم الأصلية أو إلى بلد ثالث، حتى لأولئك الذين يحملون الجنسية السويدية.
رغم أن القرار يُقدَّم رسمياً كخيار حرّ غير قسري، إلا أن قراءته السياسية والاجتماعية العميقة تكشف أبعاداً أكثر تعقيداً، قد ترسم مستقبل السويد بصورة مختلفة عما عرفناه لعقود.


---

بين الشعارات الإنسانية والحقيقة المرة: تطهير ناعم أم تنظيم للسكان؟

رغم الغطاء الإنساني الذي يروج له القرار، فإن جوهره يثير شكوكا واسعة حول كونه محاولة "ناعمة" لإعادة تشكيل التركيبة السكانية في السويد.
التطهير العرقي التقليدي يرتبط بالإكراه والعنف، لكن النسخ الحديثة تعتمد على خلق بيئات طاردة تدفع فئات معينة إلى الرحيل "طوعاً"، تحت ضغط اجتماعي واقتصادي ونفسي مكثف.

ومن زاوية أخرى، لا يمكن تجاهل أن الفئات الأكثر استهدافاً بهذا القرار تنتمي غالباً إلى مجتمعات مسلمة وعربية وأفريقية، مما يفتح الباب واسعاً لتفسيرات تربط بين هذا البرنامج ومحاولات خفية لمحاربة ثقافة أو دين بعينه، وإن لم يُذكر ذلك صراحةً.


---

شروخ اجتماعية قادمة: تعزيز الانقسام وزرع الكراهية

يُخشى أن يؤدي هذا القرار إلى تعميق الانقسام بين السويديين الأصليين والمواطنين ذوي الأصول المهاجرة.
فهو يكرس خطاباً ضمنياً مفاده أن الانتماء الكامل للسويد لا يتحقق بالجنسية أو بالإقامة الطويلة، بل بالأصل العرقي أو الثقافي، وهو تصور خطير قد يؤدي إلى تفكك النسيج الاجتماعي وخلق مجتمع يقوم على تصنيفات "نحن" و"هم".

من هنا، فإن قرار العودة الطوعية، بدلاً من أن يعزز الحرية الفردية، قد يزرع شعوراً جماعياً بالإقصاء والإهانة.


---

أزمات سكانية واقتصادية تلوح في الأفق

من الناحية السكانية، إذا استجاب عدد كبير من المهاجرين للعرض، ستواجه السويد تفاقماً في مشكلة الشيخوخة، وستفقد شريحة كبيرة من الشباب العاملين، خاصة في القطاعات الحيوية مثل الرعاية الصحية والنقل والخدمات اللوجستية.

أما اقتصادياً، فقد يؤدي نقص الأيدي العاملة إلى تباطؤ النمو الاقتصادي وارتفاع تكاليف الخدمات الأساسية، مما يتناقض مع الأهداف الاقتصادية التي يدعي مطلقو البرنامج أنهم يسعون لتحقيقها.


---

قبول مشروط ومستقبل سياسي ضبابي

لا يبدو أن هناك قبولاً جمعياً لهذا القرار، بل إنه يواجه مقاومة اجتماعية صامتة، خاصة من أولئك الذين يرون أن قبول المنحة المالية يعني الاستسلام لخطاب الكراهية والتمييز.

سياسياً، قد يؤدي القرار إلى تعزيز قوة الأحزاب اليمينية المتطرفة، أو على العكس، قد يشعل موجة مقاومة مدنية تدعم الأحزاب المدافعة عن حقوق الإنسان والتعددية الثقافية، مما يجعل مستقبل السويد السياسي أكثر غموضاً واضطراباً.


---

أين دور المنظمات الدولية؟

القرار يضع السويد، الدولة التي طالما افتخرت بسجلها في حقوق الإنسان، تحت رقابة متزايدة من قبل المنظمات الحقوقية الدولية.
وقد تتحرك جهات مثل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ومنظمة العفو الدولية للتحقيق في ما إذا كانت هذه "العودة الطوعية" فعلاً خالية من الضغوط، أو إذا كانت تنتهك روح المعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق اللاجئين والمواطنين مزدوجي الهوية الثقافية.


---

خلاصة

برنامج العودة الطوعية قد يبدو للوهلة الأولى مبادرة إنسانية، لكنه في العمق يحمل ملامح مشروع لإعادة هندسة المجتمع السويدي وفق معايير عرقية وثقافية ضيقة.
السويد اليوم على مفترق طرق حقيقي: إما أن تظل نموذجاً للعدالة الاجتماعية والتعددية الثقافية، أو أن تنزلق نحو سياسات التفريق والإقصاء التي ستكلفها كثيراً على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.

الأسئلة الكبرى التي تفرض نفسها: إلى أي حد سيكون المهاجرون مستعدين للبقاء والمقاومة؟ وهل ستتحرك القوى الحقوقية والمجتمعية لإنقاذ نموذج السويد المتسامح قبل فوات الأوان؟



#رحيم_حمادي_غضبان (هاشتاغ)       Raheem_Hamadey_Ghadban#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الناتو بين الماضي والحاضر والمستقبل
- ماذا وراء انفجارات بندر عباس الأيراني
- أنتهاكات حقوق الأنسان ضد المرأة والطفل في مناطق النزاع السود ...
- هل تصريحات ترامب الأخيره بأنه على أستعداد لمقابلة القادة الأ ...
- فشل اجتماع لندن حول الشأن الأوكراني. انقسام غربي بالمواقف وأ ...
- الدبلوماسية العراقية بين باريس واشنطن ماذا ورائها ؟
- تونس بين كماشة القمع وتوق التغيير. هل هناك ربيع تونسي يفوق ف ...
- روسيا والملف النووي الأيراني .بين الوساطة الفاعلة وتثبيت الح ...
- عمان والدور الدبلوماسي الصاعد من الوساطات الهادئه الى التأثي ...
- ليبيا على أعتاب قمة بغداد
- الأردن في عين العاصفة
- الوضع الراهن في السودان ودور الجامعة العربيه في الخارطة السي ...
- قمة بغداد القادمة بين رهانات الأستقرار وتحديات الأقليم
- الغارات الأمريكية على اليمن. حرب على الأرهاب ام هي تصفية حسا ...
- زيلينسكي يتهم بوتين بالخداع
- بين الواقع والطموح هل ينجح محمد شياع السوداني بتحقيق ولاية ث ...
- أيران بين مطرقة أمريكا وسندان نتنياهو
- المحيط العربي وتأثيره الأيجابي في الخارطة السياسية في العراق
- ماذا وراء النحركات العسكريه الأمريكية بين سوريا والعراق؟
- العلاقات اللبنانية السورية الجديدة الى أين وكيف ذلك


المزيد.....




- قتلى ومصابون في إطلاق نار مشتبه به في السويد
- إسرائيل: حكومة نتانياهو تتراجع عن قرار إقالة رئيس الشاباك رو ...
- الشيباني: نعمل على توثيق الجرائم وبحث تحقيق العدالة ومنع تكر ...
- -نهب الغنائم-.. صحفي بريطاني يكشف سبب تمسك لندن بالنزاع الأو ...
- إعتداء جنسي على طفل بمدرسة يثير غضبا واسعا.. ونصائح خبير لحم ...
- دهسٌ بلا إنذار: كيف تحولت السيارة إلى سلاح إرهابي في شوارع أ ...
- إطلاق صواريخ من غواصة نووية روسية خلال مناورات في المحيط اله ...
- تعزية إلى أفراد عائلة المرحوم سيدي بوشعيب الشوفاني نقيب الشر ...
- نجل ترامب : منطقة الخليج -تعتمد على أمريكا القوية-
- زلزال يضرب سواحل نيوزيلندا


المزيد.....

- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رحيم حمادي غضبان - السويد بين مفترق طرق .هل تتحول العودة الطوعية الى تطهير ناعم وتمييز مقنن