الشهبي أحمد
كاتب ومدون الرأي وروائي
(Echahby Ahmed)
الحوار المتمدن-العدد: 8327 - 2025 / 4 / 29 - 02:49
المحور:
كتابات ساخرة
ها نحن نعيش لحظة تاريخية جديدة في عالم السياسة المغربية، حيث قرر وزير التعليم الجديد، سعد برادة، أن يعبر عن "مفقوصه" على تعنيف الأساتذة، وكأننا لم نكن نعلم أن التعليم في هذا البلد يعاني من مشاكل تفوق التصور. ولكن لا، السيد الوزير "مفقوص" فقط! أي أن تعاطفه، كما يبدو، لا يتعدى حدود الكلمات المتناثرة في الهواء.
لا شك أن الوزير قد شعر بأننا جميعًا بحاجة لنعرف أنه "مفقوص"، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل هذا هو الحل؟ هل كانت هذه "الخرجة" هي المأمول من مسؤول كبير في الدولة؟ هل اكتشف الوزير فجأة أن الأساتذة يُضربون؟ وأنهم يواجهون عنفًا جسديًا ولفظيًا من جميع الأطراف؟ هل ينتظر من الشعب أن يصفق له لأنه أبدى تعاطفه؟
إذا كانت التعاطف والقلق هما الرد المناسبان على مشكلة عنف حقيقي، فربما نحن بحاجة إلى درس في كيفية تقديم الحلول بدلًا من مديح "المفقوص". الوزير لم يكلف نفسه حتى عناء تقديم إجابة حقيقية أو خطة عملية لحماية الأساتذة، بل اكتفى بالتصريح عن حالته النفسية تجاه المعاناة، وكأن الكلمات وحدها يمكن أن تغير واقعًا مزريًا.
المسألة ليست في "المفقوص"، بل في الفعل. الأساتذة لا يحتاجون إلى تصريحات مخملية، ولا إلى "تأثر" الوزير. هم بحاجة إلى قرارات حاسمة، وإلى تدخل جدي في مكافحة العنف في المدارس، وإلى سياسة واضحة لضمان أمنهم وحمايتهم في أماكن عملهم. أما الشعور بـ"المفقوص" فهو آخر ما يحتاجه المعلم في يومه المزدحم بالضغوطات والصراعات.
لا أحد ينكر أن الوزير ربما يشعر بالقلق، لكن القلق وحده لن يوقف العنف. إذا كنت "مفقوصًا" على الأساتذة، فما عليك إلا أن تترجم هذا "المفقوص" إلى سياسات ملموسة، إلى خطوات ترفع من شأن التعليم، وتضمن للمعلمين بيئة آمنة. كلماتك ليست كافية، ولا تخفي واقعًا مريرًا لا يزال الأساتذة يعانون منه يومًا بعد يوم.
لو أن وزير التعليم قد "مفقوص" على الأساتذة بالفعل، لكان الأجدر به أن يلتزم الصمت حتى يأتي بالفعل لا بالكلام. فالتعاطف وحده لا يُشبع الجائع، ولا يداوي الجرحى، ولا يوقف العنف. أما "المفقوص" فهو مجرد طبل فارغ لن يُسمع سوى في زوايا المكاتب المكيفة.
#الشهبي_أحمد (هاشتاغ)
Echahby_Ahmed#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟