الحضارة الفرعونية...بعيدا عن الاكاذيب

فيليب عطية

الحوار المتمدن-العدد: 1808 - 2007 / 1 / 27 - 01:43
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

كنت قد ارسلت مقالا منذ عدة ايام اقول فيه بصحيح العبارة ان قصة موسي وفرعون يجب تناولها كاسطورة يهودية وليس كحدث تاريخي ،اذ لايوجد في البرديات والوثائق المصرية القديمة -وهي بالالآف وليس بالمئات او العشرات -مايشير الي مثل هذا الحدث ناهيك عن الطابع الدرامي الاعجازي الذي يصل الي حد الاختلال العقلي الذي وضع مصير امة بكاملها مقابل خروج اليهود من مصر والا فالويل والثبور وعظائم الامور -تكفي عشر ضربات تجعل رأس اي قارئ تدور
ومن السخرية ان يصادف هذا مقالا آخر يتحدث عن نمط الانتاج السائد في المجتمع الفرعوني يميل الي القول انه كان نظاما عبوديا ،وبالتالي فان العبيد هم الذين اقاموا صرح هذه الحضارة ،واليهود العبيد هم الذين شيدوا الاهرامات وهم الذين هربوا مع موسي ...الي آخر هذه الخزعبلات
النظام الاقتصادي الفرعوني لم يكن بالطبع نظاما رأسماليا كما لم يكن بالقطع نظاما عبوديا ،وتلك مشكلة بحثها كثير من المفكرين الذين سحرتهم فكرة قولبة النماذج وتصوروا ان الاقتصاد في اي بقعة من العالم يجب ان يسير طبقا للنموذج الغربي من العبودية الي الرأسمالية الي الاشتراكية ولم يخطر في بالهم فكرة الاتجاه المعاكس كما ان كثيرا من الحقائق الخاصة بالشرق القديم قد جابهتهم ووجدوا حل المشكلة فيما اسموه النمط الآسيوي للانتاج وهو يخرج عن سمات الرق والعبودية
دعونا نخرج من اذهاننا الانماط البدائية للانتاج فمصر منذ بداية العصر الفرعوني كانت قد تجاوزت بكثير تلك الانماط ،ومن المؤكد ان المصريين قد استوطنوا وادي النيل قبل ظهور الاسرة الفرعونية الاولي بمئات بل بالآف السنين والدليل علي ذلك بسيط وفي غاية الوضوح:انتشار الممالك العائلية علي امتداد الدلتا والصعيد ثم توحدها تحت تاجين :تاج الوجه البحري والقبلي ثم توحيد الوجهين في النهاية تحت امرة نارمر ،ومن المؤكد ان المصريين خلال تلك الفترة كانوا يمارسون حياة البشر الطبيعية ولم يكن الفلاح مثلا عبدا لسيد المقاطعة او القبيلة فكيف يمكن ان يكون عبدا لملك او فرعون ؟
كان السيد او الفرعون يقوم بدور محوري في المجتمع ،فهو القادر علي توحيد صفوف الجماعة في مواجهة المحن والكوارث كالفيضان مثلا ،وعلي هذا كان حتما علي افراد الجماعة ان يقدموا له جزءا من نتاج الحقول ،لكن لم يكن من المعقول او المقبول ان يشتري او يبيع رعاياه او يذبح احدهم مثلا بدافع النزوة ...كان هناك القانون وهو لم يكن قانون ماكيافللي بل كان قانونا ابديا سرمديا يعتمد علي الحق وقد اسماه المصريون ماعت او معات وهو الذي يحكم المجتمع كما يحكم الافراد منذ مولدهم
حتي موتهم بل ويوجد معهم في قاعة اوزيريس للصدق والعدل ،وهي قاعة المحاكمة الكبري بعد الموت والتي كانت تقرر مصير الابرار والخطاة علي النحو الذي نعرفه الآن تماما عن الجنة والنار والذي لم يكن اليهود يدرون شيئا عنه
اي نظام عبودي ينتج لنا محاورة الفلاح البسيط الذي اسرع الي الفرعون يرفع شكواه لمجرد ان والي المقاطعة استولي علي حمولة ملح ؟ وهي محاورة معروفة ومشهورة ويمكن الاطلاع عليها في اي كتاب يحوي ابداعات التراث الفرعوني
واي نظام للعبودية هذا الذي يجعل النبيل يؤكد في اعترافه السلبي الذي يتلوه امام هيئة الآلهة في قاعة اوزيريس للصدق والعدل انه لم يعامل احدا من عماله بعنف او غطرسة
بالطبع ليس معني هذا خلو مصر من العبيد بالمعني الضيق للكلمة اي الحثالة الخاضعة لسلطة السيد ،لكن هؤلاء العبيد كان لهم مصدر واحد هو الحرب ولم تصل اعداد هؤلاء العبيد الي مستوي يسمح بالمشاركة في عملية الانتاج او التشييد
نأتي الآن الي اهم نقاط الموضوع وهو هل كان بناة الاهرام عبيدا وهل هم اولئك اليهود الذين يملأون العالم صخبا وضجيجا باله اقترضوه من سيناء ونبي زعموه من مصر؟ اولا:عندما بني خوفو هرمه الاكبر لم يكن هناك يهود في مصر ولم يكن ابراهيم قد بدأ هجرته المشهورة من ارض مابين النهرين الي ساحل المتوسط اي انه لم يكن هناك يهود اصلا فكيف يشاركون في اقامة صرح لايعلمون عنه شيئا، واعظم منجزاتهم المعمارية اي هيكل سليمان الذي اقاموه بعد ذلك بقرون وقرون ضاع وما زالوا يبحثون عنه او عن بقاياه
ثانيا:لم تصل الجرأة حتي الآن لباحث او عالم في المصريات الي القول بانه وجد خربشات عبرية داخل الهرم
ثالثا :من الخزعبلات الاخري المتصلة بالهرم ان قوما من الفضاء الخارجي هم الذين اقاموه ،ومن الطريف ان نقول ان بناة الهرم هم اليهود ويهوه ووحدوه
رابعا :بني الهرم بسواعد الفلاحين المصريين الاحرار الذين كانوا ينظرون الي فراعنتهم كارباب وآلهة ،ومازالوا حتي الآن علي استعداد لبذل حياتهم لكل من يوفر لهم الامن والخير

#فيليب_عطية (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات