استحداث - منصب نائب الرئيس - قانونا - يخلق تنازع بين مراكز القوى في حال شغور منصب الرئيس

علي ابوحبله

الحوار المتمدن-العدد: 8326 - 2025 / 4 / 28 - 13:20
المحور: القضية الفلسطينية
    

المحامي علي ابوحبله
قرر المجلس المركزي الفلسطيني بالأغلبية الساحقة حسب البيان الختامي ، الموافقة على استحداث منصب نائب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، رئيس دولة فلسطين.
وينص القرار على أن يعين نائب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير من بين أعضاء اللجنة التنفيذية، بترشيح من رئيس اللجنة ومصادقة أعضائها، وله أن يكلفه بمهام، وأن يعفيه من منصبه، وأن يقبل استقالته.
استحداث منصب نائب رئيس اللجنة التنفيذية للمنظمة بالصيغة التي تمت وفق قرار المجلس المركزي لا يعدوا كونه قرار إداري ووفق مفهوم ومضمون القرار ، الرئيس من يختار النائب ويعرضه على اللجنة التنفيذية للمصادقة عليه ومن حقه عزله وقبول استقالته وتكليفه بالمهمة التي يراها، والمدقق في النص لا يوجد أي حق لنائب رئيس اللجنة التنفيذية في تولي منصب رئاسة المنظمة أو دولة فلسطين في حالة شغور منصب الرئاسة ، ويبقى النظام الأساسي لمنظمة التحرير ساريا فيما يتعلق بكيفية اختيار رئيس اللجنة التنفيذية (أي من خلال انتخاب لجنة تنفيذية، ثم تقوم اللجنة التنفيذية باختيار رئيسها)، وهذا أمر يبقى متعلقا بحركة فتح وتوازناتها وتحالفاتها .
لقد تجنب المجلس المركزي في مضمون قراره استحداث نائب للرئيس تعديل النظام الأساسي لمنظمة التحرير، على اعتبار أن التعديل لا يجوز إلا من خلال المجلس الوطني حصرا حسبما ورد في المادة (30) من النظام ، اذ أن تعديل هذا النظام الأساسي أو تغييره أو الإضافة إليه هو بالأساس من سلطة المجلس الوطني للمنظمة بأغلبية ثلثي أعضائه
وذكر أن ديباجة القرار جاءت بأن المجلس المركزي اخذ بعين الاعتبار ما ورد في المادة (13) الفقرة (ب) والمادة (16) منه، وقرر أولا: استحداث نائب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير رئيس دولة فلسطين. ثانيا: يعين نائب لرئيس اللجنة التنفيذية رئيس دولة فلسطين من بين أعضاء اللجنة التنفيذية، بترشيح من رئيس اللجنة وبمصادقة أعضائها، وله أن يكلفه بمهام، وأن يعفيه من منصبه، وأن يقبل استقالته.
لم يشر المجلس المركزي في استحداث منصب نائب الرئيس المنصوص عليه في النظام الداخلي للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية المحرر 11/3/1965 وبموجب المادة خمسه من النظام المشار اليه تنتخب اللجنة من بين أعضائها نائب الرئيس في أول جلسة تعقدها اللجنة، وفي حالة تعذر ذلك ينتخب نائب الرئيس في أول فرصة ممكنة.
وفي نص المادة السادسه نصت على صلاحيات نائب الرئيس وذكرت - يمارس نائب الرئيس جميع صلاحيات الرئيس في حالة غيابه.
ونص المادة 7 - إذا استقال الرئيس أو خلا مركزه لأي سبب من الأسباب يتولى نائبه رئاسة اللجنة وتستمر اللجنة في ممارسة صلاحيتها وأعمالها إلى أن ينتخب المجلس الوطني رئيساً جديداً في أول جلسة عادية له.
وهذا الأمر لم يشر إليه قرار المجلس المركزي في استحداث منصب نائب الرئيس وبالتدقيق في مضمون القرار نجده معيب شكلا ومضمونا للخلط بين منظمة التحرير الفلسطينية ودولة فلسطين، إذ أن دولة فلسطين تستخدم كناية عن السلطة الوطنية الفلسطينية وبالتالي فإن السلطة الوطنية الفلسطينية ويشار إليها بدولة فلسطين مرجعيتها القانون " الأساسي الفلسطيني " وليس قرارات المجلس المركزي.
وبموجب المرسوم الصادر عن الرئيس محمود عباس الذي حدد فيه أن من يحل مكان الرئيس حالة شغور المنصب (منصب رئيس الدولة) هو ( رئيس المجلس الوطني ) ، وحيث أن كافة القرارات بقانون والمراسيم تصدر باسم رئيس اللجنة التنفيذية " رئيس دولة فلسطين " وذلك منذ أن أصدر الرئيس محمود عباس مرسوم باستبدال عبارة السلطة باسم دولة فلسطين.
النص الوارد في قرار المجلس المركزي يثير التناقض ويدفع على التساؤل عن هذا الخلط لأن بقاء النص يؤسس لتنازع بالاختصاصات بين رئيس المجلس الوطني بصفته يملك كافة الصلاحيات وفقا للإعلان الدستوري ونائب رئيس اللجنة التنفيذية بصفته نائب "لرئيس اللجنة التنفيذية لايملك الحق القانوني والدستوري في أن يملك صلاحيات رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية " رئيس دولة فلسطين."
وننوه إلى أن الفقرة الثانية من القرار بها تناقض من حيث الصياغة والمضمون والنتيجة كونها نصا على ” يعين نائب لرئيس اللجنة التنفيذية رئيس دولة فلسطين من بين أعضاء اللجنة التنفيذية، بترشيح من رئيس اللجنة وبمصادقة أعضائها، وله أن يكلفه بمهام، وان يعفيه من منصبه، وأن يقبل استقالته”.
ويتضح من النص ما يلي :- أن الرئيس محمود عباس هو من سيرشح نائب له، وأن دور اللجنة التنفيذية هو المصادقة على الترشيح، وأن عباس من يعزله و/او يقبل استقالته. وهو مناقض نصا ومضمونا للنظام الداخلي للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية المحرر 11/3/1965
وهنا يكمن أهمية التوضيح والتفسير لمضمون القرار للمجلس المركزي استحداث منصب نائب رئيس للجنة التنفيذيه :-
أولا :- يعد القرار الصادر من المجلس المركزي قرارا إداريا وليس تعديلا دستوريا للنظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية؛ ولم ينص القرار على تعديل المادة 13 بإضافة فقرة جديدة أو إضافة مادة جديدة في النظام الأساسي لان ذلك ليس من صلاحية المجلس المركزي ، وأشارت ديباجة القرار إلى الأخذ بعين الاعتبار أحكام الفقرة (ب) من المادة 13 "يتم انتخاب رئيس اللجنة التنفيذية من قبل اللجنة"، والمادة 16 من النظام الأساسي المتعلقة بمهام اللجنة التنفيذية.
2. استحداث منصب نائب لرئيس اللجنة التنفيذية ورئيس دولة فلسطين يعد قرار معيب من الناحية الدستورية لان القرار في مضمونه يحمل منصبين مختلفين في المرجعية والإنشاء؛ فرئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية يتم انتخابه من قبل أعضاء اللجنة التنفيذية للمنظمة وفقا لأحكام المادة 13 الفقرة (ب)، فيما رئيس دولة فلسطين يتم انتخابه مباشره من الشعب الفلسطيني بموجب نص مادة (5) وكان يفترض التوضيح منعا للبس القانوني بالفصل بين منصبي رئيس اللجنة التنفيذية ولها مرجعيتها ورئيس السلطة الوطنية الفلسطينية ومجازا يطلق عليه اسم رئيس دولة فلسطين ويخضع في كيفية انتخابه و ممارسة صلاحياته للقانون الأساس الفلسطيني
وبموجب القانون الأساس الفلسطيني يعد نظام الحكم في فلسطين نظام ديمقراطي نيابي يعتمد على التعددية السياسية والحزبية وينتخب فيه رئيس السلطة الوطنية انتخاباً مباشراً من قـبل الشعب وتكون الحكومة مسئولة أمام الرئيس والمجلس التشريعي الفلسطيني.
لم يمنح النظام الأساسي لمنظمة التحرير صلاحيات محددة لرئيس اللجنة التنفيذية، كما لم يحدد قرار الإنشاء صلاحيات محددة لرئيس الدولة. في المقابل قرار المجلس الوطني المودع لدى هيئة الأمم المتحدة منذ العام 1988 ينص على تتولى اللجنة التنفيذية للمنظمة مهام حكومة دولة فلسطين إلى أنّ يتم تشكيلها.
وعليه فان قرار استحداث منصب نائب للرئيس بالصيغة المذكورة آنفا تخلق حاله من التنازع في حال الفراغ الدستوري فتعيين رئيس الدولة وفقاً للإجراءات المعمول بها في النظام القانوني لمنظمة التحرير الفلسطينية يعتمد على قرار من المجلس المركزي، فيما تعيين رئيس السلطة يعتمد على النظام القانوني للسلطة الفلسطينية المنصوص عليه في القانون الأساسي؛ حيث نصت المادة 115 من القانون الأساسي المعدل للعام 2003 (دستور دولة فلسطين) على أنّه "يعمل بأحكام هذا القانون الأساسي مدة المرحلة الانتقالية ويمكن تمديد العمل به إلى حين دخول الدستور الجديد للدولة الفلسطينية حيز التنفيذ".
كما أنّ القرار بقانون رقم (1) لسنة 2021 المعدل للقرار بقانون رقم (1) لسنة 2007م بشأن الانتخابات العامة أضاف إشكالية أخرى بعد إلغاء منصب رئيس السلطة الفلسطينية والإبقاء على منصب رئيس الدولة، رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية؛ فقد نص على انتخاب رئيس دولة فلسطين صراحة من الشعب الفلسطيني وهو ينطبق على الضفة الغربية وقطاع غزة، وفي ذات الوقت تنص المادة 3 من القرار المعدل لسنة 2021 على أنَّ الذي يدعو إلى الانتخابات هو: رئيس دولة فلسطين رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حسب نص المادة 3 من القرار بقانون "عدل المادة (2) من القانون الأصلي، لتصبح على النحو التالي: يصدر رئيس دولة فلسطين، رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، مرسوماً رئاسياً، خلال مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر قبل تاريخ انتهاء مدة ولايته أو ولاية المجلس التشريعي، يدعو فيه لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية أو أيّ منهما في دولة فلسطين، ويحدد فيه موعد الاقتراع، وينشر هذا المرسوم في الجريدة الرسمية، ويعلن عنه في الصحف المحلية.
وكذلك الأمر مع الإعلان الدستوري رقم 1 لسنة 2024 القاضي بتولي رئيس المجلس الوطني الفلسطيني رئاسة السلطة المؤقتة في حال شغور منصب رئيس السلطة الفلسطينية.
لم يحدد قرار المجلس المركزي أيّة صلاحيات أو مسؤوليات أو مهام محددة لنائب رئيس اللجنة التنفيذية رئيس دولة فلسطين، بل منح رئيس اللجنة التنفيذية/ رئيس دولة فلسطين تكليف النائب بمهام أي أعمال ونشاطات محددة للقيام بها ، كما أن قرار استحداث منصب نائب للرئيس من قبل المجلس المركزي جاء خاليا من أي ذكر بشأن خلافة الرئيس في حال شغور رئيس اللجنة التنفيذية بحيث " لم ينص على أنّ نائب رئيس اللجنة التنفيذية/ رئيس دولة فلسطين يتولى رئاسة اللجنة التنفيذية في حال شغور المنصب على اعتبار أن قرار استحداث المنصب لم يعدوا كونه منصب إداري ولا يحمل أي صفة قانونيه ويتناقض كليا مع منصب نائب الرئيس المنصوص عليه في النظام الداخلي للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية المحرر 11/3/1965
. وهذا الأمر واللبس إن لم يمنع احتمالية وجود صراع بين مراكز القوى والنفوذ في الوصول إلى رئاسة اللجنة التنفيذية أو رئاسة دولة فلسطين فانه يخلق تنازع في الصلاحيات لسوء الفهم في تفسيرا لتوصيف لاستحداث منصب نائب الرئيس

#علي_ابوحبله (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات