ضياءالدين محمود عبدالرحيم
مفكر وداعية اسلامي و اقتصادي، مطور نظم، مدرب دولي معتمد، وشاعر مصري
(Diaaeldin Mahmoud Abdel Moaty Abdel Raheem)
الحوار المتمدن-العدد: 8326 - 2025 / 4 / 28 - 09:52
المحور:
الادب والفن
كانت محطة قطار القاهرة في الخامسة صباحًا تستتر تحت ضباب كثيف، كأنه يحاول إخفاء دموعها. رفعت الفتاة يديها النحيلتين لتشدّ على حقيبتها البالية، تلك الحقيبة التي لم تحمل سوى صورة أبيها الباهتة، قلمه الذهبي - آخر هدية قبل رحيله، ورسالة أمها الممزقة. بجانبها، تنفس المتشرد النائم نومة هادئة، بينما كانت أنفاسها ترسم زخارف من الخوف على زجاج النافذة البارد.
________________________________________
قبل عامين، وقفت في معبد الأقصر مذهولة أمام نقوش الفراعنة. "انظري يا ياسمين كيف يحكي الحجر قصص الخلود!" كان صوت أبيها يتردد في أذنيها الآن. أصابعها تلمس بطاقة الائتمان المسروقة - آخر ما تبقى من "حياة جميلة" دفع ثمنها بابتسامات مزيفة.
اليوم لم تعد تلك الطفلة التي تبادل الضحكات بالصمت. لقد أدركت أن العالم لا يعطي، بل ينتزع... حتى من فتاة لم تجد من يحميها من نظرات زوج أمها الجائعة بعد رحيل أبيها.
________________________________________
"لا تخافي يا قلبي..."
همس صوت أبيها في الظلام.
أجابته بصوت مكسور: "لكنني أخاف أن أنسى رائحة قهوتك الصباحية!"
ضحك هامسًا: "الذكريات الحقيقية لا تُسرق، حتى لو سرقوا قلمي الذهبي..."
اهتزت العربة فجأة، كأنها تذكّرها بأن الزمن لا يعود للوراء.
________________________________________
عندما ابتسمت أخيرًا، لم تكن تعلم أن دمعة واحدة تساقطت على الصورة الباهتة في حقيبتها... فعادت ملامح أبيها لتظهر للحظة، وكأنها تقول:
"بعض الرحيل هو بداية لقاء جديد يا ابنتي."
وفي الخارج، بدأ الضباب الكثيف يتبدد، مفسحًا المجال لأول أشعة شمس ذلك الصباح.
#ضياءالدين_محمود_عبدالرحيم (هاشتاغ)
Diaaeldin_Mahmoud_Abdel_Moaty_Abdel_Raheem#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟