علي دريوسي
الحوار المتمدن-العدد: 8326 - 2025 / 4 / 28 - 00:47
المحور:
الادب والفن
في بلدة ساحلية صغيرة تقع بين الجبال، عاش أهلها في هدوء نسبي، ولكنهم عُرفوا بسلوكهم المتفاوت بين الخير والشر. كان لكل فرد من سكان البلدة عاداته وأخلاقه التي تميز بها، وكانوا يفتخرون بأنفسهم لأنهم بلا حاكم يرأسهم؛ كانوا يختارون قائدًا كل سنة ليحكم بينهم.
في أحد الأعوام، اجتمع سكان البلدة في الساحة الرئيسية ليقرروا من سيكون قائدهم الجديد. تقدم رجل يدعى سالم، وهو معروف بحكمته وأخلاقه الحسنة، وألقى خطابًا قال فيه: "إنَّ من يُختار لقيادة البلدة يعكس حالنا وأخلاقنا. إذا كنا أهل صدق وأمانة، فسوف نجد قائدًا يعكس هذه الصفات. وإذا كنا غير ذلك، فإنما نجلب على أنفسنا ما نحن عليه. تذكروا قول قائدنا الكبير: كيفما تكونوا يولى عليكم."
لم تُعجب كلمات سالم الجميع، فبعض السكان لم يرغبوا في أن يسمعوا نقدًا لطباعهم. في النهاية، لم يُنتخب سالم، بل اختاروا رجلاً يُدعى عامر. كان عامر معروفًا بقوته وسلطته، ولكنه لم يكن عادلًا أو رحيمًا.
ما أن تولى عامر الحكم حتى بدأ بإصدار أوامر صارمة، وفرض ضرائب عالية على الجميع دون تفرقة. وبدلاً من أن يكون عونًا لهم، أصبح يستغل سلطته لتحقيق مصالحه الشخصية. غضب الناس، وبدأوا يشتكون من قسوته وظلمه.
اجتمع أهل البلدة مرة أخرى، وهذه المرة لمناقشة سبب وقوعهم في هذا الحال. قال أحد الشيوخ: "ما نحن فيه الآن ليس إلا انعكاسًا لأعمالنا وأخلاقنا. نحن لم نكن عادلين في تعاملنا مع بعضنا، فلماذا نتوقع عدلاً من قائدنا؟ لم نكن نتحلى بالأمانة، فكيف نرجو الأمانة منه؟"
أدرك الناس أن ما قاله سالم سابقًا كان صحيحًا. قرروا تغيير أنفسهم أولاً قبل أن يغيروا قائدهم. بدأوا بتعزيز التعاون بينهم، وتحسين علاقاتهم ببعضهم البعض، وغرس قيم الصدق والإحسان في نفوس أطفالهم. وبعد عام، عندما حان وقت اختيار قائد جديد، اختاروا سالم ليكون حاكمهم.
عندما تولى سالم القيادة، كان أهل البلدة قد تغيروا كثيرًا، فوجد نفسه يعمل مع شعب يحب الخير ويعمل به. أصبح حكم سالم رمزًا للعدل والازدهار في البلدة، وأيقن الناس أن الحديث "كيفما تكونوا يولى عليكم" ليس مجرد كلمات، بل قاعدة ذهبية في الحياة.
ومنذ ذلك الحين، أصبح أهل البلدة يركزون دائمًا على إصلاح أنفسهم قبل أن يطلبوا إصلاح قادتهم، وعاشوا في سلام وازدهار دائمين.
#علي_دريوسي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟