أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بهاء الدين الصالحي - نجيب سرور عبر رواية عابر علي الجسر















المزيد.....


نجيب سرور عبر رواية عابر علي الجسر


بهاء الدين الصالحي

الحوار المتمدن-العدد: 8326 - 2025 / 4 / 28 - 00:11
المحور: الادب والفن
    


كلما فتشت في ذاتي عن السبب الذي يجعلني أحزم أمري شعرت أنني لا أملك سوى إرادتي وحدها: بذلك أشعر شعورا واضحا بحريتي حريتي التي تكمن في هذا الخيار فقط وهذا ما يجعلني أدرك إني مصنوع على صورة الله وبما إنه لا يوجد شيء في المادة يحدد خياري ويلزمه بالحركة بدلا من تركه يرتاح فلا يوجد من جانب ثاني أي سبب لمفعول كبير كهذا سوى إرادته وحدها التي يبدو له من خلالها إنه السيد الحر.
ان الحرية الوحيدة التي ندركها في ذاتنا هي وعي الفعل الذي تمارسه فكرة.
تلك مقدمة ضرورية ماخوذة من الموسوعة الفلسفية لالاند والتي أعدها أندريه لا لاند صفحة 370.
هل كانت تلك المقدمة ضرورية لمناقشة رواية عابر على جسر للكاتبة عبير درويش حيث عانينا من التوصيف الخاص بتلك الرواية، بصددها عدة أسئلة هل هي رواية سيرة أم رواية شخصية أم رواية حقيقة، الحركة هنا أنها تدور حول شخصية نجيب سرور لكن نحن هنا بصدد القدرة على التفرقة ما بين شخصية الراوي وشخصية البطل نفسه وكذلك شخصية العصر الذي تتحدث عنه الرواية وذلك لكمية الجدل التي أثيرت حول شخصية نجيب سرور نفسه وبالتالي يكون الحديث حول السياق التاريخي للشخصية نفسها متضافرة مع طبيعة العصر حيث يحدث ذلك الإمتزاج العضوي للبطل مع الواقع هنا نحن بصدد رواية حقائق خاصة مع مساحة ما تبقى في وعي المثقف المصري تجاه نجيب سرور. ولماذا نجيب سرور تحديدا لأنه قد حمل تراث الفلاح المصري الذي قاوم فكرة الإقطاع ومع المعايشة التامة لفكرة الإقطاع الذي كان ممارسا وواقعا حيا في بلدته اخطاب وبالتالي تكتسب الرواية أيضا صفة الواقعية وبالتالي فإن فكرة الزمن قد حسمت حيث الفترة المتنازع على توصيفها لدى المثقفين المصريين وهي مرحلة الستينيات والسبعينيات وهي فتره حبلي بالتناقضات الضخمة التي تمخضت عنها أزمة الدولة الوطنية. أما طبيعة الشخصيات كبنية روائية أساسية هي تعتمد على شخص يكاد يزعم الجميع أنه يعرفه علما بأن ذلك الشخص لم يقدم منه لعامة المثقفين إلا ما أرادت طبيعة حلقة حملات العلاقات العامة التي تمارسها السلطة لصياغة وعي المواطن العادي وذلك بحكم الأمية الثقافية السائدة حيث يختصر نجيب سرور بكل عظمته لدى العامة في الأميات وذلك كنوع من التوافق العجيب ما بين كره المواطن لفكرة السلطة حيث إرتباطها بصراع الدخول والصراع الإقتصادي من خلال فكرة إحتكار الدولة عبر التاريخ المصري وذلك بحكم مركزية النيل والقدرة على التحكم في الحياة من خلال المياه، ولعل المتفحص في قراءة الفلاح الفصيح كأسطورة أولى تصنع بنية الأدب المصري القديم يرى أن قضية الملكية هي الخلاف وأن فكرة الحق العام قيد الإلغاء وقتذاك وأن ذلك الإقطاعي الذي مرت في زمامه حمير المواطن العابر هو أس المشكلة ولولا طرافة قول الفلاح الفصيح التي هي في النهاية وعي جمعي إستطاع صياغة الأزمة في جمل معينة إستطاعت أن تنقض ذلك البناء المعرفي لدى ذلك الحاكم ثم الذي يليه حتى وصلت إلى الفرعون. هنا نحن بصدد تنازع سلطة النص حيث لجأ الفلاح الفصيح إلى سلطة النص القادم من العقل الجمعي في مواجهة الخطاب الهش القائم على هشاشة الوضع الإقطاعي. وهو ما يقابله هنا ياسين وبهيه تلك الأيقونة التي إستطاع نجيب سرور أن يحملها هموم وطنه هنا يمارس نجيب سرور تعمق الذات في رؤية العالم من خلال تلك الأيقونات المعرفية الموروثة تاركا للمتلقي الربط ما بين وحدة المعرفة الموجوة بحكم الظرف المجتمعي المشترك وكذلك قدرته كمتلقي على تقييم الإضافة المعرفية من خلال الشكل الدرامي الذي قدم به كمسرح أو كشعر مقروء خاصة وأن تلك الأيقونة ياسين وبهيه هي إنتاج مجتمعي لا صيغه ثابته لها بحكم شفهية النقل عن تلك القصة حيث ضاعت ملامحها الرئيسية ولكنها لقدرتها على تجسيد ذلك المشترك المجتمعي فصارت فيها ياسين وبهيه أيقونة ثابتة في الوعي المصري، الجزء الأهم هنا في تركيبة الشخصية الرئيسية في العمل حيث يمثل نجيب سرور المعادل الموضوعي لذلك الرمز المنتشر عبر العالم وهو تشي جيفارا حيث إستمد جيفارا صيغة التمدد عبر العالم من خلال صيغة الثوري ذي البعد الصوفي من عبر مفهوم تجديد المقاصد وبالتالي جاءت فكرة أن يكون نجيب سرور هو البطل الرئيسي في العمل جزء قائم على فكرة التحدي وهو أمر رفد فيه رافدان: الرافد الاول بقاء تلك القضايا المختلف عليها وذلك على سبيل الإزمان الإجتماعي بحكم غياب فكرة الحرية وعدم تطور المجتمع المصري وفق حراك ثقافي حر وكذلك روعة ما قدمه نجيب سرور كشخص معبر عن فكره التيار الرافض لتجربه معينة ولكنه قدم رفضه من باب الأدب وبالتالي يصبح نجيب سرور تكئأه حتى لمن خالفه في الرأي والتوجه. هنا يصبح المأزق في قراءة تلك الرواية أين يكمن الراوي أو السارد الرئيسي الصانع للعمل الروائي وأين يكمن البعد التسجيلي الماخوذ من مذكرات نجيب سرور تلك المذكرات الحية حيث شكل نجيب سرور مازقا انسانيا لمن حوله وهو الرؤية الامثل لتكثيف فكرة تجديد المقاصد هنا لابد أن نستجلب مفهوم الحرية الأول الذي ذكرناه في بداية ذلك المقال.
هنا فكرة اليقين ولكنه اليقين الباحث عن فرص التحقق الإنساني وبالتالي مساحة الشغف بالحلم وعلاقة ذلك بالواقع ليصبح الحلم في النهاية هو الصانع لشخصية الإنسان وبالتالي العلاقة ما بين الوهم والحقيقة على أرض العلاقات المجتمعية التي تصيغ البناء الحي للإنسان حيث العلاقة ما بين الداخل والخارج وقدرة الخارج على صياغة الداخل وقدرة الداخل على صياغة رد الفعل تجاه الخارجي، هنا تصبح معضلة نجيب سرور حيث فكرة إلايمان والقدرة على التحقق على الرغم من كل مشكلات الواقع هنا فكرة تجديد المقاصد كمنتج إنساني وليس منتج صوفي فقط ،وبالتالي يمكن تصنيف الرواية على أنها رواية شخصيات ولكن مع غياب البعد التسجيلي غيابا تاما لتصبح شخصية نجيب سرور محققة لثلاث درجات من الوعي: الدرجة الأولى إعادة طرح نجيب سرور كثوري صوفي. الدرجة الثانية طرح نمط إنساني وفق مرحلة التحول الإشتراكي وطرح المرحلة من خلال كم التفاعلات الإنسانية داخل تلك الشخصية وهي نجيب سرور. الدرجة الثالثة من درجات الوعي أو المحطات المعرفية في هذه المسألة هي طرح رؤية للعالم حيث الوصول لفكرة القيم المجردة والصراع الأخلد ما بين القيمة المجردة والقيمة المجسدة وبالتالي هل كان جمال عبد الناصر قيمه مجسدة لفكره الحريه والاشتراكيه لدى نجيب سرور ام كان فكره مجردة وبالتالي الفكره المجرده هي فكرة حاكمة تصبح الأشخاص منصة لظهور تلك الفكرة وبالتالي يتم محاسبة هؤلاء الأشخاص تاريخيا وفقا تمثلهم لأبعاد تلك الفكرة المجردة ويجسد تلك الفكرة التي نحاول الوصول إليها تلك المقاصد المعرفية من عمله التراجيديا الإنسانية حيث يقول: ماذا تلهمك الدقات؟ قلت وفي عيني طموح للأقمار ، العالم فوق الشعراء فليعلوا الشعر إلى العالم أو فلنصمت.
هنا رؤية العالم من خلال دقات المسرح ،ودقات المسرح هي إختزال رائع لفكرة الطبول كلغة مارسها الإنسان الأول كصيغة عليا أو شاملة للموسيقى التي تشمل هذا الكون، هنا فكرة الأيديولوجي والصوفي داخل نجيب وهو أمر قامت به الرواية من خلال إعادة صياغة نجيب كباحث عن وجوده وليس إبنا لنظرية جامدة وبالتالي يتم بلورة ذلك من خلال درج إنساني أسمه أزمة الدور حيث يتحرك نجيب سرور من خلال ذلك العمل كمسرحي يبحث عن تجسيد لمجموعة الأفكار التي يؤمن بها ولكن من أين تكونت تلك الافكار وهو ما تعبر عنه الرواية من خلال فكرة التنقل بعين الطائر ما بين المحطات الحياتية للإستعانة بشخوص حياتية صاغت العالم الخارجي لنجيب سرور هنا فكرة العمل الروائي حيث خلق نقطة البداية حيث فكرة البرزخية وهي حيلة روائية توافق مرحلة ما بين إقتناعين أو ما بين رؤيتين أو ما بين عالمين وهو أمر جاء متوافقا مع عنوان الرواية عابر على جسر حيث جهل الجسر ولم يأتي بأل التعريف ليصنع فكرة الإطلاق وفترة التجريد وهنا ضرورة ذلك العمل الروائي الذي قدم لنا رؤيا واقعية لنجيب سرور ،هنا تبدو مرحلة التداخل ما بين الكاتب/ الرواية وما بين شخصية نجيب سرور هو أمر مثار للجدل في فلسفة العمل الروائي بمعني أنه في حال التأثير يصبح العمل نوعا من التسجيلية وبالتالي تصبح الرواية نوعا من التلاعب اللغوي كي يفلت من حكم المتلقي القاسي خاصة مع مساحة المعرفة المتاحة عبر وسائل التواصل.
ولكن عملنا هذا قد قدم عدة محطات معرفية من خلال جمع عدد من الإحالات المعرفية التي تدلل على طبيعة الشخصية الخاصة بنجيب سرور حيث أشقته معرفته وبالتالي نتناول أزمة الدور وأزمة المعرفة مع فكرة العشق للمعرفة وذلك هو البعد الصوفي الثوري عند نجيب سرور فمن عرف لزم ولكن اللزوم هنا ليس إرتباطا شعائريا بقدر ما إنه إيمان بالدور الإجتماعي ولكن نجيب سرور نفسه عدد من الدرامات المتداخلة عبر الواقع المصري حيث تعدد البني الصراعيه داخل حياة سرور نفسها ولكن الأمر متعلق بالرؤية البانورامية لحياة سرور وتلك هي الإضافة الحقيقية التي قدمتها الرواية فهي لم تقدم سرور من وجهة نظر سرور ولكنها قدمت سرور من وجهة نظر واقعه وقد كسرت الروايه عدد من التابوهات التي تم تقديمها في تعدد صور سرور في واقع التلقي المصري :
١سرور القلق الوجودي ويتبدي ذلك في صفحة ١٨٦: تظل العبارة الأصدق لهذا الهراء الذي أحاط بنا هي العبارة العلائية (أولو الفضل في أوطانهم غرباء) هنا مفهوم الجنون كمدخل لقراءه نجيب سرور حيث تعريف الجنون وفق المتلقي والجنون مضاد للعقل فاذا إستطعنا تعريف العقل إستطعنا تعريف الجنون وبالتالي تلك البوابة الملكية لتقدير قيمة الإختلاف وتقدير قيمة من نختلف معهم وتلك هي المفتاحية الأصلية لشخصية نجيب سرور كما قدمتها الرواية لأنها قدمت عدة أساسيات للرؤية المعرفية للعالم ولم يكن نجيب سرور متطرفا في موقفه من عبد الناصر على المستوى الإنساني بدليل إنصافه له في بعض المناطق حيث يذكر في صفحة 190:أدركت أن عبدالناصر أستشعر إحتمال وقوع الكارثة ( والتي وقعت في أيلول الأسود) فمنع تهجير الفلسطينيين إلي مصر أو تجنيسهم.
وكذلك رأيه في جمال الوارد في صفحة ١٧٩: نعم يا رفيق الروح إنقضت رحلته وعبر الجسر إلى الضفة الأخرى ،نعم مات عبد الناصر، ربما خانه التوفيق في بعض الإختيارات، ربما تجاوزت أماله للتخطيط لمستقبل أفضل ، ربما أخفق شأنه شأن أي بطل تراجيدي، وربما فشل كما فشل دانتي أيضا كسياسي فلا تستهجنوا الموت ولا الهزيمة التي تتزايد مرارتها بالموت.
٢ الرهان الرئيسي على فكرة المسرح كمدخل من مداخل التحقق للذات النجيبية والدليل الأكبر على ذلك ما فعله في مسرحية وبور الطحين والإضافات التي وضعها بما يتلائم مع رؤيته للواقع ورؤيته للشعب ورؤيته للعقل الجمعي المصري وقدرته على ممارسة الإختلاف والملكية الخاصة لذلك الحلم بدليل أنه منع نعمان عاشور مؤلف المسرحيه الاصلي من حضور البروفات وعلى الرغم من القيمة الفعلية لنعمان عاشور وقدرته على شكوى نجيب سرور إلا أنه قد مارس ذلك الإختلاف على مضض نعم ولكن لم يمارس أدوات السلطة في خلافه مع نجيب سرور والدليل الأكبر إستيعابه وتقديره لكمية الإضافات التي أضافها نجيب لمسرحيته وهنا إنتصار ضمني لعصر نجيب سرور حيث العلاقات الضمني والبينية ما بين كرم مطاوع وما بين جلال الشرقاوي مثلا كلاهما في علاقته مع نجيب سرور، الرائع في هذه الرواية أنها قدمت نجيب سرور وحدة معرفية ووحدة مجتمعية بعيدا عن فكرة تجزئة صدامه مع السلطة وإتهام السلطه له بالجنون وكذلك قدمت عصره من خلاله ،هنا البعد المعرفي حيث تصنيف الروايه على أنها من روايات الحقيقة وذلك لواقعية الشخصيات ومعرفة المتلقي على مدى جيل أو إثنين بالشخصيات الواردة في الرواية فجميعنا يعرف من هو جلال الشرقاوي ويتعامل مع منتجه الإبداعي وجميعنا يعلم من هو كرم مطاوع ويتعامل مع منتجه الإبداعي . وبالتالي هذه الرواية تعيد تقديم هذه الشخصيات من منظور نجيب سرور وليس نجيب سرور بشخصه ولكن رؤيه ذلك الجيل التالي لنجيب سرور والذي تعشق سيرة حياته إذا هنا الاضافة النوعية لتلك الرؤية ومن هنا وجاهة السؤال في صعوبة الفصل في ما بين رأي المؤلف ورأي نجيب من خلال سيرته المعروفة. ولعل الإضافة الرائعة التي أضافتها المؤلفة في صفحه 10 حيث إستنكار سرور على لسانها أن يكون عزاءه في الأهرام بحجم أو أقل من حجم عزاء إبن توفيق الحكيم اسماعيل ذلك العازف الذي فقد طريقه على تعبير الروائيه وبالتالي كيف يتم مقارنته بنجيب سرور إذا هنا فكرة المظلومية، فكرة البدء المحوري لطرح السؤال الهام ما هو الدافع لهذا العمل ؟هل تم إكرام أو الرؤية أو إعادة إنتاج نجيب سرور بما يتلائم مع إبداعه عبر تاريخه الشخصي وعبر واقعه الإبداعي ؟
٣ الرائع في تلك الرواية تعدد مناخات الأماكن العاكسة لطبيعة الصراع المتعلق بشخصية البطل حيث عرض شخصيات أخرى غير نجيب سرور مثل شخصية الدكتور إمام عالم الذرة الذي أنتهكت أدميته وأغتصب أكثر من مرة لأنه رفض أن يكون جاسوسا على زملائه ، هنا قيمة ما ندفعه من أجل مبادئنا، القضية هنا إيراد نماذج مثل الدكتور إمام وغيره من النماذج التي أودعت مستشفى الأمراض العقلية بالعباسية كنوع من الإستبعاد الذهني أو كان نوعا من التهميش المجتمعي مستغلا فكرة عدم الوعي المجتمع تجاه فكرة الجنون وبالتالي الإتهام بفكرة الجنون هونوع من الحكم بالإستبعاد من الإحترام المجتمعي وبالتالي قتل مفهوم الدور المطلوب من المبدع وقتل فكرة الشغف بحكم قطع أواصر التواصل ما بين المبدع وواقعه بحكم وصمة الجنون ، والرهان على شباب مصر حيث ذلك الطبيب الشاب الذي كان يعمل في مستشفى الأمراض العقلية والذي آوى نجيب سرور وجعله يبيت في بيت جلال الشرقاوي ويتواصل مع جلال الشرقاوي لينتج إبداعه المسرحي ليخرج له مسرحية حال سجنه في مستشفى الامراض العقليه ،وكذلك شرحه لبيئة النظرية والتطبيق في الاتحاد السوفيتي حال وجوده في البعثة وخلافه مع نظرية ستالين وطبيعه حكمه هنا فكرة الصراع الوجودي ما بين الفكرة المجردة والفكرة المجسدة وكذلك تطرفه الثوري من خلال تمزيق جواز سفره كنوع من الفهم الأممي للأيديولوجية وذلك من خلال مؤتمر التضامن مع كوبا ،وذلك الذي تعرض له بحكم التدخل المصري بحكم التقارب مابين جمال وخروتشوف، توقع مبكر لفكرة سقوط الإتحاد السوفيتي من خلال العلاقة ما بين الدولة السوفيتية والنظرية الشيوعية وتعميم فكرة المصلحة كدولة على فكرة النظريه التي سيتم تجسيدها من خلال تنظيمات الدوله إذا هنا التنظيم أم النظريه وذلك من خلال طرح هذا الأمر وفق نظرة محايدة تأتي على نمط روائي قائم على فكرة الحوار والصراعية. حيث رحلته للعمل في إحدى الإذاعات الموجهة في المجر بعد إستبعاده من الجامعة وفق موقفه الحاد من تمزيق جواز السفر ،هنا الفكرة الرئيسية في حياة نجيب سرور حيث الصراع ما بين نقاء النظرية وقسوة الواقع والتقاليد وهو أمر مرتبط بموقفه من أبيه أيضا عندما بدأ ينادي بفكرة الفلاح وتوزيع الملكية فلامه الفلاحون على أن أبيه الذي يمتلك 13 وأنه غير مؤهل لهذا ،إذا هنا الصراع ما بين نقاء النظرية وقسوة الواقع تلك هي العقدة الرئيسية التي تحمل عقل نجيب سرور هما منذ بدايته حتى عبوره للجسر الأخر . ولعل ذلك المأزق هو ما جعله يتمرد حتى على سلطة الأب إذا هنا ما بين عالم النظرية المتسع وما بين تجسيد السلطة الضيق بدءا من الأب حتى فكرة الحزب الحاكم في روسيا حتى فكرة المستبد العادل في مصر من خلال جمال عبد الناصر ولكن الشخصنة بعيدة تماما عن فكرة الحكم الأخلاقي على العالم عند نجيب سرور بدليل انه اخذ هذا الموقف من جمال عبد الناصر بحكم قضية التعذيب التي تعرض لها شهدي عطيه ،وهو من آسمى أبنه شهدي على إسم صديقه الذي تعذب هناك وكذلك إسم فريد على إسم صديقه الأخر الذي تعذب في السجن، إذا هنا العقلانية في ربط الأشياء بأسبابها ومسبباتها وكذلك في عدم صراخه الفارغ من المعنى ولكن من خلال المعنى الخاص بإنتاجه المسرحي حيث تأتي بهية تجسيدا لساشا.
٤ إعادة إنتاج القصة الشهيرة الخاصة بزوجته المتداولة والقابلة للإضافة وفق طبيعة المتلقي والتي كانت سببا في حالة من الصدمة النفسية له ولكن جديد الرواية هنا أنه قد وضعها في الإطار الثقافي والفكري حسب طبيعة شخصية الوطن فقد ألصق سلوكها المشين بفكرة الطبقة التي تنتمي إليها حيث سعت هي إليه وإختطفته من الأخرى ماجدة الخطيب بطلة إحدى مسرحياته إذا هنا هي جاءت إليه بحكم الشغف في إمتلاك ذلك البارز علاوة على قرابتها العائليه بأحد اقطاب أمن الدولة ومن هم أمن الدوله في وقتذاك! هم رجال صلاح نصر مهما كانت درجة إختلافنا حول شخصية صلاح نصر. وبالتالي كانت القضية طبيعة طبقة وصراع قيم بعيدا عن طرافة الحكايات الشعبية ولعل تلك الطبيعة تتبدى في الحوار في صفحة١٣٦ : الكل بيثبت حضور عند الرئيس إعمل حاجة!!
ثم يسرد الراوي في حواره كيف أنسته بنعومة الأنثى لتقنعه، هنا فكرة الضعف والإحتياج حيث لحظة الإحتياج بعد طرد نجيب من روسيا وعودته إلى مصر وعدم عودة شاشا وابنه شهدي، علاوة على المهارة الأنثوية لتلك الزوجة الأخرى مما أضطره تحت ضغط إحتياجه الإنساني للتواصل الجسدي ان يكتب قصيدة بعنوان العقبة مفادها : يا صانع الثورة /يا مخلي تاريخنا يقول المعجزات/ في مشيئتك أمر/ لو تؤمر يا ليل يا عين.
هنا القيمة الفعلية للرواية انها قد رصدت التطور الانساني لنجيب سرور حيث أزماته النفسية وفكرة نقاء السريره التي ورثها عن أبيه وحرصه على إكتمال النموذج الإنساني متسلحا بسلاح المسرح قاعدة رؤية للعالم واداة من ادوات التنفيس عن أزمات الذات. هنا دور المراة في حياة نجيب سرور حيث حقق معظم نجاحاته مع ساشا وكذلك خلقت الرواية عده مسارات درامية جعلت من حياة نجيب سرور عبر الرواية إعادة إنتاج عصر حيث عجزه عن إثبات إسم الأبن بأسم روسي هناك حيث يمزق وثيقة إعتماده حيث وهي جواز سفره بينما هو في روسيا، ودور الأب في صياغة عقل ووجدان نجيب سرور وكذلك تقارب شخصية عبد الناصر مع شخصية الأب وذلك في تطور رؤية نجيب سرور لجمال عبد الناصر ورؤيته لدور الاب حيث الجمع ما بين نقاء المعتقد وحريه والإرادة وفكرة القيم الإنسانية الخالدة هو أمر ومبحث شديد الروعة متواجد في شخصية نجيب سرور مما أضاف للرواية بعدا جديدا أخلاقيا يعيد صياغة الصورة الذهنية المتعارف عليها عن نجيب سرور.
قدمت عبير درويش نجيب سرور من حالة سياسية شعرية قابلة للإجتزاء ومحض إتفاق وفق صورة ذهنية قديمة وسائدة بفعل أدبيات السلطة المستمرة عبر سنوات في إختزال المبدع إلي حوادث ذات بعد أخلاقي كي تتم محاصرة المبدع ونزع أدبه من سياقه التاريخي ودوره المجتمعي وذلك من أجل خلق حالة من حالات تكامل الفعل الإنساني وتارجحه مابين القوة والضعف حيث فكرة رؤية الكاتبة لأزمة نجيب والتي شخصت بها أزمة المسرحية التي صنعها مع بعض الشباب الفلسطيني لتكون الوصفية من خلال العبارات التقريرية حيث التداخل مابين الأربعة المشتركون ورباعية الإبداع وفشل المسرح والشعر والنقد والإخراج في الحصول علي تحقق أمن يحقق لجسده لتكون رؤية نجيب العدمية للعالم : إذ في حقيقة الأمر يستند الحقيقي علي الوهمي لا العكس ومن هنا جاءت حتمية السقوط.ولعل من سخرية الأحداث ان يتم إجهاض التجربة بيد زبانية السادات بإيعاز من ملك الأردن.
ولكن يبقي السؤال المهم من قتل نجيب سرور ؟
وتبدو صعوبة الإجابة بصعوبة إمتلاك تصريف القدر ولننظر لقدرة الرواية علي تصوير ذلك البطل التراجيدي الذي دفع ثمن تألق روحه وعدم خبو المبدع داخله فكان القربان لذلك هو إهلاك جسده فكان الطنين المتصاعد وكأنه نداء الغياب ولعل تلك الحالة الجسدية التي إنتابته حال قيامه ببروفات مسرحيته قولوا لعين الشمس ،وكيف يتنفس وهو يحيا في بلده ضيفا ثقيلا هو وزوجته وولديه في شقة طالب ليبي ولا يمتلك ثمن علبة لبن لطفله الرضيع وكأن ساشا تلك الروسية التي أحبته قدرها أن تشاركه بؤسه لأن ألهة الأوليمب المعاصرين المرتدين ثياب الحكام قد حكما عليه بالموت بؤسا ولكنه رحل حاملا معه ألق حلمه.
شكرا لتلك الروائية المبدعة التي خلقت من سيرة مناضل قد تنسي كما ينسي ألاف المحبين لهذا المحبين فناءا في تراب هذا الوطن تحت وطأة الحاجة. ولكن الرواية قد خلقت رافدا جديدا يعيد تعريف نجيب سرور للعالم.



#بهاء_الدين_الصالحي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليالي الألم قراءة لرواية ليالي الهدنة لمني العساسي
- ادب الرسائل عودة
- فلسطين الفلسطينية
- الهراوي صا نع بالبهجة
- دراما وأشياء أخري
- خيري شلبي
- عرب الدغايمة
- مشروع احمد عفيفي الشعري
- أنتهي الدرس يأوكرانيا
- نجيب محفوظ للناقد ابداعا
- غزة أريحا ثانية
- مصطفي نصر ٢/ه
- مصطفي نصر عالم من الإبداع١٥
- صلاح چاهين وعصره
- تقديس اللغة
- بعد ان يموت الملك
- وكانت إمرأة قراءة في ادب محمد الجابري
- المجد للشباب
- طه مقلد ابداع لن يمون
- سيد النماس


المزيد.....




- الدورة الـ30 لمعرض الكتاب بالرباط تستقبل أكثر من 400 الف زائ ...
- المغرب يشارك في الدورة السابعة من القمة الثقافية بأبوظبي
- فنان مصري شهير يعلن خضوعه لعملية جراحية (صور)
- وفاة سعد الله آغا القلعة.. رائد التوثيق الموسيقي والوزير الس ...
- خبراء الوكالة الذرية في طهران لمناقشة القضايا الفنية مع اقتر ...
- مصر.. الحكم على شاب تحرش جنسيا بفنانة مشهورة
- اختتام أعمال المؤتمر الدولي للاستشراق في نسخته الأولى بالدوح ...
- مارتينيز.. لاعب كرة قدم إسباني احترف فنون القتال المختلط
- -لن نشارك في السيرك-.. إسرائيل ترفض التعاون مع العدل الدولية ...
- إيفرا قائد فرنسا السابق يدخل عالم فنون القتال وينشد الثأر من ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بهاء الدين الصالحي - نجيب سرور عبر رواية عابر علي الجسر