كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي
(Kamal Ghobrial)
الحوار المتمدن-العدد: 8325 - 2025 / 4 / 27 - 20:12
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تختلف الأديان في طبيعتها،
وليس فقط في وصاياها ودرجة تحضرها من المنظور الإنساني والحضاري.
ويتضح بجلاء هذا الاختلاف الجذري في طبيعة الأديان في نموذجين دينيين شهيرين:
النموذج الأول
هو في حقيقته عبارة عن إيديولوچيا لتأسيس دولة.
ويبدو مهتماً بالأرض وما ومن عليها. وليس بعالم آخر بعد الموت.
فهو ينحو لتنظيم العلاقات بين الناس وضبطها.
ليكون الأمر هكذا علمانياً محضاً.
رغم ما يضمن الأمر من زعم بانتساب شرائع العلاقات المنصوص عليها إلى الإله الذي حتم فرضها على خليقته.
ذلك يضع مثل هذا الدين في تصنيف العلمانية. رغم عدم خلوه تماماً من الغيبيات.
والتي ترى النظرة التحليلة أن دور هذه الغيبيات ليس محورياً أو مقصوداً لذاته. ولا يعدو أن يكون ديكوراً وظيفته إضفاء التقديس على قوانين ضبط العلاقات العلمانية في طبيعتها.
كما لا يضعف من علمانية هذا النموذج الديني، تضمنه على وعود بمكافآت أخروية للمؤمنين الصالحين. وللملتزمين بالطقوس، التي يعد الالتزام بها مقوياً لمشاعر الانتماء للجماعة، والخضوع لشروط هذا الانتماء.
هو نموذج دولة وليس نموذج دين ماورائي.
هو إيديولوچيا لتأسيس نظام سياسي واجتماعي سلطوي.
وخطورته هو زعم أن إلهاً جباراً في السماء هو الذي يفرض علينا الانصياع والإذعان للحياة وفق تلك الإيديولوچيا.
النموذج الثاني
تجد به القليل من القواعد والشرائع المنظمة للحياة، وللسلوك الإنساني العملي اليومي.
فيما يتمحور لاهوته حول قضايا غيبية وروحية مفترضة أو مخترعة اختراعاً. ومفارقة لأي قضايا إنسانية مادية حقيقية.
والحقيقة أن ماقد يبدو هكذا صرفاً للإنسان عن الاهتمام بحياته الدنيا، أملاً في ملكوت سماوي يعوضه عن بؤس حياته الأرضية. ويحقق للإنسان الخلود الذي يراود أحلامه.
الحقيقة هذه النقطة رغم مايبدو فيها من تأثير سلبي بالغ على حياة الإنسان ورؤيته لنفسه وللوجود، فإنها نفسها من وجه آخر تعد ميزة حسنة لهذا النموذج من الأديان.
فلأنها أقل اشتباكاً مع الواقع ومجريات الحياة اليوميه، فإنها تجعل الدين أقل سلطوية وهيمنة.
كما تتصف بسماحية أكبر للتطور الحضاري الإنساني، دون صدام حتمي مع الدين ورجاله.
هذا بالرغم أن جميع الأديان باختلاف نماذجها تنحو للجمود والثبات ومقاومة التغيير.
وينحو رجالها دوماً للقتال من أجل دوام الحال على ماهو عليه.
#كمال_غبريال (هاشتاغ)
Kamal_Ghobrial#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟