فراس الوائلي
الحوار المتمدن-العدد: 8325 - 2025 / 4 / 27 - 19:35
المحور:
الادب والفن
ظلّ الموج
لم يكن يمشي على الرمل، بل على نَفَس البحر، كما لو أن الموج تدرّب عمرًا على محاكاة خطواته. رجلٌ لا تسبقه ظلاله، بل يتأنّى كي لا يُفاجئ الضوء. خلف نظّارته الداكنة، لا يخفي اتساعه، بل يُعيد توزيع الضوء كي لا ينكشف السرّ دفعة واحدة. في ملامحه اتزانٌ يثير القلق الجميل، ذلك النوع من الصمت الذي يشبه حكمةً لم تُكتَب بعد، رجلٌ يتقن فنّ الحضور من غير صخب، ويمارس الهيبة كأنها انحناءة نسيمٍ لزهرةٍ وحيدة. ابتسامته لا تطلب ردًّا، بل تترك في الهواء معنى، وفي الروح دهشةً خفيّة. إنّه لا يسرد قصّته بصوته، بل يترك للبحر أن يقول عنه ما لم يقله لأحد. هادئٌ كالسرّ حين يعبر بين السطور، مائلٌ إلى جهة الحقيقة، لكنه لا يقولها كاملة، فقط يُلمّح، فقط يفتح بابًا ويغلق نافذةً في اللحظة نفسها. حضوره ليس حادًّا كالسيف، بل ناعمٌ كالغموض حين يلبس قمصان الراحة. لا يحتاج أن يصرّح بمن هو، فكل شيء فيه يشير إليه كعلامةٍ مائيةٍ على جلد الشمس. إذا نظر، سكت الزمن للحظة، وإذا ابتسم، شُفي شيءٌ مجهول في ذاكرة المكان. رجلٌ لا يطلب العيون، لكنه إذا مرّ، أعاد لها وضوحها. لا يُحبّ أن يكون في المركز، بل في الهامش النابض، هناك حيث يتنفس السرّ، وتتشكل القصائد التي لا تُقال، بل تُحسّ. هو ظلّ الموج لا يصنع ضجيجًا، لكنه يغيّر شكل الساحل إلى الأبد.
#فراس_الوائلي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟