أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قاسم محمد داود - الأسس التوراتية لجرائم الصهيونية في غزة والضفة الغربية















المزيد.....

الأسس التوراتية لجرائم الصهيونية في غزة والضفة الغربية


قاسم محمد داود
كاتب

(Qasim Mohamed Dawod)


الحوار المتمدن-العدد: 8325 - 2025 / 4 / 27 - 16:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من أخطر الجرائم، التي شهدها التاريخان المعاصر والقديم، تلك التي تحمل صبغة دينية، إذ إنها، بفعل الهالة المقدسة التي أحاطت نفسها بها، واستحضار عامل الدين في تفاصيل كثيرة منها، ازداد حجمها، كمّاً ونوعاً، وتجاوزت كثيراً من الحدود الأخلاقية والسامية التي كان متعارفاً عليها خلال الصراعات والمنازعات المتعددة.
في الحرب الصهيونية على قطاع غزة والضفة الغربية، تم توثيق مئات الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها "جيش" الاحتلال الصهيوني بحق المدنيين الفلسطينيين، والتي تنوّعت بين القتل العنيف، من خلال الدهس بالدبابات والجرافات، وقصف البيوت على رؤوس الأطفال والنساء والشيوخ بصواريخ فراغية وأخرى مضادة للتحصينات، واستهداف مراكز الإيواء المقامة في المدراس والجامعات والمستشفيات والمؤسسات الدولية، بالإضافة إلى عمليات الإحراق الممنهجة والمنظمة لمنازل المواطنين، والتي تمت في بعض الأحيان وسكان تلك البيوت في داخلها، بحيث تم تصنيف كل ما سبق، وغيره كثير، بأنه عملية إبادة جماعية، بحسب كثير من المؤسسات ذات الصلة، وعلى رأسها محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية. وهنا يمكن أن يكون السؤال هل هناك أسس توراتية لجرائم الصهيونية في غزة والضفة الغربية؟ الجواب بالتأكيد نعم، احتوى الكتاب المقدس بعهديه القديم (التوراة) والجديد (الإنجيل) في أسفاره المختلفة على العنف، وقد اتخذ هذا العنف اشكالا مختلفة، فقد قامت أمّة بني اسرائيل عبر تاريخ حياتها بأعمال مشينة، ويظهر العنف في الكتاب المقدس بكل تفاصيله في القصص أو الأشعار أو أوامر الرّب، وقد يظهر أيضا على شكل حروب أو قتل أو اغتصاب أو رجم أو انتهاكات جنسية أو استرقاق أو عقوبات جنائية عنيفة.. وهناك العديد من النصوص التوراتية التي يتم تأويلها وتوظيفها لتبرير السياسات والجرائم الصهيونية في غزة والضفة الغربية. جيش الاحتلال والجماعات الصهيونية الدينية، وخاصة التيار الصهيوني الديني والمستوطنين المتطرفين، يستندون إلى مقاطع من التوراة والتلمود لتبرير العنف ضد الفلسطينيين والاستيلاء على أراضيهم. كذلك لتحريض على العنف ضد الشعوب الأخرى. في سفر العدد (33:55): "وإن لم تطردوا سكان الأرض من أمامكم التي أنتم ساكنون فيها." يتم الاستدلال بهذا النص لرفض التعايش مع الفلسطينيين واعتبارهم خطرًا دائمًا.
كذلك تُستخدم هذه النصوص في الممارسة الصهيونية في تأصيل عقيدة "أرض إسرائيل الكبرى" حيث يروج المستوطنون لفكرة أن السيطرة على كل فلسطين واجب ديني. أما عن وعد الأرض الموعودة (العهد مع إبراهيم)، تذكر التوراة (سفر التكوين 12:7 و17:8) وعد الله لإبراهيم بأن يعطي أرض كنعان لنسله، يستند الصهاينة الدينيون إلى نصوص مثل سفر التكوين (15:18): "لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير، نهر الفرات." يُفسَّر هذا الوعد على أنه تبرير للاستيطان وضم الأراضي بالقوة.. لذلك فإن التيارات الصهيونية الدينية تستخدم هذا الوعد كـ "مبرر ديني" للسيطرة على الأرض، بالرغم من أن الصهيونية السياسية الحديثة أوهمت العالم وخصوصا الغربي أنها تأسست بشكل رئيسي على مفاهيم قومية علمانية في القرن الـ 19، وليس على تفسيرات دينية بحتة، لكن الخطاب الديني المتطرف يشكل أحد أعمدة الفكر الصهيوني الاستيطاني بكل وضوح.
ولتبرير قتل الفلسطينيين: يستخدم الجيش الإسرائيلي والجماعات اليهودية المتطرفة من المستوطنين نصوص "الإبادة المقدسة" لشرعنه العنف ضد الفلسطينيين. مستندين بذلك إلى (سفر يشوع) وحروب التوراة والنص التوراتي، عندما تروي التوراة قصصًا عن حروب بني إسرائيل لاحتلال أرض كنعان. التي هي فلسطين الحالية والمناطق الجنوبية من بلاد الشام حيث سكنها الكنعانيون ما بين 3000 قبل الميلاد إلى 1200ق.م، وانتشروا على طول ساحل بلاد الشام وتمركزوا في فلسطين. وتحولت هذه القصص إلى أوامر الإبادة والتطهير العرقي، كما في هذا النص من سفر التثنية (7:1-2): "حين يجلبك الرب إلهك إلى الأرض التي أنت داخل إليها لتمتلكها، ويطرد شعوبًا كثيرة من أمامك... ويهلكهم الرب إلهك، لا تقطع لهم عهدًا ولا ترأف بهم. " تُستخدم هذه النصوص لتبرير قتل الفلسطينيين ورفض أي اتفاقات سلام. ويتجلى هذا بكل وضوح في سياق هذا النص التوراتي الذي يدعو إلى أبادة بشرية بكل صراحة وهو جزء من تعليمات الحرب ضد شعوب كنعان، وفق الرواية التوراتية التي تصفها كشعوب وثنية تشكل تهديداً روحياً، ففي التثنية 20: 16-18:"أما مدن هؤلاء الشعوب التي يعطيك الرب إلهك إياها ميراثًا، فلا تبقِ منهم نسمة حية. بل أهلكهم... لئلا يعلِّموكم أن يعملوا جميع أرجاسهم". كذلك نقرأ في سفر صموئيل الأول "اذهب وحارب عماليق، اقض عليهم قضاء تاما، هم وكل ما لهم. لا تشفق عليهم، اقتل جميع الرِجال والنساء والأطفال والرضع، واقتل ثيرانهم وغنمهم وجمالهم وحميرهم، وحاربهم حتى يَفنوا".
ونقرأ في سفر يشوع (يوشع بن نون) (6:21): "وحرموا (أقتلوا) كل ما في المدينة من رجل وامرأة، من طفل وشيخ، حتى البقر والغنم والحمير بحد السيف." وظفت الحركة الصهيونية وجيشها هذه النصوص لتبرير المجازر ضد الفلسطينيين. ولا يقتصر الأمر على الشعب الفلسطيني بل للتحريض على العنف ضد الشعوب الأخرى، كما في سفر العدد (33:55): "وإن لم تطردوا سكان الأرض من أمامكم يكون الذين تستبقون منهم أشواكًا في أعينكم ومناخس في جوانبكم، ويضايقونكم على الأرض التي أنتم ساكنون فيها." ويتم الاستدلال بهذا النص من قبل الصهاينة لرفض التعايش مع الفلسطينيين واعتبارهم خطرًا دائمًا.
لقد شهد العالم مدى القسوة والعنف غير المبرر الذي مارسه جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة وهو ليس بالأمر الغريب من الصهاينة لأن له جذور تاريخية حيث نجد الإرشاد التوراتي للصراع القبلي القديم مع الميدانيين وهم قبائل متعددة كانت تعيش جنوب أرض كنعان، حسب الرواية التوراتية. في سفر العدد 31: 17-18: "فالآن اقتلوا كل ذكر من الأطفال، وكل امرأة عرفت رجلًا... ولكن جميع الأطفال الإناث اللواتي لم يعرفن رجلًا أبقوهن لكم". ولا يكتفي الإرشاد التوراتي بالتوجيه للقتل بل ينتقد الملك شاؤول ويزجره لعدم تنفيذ الأمر كاملًا، مما أدى إلى عقابه، كماورد في سفر صموئيل الأول 15: 3: "الآن اذهب واضرب عماليق وحَرِّموا كل ما له... لا تعفُ عنهم، بل اقتل رجلًا وامرأة، طفلًا ورضيعًا".
أما فكرة "الشعب المختار" فقد فسرت عن عمد تفسير مشوه، حولها إلى الشعور بالاستعلاء والاستكبار على جميع الخلق وصارت داء عضال ومزمن عند اليهود، بعد أن أُستبدل المفهوم الحقيقي الذي يركز على الواجبات الدينية، وليس التفوق العرقي وذلك لخلق ادعاءات عن تفوق أو أحقية مطلقة في الأرض.
يستند الحاخامات المتطرفين إلى هذه النصوص لتغذية خطاب الكراهية وللتحريض ضد الفلسطينيين، مثل الفتوى الشهيرة للحاخام "موردخاي إلياهو" التي تجيز قتل الأطفال الفلسطينيين لأنهم "سيكبرون ليكونوا أعداءً". ولا ننسى عمليات الاستيلاء على أراضي وبيوت الفلسطينيين وتهويد الأرض والاستيطان، خاصة في الضفة الغربية، يُبرَّر دينيًا على أساس أن هذه أرض الميعاد، ويُمارس بدعم من تيارات دينية قومية تعتبر نفسها تُنفذ إرادة الله. كثير من المستوطنين يتبعون حاخامات يرون في الاستيطان جزءًا من الخلاص الموعود. وفي نبوءات نهاية الزمان هناك عديد من تيارات مسيحية صهيونية (ليست يهودية) تؤمن بأن عودة اليهود إلى فلسطين ضرورة لتحقيق نبوءات الكتاب المقدس عن نهاية العالم.
في حربهم الأخيرة على غزة تصدرت وسائل الإعلام العديد من تصريحات القادة السياسيين والعسكريين الإسرائيليين ذات طابع ديني. المخيف في هذه التصريحات الانتقامية التي تهدف إلى توحيد الرأي العام الداخلي (الإسرائيلي) هو إمكانية إشعالها فتيل حروب دينية في المنطقة. ناهيك عن الإنجيليين "دواعش أمريكا والغرب"، أصحاب الخطى الصليبية، فهم أيضا يصبون الزيت على النار. وفي خطاب متلفز استدعى نتنياهو "نبوءة إشعياء" في إطار سعيه لمواصلة حرب الإبادة على قطاع غزة، وقال "نحن أبناء النور بينما هم أبناء الظلام، وسينتصر النور على الظلام". وأضاف نتنياهو "سنحقق نبوءة إشعياء، لن تسمعوا بعد الآن عن الخراب في أرضكم، سنكون سببا في تكريم شعبكم، سنقاتل معا وسنحقق النصر".
كما استدعى نصا دينيا آخر، حين قال "يجب أن تتذكروا ما فعله عماليق بكم، كما يقول لنا كتابنا المقدس. ونحن نتذكر ذلك بالفعل، ونحن نقاتل بجنودنا الشجعان وفرقنا الذين يقاتلون الآن في غزّة وحولها وفي جميع المناطق الأخرى في إسرائيل." وعماليق الذين يذكرهم هذا النص التوراتي هم العرب كما ورد في الدراسات التاريخية.



#قاسم_محمد_داود (هاشتاغ)       Qasim_Mohamed_Dawod#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حقائق عن الصراع العربي الإسرائيلي
- العراق: التناقض الصارخ بين الثروة الوطنية والواقع المعيشي لل ...
- ترحيل الغزيين ابتزاز سياسي يتماشى مع مخطط إسرائيلي
- مشروع إيران.. الطموحات والعوائق
- أزمة قوى اليسار العراقي
- الحرب في سوريا جرح في الشرق الأوسط
- إسرائيل نموذج للديمقراطية وحقوق الإنسان
- ترامب العائد وإيران
- الأسباب التي تدفع الغرب لدعم إسرائيل والانحياز إليها
- إيران وزعامة العالم الإسلامي
- ديمقراطية الجوهر وديمقراطية المظهر
- عن السياسة والسياسيين
- العرب السنة وأزمة الزعامة
- الإقليم العربي السني بين الممنوع والمسموح
- فشل مشروع الديمقراطية الليبرالية الأميركي في العراق
- القبلية الحكومية في العراق
- تفكك الهوية الوطنية وتعدد الولاءات في العراق بعد الغزو الأمي ...
- فشل الديمقراطية في العراق والوطن العربي
- استدعاء التاريخ ووهم البطولة
- هل أن العالم لم يعد بحاجة إلى الاشتراكية؟


المزيد.....




- الجيش المصري يؤكد حرصه على تنويع مصادر سلاحه.. وقدرته على -م ...
- خامنئي يأمر بتحقيق في انفجار ميناء -الشهيد رجائي- مع زيادة ع ...
- البيت الأبيض ينشر صورة ميلانيا ترامب أمام الأهرامات المصرية. ...
- لافروف: ندعم الحلول التوافقية للتسوية
- ماسك: الروبوتات الجراحية ستحل محل الأطباء خلال خمس سنوات
- القضاء العراقي يبرئ الحلبوسي
- اليمن.. مصدر طبي يعلن مقتل 8 أشخاص بينهم نساء وأطفال إثر قصف ...
- خامنئي يأمر بتحقيق في انفجار ميناء رجائي
- جثث على الكراسي.. مشاهد تدمي القلب لضحايا قصف إسرائيلي استهد ...
- متحدثًا عن اغتيال نصر الله ومستقبل حماس في غزة.. نتنياهو: سن ...


المزيد.....

- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قاسم محمد داود - الأسس التوراتية لجرائم الصهيونية في غزة والضفة الغربية