رياض سعد
الحوار المتمدن-العدد: 8325 - 2025 / 4 / 27 - 15:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نعم، قلنا إن السياسة "فن الممكن"، وأكَّدنا أن الضرورات قد تُبيح المحظورات، لكن الهدف الأسمى للسياسي الناجح يظلُّ مرتبطًا بحفظ كيان الدولة، الذي يقوم بشكلٍ جوهريٍّ على ركيزة الأرض؛ أي الوطن... ؛ فلا وجود لدولةٍ بلا أرض، كما لا معنى لمواطنٍ بلا وطن.
ومن هنا، يتحتم على الساسة المحنَّكين والقادة الوطنيين أن يجعلوا من استعادة الأراضي المغتصبة فضلا عن الحفاظ على الاراضي والمياه الوطنية أولويةً قصوى، والسعي الحثيث لضمها إلى الوطن الأم والحفاظ عليها ، انطلاقًا من شرعيتها التاريخية والحقوقية.
فهذه هي الوظيفة الجوهرية للسياسة الحقيقية، وهي سمةٌ مشتركةٌ بين ساسة العالم، إلا في العراق، حيث تنقلب المعادلة رأسًا على عقب، ويَظهر الاستثناءُ بكل تناقضاته المُفجعة!
لقد بدأت سلسلة التنازلات المُذِلَّة في العراق منذ الحقبة العثمانية، ثم تفاقمت تحت الاحتلال البريطاني، حيث تُقطِّعت أوصالُ الأرض العراقية شرقًا وغربًا وشمالًا وجنوبًا... ؛ فدول الجوار، وبدعمٍ من قوى الاحتلال وعملاء الداخل، اغتصبت مساحاتٍ شاسعةً من الأراضي العراقية ... ، وظلَمًا طال حتى البحر والنهر.
ولا يُجادل عاقلٌ في عراقية الكويت، التي فُصلت عن جسد العراق بفعل المكر البريطاني، الذي استهدف تقويض وحدة الشعب العراقي وإضعاف كيانه... ؛ فمنذ منتصف القرن العشرين، والكويت تتوسع على حساب الأرض والمياه العراقية، عبر مخططاتٍ استعماريةٍ تارةً، ورشاوى وعملاء وخونة تارةً أخرى... ؛ فكل عقدٍ زمنيٍ يُسجِّل اغتصابًا جديدًا لقطعةٍ من العراق، تحت ذرائعَ واهيةٍ تلفَّعَت بها النخبة الحاكمة في الكويت، بدءًا من الحدود البرية وصولًا إلى المياه الإقليمية، كادعائهم الأخير الباطل بــ"خور عبد الله" التميمي، الذي لا يعدو كونه حلقةً في سلسلة التعديات المستمرة.
والغريب في المشهد ليس جشعَ الجار المُتغوِّل ، بل صمتُ الساسة العراقيين وخضوعُهم المُريب لهذه الانتهاكات، رغم غليان الشارع العراقي من الظلم الواقع عليه... ؛ فبينما تُحافظ دول العالم على سيادتها بكل ما أوتيت من قوة، نجد العراق يُدار بمنطق الهزيمة، وكأنه الوحيد الذي لا ينتمي إلى جغرافيا الشعوب الحرة... ؛ فهل يُعقل أن تتحول "فنون الممكن" السياسي إلى ذريعةٍ للتنازل عن الحقوق، عوضًا عن أن تكون أداةً لاستردادها؟!
#رياض_سعد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟