أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - من زنزانة إلى طاولة المفاوضات.. هل تدرك أنقرة قيمة ورقة أوجلان؟















المزيد.....

من زنزانة إلى طاولة المفاوضات.. هل تدرك أنقرة قيمة ورقة أوجلان؟


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 8325 - 2025 / 4 / 27 - 12:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في عالم يفترض أنه بات أكثر وعياً بحقوق الإنسان وأقل تسامحاً مع القمع السياسي، يتوارى الصمت حين تُنتهك هذه القيم داخل زنزانةٍ معزولة في جزيرة نائية. وتُطوى الشعارات الرنانة في أدراج المصالح، بينما يعلو وجع المظلوم دون أن يصله صدى العدالة.
هناك، في سجن إمرالي، يُختزل الغياب الكامل للعدالة في زنزانة منفردة، حيث يُحتجز المناضل عبد الله أوجلان منذ أكثر من ربع قرن في عزلة شبه تامة، وكأن الجغرافيا تواطأت مع السياسة لإخماد الحلم الكردي عند نبضه الأول.
عبد الله أوجلان، الرجل الذي تحوّل من ثائر إلى أيقونة، لا يعيش فقط خلف الجدران الإسمنتية، بل خلف صمتٍ دولي يشبه التواطؤ، وتجاهل أممي يكشف عورة الخطاب الغربي حين يتعلق الأمر بالمسألة الكردية. وكأن العدالة دخلت في غيبوبة أخلاقية، ونامت طويلاً على أعتاب الحسابات الضيقة.
لا يزال يعيش في عزلة شبه تامة في سجن إمرالي، في ظروف لا تمتّ إلى العدالة بصلة، محروماً من أدنى حقوق السجناء، بما في ذلك اللقاء بمحاميه وعائلته، الأمر الذي يعكس بوضوح أزمة الديمقراطية التركية ومأزق المجتمع الدولي في التعامل مع القضية الكردية.

التعذيب الممنهج والإبادة السياسية
لا يمكن فهم ما يتعرض له عبد الله أوجلان خارج سياق السياسات التركية الممنهجة تجاه القضية الكردية برمّتها. فمنذ لحظة أسره، لم يكن الهدف اعتقال الجسد فحسب، بل وأد الفكرة، وخنق الحلم الكردي في مهده، فالعزلة التامة، ومنع التواصل مع العالم الخارجي، وإخفاء وضعه الصحي، لم تكن إجراءات اعتباطية، بل جزءاً من استراتيجية تهدف إلى زعزعة الإيمان الجمعي لدى الشعب الكردي، وإسكات رمزه الأبرز، الذي شكّل لعقود مصدر إلهام ورافعة أمل.
لقد أرادت أن تحوّل جسده المحبوس إلى أداة لكسر الروح، وتطفئ شرارة الإلهام التي لطالما شكّلتها تجربته السياسية والفكرية. كل يوم يمرّ في عزلة أوجلان، هو محاولة متجددة لاغتيال الأمل الكردي، ومحاولة فاشلة لطمس معالم النضال، الذي ما زال حيّاً رغم الجدران والأسلاك والأسى.
غير أن هذه السياسات الإقصائية لا تستهدف عبد الله أوجلان وحده؛ بل تتسع رقعتها لتخنق كامل المشهد الكردي، كظلٍّ ثقيل يطارد كل من ينادي بالكرامة والحق. إنها آلة قمع ممنهجة، تطحن الأصوات الحرة، وتُغلق المنافذ أمام أي تعبير ديمقراطي. من الاعتقالات التعسفية إلى حظر الأحزاب، ومن محو المساحات السياسية إلى فرض الوصاية على البلديات المنتخبة، تُدار المعركة ضد الكرد لا بصناديق الاقتراع، بل بعصا السلطة وادعاءات القانون الملفّقة.
قرارات العزل تُصدر بلا حياء، والأوصياء يُنصَّبون بذرائع أوهى من أن تُقنع حتى من أطلقها. وما اعتقال أكرم إمام أوغلو، رئيس بلدية إسطنبول وأحد أبرز منافسي أردوغان، سوى دليل إضافي على أن منطق البطش لا يستثني أحداً، وأن العدالة في تركيا باتت تُدار وفق مزاج السلطة، لا موازين القانون.
في قلب هذه المشهدية، تتجلى ملامح استراتيجية لا تهدف فقط إلى تهميش الصوت الكردي، بل إلى محوه من الوجود الرمزي والسياسي، وفرض معادلة جائرة تقول: لا صوت يعلو فوق هدير الإخضاع، ولا حلم يُسمح له أن يتنفس خارج كابوس القمع.

التأثير على العملية السياسية والمجتمع الكردي
على مدار العقدين الماضيين، ظل اسم القائد عبد الله أوجلان حاضراً في كل تطور سياسي يخص المسألة الكردية، بدءاً من وقف إطلاق النار الذي أعلنه عام 2013 وحتى انهيار عملية السلام في 2015، حيث شكّلت مواقفه بوصلة سياسية وأخلاقية لدى ملايين الكرد. واليوم، رغم العزلة الحديدية التي فُرضت عليه، لا يزال حضوره يتغلغل في الوجدان الجمعي للكرد، لا كـ "سجين"، بل كرمز يتنفس المقاومة خلف القضبان، ويؤرق حسابات النظام من زنزانة ضيّقة. فقضيته لم تعد مجرد ملف قضائي أو إنساني، بل أضحت مرآة عاكسة لمدى قمعية النظام التركي وإفلاسه السياسي في تعامله مع الحقوق الكردية.
لطالما مثّل عبد الله أوجلان رمزاً للصمود ليس للشعب الكردي فقط، بل لكل شعوب العالم التواقة للحرية، لذا فإن استمرار تعذيبه يُحوّل هذا الرمز إلى جرح نازف في وجدان الشعوب. فمن ناحية، يُغذي ذلك مشاعر الغضب والتمرد، ومن ناحية أخرى، يخلق إحباطاً لدى الأجيال الجديدة التي ترى أن النضال السلمي غير مجدٍ في ظلّ عنصرية النظام الدولي. هذا الانقسام الداخلي يُضعف التماسك الاجتماعي ويُهدد بتحويل كردستان في أجزائها الأربعة إلى ساحة صراع دائمة، يُغذّيها الخذلان الأممي والعنصرية المقنّعة بالشعارات.

مبادرة أوجلان للسلام خطوة نحو حل الصراع وتعزيز الاستقرار
في هذا السياق، أطلق أوجلان مبادرته في 27 شباط 2025، داعياً إلى إقامة السلام والمجتمع الديمقراطي مقابل حل الحزب وإلقاء السلاح. وقد لاقت المبادرة تأييداً واسعاً على الصعد؛ الشعبية والإقليمية والدولية، حيث ينتظر الجميع من الحكومة التركية ردّاً ملموساً يعزز فرص السلام. الخطوة الأولى نحو بناء الثقة تبدأ برفع العقوبات الانضباطية المجحفة التي حُرم بسببها القائد أوجلان، لأكثر من أربع سنوات، من أبسط حقوقه القانونية، وفي مقدمتها "الحق في الأمل" الذي يتيح له إعادة المحاكمة والنظر في إطلاق سراحه، ليتمكن من استكمال مبادرته النبيلة بلقاء قيادات حزبه والجهات السياسية المعنية، سعياً لتحقيق ما يطمح إليه الشعب التركي وكل شعوب المنطقة من سلام واستقرار.

إمكانية الوصول إلى اتفاق تاريخي.. بين التفاؤل والتحديات
تلوح في الأفق بوادر لاحتمال التوصل إلى اتفاق تاريخي بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني (PKK)، في ظل تصاعد الأزمات الاقتصادية والسياسية التي تعصف بالبلاد.
فمع الانهيار المتسارع لليرة وتآكل الثقة الشعبية، بات الرئيس أردوغان أمام استحقاق مصيري يدفعه للتفكير بانتخابات رئاسية مبكرة، تتطلب إعادة رسم خريطة التحالفات السياسية. وفي هذا السياق، يبدو أن ثمة انفتاحاً محسوباً تجاه القوى الكردية بهدف ضمان أغلبية انتخابية مريحة.
تتجلّى هذه التحولات في سلسلة من التنازلات الرمزية، مثل السماح لابن شقيق القائد عبد الله أوجلان بزيارته في سجن إمرالي، وتمكين وفد من حزب "المساواة وديمقراطية الشعوب" من لقائه عدة مرات، فضلاً عن استقبال وفد إمرالي في أنقرة وسط أجواء وُصفت بالإيجابية.
ورغم تراكم التحديات التي تضع تركيا أمام امتحان داخلي وخارجي، فإن ما يجري اليوم قد يكون البذرة الأولى نحو تسوية سلمية عادلة، إذا ما تحوّلت من مجرد مناورة انتخابية مؤقتة إلى قناعة سياسية راسخة تعترف بأن الحقوق الكردية ليست عبئاً على الدولة، بل تمثل ركيزة أساسية في بناء تركيا جديدة، ديمقراطية، لا تُقصي أحداً.



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفساد والانفتاح.. إعدام الاقتصاد السوري
- الواقع الأمني والاجتماعي في الساحل السوري.. مجازر وقلق وخيبا ...
- اليسار نائم: الرجاء عدم الإزعاج!
- -ثوار- خارج الخدمة
- اللجنة الوطنية للتحقيق: عندما تتحول المجازر إلى مسلسل شهري ب ...
- رسالة إلى سلطةٍ لم تَعُد ترى إلا ما تُريد..
- سكاكين المخطط: سوريا خارج التاريخ
- المجازر وخريطة التقسيم: كيف تؤدي الفظائع إلى تفتيت الأوطان؟
- لماذا تقلّ نسبة الجرائم في الدول الاسكندنافية؟
- من الطفولة إلى الإجرام: كيف يُصنع القتلة؟
- بين إحصاء الموظفين وإحصاء الضحايا.. ذاكرة الحكومة الانتقائية ...
- العلويون في سوريا.. تاريخها معتقداتها معاناتها مستقبلها (الج ...
- العلويون في سوريا.. تاريخها معتقداتها معاناتها مستقبلها (الج ...
- الإعلام.. صانع الأحداث أم بائع الوهم؟
- سوريا بعد مائة يوم: أي عهدٍ هذا؟
- أردوغان وتطلعاته للسلطة الدائمة: تحليل لاستراتيجياته السياسي ...
- بين مطرقة الخوف وسندان الوطنية.. زيارة الدروز إلى إسرائيل
- اتفاق عبدي والشرع.. توقيع في الزمن الحرج
- الإعلان الدستوري: نسخة محسّنة من الاستبداد القديم!
- الطائفية.. حين يصبح الانتماء تهمةً تستوجب القتل


المزيد.....




- سيارة غارقة وجثة مجهولة.. حادث غامض بلا شهود ولا أثر يشعل تس ...
- مصر.. سياسيون يردون على تصريحات ترامب بشأن قناة السويس
- لافروف: الشركات التي غادرت روسيا قد تجد مكانها مشغولا عند عو ...
- لحظات مرعبة في بحيرة بأمريكا بعد انقلاب قارب بسرعة جنونية (ف ...
- ماكرون: لن يكون للعنصرية والكراهية القائمة على الدين مكان بف ...
- ارتفاع حصيلة ضحايا انفجار ميناء -الشهيد رجائي- في إيران
- لافروف: أوروبا وزيلينسكي يريدون استغلال خطة ترامب لتعزيز قوة ...
- بوتين يهنئ في اتصال هاتفي قادة الوحدات العسكرية التي حررت مق ...
- مصر.. الحكومة تحسم مصير تخفيف أحمال الكهرباء في الصيف
- نتنياهو يرد على رئيس الشاباك في المحكمة: 7 أكتوبر أعظم فشل ا ...


المزيد.....

- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضيا اسكندر - من زنزانة إلى طاولة المفاوضات.. هل تدرك أنقرة قيمة ورقة أوجلان؟