أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزالدين محمد ابوبكر - مقالات أدبيّة: الشذرّة الرهاويّة ... من الأدب الرؤيويّ الأپوكريفيّ















المزيد.....

مقالات أدبيّة: الشذرّة الرهاويّة ... من الأدب الرؤيويّ الأپوكريفيّ


عزالدين محمد ابوبكر

الحوار المتمدن-العدد: 8325 - 2025 / 4 / 27 - 08:39
المحور: الادب والفن
    


ليس من الغريب ، على الباحث ؛ في تاريخ الأمم والشعوب ، والديانات ، والطقوس ، أن يجد كتبٍ ، لم تخضع لرقابةٍ فكريّة صارمة ، ولا لموافقة دينيّة رسميّة عُليّا ، و هذه النصوص ، أو الكتب والمؤلفات ؛ لها ميزة مهمة ، ألا وهي أنها كتابة سلطانها هو الحريّة وذاتيّة المؤلف (مع رجوعه للأصول القانونيّة) ، وما راق له ؛ من النصوص المقدسة والثيولوجيّة ، ومن هنا يكون ، في مثل هذه النصوص ، من الطرافة والجمال ، ما ليس له مثال ، مثل الأناجيل المنحولة التي تعطي للقارئ ، ما تجاهلته النصوص الأصيلة ، بخصوص طفولة وحياة يسوع ، حيث يكون القارئ فردًا من الأولين ، يعيش من أجل أن يعرف المزيد ، بخصوص حياة يسوع (التاريخيّة) ، من المصادر المختلفة في شتى مناحي المعرفة ، سواء كانت معروفة في الخفاء (غنوصيّة) ؛ أو في العلن (قانونيّة) ، وتسمى هذه الكتابات ، بالكتابات الأبوكريفيّة/المنحولة ، و التسمية من أصل يوناني ؛ يعني ”الخفيّة المكتومة“ ، إشارةٍ إلى أن الكنيسة لم تعترف لا بأصالتهّا ، ولا بقانونيّتها ، والكتابات الأپوكريفيّة ، هي مقابل الكتابات البيبليّة الأصيلة والقانونيّة.

و نص اليوم ، هو نص من النصوص ، التي توصف بأنها أپوكريفيّة ، لأن به من التقليد اليهوديّ ، و المسيحيّ ، و الإسلاميّ ، الكثير ؛ و اسم هذا السِفْر ، هو سِفْر الرؤيّا الرهاويّ (نسبةٍ إلى مدينة الرها) ، وهذا السِفْر ينتميّ إلى فئة الأدب الرؤيويّ (الأپوكريفيّ في حالة سِفْر اليوم) ، و الذي يرتبط به سِفْر رؤيّا يوحنّا اللاهوتيّ (وهو من الأسفار القانونيّة) ، وهذا الأسلوب الأدبيّ يقوم ، بنقل القارئ من مساحة المادة المنظورة والمحسوسة ، إلى عالم الما وراء ، حيث يُسلّط الضوء على مساحات لم تكن معروفة أو مُدركة في الذهنيّة البشريّة ، لأنه يحيل القارئ إلى التحرر ، من قيود الإدراك الذهنيّ ، والمنطق ، من أجل جعله متبحرّا في عالم الميتافيزيقا ؛ لكي يرتقي المؤمن إلى صورة عظيمة ، أعدها الرب للمؤمنين به ، وهي الرؤية ، ويفيد التعبير اليونانيّ المستخدم للإشارة ، على الأسلوب الرؤيويّ بأنه «إزاحة الستار» ، لأن السِفْر يقدم ”صورة“ لإزاحة مفاهيم باليّة و تقليديّة سادت ، و يبرز مفاهيم أخرى خلاقة وأكثر تساميًا من السابقة ، و أساسيّة للفكر الإلهيّ السماويّ النقيّ ، وهذا الكلام السابق ينطبق على الأسفار القانونيّة ، مثل سِفْر الرؤية ؛ لكن يختلف الأمر ، في الأسفار الغير قانونيّة ، في عدة سمات ودلالات ، تناسب سياق السِفْر إن كان غنوصيًا ، أو تاريخيّ-عرفانيّ.

سِفْر الرؤيّا الرهاويّ (الذي يعرف أحياناً بـ الشذرّة الرهاويّة) ، هو نص مختصر ومعدل إلى حد كبير ، من سِفْر رؤيّا ميثوديوس الزائف ، و سِفْر رؤيّا ميثوديوس الزائف هذا هو النص المسيحيّ المبكر الأكثر قراءةً ومقاربةً عن الإسلام ، وبعد تداوله لفترة في العالم الناطق بالسريانيّة ، وجد هذا السِفْر طريقًا له في اللغة اليونانيّة ، والتي منها نُقل إلى اللاتينيّة ، ويُنسب هذا السِفْر خطأٍ إلى أسقف القرن الرابع والشهيد ميثوديوس ، و كان إطار ميثوديوس الزائف على أنه وصفُه لرؤيته ، حين كان على جبل سنجار (الذي يقع بين حدود سوريا والعراق) ، و لنعد إلى سِفْر الرؤيّا الرهاويّ ، الذي يحدد أن كلّّا من أبناء إسماعيل وحشد من الأمم (الموصوفة وصفًا غير لائق) من الشمال يُهزمون في مكة ، و أن مدينة الرها تبقى مصونة ، و يكون النصر النهائي للمسيح ؛ الذي يأتي بعد استعادة أورشليم مرتين ، كما يدعي بوصفه إشارة أخيرة ؛ لإنتصار المسيحيّة على أبناء إسماعيل ، حيث يدخل حصان لم يركبه إنسان من قبل كنيسة القسطنطينية ، وهو واضع لـ لجام مصنوع من مسامير الصليب الحقيقي لـ يسوع.

و بداية حديثنا سوف تكون من هنا ، لأن مؤلف هذا السِفْر يستقي ، من أسطورة يهوذا قرياقوس* الذي ساعد الملكة هيلانة ، في العثور على الصليب الحقيقيّ ، بعد أن حاول اليهود طويلًا إخفاءه تحت تلال من القمامة والركام ما يقارب الـ ٣٠٠ عام ، حيث تقول الأسطورة أن الملكة هيلانة كانت تستجوب شيوخ اليهود ، وتستخدم معهم القوة والتهديد حتى اعترف الشيخ المسن يهوذا ، بأنه يعرف معلومة صغيرة ، بشأن تل من الركام ، الذي يحتوي على خشبة ”صليب“ المسيح ، و خشبتيّ اللّصين ، حسب ما تروي لنا الأناجيل القانونيّة ، وبحسب النسخة اليونانيّة من القصة ، نجد أن يهوذا تَوجَه للسماء بصلاة ، من أجل طلب رسالة سماويّة تحدد مكان الصليب ، و كانت العلامة المطلوبة حسب الروايات ، هي خروج دخان ذو رائحة عطرة يشير إلى مكان الصليب ، وقد تم تسجيل هذه القصة بتاريخ ١٧ من شهر توت المبارك ، حسب السنسكار القبطيً ، وقد وصلت أصداء هذه القصة إلى السحر القبطيّ ، في مخطوطة ليدن ٩ (من مجموعة أنستاسي) ، الذي يعود تاريخها إلى القرن السادس الميلاديّ.

و يمكنني القول إن سِفْر الرؤيّا الرهاويّ ، هو سِفْر مميز ومثير لما فيه ، من الرموز والإشارات الميثو-تاريخيّة ، ويقدم هذا السِفْر العديد من ردود الفعل بين الأدب الرؤيويّ-السريانيّ ، والإسلام ، و يشير أيضاً إلى مدى انتشار سِفْر ميثوديوس الزائف ، مع سِفْر رؤيّا يوحنّا الصغير ، و ربما يكون سبب إنتشار هذا النوع الأدبيّ ، بسبب الحروب الأهليّة العربيّة وما تلاها ، من أمور جيو-سياسيّة متعلقة بترسيخ الحكم الأمويّ ، تحت راية عبد الملك ، و بسبب نفور الجماعة السريان ، من الوجود العربيّ ، أدى ذلك إلى وجود الإشارات المعلنة لزوال الحكم ”العربيّ“ ، ومن المؤثرات الإسلاميّة على السِفْر ، الاقتباس التاليّ : "تُفتح أبواب أرمينيا ويخرج يأجوج ومأجوج ، و يتألفون من أربع وعشرين قبيلة وأربع وعشرين لغة. حين رآهم الملك الإسكندر يأكلون حشرات الأرض ، وكل دنس ، ولحم بشري ، وموتى ، وكل رجس ، بالإضافة إلي ممارسة السحر وكل الأعمال الشريرة ، جمعهم ودفعهم إلى تلك الجبال (جبال أرمينيا) وحبسهم هناك".
ثم يورد كاتب السِفْر أن الإسكندر ، طلب من الرب أن يقوم بضم الجبال عليهم ، وهذا ما حدث ، إلا أن هناك فتحة بقت ، و طولها عشرون ذراعًا ، و بعد ذلك تم سد الفتحة بحجارة تُسمى المغناطيس؟ ، لكي تلتصق بالحديد ، ولا تتأثر بالسحر أبداً ، والخلفيّة الدينيّة الإسلاميّة في النص واضحة لأي قارئ واعي ، له علم بـ الميثولوجيّا والثيولوجيّة الإسلاميّة ؛ لأن قصة يأجوج ومأجوج قد ذُكرت ، في القرآن الكريم ، و السُنة النبويّة ؛ حيث أن خروج يأجوج ومأجوج ، هو آية من الآيات العشر الكبرى لقيام الساعة ، التي أخبر بها النبي محمد ﷺ ، والأحاديث في ذلك كثيرة وعليها إجماع ؛ وكان يأجوج ومأجوج يسيران في الأرض ، ويفسدون فيها إلى أن جاء الإسكندر ، وقام بـ سد الجبال عليهم ، وقد فرق ابن كثير بين اثنين من الإسكندر ، حيث الأول هو ملك عادل ، و وزيره هو الخضر ، أما الثاني فهو مشرك ، و وزيره فيلسوف ، وبين الاثنين أزيد من ألفي سنة ، على حد قول ابن كثير.

ونجد كاتب السِفْر يستكمل حديثه ، ويقول ماشيًا على خطى ، القصة الإسلاميّة ؛ أنه في نهاية الزمان سوف تفتح البوابات التي وضعها الإسكندر ، ويأخذون ينشرون الفساد في الأرض ، ويدنسونها ، ثم يرحم الرب عبيده ، فيجمعهم إلى الأرض ، التي هلك فيها أبناء إسماعيل ، وهي مكة ؛ و للمفارقة نجد أن مكة حسب المرويّات الإسلاميّة ، هي دار الأمان هي والمدينة ، على عكس ما ذكر كاتب السِفْر ، ومن هنا يتأكد لنا أن كاتب السِفْر ، هو كاتب مسيحيّ يقوم بتوفيق القصص ، من أجل الإعلاء من شأن دينه ، وبعد ذلك نجد كاتب السِفْر ، يورد حديثه عن المسيح الدجال ، أو حسب ما يذكره في سِفْره ، بـ ”ابن الدمار“ ، الذي ينشر شائعات غريبة وكاذبة ، و بالباطل والسحر يقيم الأموات ويشفي المرضى ... هذه هي قصة السِفْر ، وهذه هي اهم الموتيفيّات التاريخيّة والدينيّة به ، لعل مقال اليوم يثير فضولك ، بخصوص الأپوكريفا المسيحيّة...

المصادر :
- صـ ٧ ، ١٣ ، الأناجيل المنحولة ؛ ترجمة: اسكندر شديد ، تقديم ومراجعة: جوزف قزّي و الياس خليفة ، سلسلة الكنيسة في الشرق-٨ ، دير سيدة النصر ، طبعة-عام ٢٠٠٤ ، نِسْبَيْه - غوسّطا.
- صـ ٢٤٥٢ ، التفسير العربي المعاصر للكتاب المقدس ، تحرير: أندريه زكي إسطفانوس ، دار الثقافة ، طبعة-٢٠١٨ ، القاهرة.
- صـ ١٣٨ ، ١٦٨١٦٣ ، حين التقى المسيحيون بالمسلمين أول مرة : مرجع لأقدم الكتابات السريانية عن الإسلام ؛ تأليف: مايكل فيليب بن ، ترجمة: عبد المقصود عبد الكريم ، شركة جليس للنشر والتوزيع ، بدون تاريخ ، ——.
- Ancient Christine magic : Coptic texts of ritual power , Edited by: Marvin Meyer and Richard Smith, Coptic magical texts project, page - 314.
- صـ ٦٢٧ ، البحور الزاخرة في أحوال الأخرى ؛ تأليف: محمد السفاريني ، تحقيق: عبد العزيز المشيقح ، دار العاصمة ، الطبعة الأولى-٢٠٠٩ ، الرياض.



#عزالدين_محمد_ابوبكر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقالات وجودية: نظريّة المراحل الكيركجوريّة
- مقالات وجودية: فلسفة الشوارع المصرية ، الجزء الثاني
- مقالات وجودية: نظريّة المراحل عند كيركجور
- فلسفة الشوارع المصريّة : فلسفة مواقف ، وتفكر إنسانيّ.
- مقالات وجوديّة: أبو الدرداء ، حياته ، ومذهبه ، ومواقفه الوجو ...
- مقالات وجودية: هل يمكن دراسة ”السحر العربي“ وجودياً؟
- مقالات وجودية: كيركجور ومواقفه الفلسفية
- مقالات وجودية: «المتصوف الغريب» ... مقاربات وجودية الجزء الث ...
- مقالات وجودية: «المتصوف الغريب» ، النِفَّريّ مقاربات بين الو ...
- «المتصوف الغريب» ... بدأ من العراق وانتهى في مصر: النِفَّريّ
- وقائع من العصر الذهبي المصري القديم : الجزء الثاني
- مقالات وجودية: هل يمكن قيام تفسيرية ”وجودية“ للآثار المصرية؟
- مقالات وجودية: كيركجور حياته وأثرها على فكره
- وقائع من العصر الذهبي المصري القديم
- هل سوف يُنهيها آتوم؟


المزيد.....




- 5 شهداء ومصابون في قصف طيران الاحتلال مركبة بمدينة دير البلح ...
- -أدب الأسرى- بمؤتمر لرابطة الكتاب الأردنيين.. الرواية تقود ا ...
- فيديو.. -اختطاف نتنياهو- ونقله إلى طهران في فيلم إيراني
- فنانة مصرية شهيرة تثير الجدل بعد إجراء عملية تجميل لوجهها (ف ...
- سيكولوجية الطفل في شعر أحمد شوقي
- عمرو دياب يطعن بالحكم الصادر بحقه في واقعة صفع شاب
- -وزارة الزمن-.. محاكمة رواية للتاريخ
- وزيرة الثقافة الروسية تحضر مراسم جنازة البابا فرنسيس
- كييف.. الشرطة تحرر مخالفة بحق والدة طفل بسبب استماعه لموسيقى ...
- ما الثقافة ومن المثقف؟ رحلة في تجلية المفهوم بين العربية وال ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزالدين محمد ابوبكر - مقالات أدبيّة: الشذرّة الرهاويّة ... من الأدب الرؤيويّ الأپوكريفيّ