أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - وسام فتحي زغبر - القاتل الصامت: كيف حوّلت إسرائيل الذكاء الاصطناعي إلى سلاح في غزة؟














المزيد.....

القاتل الصامت: كيف حوّلت إسرائيل الذكاء الاصطناعي إلى سلاح في غزة؟


وسام فتحي زغبر

الحوار المتمدن-العدد: 8325 - 2025 / 4 / 27 - 04:53
المحور: القضية الفلسطينية
    


*القاتل الصامت: كيف حوّلت إسرائيل الذكاء الاصطناعي إلى سلاح في غزة؟*

بقلم: وسام زغبر
عضو الأمانة العامة لنقابة الصحفيين الفلسطينيين

في زمن تتسارع فيه ابتكارات التكنولوجيا، كان من المفترض أن يحمل الذكاء الاصطناعي وعودًا بمستقبل أفضل للإنسانية. لكن في غزة، قلبت إسرائيل هذه الوعود رأسًا على عقب، محوّلة الآلة الذكية إلى قاتل صامت لا يرحم. تقرير "نيويورك تايمز" الأخير يكشف جانبًا مظلمًا وخطيرًا: حرب تشنها الخوارزميات، لا تعرف التمييز بين مقاتل ومدني، بين هدف مشروع وطفل نائم.

في عصر تهيمن عليه التكنولوجيا، لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد أداة ابتكرها الإنسان لخدمته، بل تحول، في بعض الساحات، إلى سلاح صامت يتخذ قرارات القتل بدم بارد. هذا ما كشفه أخيرًا تقرير صحيفة "نيويورك تايمز"، حين أزاحت الستار عن استغلال إسرائيل للحرب الدموية على غزة كساحة اختبار لتقنيات عسكرية جديدة مدعومة بالذكاء الاصطناعي.

في هذا المشهد، لم يعد الإنسان أكثر من معطى رقمي، مجرد هدف على شاشة تحكم عن بعد. الغارة التي استهدفت القيادي في حركة حماس، إبراهيم البياري، بناءً على خوارزمية صوتية حددت موقع مكالمته الهاتفية، لم تميز بين قائد عسكري وطفل رضيع أو امرأة مسنّة. النتيجة كانت مقتل البياري، ومعه أكثر من 125 مدنيًا سقطوا ضحية خوارزمية لا تعرف معنى الحياة ولا تحترم قدسيتها.

إن ما يحدث اليوم، من تسابق محموم بين الجيوش الكبرى نحو تطوير "أسلحة ذكية"، يفتح الباب واسعًا أمام أسئلة أخلاقية خطيرة. هل باتت الحروب الحديثة تُدار بواسطة برامج حاسوبية تقرر من يعيش ومن يموت؟ وهل أصبحت الاعتبارات الإنسانية شيئًا ثانويًا أمام الهاجس التكنولوجي بتحقيق "الضربة الأكثر دقة"؟

الأخطر من كل ذلك، أن هذه التقنيات الجديدة تهدد بإلغاء فكرة المساءلة. من يحاكم خوارزمية اتخذت قرار القتل؟ ومن يتحمل مسؤولية مجازر ارتكبتها معادلات رياضية مصممة لتصيد "الهدف الأمثل" دون حساب للأرواح البريئة؟

في غزة، تحولت الأحياء المكتظة إلى ساحات تجريبية. أصبح البشر هناك أرقامًا في تجارب لا تختلف كثيرًا عن اختبارات الأسلحة الكيماوية أو النووية في عقود سابقة. وأمام هذا الواقع، فإن الصمت الدولي، خاصة من جانب القوى العظمى وشركات التكنولوجيا العملاقة، لا يعني فقط التواطؤ، بل يمنح الغطاء لاستخدام الذكاء الاصطناعي كأداة للقتل الجماعي.

لقد ابتكر الإنسان العلم ليخدم الحياة، فكيف قبل بتحويله إلى أداة لتوسيع رقعة الموت؟

اليوم، قبل أن يتوسع هذا النموذج ليصبح القاعدة في النزاعات المقبلة، يجب أن نسأل بوضوح: من يضع حدودًا لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الحروب؟ ومن يحمي الأبرياء من برمجيات لا تعرف للرحمة طريقًا؟

إن غزة ليست مختبرًا. وأهلها ليسوا عينات اختبار في معمل عسكري. إنهم بشر من لحم ودم، يملكون حق الحياة والكرامة، مثل أي إنسان على وجه الأرض.

الصمت أمام هذا الانحدار الأخلاقي، هو تواطؤ مع المستقبل المظلم الذي قد ينتظرنا جميعًا.
في غزة اليوم، لا تنهمر القنابل وحدها، بل تسقط معها قيم الإنسانية برمتها. حين يصبح الذكاء الاصطناعي أداة قتل بلا رقيب ولا ضمير، يصبح الصمت خيانة مضاعفة. صمت العالم عن هذه الجرائم سيمنح الشرعية لحروب المستقبل أن تُدار بواسطة آلات لا تعرف للرحمة سبيلاً. ما يحدث في غزة ليس نهاية مأساة، بل بداية عصر مظلم إن لم تتحرك الإنسانية فورًا لوضع حدود لجنون الآلة.



#وسام_فتحي_زغبر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين تتحول السجون إلى مقابر للأحياء: معتقلو غزة بين وحشية الا ...
- حسام أبو صفية.. طبيب فلسطيني هز أركان «كيان إسرائيل»
- الاختفاء القسري والتنكيل بالأسرى الفلسطينيين جرائم حرب
- مجرمو الإبادة في غزة دون عقاب
- ما بين حرب أكتوبر ومسار التطبيع.. المطلوب فلسطينياً؟
- غزة تُجلد من ساستها
- احتجاز جثامين الشهداء في زنازين الموت.. جريمة عنصرية
- شـكـراً لـلـجـزائــر الأيقـونـة العربـيـة الـداعمـة لــفلـسط ...
- ما بعد معركة جنين لن تكون كما قبلها
- سبل مواجهة جرائم المستوطنين والاحتلال
- جنين أيقونة المقاومة وكابوس الاحتلال
- عرس ديمقراطي في نقابة الصحفيين الفلسطينيين
- انصاف الصحفيين بمحاكمة مرتكبي الجرائم بحقهم
- يا عمال فلسطين، لا بد من طرق جدران الخزان وسام زغبر
- لا بد من خطاب إعلامي فلسطيني موحد داعم لقضية الأسرى
- جنين الثورة تُضمد جراحها
- بعد 40 عاماً في الأسر... أيقونة الأسرى كريم يونس حراً
- جثامين الشهداء.. رهائن في زنازين الموت
- جنين أيقونة نضال وتضحية
- في ذكرى رحيل اللواء خالد عبد الرحيم الرابعة..


المزيد.....




- مصر.. بعد تصريح ترامب -لولا أمريكا لما وجدت- قناة السويس.. م ...
- -حماس- و-الجهاد الإسلامي- تؤكدان تضامنهما مع إيران في أعقاب ...
- وزارة الصحة اللبنانية: مقتل مواطن استهدفته مسيّرة إسرائيلية ...
- حبوب الإفطار والغرانولا، بين الفائدة الصحية والمضار
- الجيش الإسرائيلي ينشر نتائج التحقيق في هجوم السابع من أكتوبر ...
- بعد جنازة البابا.. الأنظار تتجه إلى من سيخلفه
- مقتل 8 أشخاص وإصابة 6 آخرين بحادث دهس في مدينة فانكوفر الكند ...
- بوتين يهنئ رئيس جنوب إفريقيا بعيد بلاده الوطني
- سوريا.. هيئة المنافذ البرية والبحرية تحذر من عمليات احتيال ع ...
- ميرتس في مأزق.. ألمانيا أمام تحديات غير مسبوقة وشعبيته متآكل ...


المزيد.....

- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - وسام فتحي زغبر - القاتل الصامت: كيف حوّلت إسرائيل الذكاء الاصطناعي إلى سلاح في غزة؟