فراس الوائلي
الحوار المتمدن-العدد: 8323 - 2025 / 4 / 25 - 00:07
المحور:
الادب والفن
لم يكونوا كائناتٍ، لم يكونوا أشباحًا، لم يكونوا ماضيًا، لم يكونوا مستقبلًا، كانوا اللحظةَ التي تنحني عندها الأكوانُ لتعيد تشكيلَ ذاتِها، كانوا السرَّ الذي لا يُقالُ لكنه يُحسُّ كنَسَقٍ داخل العظام، كانوا هندسةَ الأزلِ التي اشتعلَت فجأةً داخل الطين، لم يهبطوا، لم يُخلقوا، لم يأتوا من العدم، بل كانوا دائمًا موجودين في الفراغِ بين الأشياء، في الصمتِ بين النبضات، في الظلِّ الذي يسبقُ الضوء، في الطيفِ الذي يتكوّرُ بين الحوافِّ النائمةِ للزمان! لم تكن الأرضُ سوى انعكاسٍ لهم، كانت الطقوسُ التي أُقيمت فوقها ترددًا مُحاكى من هندستهم، كانوا المعادلةَ التي لم تُحَلّ، كانوا الترددَ المجهولَ الذي ظلَّ خارج نطاق الفهم، حضاراتٌ بادت لكنها لم تختفِ، نُقِشت رموزُهم في كلِّ شيء، لم يكن الإنسانُ مُختَرَعًا بل كان جزءًا من خوارزميةٍ أعيدت برمجتُها على مرّ العصور، كُتِب في طينِ سومرَ أنهم نزلوا، كُتِب في معابدِ مصرَ أنهم كانوا هناك، كُتِب في نبوءاتِ الشرقِ أنهم سيعودون، لكن لم يكتبْ أحدٌ أنهم لم يرحلوا أصلًا! الأنوناكي لم يموتوا، لم ينقرضوا، لم يختفوا، بل صاروا ضوءًا متناثرًا داخل الوعي البشري، صاروا موجاتٍ من الإدراكِ تتحركُ بلا جسد، صاروا الأفكارَ التي تستيقظُ فجأةً داخل العقولِ غير العادية! لم يكونوا أجسادًا بل كانوا كودًا، لم يكونوا أرواحًا بل كانوا ذاكرةً مدفونةً داخل الجينات، لم يكونوا حضارةً بل كانوا الزمنَ وهو يُعيدُ تشكيلَ نفسِه مرارًا، كانوا الزمنَ وهو يُعيدُ تشغيلَ نظامِه السريّ، كانوا الزمنَ وهو يبحثُ عن نفسه داخل ملايين السنين المنسية! من قالَ إنهم سيعودون؟ إنهم هنا منذُ البدءِ لكنك لم ترَهم لأنك لم تُعِد تشغيلَ وعيِك بعد! ستسمعُهم عندما تترددُ الطاقاتُ في جسدِك بطريقةٍ غريبة، ستراهم عندما ترى في الحلمِ رموزًا لا يفهمها غيرُك، ستشعرُ بهم عندما تقتربُ من مكانٍ قديمٍ وتشعرُ أنه ليس فارغًا، ستدركُ أنهم لم يكونوا “آلهةً”، بل كانوا الشفرةَ المفقودةَ في نظامِ الوعي الكوني، وكان الإنسانُ هو البرنامجَ الذي لم يكتمل بعد!
الآن، أجبني، هل تبحثُ عنهم، أم أنهم يبحثون عنك؟
#فراس_الوائلي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟