|
الدبلوماسي الذي حطّ رأس الوطن بالخُرْجِ
خالد زغريت
الحوار المتمدن-العدد: 8322 - 2025 / 4 / 24 - 23:23
المحور:
كتابات ساخرة
هي قرأت عن الدبلوماسية كتباً مترجمة ، بحجم وزير خارجية جمهورية الأبد ، وهو بعثي بحجم عشائري ، لكن ما إن سمعته في جلسة تاريخية يقول : سنشطب أوربا من الخارطة ، حتى احترقت كل تلك الكتب ، وتحولت هي بذاتها كتلة دخان أبيض أعلى من عمامة جبل الشيخ. عرفت أن الكتب لعمي الرؤية عن الواقع ، سياسة جمهورية الأبد ، حط الدبلوماسية بالخًرْج، وارفس العقل ، واستحمر الشعب واركبه. لأول مرة رأت علَم بلادها على طاولتها خرقة تصلح لأي شيء، تذكرت ذلك اليوم الذي قادتها إلى الدبلوماسية. يومها فتحتْ يدها، ظنّتْ أنها لم تعدْ امرأة، أرادتْ أن تزيل عن البحر زرقته، أطبقتْ يدها، لوحت بها ثم قذفت ما قبضت عليه من الفراغ، وقامت إلى خزانة الخرائط فتحتها جميعاً، تأملت البحار فيها رأتها بيضاً، فرحتْ تأكدت من سحر أنوثتها، وأضمرتْ أن تعيد للبحر زرقته، سألت نفسها: مادمت أملك كلَّ هذا السحر لماذا أكون سكرتيرة عند سفير كلّ خبراته تتجلى بمهارة تقليده نطح التيوس و تلوين الثغاء بحسب انفعالات الماعز، لا يفهم من الدبلوماسية إلا إحصاء قرون الماعز، وتبذير ما يفرضه على رعاتها في المهجر و جباية الصدقات من المطربات اللواتي يزرن الجاليات، أو بعض مومسات المهجر اللواتي كنا يهزأن منه على الرغم مما يبذله في سبيلهن. كنّ يقتنصن أسرار خربة العنز منه دونما الحاجة إلى زرع جواسيس، دخل الدبلوماسي المتعنز، رأتْ وجهه أبيض لامعاً، ظنّت أنه يتحدّى سحر أنوثتها، رغبتْ بأن تعيد للبحر زرقته، هرعت إليه وصفعته بقوة على خدّه الأيمن، وعلى الرغم من أنه عريق النذالة إلا أنه أدار لها خدّه الأيسر، فلم تريه عفة نفسها, بل استجمعت قواها وصفعته وثنَّت وثلَّثت، شط لعابه، وازرقّت شفتاه، فرحتْ وهي ترى الزرقة تعود للبحر، ازدادت يقيناً بسحر أنوثتها. تركته ومشت لأنها أحست في نفسها أنها كريمة، وقدّرت أنه يفكّر - كعادته- كيف سيردّ في الوقت المناسب، فهو بقرون مسبعة الدبلوماسية اللئيمة ، توقّفَتْ، التفت إليه بازدراء، وقالت: إن تردّ لا بد أن يفرجها الله !!... دخل إلى مكتبه جلس ولم يخرج بعدُ من صعق المفاجأة، صرخ كقط داس بغل ذنبه، أغلق باب المكتب، طلب الحرس، حالة طوارئ، لم تأبه للضجيج، ردّدت في نفسها: كلب يعوي على ظله، أدارت التلفزيون، وراحت تقلّب القنوات الأممية للماعز،كانت جميعها تعرض صوراُ عن القرون وشَعر الماعز، ارتجفت كل خلاياها. شعرت أنها تريد أن تتقيأ، خرجت إلى الحمام، استعادت توازنها، أحست بجوع مبهم، تذكرت أنه من عادة تلفزيون خليج العنز أن يبث برامجاً عن الطبخ في الحالات التي تتعرّض الأمة فيها للمؤامرة،أدارت على قناة رائجة، لم يخب ظنُّها، ثمة صورة مطبخ وشيف يترنم: نعم أيُّها الأخوة سأعلِّمك اليوم طبخةً قومية يعتدُّ بها شعبنا العظيم بفضلها تكسرت على أسنانه كل طبخات الإمبريالية، لقد أكلها المعتصم عندما سمع استغاثة امرأة عمورين، وأكلها جول جمال قبل أن يفجّر جان بارك، حتى "غوغارين " طبخها على سطح القمر. قد تتساءلون ما علاقة غوغارين بقومية العنز ؟ إنه من صلب رعاة البعران ممن أقاموا هناك بعد فتح القسطنطينية، فهو أحد أحفدة مجنون ليلى، ولما مات أبوه الفاتح لم يترك له إلا ديوان جدّه مجنون ليلى، ولم يكن غوغارين الفتى يقرأ أشعار جده في الغربة إلاّ على شاطئ البحر الأسود، وقد تحول لون هذا البحر من الأزرق إلى الأسود، فقد اسود وجهه من التاريخ لأنه كان يشرب منه ويغني عطشان يا صبايا، ولم تسبح فيه أم البنين وراء وضاح اليمن، وكان غوغارين يفتش في أشعار جده عن سبب هيامه بليلى وجنونه بها، فلفت انتباهه قول جده المجنون : قَمَرٌ نَمَّ عَلَيهِ نـــــــــــورُهُ كَيفَ يُخفي اللَيلُ بَدراً طَلَعا رَكِبَ الأَخطارَ في زَورَتِهِ ثُمَّ ما سَلَّمَ حَتّـــــــى وَدَّعا قرر أن يركب الأخطار ويصعد إلى القمر، ليعرف سر ليلى، فدرس ودرس حتى طار به علمه إلى القمر... وكم حزن حين أدرك حجم المقلب الذي أكله جده إذ رأى القمر جحراً صماً، فراح يبكي على مقلب جده ويأكل العجة، إذاً يا أخوتي طبختنا اليوم هي العجة، وبينما راح الشيف يشرح مكونات الطبخة، كانت تردد في نفسها: كأني أعرف هذا الشيف، صوته شاربيه، اختراعاته، ياه كم يشبه أستاذ طنب الكبرى، مدرس القومية الذي كان يجنّنا لكثرة تباكيه على ضياع فرصة أجدادنا باكتشاف أمريكا، ويقول بصوته الماعزي: غلطة المعلم بألف، الله يسامح جدنا أسد البحر، لقد وضع مخطط اكتشاف أمريكا في خُرْج بغلته، فسرق رجال كولومبس الخرج وسرقوا اكتشافه، وكان يتأوه ويتأوه ثم يقول: يا طلاب تعلّموا ألا تحطوا بالخرج، كلُّ طالب لا يحفظ عن ظهر قلب تاريخ طنب الكبرى وخربة العنز يحط تاريخ أمته بالخرج. بلى هو بعينه أستاذ طنب الكبرى، فقد سمعت أن أولي الأمر - وتقديراً لحرصه ألا يوضع تاريخنا بالخرج ويسرق الخرج- عيّنوه رئيس مفرزة الهجانة على حدود ثغاء خربة العنز ، ويحكي مهربو المازوت -عن دقته في تفتيش المهربين- الحكايا، فقد عرفوا سره، وكانوا يهربون المازوت والأسلحة جهاراً، إذ يلصقون على كل برميل مازوت عبارة "هدية عينية لمرابطي طنب كبرى" وعلى صناديق الأسلحة يلصقون عبارة "مخصص للساهرين على استرداد خرج أسد البحر من قراصنة كولومبس"، فكان يقرأ العبارات، ويترنم، وينبهنا للأخطاء الإملائية في عباراتنا، إذ يقول: يا بني كلمة استرداد بلا همزة، وهمزة كلمة أسد من فوق لا من تحت، هذه لغتكم أهم ركن من أركان قوميتنا، ثم يودعهم بحرارة قائلا: الله معكم، أبوس الأرض تحت نعالكم. كانوا يشكرونه ويقدمون له ورقة نقدية من فئة مئة دولار، كان يقول: أعوذ بالله أن على الحدود لا أرتشي، فيقولون له: هذه ليست رشوة، هذا تبديد لثروة أحفدة سارق الخرج، فيأخذها ويقول: لن أضيّع شرف اشتراكي في مقاومة أمريكا، وحين سرقت الرافدين شرر النفط على خريطة الأمة و انمحت الحدود. راح يدرّس مادة الطبخ القومي. انتبهتْ السكرتيرة إلى ملامح ملاّح الرشوة القومجية رأته يعجن الطحين ويكسر البيض فوقه، غامت عيناها تراءت لها العجة عجةً بشرية، تداعت لها صور الأطفال المهشمة والجثث المشوهة من تطوان لبغدان ،أرادت أن تطفئ التلفزيون، لكن قطع البث بشكل مفاجئ، وأطلت المذيعة تقرأ خبراً عاجلاً: يؤسفني أعزائي المشاهدين أن أفسد عليكم متعتكم بمتابعة طبخ العجة لكن للضرورة أحكام،فقد ورد إلينا نبأ تعرض بعثة خربة العنز الدبلوماسية في دولاب الهواء ... لعمل آثم غاشم، فالإمبريالية لا تدخر جهداً في استهداف إرادتنا في تحرير طنب الكبرى و استعادة خرجنا المغتصب،... انتاب السكرتيرة بحر جنون لا يسعه أي خرج ، ظنت أنها - حقيقة - قادرة على إزالة لون البحر، قالت آن الأوان أن أشقّ هذا الخرج، بحثت في جوالها عن رقم فضائية لم توضع بعد في الخرج، أرادت أن تتصل بها فوجئت أن الإرسال في جوالها مقطوع، مدّت يدها إلى سماعة الهاتف الأرضي كان بلا حرارة اتصال، أذهلها صراخ ابنتها ماما، انتبهت كانت بين يدي أحد الحرس وبجانبه دبلوماسي خربة العنز، نظر إليها وراح يقهقه: ما رأيك أن نصنع طبق عجة من هذه الطفلة ، أمامك خياران إما أن نعدّ طبق عجة أو تعترفين بعلاقتك الخسيسة بأعداء أمة الماعز . ما لبث أن تقدم أحدهم نحو رأس ابنتها وعض أذنها حتى امتلأ فمه من دمها، صرخت الطفلة فأغشي على الأم قبل الابنة، استيقظت رأت كل جسدها أزرق وابنتها تسبح في بحر حبر أزرق مشرب بحمرة رقيقة، وأمامها مذيعة تحمل مايكريفون، سألتها: جاهزة ؟ رد الدبلوماسي: نعم جاهزة، أنت الطفلة كريم جريح، بدأت المذيعة: أيها الأخوة المشاهدون نلتقي مع أمّ من أمهاتنا الماجدات أمهات قومية العنز اللواتي أنجبن رجالها وشجرها وقمرها، أمّ بطلة روّعتها عصابات الإمبريالية و الرجعية بفلذة كبدها، إنها أمّ الطفلة فداء التي نالت من براءتها أيدي الإثم و الغدر، وراحت الكاميرا تعرض الابنة ملفوفة ببحر من القطن المندى بالدم، والآن ننتقل إلى أمّ هذه الملاك ماذا تقولين يا حفيدة الخنساء؟ بكت الأمّ و بكت حتى ابيضّ البحر بعينيها زَوَرَها رئيسُها فراحت تقرأ من ورقة مدسوسة بين أكاليل الورود المحيطة بابنتها. أرادتْ أن تسرع لتطمئن على ابنتها التي مازالت بين الفينة والأخرى تصدر تأوهاً موجعاً، مسحتْ دموعها وقالت بحشرجة: إنها ضحية أصابع الإمبريالية، لكننا كلنا فداء طنب الكبرى سنقدم لها الغالي والنفيس، وننشئ تمثالاً للقائد ، ونكتب : الأسد أو نحرق البلد. ونعد البراميل المتفجرة لننسف جذور أعداء القائد. أشار إليها رئيسها أن تهتف، راحت تلوح بقبضتها وتصرخ: بب بب بب بالروح بالدم نفديك يا ....لكن الدموع خنقتها، أشار رئيسها للمذيعة أن تنتهي، قال رئيسها للحراس هاتوا الأكاليل نزين نعش شهيدة طنب الكبرى ورمق المرأة وقال لها: اخلعي - يقصد ما تلبس من ذهب..أساور و أطواق وخواتم-، تبرعي به لأبناء شهداء الحزب والدفاع الوطني .. فعلت المرأة صاغرة، ثم هرعت لتطمئن على ابنتها كانت باردة تماماً وبحر من الزرقة طفح بجسدها. بكت صرخت، ثم قامت فتحت النافذة المطلة على بحر رمادي داكن، تراجعت و قذفت بنفسها، وما إن لامست البحر سمعت عدة طلقات لم تعرف أهي اخترقت جسدها أم جسد البحر؟ لكن رأت لون البحر يحمرّ، تأكدت أنها تستطيع أن تزيل عن البحر زرقته. سمعت رئيسها يقول: قولوا لمدرّس قومية الماعز: حقاً ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، ثم ضحك وقال: الله معها المسكينة ذهبت تسترد الخرج من كولومبس، ذنبها على جنبها!! مَن قال لها أن تحط رأسها بالخرج و ألا تحب العجة !!؟؟ يا الله على أمة تحط ّعقلها بالخرج، طيب، قلة أخراج على ظهر دوابها ونوقها !!؟؟ ترى مَن لم يكن في خربة العنز على ظهره خُرج فليحاسبنا، إنما الخرج صنعه رواد الحزب ليخبئوا المنطلقات النظرية للحزب ، ويافطة قائدنا إلى الأبد .... ، لكن لسنا مسؤولين عن فقدان الناس تحت أخراجهم وكانت إحدى القنوات تذيع خبر فوز هذا الدبلوماسي برئاسة هيئة أمم الماعز لصاحبتها الجبهة الوطنية التقديمة ، المملوك لحزب البعث، ويحطها بالخرج، ثم يكتب على جلد الأطفال : الأسد أو نحرق البلد .......... آه ياصاحبي حطّوا البلد بالخرج على حمير تقودها حمير..
#خالد_زغريت (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اعتذار عاجل جداً من ستي خدوج
-
البيان الختامي لحزب النعاج الشقر
-
دور حليب البغال في مسيرة حزب البعث السوري
-
ولما أيقن صاحبي أننا لاحقان بالقهقرى قال:لا تحك أنفك نحاول د
...
-
مؤتمر الحوار الوطني السوري: الساحة ثورية و الدبكة بعثية
المزيد.....
-
نقابة الفنانين السورية تمنح أربعة فنانين بينهم أصالة وفضل شا
...
-
حفل موسيقي في موسكو بعنوان -موسيقى الشام: التقاليد والحداثة-
...
-
خديعة القرن! كيف وقعت الصحافة البريطانية في فخ -مذكرات هتلر-
...
-
فنان قبرصي يوازن 416 كأساً على رأسه سعيا لدخول موسوعة غينيس
...
-
-سلمى وقمر- و-عثمان في الفاتيكان- يتصدران جوائز مهرجان أفلام
...
-
-تحيا فلسطين- نصف قرن من نشيد مناهضة الحرب بالسويد
-
إدارة ترامب تسمي مبعوثها لقيادة المحادثات الفنية على مستوى ا
...
-
من هو مايكل أنتون الذي كلّفه ترامب برئاسة وفد المحادثات الفن
...
-
فنانة تشكيلية لا ترى في الريشة أداة رسم بل أداة للبوح والحكا
...
-
سيمونيان تغالب دمعها وتقدم فيلم زوجها المخرج كيوسايان (فيديو
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|