|
في وداع ماريو بارغاس يوسا الآخر
خالد سالم
أستاذ جامعي
(Khaled Salem)
الحوار المتمدن-العدد: 8322 - 2025 / 4 / 24 - 20:12
المحور:
قضايا ثقافية
"لكنها تدور يا ملوك الطوائف..."
د. خالد سالم برحيل الكاتب البيروفي ماريو بارغاس يوسا، منذ أيام، تُغلق دائرة ظاهرة البووم أو الطفرة في الأدب الأمريكي اللاتيني، التي رفدت الواقعية السحرية والأدب العالمي بكتّاب عظام، بعد أن كتب أربعين روايةً ونَيَّفًا تُرجمت إلى عدد مماثل من لغات العالم، بينها العربية. لقد رحل وفي جعبته أهم الجوائز الأدبية الإسبانية ونوبل الآداب، إلى جانب الدكتوراه الفخرية من جامعات عالمية على امتداد الكرة الأرضية. وددت من خَطِّ هذه الكلمات في عجالة الحديث عن الجوانب بعض الضبابية في حياة هذا الكاتب الذي ولد في أسرة متوسطة الحال "يتيم الأب" رغم أن أباه كان على قيد الحياة حين رأى نور الدنيا. فبينما كانت أمه حاملاً فيه انفصل عنها والده ليختفي ويتزوج من فتاة ألمانية، أنجب منها ثلاثة أطفال. أفهمته أمه وجده سنتئذ أن والده توفي قبل مولده، لكن المفاجأة كانت ظهور الأب عندما كان الصبي ماريو في العاشرة، إذ رجع الأب وتزوج من والدته مجددًا. لكن الحكاية بمجملها مثلت صدمة للصبي، تركت وقعها على شخصيته. وفي شبابه الأول التحق بالأكاديمية العسكرية، ذات النظام الداخلي، لكنه غادرها بعد عامين من الدراسة لقسوتها وصرامة نظامها الداخلي، بعد أن أدرك أن حياة العسكرية لا تتماشى مع طبيعته، إذ أدرك أن كاتبًا يكمن بداخله، وهو ما كان له. كانت تجربته الفاشلة في الأكاديمية العسكرية نقطة إنطلاقه في عالم الكتابة، وهو ما يتسق مع رأي له مفاده أن المشكلات تحمل الكاتب على الإبداع. لهذا فلم يكن غريبًا أن تكون وراء أول رواية له وإحدى أهم ما سطر قلمه في عالم السرد، رائعته "المدينة والكلاب". وتدور وقائعها وحبكتها في الحياة الداخلية في الأكاديمية العسكرية، حول واقعة سرقة امتحان مادة الكيمياء، السرقة التي اتُهم بها زورًا أحد الطلاب، كنيته " الإسكلابو"، أي العبد، وكان طالبًا فقيرًا، تشي ملامحه بهويتة الاجتماعية. بعد أن اتهم هذا الطالب بجُرم لم يقترفه، حُرم من إجازته الأسبوعية، فما كان منه إلا أن أرسل أحد الزملاء إلى خطيبته ليخبرتها بالحادث. بيد أن هذا الأخير أغوى الخطيبة لتقع في حبال شباكه. وفي تدريبات عسكرية أطلق أحدهم عليه طلقة قاتلة من الخلف، فأرداه قتيلاً. تكتمت الإدارة على الحادث، لكن القاتل وخزه ضميره واعترف بجريمته للإدراة. لكن الإدارة آثرت مواصلة التكتم على الحادث، فضاعت الحقوق. تركت هذه الرواية بصمة وأثرًا عظيمًا لكاتب كان يتلمس طريقه في مطلع الستينات، وفي الثمانينات تحولت إلى مسرحية في مدريد ثم إلى شريط سينمائي. وفيها أخرج إلى النور جزءًا من فضائح الحياة العسكرية الداخلية. اشتهر بارغاس يوسا بالدهاء وهو ما حمله على توخي الحذر في انتقاده الحياة العسكرية في الأكاديمية، خوفًا من أن تطاله يدها وتبطش به، ومعروف أنها في العالم الثالث . لقد أمسك العصا من المنتصف، دون أن أن يغضب أحدًا. وهو ما سيعمل بموجبه طوال حياته، ففي شبابه، بينما كان طالبًا في الجامعة انتسب إلى الحزب الشيوعي البيروفي، تماشيًا مع السائد في سنوات المد الشيوعي في العالم الثالث، وخاصة في أميركا اللاتينية التي كانت ولا تزال تئن من السيطرة الأمريكية. بعد انقلابه على اليسار انضم إلى الحزب المسيحي الديمقراطي. هذا التأرجح السياسي والاجتماعي لازمه طوال حياته. من غرائبية حياة بارغاس يوسا الأدبية أنه وأد أول عمل له وكان بعنوان "يوميات الإنكي"، إذ أخفاه من بين مؤلفاته دون مبرر مُلعن، رغم أنه تحول إلى مسرحية. وقلما يذكر هذا العمل في سجله الأدبي. جمعته صداقة قوية مع الكاتب الكولمبي غابرييل غارثيا ماركيث في شبابهما، إلا أن تجربة خطيبة "الإسكلابو"، بشكل مخفف، وقعت بينهما ما أدى إلى تسديد لكمة للكولمبي في عينه، لكن اتفاقًا ضمنيًا حملهما على التستر على الواقعة، وافترقا بسبب هذه المغامرة العاطفية التي ظلت طي الكتمان، ولم يكشف عن تفاصيلها بارغاس يوسا إلى في مرحلة متقدمة من العمر، بعد وفاة غارثيا ماركيث. وبعد خمسة وأربعين عامًا ووفاة الكاتب الكولمبي أنهى رسالته للدكتوراه التي كان قد بدأها في مطلع السبعينات. غرائبيته حملته على الارتباط عاطفيًا بسيدة لا تقل عنه شراهة في حب الانتشار والشهرة، وهي الفلبينية الإسبانية إيسابيل بريسلر قدراتها الوحيدة تقتصر على أنها كانت ملكة جمال في بلدها الفلبيين ثم تزوجت من المغني الشهير خوليو إيغليسياس، وانفصلت عنه لتتزوج ثريًا ينتمي إلى طبقة النبلاء، ثم كررت الواقعة لتتزوج ميغيل بويير وزير الاقتصاد الناجح في أول حكومة اشتراكية في الثمانينات، فأجبروه إلى الإستقالة من الوزارة وهو في أوج نجاحه. بدء قصة بارغاس يوسا مع هذه السيدة، عام 2016 أدهشت الناس لأنه أكمل عامه الثمانين وفي جعبته جائزة نوبل، أي لا مجال للبحث عن شهرة، إضافة إلى أنه انفصل عن زوجته وابنة خاله باتريثيا بعد زواج بدأ سنة 1964. حينها طلب من الإعلام احترام خصوصيته، وهو ما كان له، ثم انفصلا بعد سنوات قليلة. لاذ ماريو بارغاس يوسا بدهائه المعهود عندما تنكر لليسار، من مناصرة الشيوعية والانتماء إليها، إلى اليمين دون أن يغضب الكثيرين. وفي مراحل متقدمة من العمر عاد يلامس الطرفين، بين اليمين واليسار، وكأنه يريد ألا يغضب أحد، محافظًا على شعرة معاوية رغم أنه لم يكن يقنع الجمهور، فالكل يعرف أن ضاع في تيه اليمين. وفي هذا الإطار الموسوم بالدهاء زار فلسطين المحتلة عام 2015 وكتب عن قهر الصهاينة للفلسطينيين رغم أنه مُنح شهادة دكتوراه فخرية من إحدى جامعات الكيان الصهيوني. كما أنه عندما أخذ يسطع نجمه الأدبي بدأ يداعب الدوائر الغربية وخاصة الأميركية فأخذ يلقي محاضرات في الجامعات الأمريكية وانتقل للعيش في لندن تزلفًا إلى الدوائ الليبرالية ونأيًا عن اليسار، ليقترب من النوبل. وكان جليًا أنه ضاع في تيه الغرب والبحث عن السبيل إلى جائزة نوبل. رغم كل هذا لم يتخلِ تمامًا عن ماضيه اليساري، فقد زار فلسطين المحتلة وزار العراق بعد الغزو وكتب عنه رغم أنه كان من مؤيدي الثلاثي الكريه الذي خطط لغزو العراق: جورج بوش وطوني بلير ورئيس الخكومة الإسبانية خوسيه ماريا أثنار. هناك بعض الألسنة تقول إن حصوله على النوبل كان لرأب صدع في نفسه على أثر خسارته في انتخابات الرئاسة التي دفعه إليها الغرب أمام اليساري الشعبوي فوجيموري. لكن هذا لا يقلل من عبقريته الأدبية، فهو كاتب عظيم وقامة أدبية حملت أدب بلاده خارج الحدود إلى القارات الخمس. وهذا يذكرنا ببعض الوقائع التي دارت حول حصول نجيب محفوظ على النوبل، إذ قال البعض إنها جاءت لمساندته السادات في مباردة السلام. لكن هذا لا ينال من استحقاقهما لجائزة النوبل. وفي هذا الإطار تحضرني واقعة مفادها أن بارغاس يوسا وكاميلو خوسيه ثيلا أبديا امتعاضهما من فوز نجيب محفوظ بجائزة نوبل، وتفوها بكلمات غير لائقة تنم عن جهل بالأديب العربي وبسياقه، لكن هذا كان متوقعًا من منطلق مفهوم الصنف. وبعد سنة حازها ثيلا بينما تأخر البيروفي 22 عامًا ليحصل عليها. رغم انسلاخه عن اليسار إلى أنه لم يبتعد تمامًا عن أفكاره الأولى التي ظل يلامسها، أو هو ما حاول الإيحاء به، ويتجلى وفي روايته "حفلة التيس" التي واصل فيها مسيرته المتأرجحة، وتوجهه الإنساني الذي لم ينسلخ عنه، فقد انتقد فيها طاغية جمهورية الدومينيكان تورخيّو الذي حكمها ثلاثة عقود في القرن العشرين، وأعاث في البلد فسادًا جنسيًا. وقد قيل إن تروخيّو هذا كان على شاكلة دون جوان، أي عنده مشكلات جنسية، وهو ما فضحه ماريو بارغاس يوسا في هذه الرواية من منطلق أنه غير راضٍ عن الطغاة. لعل أبرز واقعة تلخص هذه الغرائبية في حياة ماريو بارغاس يوسا ترشحه لإنتخابات الرئاسة في بلده أمام المرشح اليساري ألبرتو فوجيموري، ذي الأصول اليابانية. ترشح الكاتب بايحاء من اليمين ودوائر الحكم في واشنطن ومساندة رجال الأعمال المحليين الذين مولوا حملته الإنتخابية، لكنه فشل وكانت الغلبة لخصمه الذي أدار حملته الإنتخابية من منطلق يساري شعبوي مدغدغًا مشاعر الشعب، فنجح في تلك الانتخابات، وهو ما حمل بارغاس يوسا على طلب الجنسيىة الإسبانية.
ومن بين المواقف التي أذكرها لماريو باغاس يوسا وتعود إلى شبابي، فينما كنت أدرس الليسانس في جامعة مدريد، في بداية الثمانينات، فوجئت بأن هذا الكاتب الكبير يعمل مذيعًا في التلفزيون الإسباني! ليس لشيء لكن الأمر كان مستهجنًا من الطلاب في الجامعة ومثار تندر في ذلك الوقت. هناك واقعة أخرى في أرض الكنانة كان بطلها هذا الكاتب دون علمه، تتعلق بترجمة روايته "من قتل بالومينو موليرو؟ على يد الراحل د. حامد أبو أحمد، الناقد وأستاذ الأدب الإسباني في جامعة الأزهر. فقد تلقف صحافي بعد الألفاظ المتعلقة بعضو الذكورة، وسارت على خطاه صحف آخرى، فحولوه إلى تحقيقات في مجلس تأديب، كادت أن تودي بحياته المهنية، لولا تدخل بعض المستنيرين وعلى رأسهم الدكتور صلاح فضل، فاكتفت الجامعة بتوجيه اللوم إلى الدكتور حامد أبو أحمد. كانت ترجمة حامد أبو أحمد لهذه الرواية أول ترجمة تصدر لها، لكنها ذهبت طي النسيان. رحل بارغاس يوسا مخلفًا وراءه إرثًا أدبيًا ثريًا لم يحققه كثيرون لكن هذا لا يحجب عنه استهجان كثيرين لمواقفه المتقلبة والغير متسقة مع كتاباته السردية ومقالاته الصحفية التي جمع بعضها في كتاب مهم بعنوان "حضارة الفرجة" حيث يولج إلى سبر أغوار ثقافة العصر مشيرًا إلى التحول العميق في صناعة الكلمة بحيث أن تاريخ البشرية لم يشهد الكم الهائل من الكتب والمقالات والنظريات والتحليلات حول الثقافة مثلما يحدث في أيامنا. ورغم هذا فإن الثقافة بمعناها التقليدي أوشكت على الاختفاء، إن لم تكن قد اختفت بالفعل أو فُرّغت من محتواها ليحل محله محتوى، معنى، آخر يفسده. ويؤكد أنه فقط يريد أن يشدد على عملية التحول والغش التي تعرض لها لفظ الثقافة. ويشير المؤلف إلى أن ثقافة وسائل الإعلام الحديثة، المبتذلة، هذه ولدت مع سيطرة الصورة والصوت على الكلمة، أي مع الشاشة، بعد خروج الثقافة من أيدي الصفوة في مجتمعات الوفرة التي تنعم بالحرية والديمقراطية، بعد سنوات الحرمان التي تلت الحرب العالمية الثانية. وفيه يعالج تفاهة الثقافة الغربية التي تجعل من التافهين نجومًا بتلميعهم في الإعلام، من بينهم لاعبي كرة القدم أو الطهاة. وفي هذا الكتاب خاض في مسألة منع الحجاب في المدارس الفرنسية إلى جانب مواضيع آخرى.
#خالد_سالم (هاشتاغ)
Khaled_Salem#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عن اللغة الإسبانية في يومها
-
الثائر اللاتيني غيفارا يغني للنيل
-
هل من انقاذ لهذه الأمة التي تندفع نحو الهاوية
-
غارثيا لوركا الشاعر الذي خُيل لهم أنهم قتلوه
-
التجربة الإسبانية لدى الشاعر عبد الوهاب البياتي
-
خصائص الشخصية العراقية والشخصية المصرية
-
خمسون عامًا على ثورة القرنفل في البرتغال
-
الشاعر أُكتابيو باث في ذكراه:على العالم العربي أن يبحث له عن
...
-
قصيدة إسبانية في رثاء المفكر الفلسطيني وائل زعيتر
-
العربية محفوظة لكونها لغة القرِآن؟!
-
كارمن رويث برابو المستعربة العربية
-
اليوم العالمي للغة العربية والعرب اللاتينيون المنسيون
-
الروائي لويس ماتيو ديث يفوز بجائزة ثربانتس نوبل آداب الإسبان
...
-
حقوق الملكية الفكرية وتأثيرها على التنمية المستدامة: إسبانيً
...
-
الأوهام الدينية بين هيكل سليمان وقصر الحمراء
-
المقاومة بين نومانثيا الإسبانية وغزة الفلسطينية
-
اليهود بين المتحف العراقي وطوفان الأقصى
-
زُرت بلاد الرافدين
-
ذكريات عن علاقة الروائي جمال الغيطاني بإسبانيا
-
إسهامات العربية في الشبكة المعلوماتية بين -الرُّبع- العربية
...
المزيد.....
-
الطحالب البحرية: غذاء فائق الجودة أم بدعة صحية؟
-
البابا فرنسيس يتبرع قبل وفاته بـ 200 ألف يورو لدعم سجن الأحد
...
-
انتقادات ألمانية وأممية لأحكام غير مسبوقة صدرت ضد شخصيات معا
...
-
على ماذا تفاهم الشرع مع الشابندر؟
-
ترامب: من الصعب على أوكرانيا -استعادة- شبه جزيرة القرم
-
ترامب: لدي موعد نهائي لمفاوضات السلام حول وأوكرانيا وبعده سي
...
-
ترامب يعرب عن ثقته بأن بوتين سيستجيب لطلبه بوقف الضربات على
...
-
-الشمس المزروبة- تظهر في السعودية وخبير يوضح السبب (فيديوهات
...
-
الخارجية التركية تصدر بيانا بشأن قضية إبادة الأرمن عام 1915
...
-
الفصل السابع والثمانون - دانيال
المزيد.....
-
أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال
...
/ منذر خدام
-
أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول
...
/ منذر خدام
-
ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة
/ مضر خليل عمر
-
العرب والعولمة( الفصل الرابع)
/ منذر خدام
-
العرب والعولمة( الفصل الثالث)
/ منذر خدام
-
العرب والعولمة( الفصل الأول)
/ منذر خدام
-
مقالات في الثقافة والاقتصاد
/ د.جاسم الفارس
-
مقالات في الثقافة والاقتصاد
/ د.جاسم الفارس
-
قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
أنغام الربيع Spring Melodies
/ محمد عبد الكريم يوسف
المزيد.....
|