أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كفاح الزهاوي - صدى صرخة مدفونة














المزيد.....

صدى صرخة مدفونة


كفاح الزهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 8322 - 2025 / 4 / 24 - 17:40
المحور: الادب والفن
    


كانت ليلة مسهدة، تكتنفها غلالة من الغموض الكثيف. شوارع المدينة خاوية تمامًا، يكاد الصمت يندفع في أرجائها، كأنه صرخة مكبوتة تحاول التحرر دون جدوى. أضواء أعمدة الشوارع المتراصة توشك أن تذوب في وشاح السواد، تاركة بريقًا باهتًا فوق الأرصفة المغطاة بزينة حزينة من صقيع الشتاء.
وفي السواد تلألأت النجوم كمصابيح ساهرة، فيما ارتقى القمر في وسط السماء كأمير متوّج، يشهد برودة الليل دون أن يبث دفئًا، ومع ذلك، كان يبدو أن هذا الصفاء يشي بشيء قادم؛ كأنه مسرحٌ لا يزال الستار مسدولًا عليه، بانتظار مشهد جديد.
وفي الأفق، بدأت سحب سوداء كثيفة بالتمدد شيئًا فشيئًا، وكأنها تزحف لتلف قمم الجبال برداء مأتمي قاتم، وفي سماء مترامية الأطراف، تتكاثر الغيوم باطراد، وإذا بهزيم الرعد يدوي في سماء الليل، كما لو كانت الأرض تقاوم بصراخها شرارة البرق الساخنة التي بدأت تختفي آثارها. ولم يلبث الأمل المتوهج في البداية إلا أن انكسر كزجاج هش، ليتحول إلى رماد متناثر فوق موجات اليأس المتلاطمة.
إن انهمار الأفكار المتشابكة في طقس تغمره غلالة من الضباب الكثيف، يحجب أفق الأمل وكأنه يفرض جدارًا بين الروح وبين بصيص النجاة، يجعل استيعاب ملامحها أشبه بمحاولة التقاط ظلال تتراقص في العتمة.
وبينما تتداخل المشاعر الحزينة، التي تتدفق ببطء إلى زوايا الحياة التي كان يُفترض أن تكون ملاذًا للهدوء والجمال، يتحول إلى طوق ثقيل حول عنق الطاقات، يدفعها بلا هوادة إلى غياهب العبثية، حيث تفقد اتجاهها وتغرق في تيه بلا نهاية.
بين أهداب العيون التي خفت بريقها بفعل الزمن، تنهمر دموع الحزن والألم، تنساب معها ذكريات الماضي المثقلة بجروح لا تلتئم. على الوجه المحتقن تبدو علامات القلق والريبة، وتحت أجفان متورمة، يحل سواد داكن كحلكة الليل في يوم عاصف، حين تصطخب الرياح، مضطربة أعواد القصب في موسم نضوجها.
الأرض الرمادية، التي جففت أنفاسها رياح القسوة، تتخبط في دياجير البؤس العميق. انعكست أوزار هذا الجفاف القاتل على قلوب البشر، فتفشت فيهم آفة الإحباط، وانطفأت شرارات الإرادة في أعماقهم المظلمة، حيث ارتفعت أسوار اليأس وسُلبت القدرة على المواجهة، كأن الجفاف لم يمتص ماء الأرض فحسب، بل أطفأ معها نور الأمل.
وعلى الرغم من هذا الصمت المرعب الذي يخيم على الفضاء، فإن ضجيج الذكريات العائم على بحر من الألم يرتفع بين أمواج متكسرة كأنها ترقص رقصة حزن لا تنتهي، تتسارع تلك الإيقاعات بشكل مطرد ما تنفك تنتشر كصدى يتردد في واحة الصمت المقفرة، وكأنها تحاول كسره، لكنها تعجز عن إيقاظه من سباته العميق.



#كفاح_الزهاوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحلة في أعماق النفس البشرية
- تأملات في عشق الوطن
- غروب الرحيل ١
- وأخيرًا قبري
- مقطع من روايتي القادمة الفصل ( السماء الثلجية)
- طريق المتاهة
- مقطع من روايتي القادمة منعطف الرحلة في الزمن الصعب
- متاهة عقلية
- انشودة الأمل
- حب خفي
- أوهام ساطعة
- عاهرتنا اشرف
- وطن مهزوم
- نجمة متوارية
- أمس لا يزال حلوً
- مجلس االعظماء
- خلف الأفق
- مَمَدْ اسطورة القبور
- سخريات القدر
- انصار يرتقون


المزيد.....




- فيلم عيد الأضحى؟! .. موعد عرض فيلم الغربان لعمرو سعد في السي ...
- نقابة الفنانين السورية تمنح أربعة فنانين بينهم أصالة وفضل شا ...
- حفل موسيقي في موسكو بعنوان -موسيقى الشام: التقاليد والحداثة- ...
- خديعة القرن! كيف وقعت الصحافة البريطانية في فخ -مذكرات هتلر- ...
- فنان قبرصي يوازن 416 كأساً على رأسه سعيا لدخول موسوعة غينيس ...
- -سلمى وقمر- و-عثمان في الفاتيكان- يتصدران جوائز مهرجان أفلام ...
- -تحيا فلسطين- نصف قرن من نشيد مناهضة الحرب بالسويد
- إدارة ترامب تسمي مبعوثها لقيادة المحادثات الفنية على مستوى ا ...
- من هو مايكل أنتون الذي كلّفه ترامب برئاسة وفد المحادثات الفن ...
- فنانة تشكيلية لا ترى في الريشة أداة رسم بل أداة للبوح والحكا ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كفاح الزهاوي - صدى صرخة مدفونة