أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عقيل الخضري - إله الجبل و الكلب شياوباي















المزيد.....

إله الجبل و الكلب شياوباي


عقيل الخضري

الحوار المتمدن-العدد: 8322 - 2025 / 4 / 24 - 09:14
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أساطير الصين "6"
"لدى كلِّ الشُّعوب أساطير وحكايات، يرى البعض أنَّ العقل البشريَّ اِبتدعها لتماشي وعي الإنسان في وقتها، ومن يرى أنَّها الحقيقة ولا بدَّ من اِحترامها ولدرجة التَّقديس.."

منذ زمن طويل جدًا، كان هناك شاب فقير يعيش في كوخ بقرية صغيرة مع كلبه "شياوباي"، كان لشياوباي فراء أبيض نقي مثل الثلج!
في أحد الأعوام، قحط المطر وحدث جفاف شديد في القرية، فيبِست الحقول وتشقّقت الأرض، ذبلت الأشجار والزهور والعشب، لم يكن لدى الناس الذين كانوا يقطعون الحطب لكسب لقمة عيشهم حطبًا للبيع، فعاشت القرية في ذاك العام الجدب في مجاعة قاسية.. مرض الشاب ولم يعد يقوى على الحركة، ولم يكن معه مال للذهاب إلى الطبيب، فاستسلم للجوع والمرض ولزم الفراش.
الكلب شياوباي كلب مخلص للغاية، لكنه لا يعرف كيف يكسب المال؟! كيف يمكنه مساعدة صاحبه؟ فكلما يرى أن جسد الشاب يصبح أضعف فأضعف، يشعر الكلب بالقلق الشديد و بالألم.
في ليلة، ركض الكلب إلى الجبال المجاورة للقرية ، محاولًا العثور على بعض الطعام ليأكله الشاب، ندف الثلج كانت تتطاير، الأشجار ميتة، وكانت الحيوانات الصغيرة تختبئ من الجوع أيضًا، فلم يكن هناك أي شيء لتأكله، ولم يجد شياوباي أي شيء ليأخذه إلى سيده، شعر الكلب بالحزن والأسى الشديد، فبدأ بالبكاء.
فجأة سمع صوت لطيف يكلّمه:
- لماذا تبكي؟
قال:
- السيد مريض، وليس لديه مال لمراجعة الطبيب، ولم يأكل منذ عدة أيام..
- أنا إله الجبل، لا تبكي بعد.. أخبرني ببطء؟
أخبر الكلب إله الجبل عن محنة الشاب، وتمنَّى أن يقدم إله الجبل المساعدة لسيده الشاب.
قال إله الجبل:
- حسنًا، أعدك بمساعدتك، يمكنني استحضار الكثير من العملات الذهبية لسيدك، يمكنني استخدام شعرك الأبيض الجميل، أحفره لاستخراج منه قطع ذهبية!
أجمل ما يملك "شياو باي" هو فراءه الأبيض الثلجي، وإله الجبل يطلب حفر الثقوب في فراءه الأبيض! كان الطلب قبيحا جدًا، فأمتلك الكلب الخوف، خاصة فإن المنطقة المحفورة لن تشفى في المستقبل، بل ستتحوَّل إلى تقرحات.. قال إله الجبل:
- من الآن فصاعدًا، سيتم تغطية جسدك بقروح كبيرة مثل العملات الذهبية.
وافق شياوباي على الفور، واستسلم لحفر فرائه الأبيض.. ثم أخذ كيس العملات الذهبية وجرى نحو كوخ سيده، وضع كيس العملات الذهبية بجانب سريره وخرج مبتعدًا.
في الصباح، وجد الشاب كيسًا من العملات الذهبية بجانب سريره، فأخذه ليشتري الطعام، ثم ذهب لرؤية الطبيب، لم ينتبه الشاب للكلب، فقد كان مهتما بالأكل، ولم يلاحظ أن الكلب كان يتهرّب منه ويختبئ، كان شياوباي يعاني من ألم القروح على جسده ولا يريد أن يراه سيده بهذه الحالة.
في صباح اليوم التالي، وجد الشاب كيسا آخرا من العملات الذهبية بجوار السرير، فاستغرب وفكّر في الأمر! ثم قرّر البقاء صاحيًا والتظاهر بالنوم ليرى من يضع العملات الذهبية عند سريره؟!
عند الفجر، سمع صوتًا مألوفًا، فتساءل: هل يمكن أن يكون هذا شياوباي؟ عندما قفز من السرير، كانت العملات الذهبية موجودة على الأرض، والكلب شياوباي فرَّ راكضًا نحو الجبل، طارده الشاب، فلم يستطع اللحاق به.. كان الجو لا يزال مظلمًا فلم ير المكان بوضوح، إلا أن صوت الجرس المعلق برقبة الكلب شياوباي - هو نفسه- صوت الجرس الذي يعرف!
في الليلة الثالثة، تخفّى الشاب خلف صخرة كبيرة عند مدخل الطريق الجبلي، وبقى يتربّص.
في منتصف الليل، وصله صوت الجرس، فأخرج الشاب رأسه على عجل من خلف الصخرة ليرى!
تساءل..
يا إلهي! هذا غريب، هذا ليس شياوباي! باستثناء الجرس المعلق برقبته، لا يوجد أي تشابه! فهذا الكلب مشوَّه، والقروح المستديرة على جسده كلّه، بعضها كان ينزف، وبعضها متقيحا ومثيرا للاشمئزاز، فالكلب شياوباي كان رائعا مثل الثلج؟!
تبع الشاب الكلب سرًا، وعندما رأى الكلب يقف أمام رجل عجوز، اختبأ.
كان الرجل العجوز هو إله الجبل! أخذ إله الجبل سكينًا وجَزَّ الشعرات البيضاء القليلة المتبقية على جسم الكلب، حفر في الفروة البيضاء وفي الجلد أيضًا، حفر على شكل دائرة، ثم واصل الحفر الثاني والثالث.. وبعد أن حفر الكثير أصيب الشاب بالصدمة وبالذهول.
سمع الرجل العجوز يقول:
- لا يوجد مكان في جسدك يمكن استخراج العملات الذهبية منه، أربعة أكياس من العملات الذهبية تكفي لسيدك، من الآن فصاعدا، سوف تصبح كلبًا قبيحًا بقروح مستديرة في جميع أنحاء جسدك، لن تتمكّن أبدًا من التعافي، وربما لن يتعرّف عليك سيدك أيضًا، وحتى لو تعرَّف عليك، فسوف يقوم بطردك، سيطرد هذا الكلب المثير للاشمئزاز و برائحته الكريهة، والذي يحمل القيح. ماذا ستفعل في المستقبل؟!
قال الكلب بحزن:
- يحب سيدي أن يمسك برأسي، ويمسِّد بكفه على شعري الأبيض، ويتحدّث معي، الآن بعد أن أصبحت هكذا، إذا عانقني سيدي مرّة أخرى فسوف تتلطخ ملابسه.. أنا شقي للغاية طالما تمرغت بالتراب، فيتلقاني سيدي، ينظفني ويحمّمني بعناية، ويجعلني نظيفًا وجميلًا، لكن ما حدث لي الآن؟ لا يستطيع تنظيفه مهما فعل، أريد أن أصبح كلبًا بريًا من الآن فصاعدًا، فأنا لا فائدة مني لسيدي بعد.. أريد فقط هذا الجرس على رقبتي وهذا يكفي..
كان الشاب يراقب ويستمع، فهم كل شيء، فنزلت دموعه بألم، لم يكن يعتقد أبدًا أن كلبه الصغير والجميل شياوباي، يقدم مثل هذه التضحية الكبيرة من أجله، ويتحمّل آلام مئات الجروح، ثم ينتهي ككلب ضال يبصق عليه الجميع ويرشقونه بالحجارة! لم يعد الشاب يتحمّل ما سيحل بكلبه فخرج من وراء الصخرة وقال:
- أنت إله! أليس كذلك؟ سمعت كل شيء! من فضلك، دع شياوباي يتعافى، أرجوك، لا أريد العملات الذهبية بعد الآن، سأعيد لك الأكياس من المنزل.. أرجوك، أريد شفاء شياوباي ولا أريد شيئا آخر!
ثم انفجر الشاب بالبكاء، نظر الكلب شياوباي إلى سيده بحزن وفرح.
هز إله الجبل رأسه وقال:
- لا..
توسّل الشاب كثيرًا، لكن إله الجبل رفض، وقال:
- لقد تم تحويل فراء الكلب وجلده إلى عملات ذهبية، ولا يمكن إعادتها مرّة أخرى.
لم يستسلم الشاب، وبقى واقفًا طوال اليوم وسط الثلوج الكثيفة يتوسّل، أخيرًا، تنهَّد إله الجبل وقال:
- حسنًا، اذهب والتقط بعض أوراق الشجر وسأجربها!
فرح الشاب لبصيص الأمل هذا، وركض لالتقاط الأوراق الجافة، تساقطت الثلوج بغزارة مرّة أخرى.. وبعد البحث، لم يجد الشاب سوى بعض الأوراق الذابلة ذات اللون الأصفر والأسود.. حملها الشاب إلى إله الجبل,
التقط إله الجبل ورقة ميتة ووضعها على قرحة مستديرة، ثم نفخ عليها، فتحولت الورقة الميتة إلى ورقة دموية جرباء غطّت القرحة.. استغرق الأمر وقتًا طويلًا لتتحوّل كل قرحة إلى لونٍ أجرب.
قال إله الجبل:
- لقد بذلت قصارى جهدي، هذه الأكياس الأربعة من العملات الذهبية هو ما تستحقه أنت والكلب، لقد ضحى بنفسه من أجل ذلك، خذها.
عاد الشاب إلى المنزل مع كلبه شياوباي، ومرّت أسابيع قليلة، فتساقطت القشور الدموية المستديرة من على جسد الكلب تدريجيًا، وبدأ شعره ينمو، إلا أن الشعر الذي نما لم يكن أبيض اللون، بل أسود! بعد مدة من الوقت، سقطت جميع قشور الدم ونما الشعر بشكلٍ متساوٍ، وأصبح شياوباي كلبًا به العديد من البقع السوداء المستديرة على جسده.
عادت العلاقة بين الشاب والكلب شياوباي إلى ما كانت، بل عادت أعمق مما كانت! فكلاهما على استعداد للتضحية بكل شيء من أجل بعضهما البعض.



#عقيل_الخضري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثعبان والضفدع
- لماذا مؤخرة القرود حمراء ؟
- الثعبان إله الأجداد
- عِبادَة التِّنِّين
- عندما اشتكى الخروف والخنزير إلى الله من الذبح..
- قصة الخلق في الأساطير الصينية
- خالد بن الوليد المخزومي ومالك بن نويرة التميمي..
- الصين.. دولة عظيمة وشعبٌ جميل بلا نَخوَّة
- الجاينيّة، دِّيانة العفَّة والسَّلام واللاعنف..
- بوذا..هَجَرَ زَوجتَه المُراهقَة الجميلة ورَضيعه العَليل، وهج ...
- اليين واليانغ في الفلسفة الطاوية
- الهِنْد.. بلد المُعتَقدات الغريَّبة، ومآسِي الفَتَيات
- مذابح المسلمين في بورما.. تاريخٌ وحيثيَّات
- العلويُّون مرَّة أخرى.. بين الرَّحمن والشَّيطان
- إبادة الطائفة العلويَّة ..
- مآسِي المَسيحيَّة في باكستان..
- التشريب طعام أهل الجنّة..
- عائشة إبراهيم دوهولو
- دعاء خليل أسود
- الضمير والمعتقد..رؤية وتداعيات! (2-2)


المزيد.....




- الفاتيكان ينشر الصور الأولى للبابا فرنسيس مسجى في نعشه
- بموافقة كاتس: 600 رجل دين درزي من سورية يزورون مقام النبي شع ...
- رئيسا بولندا وإسرائيل يتقدمان -مسيرة الأحياء- بمعسكر إبادة ا ...
- القضاء الإيراني يتّخذ إجراءات ضد مسؤولين بسبب بث تلفزيوني مس ...
- تظاهرات أميركية ضد بن غفير والكنس اليهودية ترفضه
- المستوطنون يواصلون انتهاكاتهم.. اقتحام المسجد الأقصى بحماية ...
- حشود في الفاتيكان لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة على جثمان الباب ...
- ناد أرجنتيني يقيم قداسا لوداع بابا الفاتيكان بكنيسة النادي
- الأردن يحظر الإخوان المسلمين: ما مصير الإسلام السياسي؟
- تساؤلات ما بعد حظر -جماعة الإخوان المسلمين- في الأردن؟


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عقيل الخضري - إله الجبل و الكلب شياوباي