أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وليد الأسطل - رواية دم واحد.. دينين ميلنر















المزيد.....

رواية دم واحد.. دينين ميلنر


وليد الأسطل

الحوار المتمدن-العدد: 8322 - 2025 / 4 / 24 - 02:47
المحور: الادب والفن
    


في رواية "دم واحد" (One Blood)، ثلاثة أجيال من النساء تتبع بعضها بعضا على مدى ثلاثة حِقَب: غريس من عام 1965 إلى عام 1969، وديلوريس من عام 1967 إلى عام 1999، وراي من عام 1999 إلى عام 2004. ثلاث نساء سود، لا يدرين أنهن يرتبطن بقرابة دم (دم واحد)، يتقاتلن في معركة عنصرية أميركا من أجل تأكيد حقوقهن ومكانتهن في أُسَرِهِنّ. تسلط هذه الصور الثلاث الضوء بشكل ملفت على ثلاث فترات رئيسية في التاريخ الأميركي وتطور المجتمع. تتشابك مصائر النساء الثلاث بشكل وثيق مع التجارب التي يمررن بها، والرجال الذين يعبرون حياتهن، وقبل كل شيء تطلعاتهن إلى الحرية. من خلال أخذ وضع المرأة السوداء كأساس، تخاطب دينين ميلنر أيضا جميع النساء، من جميع الأصول والحالات.

انطلاقا من كونها صحفية محترفة، صاغت المؤلفة رواية رائعة، يمكنني اعتبارها تحقيقا اجتماعيا. أتى السرد متماسكا وقويا من خلال أسلوب صحفي ينقل الحقائق ويشرح مشاعر الجميع. كتابة حادة لرواية مكثفة، حيث تتعدد الأسئلة وتتصاعد المشاعر. تحتفي "دم واحد" بسحر الفتيات والنساء السود، وتظهر إلى أي مدى يعد لون البشرة جزءا من تراث الأجيال، بين الانقسامات والكسور والتجديدات، والبحث عن المثل العليا.

تبدأ "دم واحد" بقصيدة لماري تشيليز: "إن دم الأجيال الذي وجد طريقه إلى عروقك، من ذهب". هنا بالتحديد يكمن جوهر هذه الرواية.

تنقسم الرواية إلى ثلاثة أجزاء ذات ثراء هائل حيث تتناول دينين ميلنر التقاليد والأمومة وحياة المتزوجين والحب بجميع أشكاله، والتوريث وقوته أو على العكس، غيابه. يتم إعطاء مكانة مهمة للرجل الأسود، سيد المنزل، وزعيم القبيلة، ورمز أسلوب الحياة. تفك رموز الطريقة التي يفكر بها الرجال، وطريقة رد فعلهم، وتطلعاتهم، وأحيانا عنفهم.

ثلاثة مصائر للنساء حملتها الحياة بطرق مختلفة تماما. لكنها مصائر تطرح نفس الأسئلة: ماذا يعني أن تكوني امرأة سوداء؟ كيف تتعاملين عندما تكونين امرأة سوداء؟ ما هي حدود المرأة السوداء؟

تتوفى جدة "غريس"، وتتعرض والدتها للضرب حتى الموت. ترسل إلى عمتها، فتصبح الخادمة التي تقوم بجميع الأعمال. توضح المؤلفة أن العبودية موجودة أيضا في مجتمع السود، وبين أفراد الأسرة الواحدة.

يتم وضع "ديلوريس" المعروفة باسم "لولو"، وهي يتيمة الأم، وأبوها مختف، عند أحد أقاربها. يغتصبها قريبها -المتزوج- أكثر من مرة فتحبل في نهاية المطاف. سيكون لهذا الحمل عواقب وخيمة على بقية حياتها.

"راي"، الوحيدة التي حصلت على تعليم. هي منتجة برنامج تلفزيوني متخصص في الموسيقى. متزوجة وأم لطفلة صغيرة، اكتشفت أثناء تفتيش متعلقات والدتها أنه تم تبنيها في سن مبكرة للغاية.

لكل واحدة من النساء الثلاث علاقة صعبة مع أحد أفراد العائلة، وعانت كل واحدة منهن مأساة واحدة على الأقل في حياتها، وكلهن يحاولن إبقاء رؤوسهن شامخة.

بعيدا عن عنصرية المجتمع الأبيض ضدهن، يجب على كل واحدة منهن خوض معركة ضد عدو أكثر رعبا: الرجل الأسود.

في رواية "دم واحد"، تحكي دينين ميلنر بشكل أساسي ما يعنيه العيش مع رجل أسود، كيف يفكر، كيف يحيا، وكيف يتصرف داخل منزله... تتعرض النساء للضرب، يغتصبن، ويتم التخلي عنهن عندما يحبلن. وما تنقله النساء لبعضهن البعض يعتمد أولا على هذه الحقيقة: "يمكن للرجل الأسود أن يكون مفترسا".

ذكرتني هذه الرواية برواية رائعة، تتقاطع معها في أكثر من مسألة، إنها رواية "ممفيس" لتارا سترينجفيلو، التي كتبت توني موريسون على غلافها، تقول: "لفترة طويلة، في هذا البلد، لم يكن لدى الرجال السود سوى النساء السود للتنفيس عن غضبهم. ولفترة طويلة، تقبلت النساء السود هذا الغضب، بل واعتبرن هذا القبول واجبهن المؤلم. ولم يكن لديهن ما يلجأن إليه: لا الرجولة، ولا البياض، ولا الأنوثة، ولا أي شيء".

تتناول رواية "دم واحد" أيضا العلاقات الصعبة بين البيض والسود. أعتقد أنه كان من المستحيل ألا تشير دينين ميلنر إلى هذه الحقيقة. وهاكم هذا المقطع من الرواية: "كان الأمر كذلك مع البيض؛ لقد اعتمدوا على أجزاء من أجساد السود –الأيدي للغسيل، والظهور لحراثة الأرض، والأثداء لإرضاع أطفالهم– لكنهم كانوا لا يطيقون الأجزاء الأخرى من أجسادهم والأرواح التي تسكن أجسادهم. هذه النفوس التي كان عليها، كل صباح، أن تستجمع قواها الهشة لتقنع الجسد بالخضوع للكدح مرارا وتكرارا، دون فوائد أو فواصل للراحة أو حق في الشكوى".

ليس من قبيل الصدفة أن يبدأ النص في عام 1965 بمشهد ملفت للنظر يحدد النغمة، وهو عبارة عن معضلة تواجهها "ماو ماو"، جدة غريس، القابلة، لأسباب تبدو شاذة وغير مناسبة تماما بالنسبة لنا اليوم.

في ستينيات القرن الماضي واجهت "لولو" حادثة صادمة... لأنه في "دم واحد"، تصبح الإساءات والصدمات فظيعة أكثر فأكثر، خاصة عندما تحدث في الستينيات... في مجتمع السود، تؤدي "معصية الله" إلى أعمال عنف لا تصدق. علاقات "لولو" مع المجتمع الأبيض الذي تحتك به أحيانا هي أيضا إشكالية.

من الرواية: "بالنسبة لها، هذا هو كل ما يفعله البيض: لقد حرموك من الهواء، وقطعوا تدفق دمك، وجردوك من إنسانيتك، واستولوا على كل شيء، وأنت، ببشرتك السوداء، لم تكوني تستحقين الكثير. فقط بقايا الطعام. وحتى ذلك، كانوا يحاولون أخذه منك".

"راي" هي الوحيدة الأكثر معاصرة لنا. امرأة ناجحة، إنها صحفية محترفة، تستخدم "دينين ميلنر" صورتها لإلقاء نظرة دقيقة على وضع المرأة السوداء في منزلها، وخارج منزلها، ولكن أيضا وهذا بلا شك هو الأساس، تطور العلاقات بين الأم وابنتها. كأم، تفهم "راي" الكثير عن والدتها، التي أحبتها لكنها كانت تخافها. "هذه المرة رأت امرأةً. ليست أمها، وليست زوجة أبيها، ليست ربة المنزل العنيفة والمزمجرة، بل امرأة عاشت حياة صعبة، ضحت وحمت أسرتها. وجدتها راي امرأةً بسيطةً جدا نجت من حياة حزينة ومعقدة للغاية". وهي أيضا من كسرت دائرة أسرار الأسرة وعاداتها في المنزل. "لمدة ثماني سنوات، كانت بمثابة سقالة بشرية، كانت تقوم بهذا العمل الخطير والمرهق، في توازن غير مستقر في جميع أنحاء هيكلها الممتد نحو السماء، والذي يلقي بظلاله على كل ما حوله. لم تعد قادرة على تحمل الأمر بعد الآن. وأخيرا، عقدت اتفاقا مع نفسها: ليست مضطرة إلى ذلك".

"دم واحد" هي رواية ذات كثافة استثنائية، تتناول موضوعات وقضايا باتساق ملفت للنظر. إن اتباع مسار هؤلاء النساء هو هدية رائعة، بمعنى أنه يسمح لنا بفتح أعيننا على الحقائق التي تهرب منا. لا أعرف إذا كان ما سأشير إليه مخططا له أو حتى في الاعتبار: رواية"دم واحد" ستكون بالتأكيد فيلما ممتازا. يتأرجح القارئ باستمرار بين الثورة والأمل، الحنان والكراهية، والفهم وعدم الفهم التام.

من الصعب جدا أن تضع نفسك في مكان الآخرين، لكن المؤلفة تحاول جعلنا نشعر بالمواقف بأكبر قدر ممكن. لقد أحببت كل واحدة من نساء هذه الرواية. تأثرت بكل تجربة، وكل مصير، وفي كثير من الأحيان بكلمات الحكمة الكبيرة. حكمة أولئك الذين لم يحظوا بحياة سهلة. أن تكون امرأة، أن تكون امرأة سوداء، أن تكون أما، أن تكون زوجة، أن تعمل، أن ترهق نفسك، أن تخطط، أن تعتبر أَمَة داخل المنزل وخارجه، أن تتحرر شيئا فشيئا... حتى لولو، التي لديها وعي مختلف عن هويتها وبيئتها، سينتهي بها الأمر إلى القول: "لست مجبرة على فعل أي شيء على الإطلاق، باستثناء البقاء سوداء والموت".

ليست هذه الرواية مؤثرة فحسب، ولكنها ضرورية أيضا لفهم أجزاء من حياة تختلف عن حياتنا.



#وليد_الأسطل (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ومات ماريو بارغاس يوسا
- رواية كتاب الأبواب.. غاريث براون
- تأثير دانينغ-كروجر.. ترامب مثالا
- جاك لندن.. تصحيح حُكْم
- رواية كرنفال أشباح.. روجر جون إلوري
- رواية الطوفان.. ستيفن ماركلي
- اكتشافات الكلية.. فريدريك جيمسون
- دول البلطيق والخطر الروسي
- رواية ستالينغراد.. فاسيلي غروسمان
- رواية نلتقي في أغسطس.. غابرييل غارسيا ماركيز
- دونالد ترامب وتقليده السيء لنيكسون
- أحلى من التفاؤل مفيش
- عن الكتابة والكُتّاب
- مستقبل الحرب في أوكرانيا
- لكي نفهم جيدا الحرب الروسية الأوكرانية
- مستقبل علاقة الرياض مع واشنطن وتل أبيب
- هل سيصمد النظام الكوبي في وجه ترامب؟
- أوربا وقيمها.. التحديات والحلول
- هل سيفي ترامب بوعده ووعيده؟
- تعليق عدم التصديق


المزيد.....




- الملتقى الإذاعي والتلفزيوني في الاتحاد يحتفي بالفنان غالب جو ...
- “هتموت من الضحك ” سعرها 150 جنية في السينما .. فيلم سيكو عص ...
- جوائز الدورة الـ 11 من مهرجان -أفلام السعودية-.. القائمة الك ...
- ما الذي نعرفه عن العقيدة الكاثوليكية؟
- روسيا ترفع مستوى التمثيل الدبلوماسي لأفغانستان لدى موسكو
- فيلم Conclave يحقق فقزة هائلة بنسب المشاهدة بعد وفاة البابا ...
- -تسنيم-: السبت تنطلق المفاوضات الفنية على مستوى الخبراء تليه ...
- مصر.. الحكم على نجل فنان شهير بالحبس في واقعة قتل ومخدرات
- -فخّ الهويّات-.. حسن أوريد يحذّر من تحول الهويات لسلاح إقصاء ...
- -هيئة الأدب- تدشن جناح مدينة الرياض بمعرض بوينس آيرس الدولي ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وليد الأسطل - رواية دم واحد.. دينين ميلنر