أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حسام الدين فياض - العولمة الرمزية وثقافة التهجين الكوني (دور ثقافة اللوجو - الشعار- في تنميط الفكر الإنساني المعاصر)















المزيد.....



العولمة الرمزية وثقافة التهجين الكوني (دور ثقافة اللوجو - الشعار- في تنميط الفكر الإنساني المعاصر)


حسام الدين فياض
أكاديمي وباحث

(Hossam Aldin Fayad)


الحوار المتمدن-العدد: 8322 - 2025 / 4 / 24 - 02:16
المحور: قضايا ثقافية
    


” الكائن الإنساني رهن لإمكاناته على أن يحوّل الواقع، وأن يتغير عما هو عليه، فكراً وهوية أو فعلاً وممارسة، من خلال ما يخلقه من العوالم المختلفة بقواها وعلاقاتها، أو المتميزة بلغاتها ورموزها، أو الفعالة بأدواتها ووسائطها “ (علي حرب، حديث النهايات – فتوحات العولمة ومآزق الهوية).
” تقع العولمة في القلب من الثقافة المعاصرة وتقع الممارسات الثقافية في القلب من العولمة. فالعولمة ليست هي المحدد الوحيد للتجربة الثقافية المعاصرة، ولا أن الثقافة بمفردها هي المفتاح المفاهيمي الذي يفك مغالق القوة الدينامية الداخلية للعولمة. ولكنه يتمثل في إثبات أن العمليات التحويلية الهائلة لعصرنا المعاصر، والتي تصفها العولمة وبالأخص منها الثقافية، لا يمكن أن تفهم على نحو صحيح حتى تُدرك من خلال المفردات المفاهيمية للثقافة وبالمثل، فإن هذه التحولات تغير نسيج التجربة الثقافية ذاته. كما أنها في الحقيقة تؤثر في إحساسنا بالهوية الحقيقية للثقافة في عالمنا المعاصر. إن العولمة والثقافة كلتيهما مفهومان يتسمان بأعلى مراتب العمومية، وهناك خلاف عميق حول معنى كل منهما. لذا حاول هذا المقال إدراك العناصر الرئيسية للعولمة الثقافية ضمن ما يمكن تسميته بالعولمة الرمزية “ (بتصرف: جون توملينسون، العولمة والثقافة، ص 10).
” إن الخوض في الثقافة يعني الخوض في الحياة بكل تفاصيلها وشعبها وما يتعلق بها. ولا يمكن الخوض خارج ذلك الجزء الذي أصبح مكوناً لوعي الإنسان، فما يقع خارج وعيه يقع خارج المعالجة (لا مفكر فيه). بهذا المعنى تكون الثقافة هي ذلك الكل الذي يخضع فيه العقل البشري. ومن هنا تظهر الثقافة على أنها هذا التراكم في الخبرات والمعارف الذي كونه الإنسان على امتداد وجوده. فالإنسان ليس معطى طبيعياً فقط، إلا إذا تحكمت بنا النظرة الداروينية إلى المخلوقات الأخرى، أي إذا رأينا فيه ذلك المخلوق (القرد عارياً أو مكتسياً بالشعر) قبل أن تعمل مجمل الظروف على تأهيله لتلقي الخبرة، وإنجاز تراكم ما يوصله إلى إنسانيته. وحتى من خلال هذه النظرة، فإن الإقرار بأن عملية تطور ما قد حصلت لهذا المخلوق، تقتضي الإقرار بأن الإنسان معطى تاريخي ثقافي، وهذا لا يكون إلا بإضافة الوعي لعملية التطور، وبالتالي نكون بهذا قد أدخلنا التعديل على حدود الطبيعة، وأمسكنا بدفة توجيهها، أو التحكم بمفاصل وجزئيات ما، في علاقتنا معها.
إذن الثقافة هي المحدد الأساسي لشخصية الإنسان ككائن، لأن الفروق الفيزيائية والبيئية موجودة بشكل ثانوي في تحديد الشخصية الإنسانية، أي إن مراكمة الخبرات والانطلاق منها في كل جديد، باعتبارها إنجازاً لهذا الجنس، تم إدراجه في سيرورة حياة الأخلاف. هذا المحدد للإنسان هو ما يقطعه عن أسلافه من المخلوقات الداروينية “ (حسن إبراهيم أحمد، الثقافة المتوترة، ص 9).
- الملخص: حاول المقال توضيح أن العولمة في الآونة الأخيرة ليست محصورة في البعد الاقتصادي وحده، بل تشمل روابط اجتماعية وثقافية ورمزية تمتد عبر الحدود، ويتجلى هذا في تدفق الأفكار والصور والرموز التي تشكل " لغة عالمية " مشتركة تؤثر في تصور الأفراد للعالم وهوياتهم المحلية. بناءً على ما سبق سعى المقال إلى توضيح تعريف العولمة، والعولمة الثقافية، والرمزية، بالإضافة تبيان صور التمظهر الرمزي للعولمة في الثقافة العربية، والعوامل الدافعة للعولمة الرمزية، وآثارها المترتبة على الهويات الوطنية والمحلية. وفي النهاية تم استخلاص مجموعة من الإجراءات والتوصيات لحماية الثقافة الوطنية والمحلية من الاندماج الرمزي الهدام.
- المقدمة:
شهدت معظم المجتمعات الإنسانية في الآونة الأخيرة تسارعاً غير مسبوق في اتصالاتها العابرة للحدود الوطنية، حيث تتشابك الاقتصادات والثقافات ووسائط الاتصالات والإعلام، ليبرز بُعد رمزي يتمثل في نقل الرموز والصور والأيقونات عبر فضاءات رقمية وإعلامية متسارعة. تنبع أهمية هذا المقال من خلال محاولة فهمنا للكيفية التي تعيد بها هذه الرموز تشكيل الوعي الجمعي والهوية الوطنية، لا سيما في الأنساق الثقافية الأضعف مثل الثقافة العربية.
فمن الصعوبة بمكان حصر تعريفات العولمة وتفسيراتها، إذ إنها عملياً ظاهرة مستمرة تكشف كل يوم عن وجه جديد من وجوهها المتعددة، لكننا سنقوم بسرد بعض التعريفات التي قيلت بخصوص تعريف العولمة، لكن قبل عرضنا لهذه التعريفات سنحاول توضيح كلمة العولمة من الناحية اللغوية. فالعولمة لغةً مصدر على وزن (فوعلة) مشتق من كلمة (العالَم)، كما يقال (قولبة) اشتقاقاً من كلمة (قالب)، وقيل: مشتق من العِلم، وهي تعني إزالة الحواجز والمسافات بين الشعوب بعضها بعضاً، وبين الأوطان بعضها بعضاً، وبين الثقافات بعضها بعضاً. ويقول عبد الصبور شاهين (عضو مجمع اللغة العربية)، فأما العولمة مصدراً فقد جاء توليداً من كلمة عالم ونفترض لها فعلاً هو عولم يعولم عولمة بطريقة التوليد القياسي.
وفي اللغة الإنجليزية فإن مصطلح العولمة يعود في الأصل إلى الكلمة الإنجليزية (Global) والتي تعني دولي أو كروي أو عالمي، أما المصطلح الإنجليزي (Globalization) - الذي يقابله في الفرنسية مصطلح (Mondialisation)- فيترجم إلى الكونية أو الكوكبة أو العولمة، لكن الغلبة والانتشار كانت لكلمة العولمة، وهي تعني جعل العالم عالماً واحداً، موجهاً توجيهاً واحداً في إطار حضارة واحدة. إذا فالعولمة لغةً تعني (جعل الشيء عالمياً) أو تعميم الشيء وتوسيع دائرته ليشمل العالم كله.
اصطلاحاً تُعرّف العولمة عموماً بأنها عملية تكثيف العلاقات الاجتماعية على الصعيد العالمي بطريقة تجعل الأحداث المحلية تتأثر بالأحداث البعيدة والعكس صحيح، وهي عملية جدلية بين البعدين المحلي والعالمي. أما التعريف الاقتصادي للعولمة ينطوي على دمج الاقتصادات والأسواق عبر تجارة السلع والخدمات، وتحركات رؤوس الأموال، وهجرة الأفراد، والتشبيك التقني، بما يؤدي إلى تداخل المصالح الاقتصادية بين الدول. وفي النهاية يمكننا تعريف العولمة " بأنها العملية التي تصبح من خلالها شعوب العالم متصلة ببعضها البعض في كل أوجه حياتها من خلال حركة وانتقال الأفراد ورؤوس الأموال والبضائع والسلع ووسائل الإنتاج والمعلومات والثقافات والسلوك عبر حدود الدول وإنشاء الشركات الاستثمارية وتملك العقارات في دول أخرى بحرية تامة من دون قيود أو حواجز ".
وفيما يتعلق بتعريف العولمة الثقافية وفقاً لأغراثينا Britannica، هي ظاهرة تتجلى في انتشار المنتجات والأفكار والقيم الثقافية عبر الحدود، ما يؤدي إلى توحيد في التعبيرات الثقافية اليومية وانتشار أنماط نمطية من السلوك والاستهلاك .بالمقابل تدعو اليونسكو إلى سياسات ثقافية تستفيد من فرص الإبداع والتبادل الناتجة عن العولمة، مع ضرورة إحياء التنوع الثقافي المحلي والحماية من الهيمنة الأحادية. وفي النهاية يمكننا تعريف العولمة الثقافية بأنها عملية انتقال وتبادل الثقافات بين المجتمعات المختلفة، مما يؤدي إلى تأثير متبادل وتغيير في القيم والممارسات الثقافية. وتبرز أهميتها في العالم العربي، من خلال الدور الهام الذي تلعبه في تشكيل الهوية الثقافية والفردية، مما يثير تساؤلات حول تأثير الثقافة الغربية على القيم الثقافية والممارسات الوطنية.
وتشير العولمة الرمزية - التي تعتبر فرعاً من فروع العولمة الثقافية - إلى العمليات التي تنتج وتسوق الرموز والميثولوجيات من خلال وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي والإعلان والفضاءات الرقمية، لتصبح لغةً مرئية مشتركة تتجاوز الحدود وتعيد بناء الإطار المعنوي للهويات الفردية والجمعية .بمعنى أدق تعد العولمة الرمزية Symbolic Globalization مفهوماً مركزياً في دراسة التفاعلات الثقافية والاجتماعية ضمن إطار العولمة، تركز على تبادل الرموز والقيم والمعاني عبر الحدود، بدلاً من الاقتصاد أو السياسة فقط.
وتعتبر امتداداً لنظريات العولمة الثقافية، وتستكشف كيف تشكل الأنظمة الرمزية (كاللغة، الدين، الفن، الإعلام، والعلامات التجارية) وعي الأفراد والجماعات في سياق عالمي. كما يرتبط المفهوم " بالتركيب الرمزي العالمي " الذي وصفه ستِيغر Steiger بأنه " البناء والتعبير ونشر المعنى عبر الرموز والصور " على نطاق عالمي .باختصار شديد يمكننا تعريف العولمة الرمزية بأنها " إعادة تدوير وإعادة توطين الرموز العالمية في بيئات محلية من خلال الفضاء الرقمي، حيث يصبح الأفراد مشاركين في إنتاج المعنى الثقافي وليس مجرد متلقين له ". أو هي " انتقال وتبادل الرموز والمعاني الثقافية، والقيم، والهويات، عبر الحدود الوطنية، بواسطة وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، والتكنولوجيا، والسياحة، والهجرة، مما يؤدي إلى إعادة تشكيل تصورات الأفراد والجماعات عن الذات والآخر ".
إن المعلومات والأفكار والإيديولوجيات والمعارف والأديان هي رموز وعلامات إلا أنها أيضاً ثروات تم إنتاجها من قبل بعض الأفراد أو الجماعات، وهي تنتشر (بواسطة أفراد آخرين أو جماعات أخرى، وهي تستهلك من قبل جماعات ومجموعات وأثنيات وثقافات وبنهاية المطاف من قِبل مجموعة من الأفراد). لكن ما هي الخصائص النوعية للثروات الرمزية والثقافية؟ في واقع الأمر تتصف الثروات الثقافية بأنها " لا مادية " تحمل قيم معنوية ثقافية وهذا ما يمكن تقريبه مع ما يسميه الاقتصاديون " بالخدمات "، إنها أداء مشترك يقوم به شركاء اجتماعيون، حيث يقومون في هذا السياق بمبادلات استدلالية شفهية أو مكتوبة تأخذ الرموز الثقافية التي تنتشر في العالم - الخطابات الدينية، العلمية، الإيديولوجية والأدبية... إلخ - شكل التبادل الكلامي تجاه أو عبر ما توفره وسائل التواصل الاجتماعي. كما أن الثروات الثقافية تقوم بتوصيل نمط معين من الخدمات حيث تدخل نمطاً خاصاً من " الاستهلاك " حيث إن الخدمة المشار إليها في حالة الثروات الثقافية ليست في نهاية الأمر سوى إعداد الحقيقة (إنتاجاً وانتشاراً) بذلك تنطوي الثروات الثقافية على ظاهرة الإقناع وهذا ما تفعله العولمة الرمزية.
ومن صور تمظهر العولمة الرمزية في الثقافة العربية انتشار الثقافة الاستهلاكية حيث يتحول الاهتمام من المحتوى المحلي إلى العلامات التجارية العالمية، فبات شعار الشركات أكثر حضوراً في الشوارع ووسائل التواصل مقارنة بالرموز التراثية، كما يشهد المشهد الموسيقي العربي نجاحاً عالمياً لأغان تبث بالكامل باللغة العربية في المهرجانات الدولية، مما يعبر عن اندماج رمزي جديد بين الهوية المحلية والجمهور العالمي .وفي ذات السياق أظهرت دراسات " الباروميتر العربي وهي شبكة بحثية مستقلة وغير حزبية " تغيراً في القيم (التحول القيمي)، حيث بات الشباب العربي أكثر انفتاحاً على قيم التسامح والتعددية، مما يعكس تدفق الأفكار ضمن " إيديولوجيا عالمية ". ومن أهم خصائص العولمة الرمزية تعدد التدفقات الرمزية (Multiple Scapes)، حيث تنبثق العولمة الرمزية عبر تدفقات متباينة مثل: الإيثنوسكيب (تدفق البشر)، والتكنوسكيب (تدفق التكنولوجيا)، والفينانسكيب (تدفق الأموال)، والميديسكيب (تدفق وسائل الإعلام)، والإيديوسكيب (تدفق الأفكار والرموز)، التي تتحرك بشكل منفصل أحياناً وتعيد تشكيل الهويات والثقافات محلياً وعالمياً. ومن خصائصها أيضاً الانفصال عن الإقليمية (Deterritorialization)، حيث تنفصل الرموز المعولمة عن سياقاتها الجغرافية الأصلية لتنتشر عبر الحدود دون التقيّد بمناطقها التقليدية، مما يؤدي إلى إعادة توطينها في سياقات جديدة تحمل معانٍ مختلفة. والتسليع الثقافي (Cultural Commodification) حيث تتحول العناصر الرمزية (كالتراث، والأزياء، والطقوس، وحتى الهويات) إلى سلع تستهلك في أسواق عالمية، مما يفرغها من أصولها التاريخية والاجتماعية ويجعلها خاضعة لمنطق العرض والطلب. والتهجين الرمزي (Symbolic Hybridization)، حيث ينشأ من خلاله أشكال جديدة من الثقافة عبر مزج الرموز العالمية بالوطنية والمحلية، فتنتج عناصر رمزية هجينة - كأنماط موسيقية أو فنية تجمع بين أصول متعددة - تعكس تفاعلات إبداعية لا أحادية المصدر. وأخيراً التجزؤ والمحاكاة (Fragmentation & Simulacra)، حيث يؤدي تفكيك السرديات الكبرى وتعدد التمثلات الرمزية إلى عالم مُحاكٍ (hyperreality) لا يميّز بين الأصل والنسخة، حيث تصبح الصور والرموز أكثر تأثيراً من الواقع المادي نفسه. بذلك تتحول الرموز إلى كيانات متحركة، غير مستقرة، ومعاد تشكيلها باستمرار عبر مساحة عالمية مشحونة بوسائط وسياسات اقتصادية وثقافية.
ومن أهم العوامل والأسباب التي أدت إلى انتشار العولمة الرمزية التوسع الرأسمالي العالمي، حيث أسهمت الشركات متعددة الجنسيات بإطلاق حملات إعلانية ورموز بصرية تخاطب جمهوراً عالمياً، ما يعزز التوحد الرمزي ويقلل من مساحة الهويات المحلية. كما أدت هيمنة الإعلام والتكنولوجيا إلى تسريع نشر الصور والأيقونات عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي مما يمكنها من الوصول الفوري إلى مختلف الثقافات وتحطيم حواجز الزمان والمكان .وعلى الصعيد المحلي ساهم ضعف البنية الثقافية المحلية بسبب انخفاض الوعي الثقافي وندرة الدعم الحكومي للبرامج والمبادرات الثقافية الوطنية إلى انتشار المنتج الثقافي الخارجي الرمزي على حساب الثقافة المحلية دون منافسة جدية مما أدى إلى تكريس العولمة الرمزية لأفراد المجتمع وبالأخص لدى فئة الشباب. وهذا أدى بطبيعة الحال إلى مجموعة من الآثار السلبية على الثقافات الوطنية والمحلية تمثلت في فقدان التنوع الثقافي بسبب سطوة الاندماج في الرموز العالمية على حساب تراجع اللهجات والعادات والتقاليد الوطنية مما أدى إلى تقليص التنوع الثقافي والتحول إلى نمط موحد. وبروز صراع الهويات عبر جيل جديد يعتنق قيم الرموز العالمية، وآخرون يتمسكون بالقيم التراثية، مما يولّد صراعاً بين الحفاظ على الأصالة والانفتاح على المعاصرة .ومن آثار العولمة الرمزية أنها أحدثت تحولات لا يستهان بها في البناء الأسري في المجتمعات العربية بسبب تبني القيم المستوردة العالمية، فظهرت ممارسات جديدة في العلاقات الأسرية والاجتماعية لدى أفراد المجتمع تختلف عن النموذج التقليدي لتصبح فعالية الرموز المحلية غير قادرة على المنافسة بصرياً وعاطفياً مع الرموز العالمية الجذابة في ظل ما يعرف بمفاهيم الإذابة الرمزية.
ومن أهم النظريات التي تفسر العولمة الرمزية نظرية التهجين الثقافي (Cultural Hybridization) تشير إلى أن التفاعل بين الثقافات في ظل العولمة لا يؤدي بالضرورة إلى هيمنة ثقافة واحدة، بل إلى إنتاج أشكال ثقافية جديدة وهجينة تجمع بين العناصر المحلية والعالمية. مثال ذلك: المزج بين الموسيقى الغربية والشرقية في الأغاني الشعبية، ويعتبر هومي كي بابا ، نيستور جارسيا كانكلينى من أهم من قالوا بها. نظرية الهيمنة الثقافية أو الاستعمار الثقافي (Cultural Imperialism) تفترض أن العولمة الرمزية تُستخدم كوسيلة لفرض الثقافة الغربية، وخصوصاً الأمريكية، على بقية شعوب العالم، ما يؤدي إلى تآكل الهويات الثقافية الوطنية. مثال ذلك: انتشار اللغة الإنكليزية أو المنتجات الثقافية والإعلامية الأمريكية كأفلام هوليوود. ويعتبر هربرت شيللر، إدوارد سعيد من زاوية الاستشراق من أهم من يمثل هذه النظرية. بالإضافة إلى نظرية المجتمع الشبكي (The Network Society) التي تركز على دور تكنولوجيا المعلومات وشبكات الاتصال العالمية في تشكيل الفضاء الرمزي، بحيث يتم إنتاج وتبادل الرموز والمعاني بشكل لا مركزي. مثال ذلك: تأثير وسائل التواصل الاجتماعي في تشكيل الهويات والرموز الثقافية العابرة للحدود. ومن أبرز منظريها مانويل كاستلز. وأخيراً نظرية ما بعد الحداثة (Postmodernism) التي تصب جلّ اهتمامها في مناقشة كيف أن العولمة الرمزية مرتبطة بظاهرة " محاكاة الرموز " (simulacra)، حيث يصبح الواقع مختلطاً بالرموز والصور لدرجة أن الفرق بين الحقيقة والتمثيل يتلاشى. كما تنطلق نظرية ما بعد الحداثة من نقد الحداثة الغربية، التي روجت لفكرة " الحقيقة الموضوعية " و" التقدم الخطي ". ونظرية ما بعد الحداثة، على العكس من ذلك ، تؤكد على اللا مركزية، التعددية، والسيولة الرمزية. ويرتبط مفهوم العولمة الرمزية هنا بفكرة أن المعاني لم تعد " ثابتة "، بل أصبحت مبنية اجتماعياً، وقابلة لإعادة التشكيل باستمرار من خلال الصور والإعلام. والمفاهيم المركزية في نظرية ما بعد الحداثة لتفسير العولمة الرمزية المُحاكاة ويشير بودريار إلى أن الرموز في العصر ما بعد الحداثي لا تمثل الواقع، بل تحاكيه، وفي بعض الأحيان، تحل محل الواقع نفسه. أي إننا لم نعد نعيش في عالم من " المعاني الحقيقية "، بل في عالم من " صور المعاني " مثال ذلك صورة " الحرية " في الإعلانات أو الأفلام لم تعد مرتبطة بالحياة السياسية أو الاجتماعية، بل بسلوك استهلاكي (مثل شراء سيارة أو منتج). بالإضافة إلى مفهوم تسليع الثقافة، حيث تتحول الرموز الثقافية إلى سلع قابلة للبيع والشراء سواء أكانت أغنية، صورة، تراثاً شعبياً، أو حتى هوية فردية مثال ذلك: " الهوية البدوية " كمنتج سياحي في بعض الدول العربية (الأردن على سبيل المثال)، حيث أصبحت الهوية البدوية – التي تشمل الزي، الموسيقى، الطعام، الخيم، وحتى أنماط الكلام – تُعرض في المنتجعات السياحية والفنادق والعروض الثقافية كمحتوى جاذب للسياح. ويُقدم البدو " كنموذج رمزي " للأصالة، والبساطة، والارتباط بالأرض. لكن هذا التقديم يتم خارج سياقه التاريخي والمعيشي الحقيقي، وغالباً ما يعاد تشكيله بطريقة ترضي الذوق الغربي وتحقق الربح. ومن الأمثلة الصارخة أيضاً في هذا السياق توظيف الهوية الإفريقية في صناعة الموضة العالمية ففي السنوات الأخيرة، أصبحت الرموز والعناصر البصرية المرتبطة بالهوية الإفريقية مثل (الأقمشة التقليدية " الكانتي "، والزخارف القبلية، وتسريحات الشعر، والمجوهرات) منتشرة في عروض الأزياء العالمية، ومجموعات دور الأزياء الكبرى مثل:Dior ،Louis Vuitton ، حيث يتم تقديم هذه الرموز بوصفها " ستايل غريب " exotic style، منفصل تماماً عن جذوره الثقافية والسياسية، ويتم بيعها كموضة موسمية. وأخيراً مفهوم تفكيك السرديات الكبرى فالعولمة الرمزية في سياق ما بعد الحداثة لا تروج لسرد واحد (كالدين أو الإيديولوجيا)، بل تنتج سرديات صغيرة، عابرة، ومتناقضة أحياناً، ما يؤدي إلى أزمة في الهوية الفردية والجمعية. ومن أبرز من قال بهذه النظرية جان بودريار، وفريدريك جيمسون.
ومن أجل حماية الثقافة الوطنية أو المحلية من آثار العولمة الرمزية يجب على القائمين على المجتمع القيام بمجموعة من الإجراءات اللازمة تتمثل في وضع سياسات ثقافية داعمة تتبنى قوانين تحفز المنتوجات الثقافية المحلية وتحد من سطوة المحتوى المستورد عبر منح امتيازات وضمانات مالية. وتفعيل الرقابة الذكية وتغذية المحتوى من خلال استخدام أدوات منهج تحليل المحتوى (المضمون) لتقييم تأثير الرسائل الرمزية، مع دعم إنشاء منصات عربية رقمية تنشر محتوى مبتكراً ومستنيراً، بالإضافة إلى ما سبق يجب تطوير مناهج تعليمية تُنمي القدرات النقدية لدى الطلاب في مواجهة الرسائل الرمزية العالمية، وتعزز فهمهم لتراثهم المحلي، كما ينبغي بناء أرشيفات رقمية تحفظ المواد التراثية والصور الرمزية المحلية، لضمان إيصالها للأجيال القادمة دون تشويه .وأخيراً تأسيس منصات مشتركة بين الدول العربية لعرض الفنون والتراث، وتبادل الخبرات في مواجهة الهيمنة الرمزية الخارجية .
خلاصة القول: نجد أن العولمة الرمزية ليست مجرد تبادل ثقافي، بل هي عملية معقدة تعيد تشكيل الهويات والقيم عبر تفاعلات رمزية تُنتج وتستهلك في فضاء عالمي. ورغم تحدياتها، تظل أداة لفهم كيف تبنى " العولمة " في الوعي الجمعي للإنسانية، بين التوحيد والتنوع، الهيمنة والمقاومة هذا من جهة. ومن جهة أخرى وجدنا من خلال البحث أن العولمة الرمزية شكلت أفقاً جديداً لفهم ديناميات الهويات والثقافات في وقتنا المعاصر، وأن موازنة الانفتاح العالمي مع الحفاظ على الخصوصية المحلية تتطلب سياساتٍ متكاملة واستراتيجيات تعليمية وإعلامية وابتكارية. ومن هذا المنطلق، يوصي البحث بتعزيز إطار قانوني يحفظ للمنتج الثقافي المحلي حقه في المنافسة، بالإضافة إلى إنشاء صناديق تمويل تدعم المبدعين العرب في إنتاج محتوى رمزي يعكس أصالتهم. وإطلاق مبادرات تعليمية تُدرّس تحليل الرموز الثقافية بالاعتماد على مناهج نقدية تأصيلية. كما توصي الورقة البحثية بتطوير البنى الرقمية لأرشفة وحفظ الموروث الثقافي، وتفعيل منصات مشتركة على المستوى العربي للتبادل الثقافي والتعريف بالرموز المحلية. وباتباع هذه الإجراءات، يمكن للثقافات العربية والمحلية أن تتحصن ضد الاندماج الرمزي الجارف، وتعيد بناء ثقافاتها بشكل متوازن بين الأصالة والمعاصرة.
--------------------------------------------
- المراجع المعتمدة:

- جان نیدرفين بيترس: العولمة والثقافة المزيج الكوني، ترجمة: خالد کسروي، مراجعة: طلعت الشايب، المركز القومي للترجمة، القاهرة، العدد: 2242، ط1، 2015.
- أرمان ماتلار: التنوع الثقافي والعولمة، ترجمة: خليل أحمد خليل، دار الفارابي ومؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، بيروت، ط1، 2008.
- ساسكيا ساسن: علم اجتماع العولمة، ترجمة: عبد الرازق جلبي، المركز القومي للترجمة، القاهرة، العدد: 2048، ط1، 2014.
- ناريان، أوما. هاردينج، ساندرا: نقض مركزية المركز: الفلسفة من أجل عالم متعدد الثقافات بعد-استعماري ونسوي، ترجمة: يمنى طريف الخولي، مؤسسة هنداوي، المملكة المتحدة، ط2، 2023.
- جون توملينسون: العولمة والثقافة – تجربة اجتماعية عبر الزمان والمكان، سلسلة عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، العدد: 354، أغسطس 2008.
- جيرار ليلترك: العولمة الثقافية الحضارات على المحك، ترجمة: جورج كتورة، دار الكتاب الجديد المتحدة، بيروت، ط1، 2004.
- مصطفى النشار: ما بعد العولمة – قراءة في مستقبل التفاعل الحضاري وموقعنا منه، دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، ط1، 2003.
- نبيل راغب: أقنعة العولمة السبعة، دار غريب، القاهرة، ط1، 2001.
- حسن إبراهيم أحمد: الثقافة المتوترة ملامح من المشهد الثقافي العربي، مؤسسة علاء الدين للطباعة والتوزيع، دمشق، ط1، 2004.
- حسام الدين فياض: تمظهرات السلوك الإنساني في المجتمع المعاصر، سلسلة نحو علم اجتماع تنويري، الكتاب: السادس، دار الأكاديمية الحديثة، أنقرة، ط1، 2024.
- حسام الدين فياض: نظرية نقد المجتمع الاستهلاكي عند جان بودريار، نحو علم اجتماع تنويري للدراسات والأبحاث الإنسانية والسوسيولوجية، المجلد: 02، العدد: 014، ماردين، 15 يناير – كانون الثاني 2025.
- علي حرب: حديث النهايات – فتوحات العولمة ومآزق الهوية، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، ط1، 2000.
- إبراهيم عبد ربه إبراهيم: العولمة بين المخاطر والفوائد (سلاح ذو حدين)، مجلة آراء حول الخليج، آب/ أغسطس، 2010. https://araa.sa/index.php?view=article&id=816:2014-06-26-11-00-47&Itemid=172&option=com_content
- Appadurai, Arjun: " Disjuncture and Difference in the Global Cultural Economy", Theory, Culture & Society 7, no. 2 (May 1990): 295-310. https://doi.org/10.1177/026327690007002017.
- Barber, Benjamin R. Jihad vs: McWorld: Terrorism’s Challenge to Democracy. New York: Ballantine Books, 1995.
- Castells, Manuel: The Rise of the Network Society, 2nd ed. Malden, MA: Blackwell Publishers, 2010.
- Eriksen, Thomas Hylland: Globalization: The Key Concepts, Oxford: Berg Publishers, 2007.
- Giddens, Anthony: The Consequences of Modernity, Stanford, CA: Stanford University Press, 1990.
- Kraidy, Marwan M. Hybridity:´-or-the Cultural Logic of Globalization. Philadelphia: Temple University Press, 2005.
- Robertson, Roland: Globalization: Social Theory and Global Culture, London: Sage Publications, 1992.
- Scholte, Jan Aart: Globalization: A Critical Introduction, 2nd ed. Basingstoke and New York: Palgrave Macmillan, 2005.
- Sakr, Naomi: New Media, Globalization, and the Arab Public Sphere.” Journal of Communication 56, no. 2 (June 2006): 265-285.
- UNESCO: Universal Declaration on Cultural Diversity, UNESCO, 20. November 2001 2. Accessed April 20, 2025. https://unesdoc.unesco.org/ark:/48223/pf0000127162.
- UNESCO: Convention on the Protection and Promotion of the Diversity of Cultural Expressions, Paris, 2005. Accessed April 20, 2025. https://unesdoc.unesco.org/ark:/48223/pf0000147299.
- Arab Barometer: "Arab Barometer Wave V: Key Findings" , Arab Barometer, 2018. Accessed April 20, 2025. https://www.arabbarometer.org/surveys/arab-barometer-wave-v/



#حسام_الدين_فياض (هاشتاغ)       Hossam_Aldin_Fayad#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأدب وليد المجتمع (دراسة تأصيلية في مفهوم سوسيولوجيا الأدب)
- في علم الاجتماع الإنساني
- اللغة من منظور الانثروبولوجيا (علم الإنسان)
- المذاهب الفكرية المعاصرة وعلاقتها بالإيديولوجيا
- نظريات سوسيولوجية... نظرية التفاعل الرمزي (3)
- نظريات سوسيولوجية.... نظرية الصراع الاجتماعي (2)
- نظريات سوسيولوجية... البنائية الوظيفية (1)
- تحليل وتفسير نظرية الصراع الاجتماعي لمشكلة الطلاق (الماركسية ...
- مبادئ الالتزام الأخلاقي والحرية الأكاديمية لعالِم الاجتماع ع ...
- المفاهيم النظرية والإجرائية في البحث الاجتماعي
- الثورة الصناعية الأولى ومنعكساتها الاجتماعية والإيديولوجية ع ...
- في مفهوم الفقر والنظريات السوسيولوجية المفسرة له (رؤية تحليل ...
- أدب السجون: نافذة على عالم المعاناة الإنسانية والإبداع (دراس ...
- التحليل السوسيولوجي للنص الأدبي (رواية البؤساء للكاتب الفرنس ...
- الأدب والمجتمع وجهان لعملة واحدة
- الإذلال الاجتماعي: الوجه الآخر لنزع الصفة الإنسانية
- الرؤى السلوكية بين التوجيه والسيطرة في فضاء السلوك الإنساني
- المنهج التاريخي ودراسة الظواهر الاجتماعية (محاولة لفهم الحاض ...
- أهمية البعد التاريخي في الدراسات السوسيولوجية
- يوتوبيا الخلاص النهائي للإنسان المعاصر


المزيد.....




- هل تصلح عودة إيلون ماسك إلى تسلا الضرر الذي لحق بها جراء عمل ...
- وفاة الرئيس التونسي السابق فؤاد المبزع عن 91 عاما
- 45 شهيدا بغزة والاحتلال يقر بقصف مدرسة تؤوي نازحين
- ترامب لزيلينسكي: السلام أو خسارة البلاد
- الجزائر تقتني مروحيات -وايلدكات- المضادة للغواصات
- ترامب: التعامل مع زيلينسكي أصعب مما توقعته
- سجن عسكري أمريكي 7 سنوات لبيعه بيانات عسكرية لدولة أجنبية
- مسؤولة روسية ترد على مقترح أمريكي بشأن نقل ملكية محطة زابورو ...
- السعودية تقر اتفاقية تسليم المطلوبين مع المغرب
- عشرات القتلى والإصابات بينهم صحفي في غارات إسرائيلية على قطا ...


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف
- أنغام الربيع Spring Melodies / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حسام الدين فياض - العولمة الرمزية وثقافة التهجين الكوني (دور ثقافة اللوجو - الشعار- في تنميط الفكر الإنساني المعاصر)