أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - أرض جديدة














المزيد.....

أرض جديدة


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 8322 - 2025 / 4 / 24 - 00:32
المحور: الادب والفن
    


في مدينة صغيرة على أطراف الشمال السوري، كانت الأرصفة تضج بالحياة، رغم بؤس الحروب والألم الذي نُقش على جدران البيوت المتصدعة. على هذه الأرض التي أنهكتها الصراعات، يعيش "يوسف" و"ليلى"، شابان يحملان أفكارًا متناقضة حول ما يمكن أن يكون عليه المستقبل.

كان يوسف يرى في الثورة أملًا لا ينضب. كان يؤمن بأن انتصارها سيعيد العدالة إلى الأرض ويغسل عنها دماء القهر. لكنه، في قرارة نفسه، كان يتساءل: ماذا بعد؟ كيف يمكن لأي انتصار أن يصنع عدالةً في عالمٍ متشظٍ؟

أما ليلى، فكانت تترقب بصمت سقوط النظام الذي أنهك شعبها. لكنها ترى في صعود أي سلطة جديدة خوفًا آخر، ربما سيكون قمعًا بحلة جديدة أو فوضى لا حدود لها. ومع ذلك، كانت تخشى أن تصرح بذلك علنًا؛ إذ لم تكن تريد أن تُفهم على أنها متخاذلة أو متشائمة.

في أحد الأيام، اجتمع يوسف وليلى في ورشة عمل نظمها المجتمع المدني تحت عنوان "معًا نصنع الغد". كان الحاضرون من مختلف الخلفيات، شباب وشابات، كبار وصغار، أناس فقدوا الكثير لكنهم لم يفقدوا الإيمان بإنسانيتهم.

وقف "عادل"، أحد منظمي الورشة، وقال بصوت قوي:
"نحن هنا اليوم لا لنناقش من كان على حق ومن كان مخطئًا. لا لنضع ثقلنا في كفة الثورة أو كفة أي جهة أخرى. نحن هنا لأننا سوريون، ببساطة. لأننا نريد أن نزرع شجرة وسط هذا الخراب، وأن نبني جسورًا فوق أنهار من الدموع."

في تلك اللحظة، شعر يوسف بشيء يتحرك داخله. كان يعلم أن الثورة لا تعني فقط إسقاط الظلم، بل بناء حياة جديدة. وبدأ يرى أن النصر ليس نهاية الطريق، بل بدايته.

أما ليلى، فوجدت في كلمات عادل شيئًا مألوفًا. لم تكن تؤمن بأن السماء ستمطر عدالة بمجرد سقوط النظام، لكنها رأت أن الأرض يمكن أن تثمر عدلًا لو ساهم الجميع في زراعتها.

مع مرور الأسابيع، بدأ يوسف وليلى العمل معًا، جنبًا إلى جنب، رغم اختلاف رؤاهما. ساعدا في إنشاء مكتبة صغيرة للأطفال الذين حُرموا من التعليم، وعملا على حملة لتوزيع مواد إغاثية على النازحين، وشاركا في مبادرات لرأب الصدع بين القرى المتنازعة.

كانا يعرفان أن الطريق طويل، وأن السماء لن تمطر عدالة فجأة، لكنهما أدركا أن العدالة يمكن أن تنبت على أيديهم وأيدي من حولهم.

في يوم من الأيام، وبينما كانا يزرعان شجرة زيتون في ساحة مهجورة، قالت ليلى ليوسف بابتسامة: "ربما لن نرى هذه الشجرة تكبر، لكن يكفينا أننا زرعناها."

ابتسم يوسف وردّ: "الأمل مثل الزيتون، يحتاج صبرًا طويلًا، لكنه دائم الجذور."

وفي تلك اللحظة، تحت سماء مثقلة بالغيوم، شعرا أن الوطن الذي يحلمان به ليس فكرة مستحيلة. بل كان يخطو خطواته الأولى، على أيديهم وأيدي كل من قرروا أن يكونوا بذورًا لسلام جديد.

في ذلك المساء كتبت ليلى في دفترها الخاص:

إذا كان من الصعب على عقول بعض السوريين الإيمان بانتصار ثورة الأغلبية أو عدم انتصارها، وإذا كان يصعب على مخيلاتهم ـ بعد هزيمة النظام الخائن المجرم ـ التصديق بأن السماء ستمطر عدالة ورخاء على يد الجولاني أو قمعًا ووحلًا، فهذا لا يمنعهم أبدًا من المساهمة في تعزيز نفوذ المجتمع المدني وبناء جسور المحبة والسلام والتعاضد على أرض الواقع.



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بردى
- ممزّق بين امرأتين
- ماركس وإليانور: بين التنصل والفخر
- هذا كل ما كتبته منذ لحظة سقوط الوحش 5 والأخيرة.
- هذا كل ما كتبته منذ لحظة سقوط الوحش ـ4ـ
- هذا كل ما كتبته منذ لحظة سقوط الوحش 3
- هذا كل ما كتبته منذ لحظة سقوط الوحش ـ2ـ
- هذا كل ما كتبته منذ لحظة سقوط الوحش ـ1ـ
- الطيور والنمل
- أطفال للبيع
- المبادرة التصويبية الثورية لمحاربة الجوع السوري
- حكاية الولد الذي بال على قبر العائلة
- الزمن العكسي
- المجداف والجولاني
- أعشاب جولانية لمعالجة البطالة المقنعة
- الرئيس الذي لم ير المسرح
- حكومة الذقون
- أدب بلا أسوار
- صرخة في البرية
- الحرية تمر عبر المعدة


المزيد.....




- اللقاء المسرحي العربي الخامس بهانوفر.. -ماغما- تعيد للفن الع ...
- يرغب بنشر رسالته في -الخلاص- حول العالم.. توصية بالعفو عن نج ...
- أهرمات مصر تشهد حفل زفاف أسطوري لهشام جمال وليلى أحمد زاهر ( ...
- الملتقى الإذاعي والتلفزيوني في الاتحاد يحتفي بالفنان غالب جو ...
- “هتموت من الضحك ” سعرها 150 جنية في السينما .. فيلم سيكو عص ...
- جوائز الدورة الـ 11 من مهرجان -أفلام السعودية-.. القائمة الك ...
- ما الذي نعرفه عن العقيدة الكاثوليكية؟
- روسيا ترفع مستوى التمثيل الدبلوماسي لأفغانستان لدى موسكو
- فيلم Conclave يحقق فقزة هائلة بنسب المشاهدة بعد وفاة البابا ...
- -تسنيم-: السبت تنطلق المفاوضات الفنية على مستوى الخبراء تليه ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - أرض جديدة