أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - غالب المسعودي - السرديات التاريخية والتأويل الشعائري للعنف















المزيد.....

السرديات التاريخية والتأويل الشعائري للعنف


غالب المسعودي
(Galb Masudi)


الحوار المتمدن-العدد: 8320 - 2025 / 4 / 22 - 20:47
المحور: قضايا ثقافية
    


التأويل الشعائري للعنف يُمكن ان يفهم على انه جزء من شعائر اجتماعية أو دينية تعبر عن قوى أكبر، قوى ميتافيزيقية أو الآلهة تعتمد على سياق ثقافي او تاريخي معين ويمكن أن يُنظر إليها على أنها افعال مقدسة .يُلعب التأويل الشعائري للعنف دورا مهما في تعزيز مشاعر الانتماء و الوحدة الجمعية ويمكن ان يؤدي أيضًا إلى تفكك اجتماعي أو صراعات، تتداخل السرديات التاريخية مع التأويل الشعائري وتستخدم الأحداث التاريخية لتبرير أشكال متعددة من العنف، دراسة هذه الظواهر تتطلب نقدًا مستمرًا للسرديات السائدة، حيث يمكن أن تكشف عن تحيزات أو روايات متناقضة في الفهم وبناء تأويل شعائري للعنف بناء على ذلك، كما يساعد النقد المنهجي في تحليل كيفية تشكيل المجتمعات لقصصها الخاصة، وكيف يمكن أن يؤثر ذلك على السلوك الجماعي وطبيعة العلاقات الاجتماعية.
إعادة صياغة الهوية الجماعية
تستند السرديات التاريخية أحيانا إلى أحداث تاريخية مؤلمة، يعزز شعور الافراد بأنهم ضحية يؤدي الى ردود فعل عنيفة، كما تستخدم لتأكيد هوية جماعية تستند إلى مظالم تاريخية، مما يُحفز الأفراد على استخدام العنف دفاعًا عن هذه الهوية. قصص الأبطال الذين قاموا بأعمال عنف ضد الظلم تعطي مبررًا لارتكاب أعمال مشابهة تستخدمها السرديات الدينية لتبرير العنف، حيث يُعتبر العمل العنيف جزءًا من الجهاد أو الدفاع عن العقيدة، كما تُستخدم السرديات لتصوير الخصوم المحليين كخطر وجودي، مما يُبرر استخدام العنف كوسيلة للدفاع عن النفس، ويتم استخدام أحداث تاريخية منتقاة لتأكيد فكرة أن العنف هو الوسيلة الوحيدة لضمان البقاء.
الاستغلال السياسي
تستغل هذه السرديات لتحفيز الجماهير على دعم السياسات أو الأفعال العنيفة، اذ يُعاد تأطير الصراعات المعاصرة في سياق تاريخي لإضفاء الشرعية على العنف، مما يجعل الأفراد يشعرون بأنهم جزء من تاريخ طويل ،تُسهم السرديات التاريخية السائدة في إقصاء الروايات البديلة التي تدعو إلى السلام أو التفاهم، مما يُعزز من دوامة العنف من خلال الاستخدام الشعائري المستمر لسرديات تاريخية تبرر العنف، و يتم تشكيل وعي جماعي يمكن أن يؤدي إلى تكرار دورات العنف في المجتمعات، مما يجعل من الضروري استجواب هذه السرديات وتعزيز الحوار حول روايات أكثر سلامًا .
العنف واشتراطات الحضارة
التأويل الشعائري للعنف واشتراطات الحضارة يرتبطان بشكل معقد، حيث يلعب كل منهما دورًا في تشكيل فهم المجتمعات للعنف والحضارة، يتضمن التفسير جزء من الشعائر أو الطقوس التي تعكس قيمًا ثقافية أو دينية في بعض الثقافات، مثال ذلك يُعتبر العنف جزءًا من طقوس تعبر عن القوة أو التضحيات، مما يُضفي عليه طابعًا مقدسًا، يمكن أن يُعزز التأويل الشعائري من قبول العنف كوسيلة لتحقيق أهداف معينة، مثل الدفاع عن الهوية أو العقيدة،لكن اشتراطات الحضارة تشمل مجموعة من القيم الأخرى التي تتضمن المؤسسات القانونية ،الإدارية ،الاقتصادية، والممارسات التي تُحدد هوية مجتمع وتُعزز حضارة متقدمة بالتالي تتعارض مع التأويلات العنيفة ،حيث تعتمد الحضارات على نظم قانونية تحد من استخدام العنف، في كثير من الأحيان يحدث صراع بين التأويلات التقليدية للعنف وبين القيم الحديثة التي تدعو للسلام والتفاهم لذا يجب أن تُعاد صياغة التأويلات الشعائرية للعنف في سياقات حضارية جديدة، مما يُقلل من تأثير التأويلات الشعائرية للعنف في فهم العلاقة بين التأويل الشعائري واشتراطات الحضارة ويساعد في تحليل كيفية تأثير القيم الثقافية على السلوك العنيف، والدعوة إلى التفكير في طرق بديلة تساعد على تعزيز قيم التسامح في المجتمعات المعاصرة.
دور الدين في التأويل
يُستخدم الدين لتفسير العنف كجزء من إرادة إلهية أو وسيلة لتحقيق العدالة، بعض النصوص الدينية تُشرع العنف في سياقات معينة، مثل الدفاع عن العقيدة أو الحرب المقدسة ،يُعزز هذا من شعور الانتماء إلى جماعة معينة، و يُمكن أن يُحفز الأفراد على استخدام العنف دفاعًا عن هذه الهوية الشعائرية المرتبطة بالعنف كما يؤدي الى بناء رابطة قوية بين الأفراد، لذا يُمكن استغلال الدين لتأطير الصراعات على أنها صراعات مقدسة، مما يُضفي شرعية على العنف، و يساهم التأويل الشعائري في جعل العنف ممارسة مقبولة أو حتى مطلوبة، مما يُعزز من انتشاره في المجتمعات التي تعيش في مستوى متدني في السلم الحضاري الإنساني، واعتبار العنف وسيلة عادية لحل النزاعات، التأويلات العنيفة تُسهم في تقسيم المجتمعات إلى معسكرات متصارعة، مما يزيد من حدة التوترات والصراعات ويمكن أن تؤدي إلى تأجيج الكراهية بين الجماعات المختلفة، يؤدي التأويل الشعائري للعنف إلى آثار نفسية سلبية على الأفراد، مثل الشعور بالذنب أو الخوف ويُعزز من العزلة الاجتماعية ويُقلل من فرص الحوار والتفاهم بين الجماعات المختلفة، دور الدين في التأويل الشعائري للعنف يظهر كيف يمكن أن يُستخدم كأداة لتبرير العنف وتشكيل الهويات الجماعية، مما يؤثر بشكل عميق على السلوك الاجتماعي والنفسي، يتطلب التعامل مع هذه الظواهر فهمًا عميقًا للتاريخ والثقافة والدين، وضرورة تعزيز قيم التسامح والحوار.
التحديات
التبرير الشعائري للعنف يواجه تحديات متعددة تتعلق بالثقافة، الدين، التعليم، وسائل الإعلام، الانقسامات الاجتماعية، والعوامل الاقتصادية، يتطلب التصدي لهذه التحديات استراتيجيات شاملة تتضمن التعاون بين المجتمع المدني، المؤسسات التعليمية، ووسائل الإعلام ،من خلال التعاون بين مختلف القطاعات، يمكن بناء مجتمعات أكثر سلامًا وتسامحًا ، عندما تكون هناك حالة من الجمود أو عدم الحركة، قد تواجه الاستراتيجيات المقترحة تحديات إضافية، منها التحديات التي تواجهها هذه الاستراتيجيات في أوقات الصمت، رغم ذلك يمكن تحقيق النجاح من خلال التحفيز، فتح قنوات الحوار، استخدام وسائل الإعلام بشكل فعال، الأنظمة المدنية المستقرة التي تدعم التسامح وحقوق الإنسان يمكن أن تسهم في نجاح هذه الاستراتيجيات من خلال وجود إطار قانوني يدعم السلام ويعاقب على العنف ويُعزز من فعالية الحركة، الظروف الاقتصادية الجيدة تُساعد أيضا على تقليل الإحباط، مما يجعل الأفراد أقل عرضة للتمسك بالعنف. توفر فرص العمل يمكن أن يقلل من مشاعر الإقصاء ويعزز من الاستقرار الاجتماعي، تتأثر نجاح الاستراتيجيات بعدة عوامل تشمل البيئة السياسية، الظروف الاقتصادية، التكنولوجيا، التنوع الثقافي، المشاركة المجتمعية، التأثيرات الخارجية، فهم هذه العوامل وتوجيه الجهود بشكل مناسب يمكن أن يُعزز من فعالية الاستراتيجيات الرامية إلى تقليل آثار التبرير الشعائري للعنف.
العمى الثعلبي في إدارة ازمات العنف المعاصرة
العمى الثعلبي، في سياق ثقافي، يشير إلى حالة من الغفلة أو عدم الوعي تجاه الحقائق أو القضايا المهمة في المجتمع ويشير إلى الانغلاق الفكري أو عدم القدرة على رؤية الصورة الكاملة بسبب التمسك بالسرديات التاريخية الضيقة. هذا يؤثر على فئات مجتمعية مختلفة. ان تطوير مناهج تعليمية التي تركز على التفكير النقدي وتحليل السرديات التاريخية ودعم الدراسات التي تبحث في السرديات التاريخية وتأثيرها على الفهم المعاصر، كما ان نشر الأبحاث والمقالات التي تقدم رؤى جديدة حول السرديات التاريخية ،تنظيم حملات توعية تهدف إلى نشر الوعي حول تأثير السرديات على الأزمات المعاصرة كذلك استغلال وسائل الإعلام لنشر محتوى يعزز من الفهم الشامل للأزمات في مواجهة "العمى الثعلبي" يتطلب جهدًا مشتركًا من جميع الأطراف. من خلال تعزيز الوعي النقدي، فتح قنوات الحوار، وإعادة تقييم السرديات، يمكن بناء مجتمعات أكثر وعيًا وقدرة على التعامل مع ازمات العنف المعاصرة بشكل فعّال الناتجة عن السرديات التاريخية غير الموثقة اركيولوجيا.



#غالب_المسعودي (هاشتاغ)       Galb__Masudi#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السرديات التاريخية وجغرافيا الاستبداد
- السرديات التاريخية ووعي الزمن المقدس
- السرديات التاريخية مغالطات* منطقية في التأويل
- المرجعية السردية بين الماضي والحاضر
- الزمكان في السرديات التاريخية المؤسسة
- التجلي الباطني في السرديات التاريخية الوهمية
- السرديات التاريخية الوهمية “بروباغندا- سياسية مقصودة
- سردية البطل المظلوم
- السرد التاريخي الشفهي قبل الكتابة
- السرديات الوهمية واقتصاد القوة
- المغالطات المنطقية والتعميم المتسرع في السرد التاريخي
- السرد البدئي وتاثيره في وعي اللاوعي
- الوعي العميق اغتراب في مجتمعات الحافة
- أساطير الماء والطين
- هل نحن بحاجة الى اساطير جديدة
- حضيرة اللاوعي وفقاعات المعلومات
- القلق الوجودي والهم الميتافيزيقي
- الاحتباس الثقافي ودور السياق
- أفلاطون ويوتوبيا القرن العشرين
- المجتمعات المطمئنة وبلورة الوعي النقدي


المزيد.....




- طبيب أمريكي عمل بمستشفيات غزة يفصّل ما حدث ليلة استهداف -الأ ...
- ترامب يقيل مستشار الأمن القومي ويضيف منصبه لوزير الخارجية مؤ ...
- وزير النقل التركي يجدد تأكيده على مشروع -قناة إسطنبول- رغم ا ...
- برلماني روسي يدعو لإدخال برنامج محو الأمية إلى البيت الأبيض ...
- ليبيا: الوصول إلى المعلومة أشبه بالمغامرة
- عاجل | الجيش الإسرائيلي: منظومة الدفاعات الجوية تعمل على اعت ...
- أوروبا تسعى لبناء مجمع عسكري بحثا عن الاستقلال الدفاعي
- رسالة تحدٍّ من ناشطة بعد قصف سفينة كسر الحصار على غزة
- لبنان يحذّر حماس من تنفيذ أعمال -تمس بسيادته وأمنه-
- إحالة آبل للتحقيق لانتهاك أمر قضائي يخص شركة -إيبك غيمز-


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف
- أنغام الربيع Spring Melodies / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - غالب المسعودي - السرديات التاريخية والتأويل الشعائري للعنف