أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فتحي مهذب - النقطة السوداء














المزيد.....

النقطة السوداء


فتحي مهذب

الحوار المتمدن-العدد: 8320 - 2025 / 4 / 22 - 17:45
المحور: الادب والفن
    


-النقطة السوداء.

في قريةٍ نائية، حيث يتقاسم البشر والقطط الحياة بكافة تضاريسها ومناخاتها .
كان ثمة تقليد يضرب بجذوره في القدم .
لكنه يحضر كل عام، في ذات اليوم، كأنه موعد مقدّر.

كل ربيع في ذات السنة واليوم وعند الغروب، تتجمع القطط تحت شجرة البلوط العتيقة في قلب الساحة، يراقب البشر من نوافذهم المشهد بصمت لا يخلو من رهبة.

كان "ميشو" قطًا شابًا، رماديّ الفراء، بعينين بلون العسل الذهبي ، محبوبا من الصغار، مشاغبا في نظر الكبار، لا يشفق من السؤال ولا يلوذ بالصمت. لم يكن يصدّق القصص التي تروى عن "النقطة السوداء"، ولا يهابها. كان يقول ساخرًا: "طقس قديم... مجرد مسرحية مكرورة!"، وكان الكلب "العجوز ترامبو "يرد عليه دومًا بنظرة مطفأة: "ستفهم... وإن كنت أتمنى ألا تفعل."

حلّ الصباح المنتظر. بدت الشمس باهتة، كأنها تحاول أن لا ترى. اجتمعت القطط، يجثم على كلاكلها صمت المقابر. الصندوق الخشبي وُضع تحت الشجرة، كبير القطط "مخلب" وقف بجانبه، يكرر الطقوس بصوت رخيم، رغم أن الجميع يحفظها عن ظهر قلب.

ورقة لكل قط. بيضاء جميعها، عدا واحدة، في قلبها نقطة سوداء. ومن تخرج له تلك الورقة... سيفوز بالجائزة

لماذا؟ لا أحد يجيب. هكذا كان دومًا. وهكذا يجب أن يبقى.
وقف "،ميشو" بين الحشد، يشد على مخالبه بتوتر لم يعترف به. اقترب من الصندوق، مدّ يده ببطء، وكأنها تخترق ما هو أكثر من الخشب. أخرج ورقة.

النقطة السوداء كانت هناك.

ضحك. كانت ضحكة قصيرة، مرتجفة: "هاه... فزت؟" لكن أحدًا لم يضحك. العيون كلها التفتت نحوه، ثم انسحب الحشد بهدوء، ليشكل دائرة محكمة.

تقدّمت القطة العجوز " كوندليزا"، كان صوتها هشًا لكنه لا يُقاوم: "ميشو"،... تم اختيارك. لا أحد يُعفى. لا أحد فوق الطقس." سألها، ولأول مرة، بصوت طفل توجس خيفة : "لكن... ماذا يعني؟ ما الذي سيحدث؟" أجابت: "ليس موتًا، يا بني. بل فداء. فداء لأجل التوازن... لأجل الموسم."

حاول أن يتحرك. حاول أن يصيح. لكن الدائرة أُغلقت، ووجوه القطط من حوله لم تعد تحمل الألفة. كانت ساكنة، صارمة، متجهمة،

وبدأ الطقس.

في صباح اليوم التالي، لم يُذكر اسم ميشو. لم يُذكر أن شيئًا حدث. الحياة عادت تسير كأنها لم تتوقف. لكن تحت شجرة البلوط، رمشت القطة "كوندليزا" طويلًا، ثم مشت مبتعدة ببطء تجر ذيلا معقوفا مرتعشا مثل قصبة في الهواء.

طوى الزمن جناحيه المصطفقين .
ثمة في كل بيت من بيوت القرية، وُلدت قطة صغيرة، معافاة، في ذات اليوم. إحداهن... كانت تملك عينين بلون العسل.

مستوحاة من قصة الكاتبة الأمريكية شيرلي جاكسون Shirley Jackson المعروفة باليانصيب.the lottery



#فتحي_مهذب (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متكىء على خيط ناحل من الضوء
- إنتظرنك طويلا يا سلمى
- قراءة الدكتورة عربية بلحاج.
- البئر
- اليربوع
- ومضة
- فصوص
- كلما سمعنا صرير الكراسي
- شجرة الأشباح السوداء
- قصة البيت الملعون
- إدغار آلان بو مطلوب للعدالة.
- كسار الحصى وشيخ البحر
- القط ذو السبعة أرواح
- الأرجوحة
- مجرم حرب
- الدمغة
- ذهبوا جميعا وبقيت وحدي كالحجر
- لم تفلت الخيط
- قراءة نقدية في كتابي الموسوم بطابقين من الفوبيا نقاتل الوراء
- الزمن كقاتل متسلسل


المزيد.....




- عُمان تعيد رسم المشهد الثقافي والإعلامي للأطفال
- محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية يع ...
- -الحب والخبز- لآسيا عبد الهادي.. مرآة لحياة الفلسطينيين بعد ...
- بريطانيا تحقق في تصريحات فرقة -راب- ايرلندية حيّت حماس وحزب ...
- كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا ...
- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فتحي مهذب - النقطة السوداء