أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محفوظ بجاوي - من ذاكرتي : عندما لا تغادرنا الأوجاع














المزيد.....

من ذاكرتي : عندما لا تغادرنا الأوجاع


محفوظ بجاوي

الحوار المتمدن-العدد: 8320 - 2025 / 4 / 22 - 11:05
المحور: سيرة ذاتية
    


قصة قصيرة مستلهمة من تجربتي الشخصية في العشرية السوداء في الجزائر، حيث يظل الألم والذكرى عالقين في النفس مهما طال الزمان.
كنتُ مفتشًا في المخابرات الجزائرية خلال العشرية السوداء، تلك الحقبة المظلمة من تاريخنا التي شهدت حربًا شرسة مع الإرهاب والتطرف المسلح. كانت الأيام في تلك الفترة مليئة بالدماء والمآسي، وكانت معركتنا ضد الجماعات المسلحة تأخذنا من يوم لآخر إلى معارك فكرية وميدانية لا تنتهي.
في إحدى الزيارات لبيت أحد الإرهابيين، كان يتعين علينا اعتقاله. دخلنا منزله وكان يختبئ، فتمكنا من أخذه. وفي طريقنا للخروج، تفاجأنا ببنت صغيرة، لا يتجاوز عمرها ثماني سنوات. كانت تبكي بحرقة، تمسك سروالي وتصرخ "يا عمي، يا عمي، ماتقتلوليش بابا لعزيز". كانت اللحظة عادية بالنسبة لنا، لأننا في قلب المعركة، وكان التعامل مع العائلات المسلحة جزءًا من حرب العصابات التي لا تنتهي. كانت تلك الطفلة إحدى ضحايا الصراع المستمر، غير أن ما بقي عالقًا في ذهني طوال السنوات هو دموع تلك البريئة.
مرت الأيام، وغادرت الجزائر، وجاءتني سنوات طويلة من السلام في الخارج، في السويد. ولكن، تلك الصورة، صورة تلك الطفلة، لم تفارقني أبدًا. أصبحت جزءًا من ذكرياتي الأليمة التي تلاحقني بين الحين والآخر، حتى مع تقدم العمر.
في هذه المرحلة، وأنا في السبعينيات، لا تكاد تمر ليلة من دون أن تعود هذه الصورة إلى ذهني، وكأنها حدثت بالأمس. كلما كنت وحدي أو في لحظات هدوء، أجد نفسي غارقًا في تلك الذكرى المؤلمة. تشوش حياتي، تمنع عني النوم، وتحرمني من السعادة والفرح. في بعض الأحيان، أصبحت أشعر بالحزن والاكتئاب، وكأنني عُدت إلى تلك اللحظة مرة أخرى، أتألم كما تألمت حينها.
اليوم، وأنا بعيد عن تلك الفترة، أقول إن كل دمعة، وكل لحظة ألم مررت بها، لم تذهب سدى. فالأحداث التي عشناها في الشباب، حتى وإن كانت بعيدًا عن أعين الناس، تظل تلاحقنا حتى في الشيخوخة. ربما لن نستطيع أن نغير الماضي، ولكن يبقى أن الألم يظل جزءًا من تكويننا، يعيدنا إلى ذواتنا ويختبر صبرنا.
لا تذهب دموع الإنسان سدى. كلما مر الوقت، كلما كانت تلك الذكريات هي التي تشكل الإنسان الذي أصبحنا عليه الآن. سواء كان في مواقف حزينة، أو لحظات الفرح، تظل الذكريات تعيش داخلنا، تؤثر فينا وتعلمنا.



#محفوظ_بجاوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هواري بومدين وصناعة الرموز : حين يصبح التاريخ أداة للشرعية ا ...
- رغم إنك كبير يا وطني....
- أحمد أويحيى: رجل الدولة الذي خسرته الجزائر
- الركود الفكري في الجزائر: تحديات المجتمع في عصر الجمود
- الدولة المؤمنة... واستنزاف الجيوب باسم العقيدة
- كرامة المواطن ليست للبيع!
- غربة في غربة... حين تصبح الغربة مصيرًا لا مفر منه
- خطر الفكر الظلامي في الجزائر : بين الإهمال والسياسة الممنهجة
- 8 مارس-عيد المرأة : ليس مجرد احتفال...بل صرخة للحقوق والكرام ...
- عيد المرأة : بين الاحتفاء والبحث عن العدالة والمساواة
- علم الاجتماع في قبضة التجهيل : هل تخلى عن دوره في كشف الواقع ...
- رمضان : فرصة للتوازن الأخلاقي وتجديد الذات
- التجسس على الناس باسم الدين : أزمة أخلاقية أم انحراف فكري
- قفة رمضان : بين التكافل الإجتماعي وإهانة الكرامة
- عبء التاريخ : كيف نتحرر من الماضي لبناء المستقبل ؟
- المدرسة الجزائرية : كيف شوهت الهوية الوطنية وضلّلت الأجيال؟
- العبودية الاختيارية... لماذا يتأقلم البعض مع القمع؟
- الجزائر بين الماضي والحاضر، ضرورة الإصلاح والنهضة الفكرية
- التربية السليمة للأبناء : بين التوجيه والحرية
- ملحمة ساقية سيدي يوسف : عندما امتزج الدم الجزائري والتونسي ف ...


المزيد.....




- مقتل 24 شخصا على الأقل في هجوم على سياح بالشطر الهندي من كشم ...
- من غزة إلى الموصل ودمشق.. البابا فرنسيس في عيون سكان الشرق ا ...
- تحديد موعد جنازة البابا فرنسيس وتوقع بحضور كبير لقادة العالم ...
- قديروف يؤكد إحباط محاولة القوات الأوكرانية اختراق الحدود الر ...
- أوشاكوف: القمة الروسية العربية قد تعقد بموسكو في الخريف
- الرئيس الروسي والسلطان العُماني يعربان عن قلقهما إزاء الوضع ...
- -بلومبرغ-: الولايات المتحدة تفرض رسوما بنسبة 3521% على سلع م ...
- منافس قوي من Xiaomi في عالم الساعات الذكية
- الاحتفال بذكرى مرور 126 عاما على إنشاء الترام في موسكو
- الحرب في أوكرانيا: بوتين يبدي استعداده لدراسة مقترح زيلينسكي ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محفوظ بجاوي - من ذاكرتي : عندما لا تغادرنا الأوجاع