مرسح أم مسرح؟

أيمن غالى

الحوار المتمدن-العدد: 8320 - 2025 / 4 / 22 - 07:31
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

العامة وأهل الريف في مصر يقولون " مرسح " بديلا عن "مسرح" كترجمة للكلمة الإنجليزية Theater أو التياترو teatro الإيطالية؛ بمعنى مكان مجهز لاستقبال العروض الفنية من موسيقى وباليه وأوبرا والحفلات الراقصة والتمثيلية وغيرها من ألوان الفنون المختلفة.

طبعا أهل المدن بيتريقوا علي أهل الريف في نطقهم لكلمة مرسح ... واعتباره نوع من أنواع القلب المكاني- بالإنجليزية: metathesis، من اليونانية μετάθεσις المنتشر بين العوام والبسطاء وغير المثقفين؛ كمثال ( أنارب بديلا عن أرانب) واتفاق جموع المصريين باختلاف ثقافتهم في استخدام كلمة (جوز بديلا عن زوج)، والأمثلة كثيرة.

هل مرسح هي إبدال وقلب مكاني من مسرح؟
وأيهما أصح؛ مرسح أم مسرح؟
طبعا كلنا عارفين الدبكة، واللي هي منتشرة من جنوب تركيا لبلاد الكورد والعراق والشام وفلسطين والتي كانت مناطق عبادة الإله مردوخ والذي كانت له طقوس عبادة -هي نفسها- الدبكة بالرقص في دوائر مع ضرب الأرض، وكان مكان الدبكة اسمه (مرزح).
ومع بداية نشأة فكرة التياترو في الشام والشرق الأوسط علي يد مارون نقاش (1817-1855) وتنفيذه لأول عرض سنة 1848؛ سَمَّي الابتكار الغربي المعروف بالتياترو بالمَرسَح (من مرزح مردوخ؛ من ثقافة مجتمعه وتراث أجداده)، واستمرت الكلمة في كل الأوساط بالشرق الأوسط وحتى ستينيات القرن العشرين...

وفي الستينيات قرر المجمع اللغوي في القاهرة تغيير الكلمة من مرسح إلي مسرح؛ ليه بقي؟
لأن أحد جهابذة المجمع أكتشف عدم وجود كلمة " مرسح " في أي من معاجم اللغة العربية، وبالتالي، هي كلمة غريبة ودخيلة علي المجتمع العربي الطاهر وضرورة تطهيره باستبدال الكلمة الكُفرية بمقابل عربي طاهر...
وبعد الفحص والتمحيص فى عشرات المعاجم والكتابات العربية؛ خرج عليهم جهبذ آخر بكلمة مسرح والتي تم اكتشافها في كتاب معجمي وحيد (المحيط في اللغة للصاحب بن عَبَّاد سنة 995 م)؛ يُطلق علي مكان رعيّ المعيز ؛ يعني لو عندك معزتين ومحتاج تأكَلهُم؛ تاخدهم وتسرح بيهم في مسرح...
وبالتالي، اعتبر المجمع اللغوي العربي أن مخرج أى عمل تمثيلي بتياترو؛ بمجموعة ممثلين؛ عبارة عن راعي غنم مِسَرَّحهُم في مَرعَي...

#أيمن_غالى (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات