ويصا البنا
مقدم برامج _ اعلامى _كاتب - مشير اسرى -قانوني
(Wisa Elbana)
الحوار المتمدن-العدد: 8320 - 2025 / 4 / 22 - 04:47
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
حين يفقد الإنسان إنسانيته، لا يعود الموت عنده محطة للتأمل أو لحظة للتقدير، بل يصبح مناسبة للتشفي، وساحة لتفريغ أحقاده، وكشف سواد قلبه.
وقد رأينا هذا القبح الإنساني يتجلى بأبشع صوره بعد إعلان وفاة بابا الفاتيكان، رأس الكنيسة الكاثوليكية، ورمز عالمي للمحبة والسلام، حيث انطلقت أفواه ملوثة بالحقد والجهل، تتهلل شماتة، وتغني فرحا بموت أنبل رجل فى العالم
أي عقيدة تلك التي لم تعلِّم أصحابها أن الموت حرمة، وأن الميت له حق في السكون والاحترام، بغض النظر عن دينه أو مذهبه أو فكره؟
من هؤلاء الذين تطاولوا على رجل قضى حياته في خدمة ملايين المؤمنين، وكرّس كلماته للدعوة إلى السلام والرحمة والمصالحة بين الأديان؟
كيف يسمح لنفسه إنسان أن يفرح بموت رجل دين، لم يطعن يومًا في أحد، ولم يدعُ إلا للحوار، ولم ينخرط في دم أو عنف أو عداء؟!
هؤلاء الذين شمتوا، لا يعرفون الله حقًا، وإن رفعوا اسمه كذبًا وزورًا.
هؤلاء لا يمارسون الإيمان، بل يستعملونه وقودًا للكراهية.
إنهم يسيئون إلى أديانهم قبل أن يسيئوا إلى غيرهم، ويقدمون أنفسهم على حقيقتهم: كائنات منفصلة عن الرحمة، مهووسة بالبغض، تنبح مع كل مأساة، وترقص فوق كل نعش.
من يشمت في الموت، لا يحترم الحياة.
ومن يفرح برحيل الآخر، هو في الحقيقة يحتفل بانهيار ما تبقى من ضميره.
وأسألهم: ماذا لو شمت الآخرون في موت علمائكم، ورجال دينكم، وشيوخكم؟ أترضونها على أنفسكم؟! إن كانت لديكم ذرة من عقل فستدركون أن الشماتة ليست موقفًا، بل فضيحة أخلاقية ودينية.
ما حدث يكشف أزمة عميقة لا في العقيدة، بل في التربية والانتماء والقيم.
نحن لا نحتاج إلى إعادة تفسير النصوص، بل إلى إعادة ترميم الضمائر التي جفت، والعقول التي استُبدلت بالكراهية، والقلوب التي تحجرت حتى لم تعد تعرف حرمة الموت ولا قدسية الفقد.
رحم الله البابا، فقد خسر العالم صوتًا عاقلًا، ورمزًا إنسانيًا، بينما كسب الشامتون فضيحة لن تُمحى.
الموت أكرم منكم، والراحل أطهر من أحقادكم، والتاريخ لن ينسى من احترموا خصومهم، ومن شمتوا بموت من كان حذائة انظف منهم.
#ويصا_البنا (هاشتاغ)
Wisa_Elbana#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟