الشهبي أحمد
كاتب ومدون الرأي وروائي
(Echahby Ahmed)
الحوار المتمدن-العدد: 8318 - 2025 / 4 / 20 - 22:07
المحور:
قضايا ثقافية
ما الذي يجمع بين تدافع المعجبات المراهقات على جناح كاتب في معرض الكتاب، وحالات الإغماء الجماعي، وأكوام من الروايات المغلفة باللون الأسود والتي تحمل عناوين من قبيل "ظلّك في مقبرة الجن العاشق"؟ الجواب ببساطة: مراهقات يبحثن عن حب مستحيل... أو عن توقيع من أسامة المسلم.
في الزمن الجميل، كان القارئ المغربي يذرف الدمع على صفحات "الخبز الحافي"، ويخرج من جلباب الطيب صالح ليدخل في نفق عبد الله العروي، أما اليوم فقد خرج من جلباب أي شيء ودخل في تيك توك. لم نعد نرى قارئًا يحمل رواية، بل مراهقة تصور نفسها تبكي على صفحة بعنوان "وماتت بعد أن همس لها الشيطان بكلمة أحبك".
أما نجم هذا الموسم، في معرض الكتاب بالمغرب، فهو " أحمد آل حمدان" ، صاحب التحفة الأدبية الخالدة: "مدينة الحب لا يسكنها العقلاء". العنوان وحده كفيل بأن يجعلك تبحث عن أقرب مدينة يسكنها المنطق... لتهاجر إليها بلا عودة. كاتب متخصص في جعل الحب يبدو وكأنه مرض موسمي يصيب المراهقات في سن البكاء على أغنية كورية. يكتب جملًا من نوع: "نحن نحب حين لا يجب، ونبكي حين لا نُحتمل"، فيصفق له متابعوه وكأنه اكتشف نظرية الجاذبية العاطفية.
أسامة المسلم يبيع الرعب المغلّف بفتنة الشياطين، وأحمد آل حمدان يبيع الحب المغلّف بالحكمة المغشوشة. الاثنان يلتقيان في شيء واحد: لا أحد منهما دخل الأدب من بابه، بل من فتحة التهوية الخلفية لتيك توك.
أقسم أن أغلب هؤلاء "النجوم الجدد" لا يكتبون بقدر ما يديرون حملات دعائية تشبه إعلانات الصابون. يدخلون علينا من إنستغرام وتويتر، يضعون صورة غامضة بها دمعة وسواد وظلال، ثم يكتبون تحتها: "الرواية التي ستجعلك تشكّ في وجودك"، وفي التعليقات جمهور من المراهقات يكتبن: "أحتاج هذا الكتاب أكثر من الأوكسجين".
المعارض صارت كأنها "ميتاڤيرس" جماعي. لا أحد جاء لشراء كتاب فاطمة المرنيسي أو إدريس الشرايبي، الجميع واقف في طابور لكتاب فيه عبارة: "رأيتها تمشي بين المقابر ففهمت أنها قدري".
والدولة، بدل أن تشجع القراءة، صارت تحتفي بأرقام مبيعات من كتب لم يقرأها حتى مؤلفها بعدما سلّمها للناشر.
الحقيقة؟ ماشي المشكل في الكُتاب ولا في المراهقات، بل فينا حنا، اللي خلّينا منصة مثل "تيك توك" تحدد من يستحق لقب روائي.
وفي انتظار أن تصدر رواية بعنوان "في حضن الشيطان أحببتني"، أكتفي بهذا القدر.
#الشهبي_أحمد (هاشتاغ)
Echahby_Ahmed#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟