أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - محمد السعدي - ميثاق النساء !.















المزيد.....

ميثاق النساء !.


محمد السعدي

الحوار المتمدن-العدد: 8318 - 2025 / 4 / 20 - 15:44
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


من الكتب التي حصلت عليها مؤخراً رواية ” ميثاق النساء ” ، للشاعرة والأديبة اللبنانية حنين الصايغ والمرشحة لعدة جوائز عالمية وترجمت إلى عدة لغات أجنبية ، إضافة إلى ثمة دراسات ومقالات نقدية ولقاءات تلفزيونية مع صاحبة الرواية على مدار السنة الأخيرة ، وأول ما شدني لها موضوعها الحيوي حول طبيعة المجتمع الدرزي وأركان كيانه ونمط العلاقات داخل هذا المجتمع وأسراره ، حيث تدور أحداث الرواية في ضيعة لبنانية صغيرة في جبل لبنان يقطنها ثمة بشر وأغلب سكانها من طائفة الدروز .

والدروز .. تعود أصولهم التاريخية وحسب السرديات القديمة والحديثة إلى فرقة الإسماعيلية الشيعية ، لكنهم يعتبرون نفسهم غير مسلمين ولا يلتزمون بأركان الاسلام الخمسة . تدور أحداث الرواية وأبطالها الاساسيين في بيت درزي بسيط ومتواضع رب البيت رجل متسلط ومستبد بأرائه ومؤمن بتعاليم الديانة الدرزية ويؤدي طقوسها على مدار السنة كاملة ، مما يتوجب عليه ضمن هذا السياق العقلي أن يتقيد ويفرض تلك التعاليم والطقوس على بناته الأربعة ، وهنا بيت القصيد محور بناء الرواية ، والتي تنقلها الكاتبة حنين إلى قراؤها بكل حرفية وواقعية وبعيداً عن الرتوش والاملاءات المسبقة . الأب رب العائلة المتمسك بأرائه القديمة ضمن سياقات بيئته فيمنع ويصد ويقف ضد طموحات وتوجهات بناته الاربعة بالزواج من غير ديانتهن الدرزية ، كما تفرضها تعاليم الطائفة ، ويعتبرها الأب أن وقعت منافية للتقاليد وخروجاً عن منطق العقل ، الذي هو أساس وركن مهم في جزئية الديانة الدرزية ، وضمن هذه الاساسيات والاعتقادات يقف بالضد من طموحات بناته في التعلم والدراسة الجامعية بعيداً عن أجواء التقاليد والبيئة والمجتمع الدرزي .

أصغر بناته ، كما هو في دراما الرواية هي شخصية أمل ، ورغم هدوئها المعهود لكنها تحمل تمرداً خفياً على تلك العادات والتقاليد ، فيجبرها الأب على الزواج من سالم ، وهو شاب درزي ومتمكن مادياً من خلال مشروعه التجاري الخاص به ، ومن العوامل التي تجبر أمل في القبول به وهي بعمر الستة عشر ربيعاً، بعد أن يأست من اقناع والدها في الدراسة الجامعية في الجامعة الامريكية في بيروت ، وكانت واحدة من شروط أمل في الزواج من سالم ، والتي أباحت له في أول لقاء بينهم برغبتها في تكملة دراستها في العاصمة بيروت بعيداً عن دراية ورأي أهلها ، ووافق سالم ربما إعتقاداً منه إنه مجرد رغبة جس نبض سرعان ما تتلاشى في العش الزوجية ، والدتها أمها ربة البيت الهادئة والطموحة لمستقبل بناتها ، كانت تنصاع إلى قرارات زوجها الفضة والد بناتها الأربعة .

تتطور الاحداث في البناء الدرامي للرواية ، من خلال موقف سالم بعد حصوله على الزواج من أمل محاولة التنصل عن تعهداته لها في أكمال دراستها ، وبدأ يضغط عليها بأتجاه الحصول على طفل ويجبرها بعد أن تأخرت في الحمل إلى مراجعة الطبيب وأجراء لها عدة عمليات كيميائية مما أنهكت صحتها ، وبدأت تعاني الأمرين من تصرفات سالم والضغط عليها بأنجاب طفل وعدم رغبتها بأي علاقة حميمية معه ، مما بدأ يجبرها بتلبية طلباته من جانب واحدة بعيداً عن الاحساس بشعور النشوة معه ، ولم يمل سالم عن رغبته الجنسية معها بشكل يومي رغم تحججها بعدة أسباب وعوامل هروباً من شبقه .

هنا تنقلنا حنين الصائغ بأسلوبها الأدبي الآخاذ وبجمال اللغة في تناولها لتطورات شخصيات روايتها وبأسلوب جذاب وواقعي في تطور مفصلي في العلاقة بين أمل وسالم ، حيث شخصية أمل تأخذ منحى آخر من خلال عزمها على أتخاذ قرار بالدراسة في الجامعة الامريكية في العاصمة بيروت رغم كل العراقيل التي وضعها أمامها زوجها سالم من أخلاقية ومادية ودينية ، وهنا أستطاعت حنين في تطور بناء روايتها بادخال أختها بشخصية نيرمين ، الأخت الأكبر لأمل ، والمتزوجة من شاب درزي وتعيش معه في أمريكيا ، والتي تعرفت عليه في بيروت من خلال حفلات التعارف للطائفة الدرزية ، والتي قصدها قادما من أمريكيا لحفلات التعارف هذه . الاخت نيرمين تبدي أستعدادها في دعم أختها أمل في دراستها الجامعية وتتحمل جزء من عبأ نفقات الجامعة مما وضع زوجها سالم في موقف محير ، وكان يعتقد أن أمل سوف تكف عن رغبتها الدراسية بعد أن رزقت بطفلة بعيداً عن التجارب والمختبرات الطبية ، في تلك اللحظات من البناء الدرامي للرواية تدخل شخصية أم أمل وتتعهد لأبنتها في حضانة طفلتها وفي إعتقادها أن زوجها سالم على دراية تامة بخطوتها الجريئة هذه وداعم لقرار أمل ، هنا يبرز عامل الزمن في إعادة بناء شخصيات الرواية ، بعد أن أصبحت أمل معيدة في الجامعة وقادرة أن تغطي جزء كبير من نفاقاتها ، فتتخذ قرار مفاجيء في السكن في بيروت بالضد من رغبة زوجها ومعرفة والدها ، وتقوم بتأجير غرفة قريبة من الجامعة وتبدأ حياة أخرى مختلفة تماما من مجتمع ضيق ومغلوب على آمره إلى فضاء أوسع في جو جامعي ومنفتح على كل الاتجاهات مما ساعدها في أتخاذ قرارات جريئة وصعبة بعيداً عن رغبة أهلها وتمرداً على محيطها فتترك أبنتها الصغيرة عند أمها ويقاسمها زوجها سالم في الحضانة ، هنا تبرز حنين في بنائها الروائي شخصية الأب وصعوبة مراسه تجاه بناته ، لكن في الأخير ينصاع مجبوراً لرغبة أبنته ، وفي تطور دراماتيكي للاحداث ينفصل سالم عن أمل وتتعرف أمل على أستاذ مصري مسلم مقيم في المانيا خلال زياراته المتكررة إلى بيروت وألقاء محاضرات في الجامعة الامريكية في بيروت ويتزوجا زواج مدني وينتقلا للعيش في المانيا .

تمكنت الروائية حنين بهذا العمل الروائي الكبير من كسر حاجز الصمت ، الذي يكبل جموح وحرية المرأة المتطلعة إلى المعرفة والدراسة ، فنجحت الروائية حنين الصايغ من خلال أدواتها الأدبية والفكرية في إعطاء صورة واقعية عن طبيعة وتقاليد المجتمع الدرزي وعلاقته بالتطورات والمتغيرات الحديثة من خلال بناء شخصيات روايتها ، والتي تعد في تقديري عمل أدبي مميز أستطاعت من خلاله رسم صورة كاملة عن طبيعة المجتمع الدرزي وتستحق الدراسة والقراءة والجائزة !.
حنين الصايغ شاعرة وروائية لبنانية من مواليد ١٩٨٦ في جبل لبنان وحاصلة على شهادة الماجستر بتعلم اللغة الانكليزية من الجامعة الامريكية في بيروت .



#محمد_السعدي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحيل فاضل الربيعي !.
- حوار صريح مع د.حميد عبدالله !.
- مسلسلات ودراما عراقية باهتة !.
- ساعة الصفر !.
- إلى الرجل مكرم الطالباني !.
- قراءة .. في كتاب -حوار صريح مع صدام حسين -.
- نص الحوار الذي أجرته معي الكاتبة الروائية والصحفية المصرية س ...
- يوميات من الماضي البعيد !.
- حضوة الزعيم قاسم في حضرة الشيوعيين !.
- نعي حزين … خسارة مفجعة !.
- الشاعر المغدور أبن مدينة بعقوبة ” خليل المعاضيدي”.
- الراحل نعمان علوان سهيل التميمي ”أبو عايد ” ملازم خضر !.
- بشتاشان بين الضحية والجلاد !.
- كتابي الجديد !.
- بعضاً من مساراته !.
- الى الراحل أبو خولة !.
- صورة الاستاذ محمد يونس جبر الساعدي!.
- أنا والأدب الروسي حكايات …!
- وقفة مع حسن أوبك !.
- ألكساندر بوشكين بين الأمس واليوم !.


المزيد.....




- انتهاء هدنة -عيد الفصح- في أوكرانيا، وكييف تتهم موسكو بانتها ...
- ترامب يأمل في -صفقة هذا الأسبوع- بين موسكو وكييف ويعد بتجارة ...
- الاحتلال يقتحم نابلس ويهجر 4 آلاف عائلة من مخيمي طولكرم
- غارات على سوق فروة الشعبي في صنعاء، والحوثيون يتوعدون بـ-محا ...
- تشويه تماثيل في لندن خلال مظاهرة حاشدة مؤيدة لحقوق المتحولين ...
- السوداني: قمة بغداد تعقد وسط تحديات كبيرة يواجهها العرب والم ...
- -إل موندو-: فارق بسيط مهم في صفقة ترامب.. هل تمتلك كييف القد ...
- إعلام: ضغوط أمريكية على كييف للرد على مقترحات واشنطن لوقف ال ...
- ترامب: الكثير من قادة العالم يطلبون مني إعفاءهم من الرسوم ال ...
- انتهاء هدنة عيد الفصح التي أعلنتها روسيا في أوكرانيا


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - محمد السعدي - ميثاق النساء !.