أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بهجت العبيدي البيبة - العودة من العدم: حينما يعيد العلم المندثرين إلى الحياة














المزيد.....

العودة من العدم: حينما يعيد العلم المندثرين إلى الحياة


بهجت العبيدي البيبة

الحوار المتمدن-العدد: 8312 - 2025 / 4 / 14 - 15:17
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في خبر علمي مدهش نُشر مؤخراً، أعلن باحثون عن خطوة هائلة نحو ما يمكن وصفه بـ”إعادة الماضي إلى الحاضر”، إذ تمكّن فريق من العلماء من إعادة “الذئب الرهيب” إلى الحياة، بعد أكثر من 12,500 عام من انقراضه، وذلك باستخدام تقنيات الهندسة الوراثية والتعديل الجيني المتقدم. هذا الحدث، الذي لا ينتمي إلى الخيال العلمي بل إلى أحدث ما أفرزته المختبرات البيولوجية، يشكّل لحظة فارقة في مسيرة العلم، ويفتح الباب أمام تساؤلات وجودية وأخلاقية ومعرفية حول حدود ما يمكن للإنسان تحقيقه في هذا العصر البيولوجي الجديد.
والذئب الرهيب، أحد الكائنات المفترسة التي جابت الأرض في العصر الجليدي، عاد – ولو بشكل أولي – بفضل تسلسل دقيق لجينومه ومزجه بجينات كائنات معاصرة من فصيلته.
لقد بدأت تتكشف ملامح عصر جديد، حيث لم تعد فكرة “العودة من الموت” أو “إحياء الماضي” مجرد ضرب من الخيال العلمي، بل أصبحت واقعاً يتشكل في مختبرات العالم المتقدم. فبعدما أعلن علماء عن نجاحهم في خطوات أولى لإعادة كائنات منقرضة إلى الوجود، كما هو الحال مع الذئب الرهيب، فإن هذا يفتح الباب واسعاً أمام إمكانية إعادة إنسان النياندرتال، أحد أقربائنا القدماء، الذي أعلن عدد من العلماء سابقا العمل على إعادته إلى الحياة من خلال تقنيات متقدمة مثل تعديل الجينات والاستنساخ اعتماداً على الشفرة الوراثية التي نجح الإنسان في فكها منذ سنوات.
إن ما يحدث ليس مجرد تجربة علمية، بل هو إنجاز حضاري، وتحول جذري في نظرتنا للعلم وحدوده. لقد أصبح العلم اليوم قادراً على إعادة تشكيل الطبيعة ذاتها، لا فقط علاج الأمراض أو إطالة عمر الإنسان، بل التعامل مع الموت ذاته، مع التاريخ، مع الكائنات التي اختفت منذ آلاف السنين.
هذا الحدث العلمي الفريد يُعيدنا إلى جذور الحلم الإنساني العميق الذي عبّرت عنه أسطورة جلجامش حين سعى للخلود، ذلك الحلم الذي رافق الإنسان منذ وعى وجوده، لكنه اليوم لم يعد مجرد خيال شعري، بل مشروع علمي تُضخ فيه ميزانيات ضخمة، ويجتهد فيه أعظم العقول.
وفي عالمنا العربي، خصوصاً في مصر، حيث امتلكنا عبر العصور عقولاً فذة وعلماء كانت لهم الريادة في الطب والفلك والكيمياء، فإن الوقت قد حان لاستعادة هذا الدور الحضاري من خلال الانخراط الجاد والمتحمس في قاطرة العلم. ليس فقط لأن ذلك يمنحنا القدرة على اللحاق بركب التقدم، بل لأن العلم أصبح اليوم قضية بقاء.
إننا لا نملك رفاهية الخوف من التقدم العلمي أو الانغلاق على مفاهيم عتيقة تجاوزها الزمن. لا يجب أن نخاف من علم قد يعيد النياندرتال إلى الحياة، أو قد يمنح الإنسان أعماراً مديدة، أو حتى يعيد تشكيل مفهوم “الطبيعة البشرية”. إن الخوف الحقيقي هو أن نقف متفرجين، مشدوهين، بينما يُعاد تشكيل العالم من حولنا دون أن نكون جزءاً من هذه الحركة الكونية الكبرى.
إن العلم لا يقف عند المجال الطبي. إنه يزحف إلى كل ميدان: الطاقة، البيئة، الذكاء الصناعي، الفضاء، الزراعة، الاقتصاد… بل إلى فلسفة الحياة ذاتها. وفي مواجهة هذا الزحف، فإن أمامنا خيارين لا ثالث لهما: إما أن نُساير هذه الموجة بشغف، نُعيد بناء أنظمتنا التعليمية، ونستثمر في البحث العلمي، ونُقدّس التفكير الحر، ونعيد للعلم مكانته في العقل الجمعي العربي… أو أن نُصبح مثل أقوام اندثرت لأنها رفضت التغيير ولم تستطع أن تواكب زمنها، تماماً كما حدث مع الهنود الحمر حين داهمتهم الحداثة من دون استعداد.
الرهان إذن هو على العقل، على الجرأة، على الرغبة الصادقة في النهوض، على أمة تدرك أن مستقبلها في مختبراتها، لا في استرجاع ماضٍ لا يعود.
فلنُنزل العلم منزلته التي يستحقها، لا كترف فكري، بل كطريق خلاص.



#بهجت_العبيدي_البيبة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في خان الخليلي… حيث تمتزج نكهة التاريخ برسائل السياسة
- حينما تتحكم النسبية في خرائطنا: كيف غيّرت نظرية آينشتاين طري ...
- الإنسانية فوق الطائفية: قراءة في مبررات العنف ضد الأبرياء في ...
- عندما تصبح الخرافة تهديدًا للوعي: قراءة نقدية في تصريحات حول ...
- الصيام عبر الزمن: من عادات القدماء إلى عبادة الإسلام
- رمضان… حين يشرق النور في القلوب
- التحديات السكانية في القرن الحادي والعشرين: قراءة مالتوسية ف ...
- الانتخابات الألمانية 2025: تحولات سياسية كبرى وتداعياتها على ...
- عندما يسخر الجهل من المعرفة
- مصر… حائط الصد الأخير في وجه مخطط التهجير
- ترامب ومكتب الإيمان: بين صعود الأصولية والصدام المحتمل
- حادث السويد الدامي: الإرهاب لا لون له ولا حدود
- التناغم الأمريكي-الإسرائيلي بين التصريحات والرموز: قراءة في ...
- الإعلام بين الإنصاف والتحريف - قراءة في تصريحات مارسيل كولر
- إيمانويل كانط: فيلسوف النور الذي رسم حدود العقل والإنسان
- الجنون في الحكم: من الحاكم بأمر الله إلى ترامب … بين الطبع و ...
- مرموش..لماذا يدعم المصريون أبطالهم عالميًا؟ قراءة نفسية واجت ...
- في غياهب الغيبوبة العقلية: من يستفيد من تغييب الوعي؟
- هل يستطيع ترامب تنفيذ تصريحاته حول المثليين .. حدود السلطة ت ...
- بين ابتلاء العقل وابتلاء الواقع: قراءة في حريقين… وعقلين


المزيد.....




- ناد أرجنتيني يقيم قداسا لوداع بابا الفاتيكان بكنيسة النادي
- الأردن يحظر الإخوان المسلمين: ما مصير الإسلام السياسي؟
- تساؤلات ما بعد حظر -جماعة الإخوان المسلمين- في الأردن؟
- مراسلة CNN من داخل الكنيسة التي يرقد فيها البابا فرنسيس.. هذ ...
- الأردن يحظر جماعة الإخوان المسلمين ويغلق مكاتبها
- الفاتيكان يعلن الحداد 9 أيام بدءا من السبت ويترقب توافد حشود ...
- الرئيس السوري يقدم التعازي في رحيل بابا الفاتيكان 
- الشرع يعزي الطائفة الكاثوليكية الرومانية برحيل البابا فرنسيس ...
- نتنياهو: لن نسمح بقيام خلافة إسلامية
- حظر أنشطة جماعة الإخوان المسلمين بالأردن


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بهجت العبيدي البيبة - العودة من العدم: حينما يعيد العلم المندثرين إلى الحياة