ابو يوسف الغريب
كاتب وشاعر
(Zuhair Al Shaibani)
الحوار المتمدن-العدد: 8312 - 2025 / 4 / 14 - 00:58
المحور:
الادب والفن
أرشيف اللامعنى
(الدفتر الثاني)
في الخزانة القديمة،
التي ورثناها من جدّة أمي
التي ورثتها من جارٍ أرمني
هرب من مجزرة،
وترَك وراءه كتاب طبخ وكفنه،
كان هناك ظرفٌ أصفر
عليه ختم الدولة:
“سريّ للغاية – يُفتح في حال الكارثة”.
فتحتهُ في يومٍ عادي
لأني مللتُ الانتظار
فاكتشفتُ أن الكارثة نحن.
أبي…
أبي كان يعمل في صيانة الأحلام
يطليها كل صباح بلون الرماد
ويكتب على ظهرها: “غير صالحة للاستعمال خارج نطاق السلطة”.
قال لي مرّةً وهو يفكك الراديو:
“الصوت الحقيقي لا يأتي من المذياع
بل من الفراغ الذي يليه”.
وكان إذا ابتسم
تُصدر صور القادة صوت “تكبير”.
أمي…
أمي صمّت لثلاثة عقود
ليس زهداً، بل لكي لا تبلّغ عنها الملاعق.
كانت تعرف أن السكوت لغة رسمية
وأن صراخ الملاعق على الطاولة
قد يُترجم انقلاباً.
زرعت في بيتنا حديقة صبار
تسقيها بالماء المقطّر من دموع الأخبار
وكانت تهمس للنباتات:
“لا تنبتي شوكاً يا ابنتي،
سيمسكونك بتهمة المقاومة”.
أنا…
أنا مجرد رقم في دفتر الغياب
أمشي بتصريح صوتي
ممنوع من الكلام في أيام العطل الرسمية.
قرأتُ أكثر مما ينبغي
وشعرتُ أكثر مما يُسمَح.
أحببتُ بنتاً تشبه القصيدة
فأبلغتْ المدرسة عني،
فأعادوني إلى الصف الأول
لأعيد حفظ النشيد الوطني بصيغة الدموع.
القرية…
قريتنا بلا مقبرة
فنحن لا نموت، بل نُطوَى
كأننا بيانات غير مستعملة.
في العيد الأخير
أهداني ابن المختار صاروخاً ورقياً
وقال:
“هذه نسختك من الحلم النووي
افردها… واحترق!”
الهوية…
قالوا لي مراراً:
“أنت تنتمي إلى هذا التراب”.
لكن التراب لفظني،
وقال: “أنا لا أحتمل الفائض العاطفي،
اذهب وازرع جثتك في مكان آخر”.
نهاية مؤقتة…
أحتفظ بقلبي في درج المكتب
وأكتب عليه بخطٍ صغير:
“هذا ليس عضواً…
إنه احتجاج لم يكتمل.
ابو يوسف الغريب
#ابو_يوسف_الغريب (هاشتاغ)
Zuhair_Al_Shaibani#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟