الشهبي أحمد
كاتب ومدون الرأي وروائي
(Echahby Ahmed)
الحوار المتمدن-العدد: 8311 - 2025 / 4 / 13 - 02:47
المحور:
كتابات ساخرة
في الليالي الأوروبية الكبرى، يتغير المغرب. الشوارع تهدأ كما لو أن "حظر تجول" فُرض فجأة، المقاهي تزدحم كأنها جلسة طارئة في مجلس الأمن، وأصحاب المقاهي يرفعون أعلامًا لا تمتُّ للوطن بصلة: ريال مدريد من جهة، وبرشلونة من الجهة الأخرى، رغم أن المباراة تدور بين مانشستر سيتي وبايرن ميونيخ.
في تلك اللحظات، يتحول المواطن المغربي إلى محلل رياضي متمرّس، يفكك الخطط التكتيكية، ويعدد إنجازات اللاعبين الاحتياط، ويُقسم أغلظ الأيمان أن الحكم تعمّد ظلم فريقه "المحبوب". والأدهى من ذلك، أنه يسبّ، يشتم، يغضب، يحزن، ثم يُقسم أنه سيقاطع كرة القدم… قبل أن يعود في المباراة القادمة أكثر حماسةً مما كان عليه.
المثير للسخرية ــ أو للبكاء ــ أن هذا المواطن نفسه لا يعرف شيئًا عن مدونة الشغل، ولا كيف يطالب بحقه في التغطية الصحية أو التقاعد. لا يشارك في أي احتجاج، لا يكتب رسالة تظلم، لكنه يحفظ التشكيلة الأساسية والاحتياطية لنادي أرسنال، ويعرف من هو مدرب فريق تحت 18 سنة في باريس سان جيرمان.
وإن حدث وقلت له: "علينا أن نناضل من أجل حقوقنا"، سيجيبك بازدراء: "لا تدخلني في السياسة، أنا مجرد مشجع."
لكن حين يخسر فريقه الأوروبي، يتحول فجأة إلى ثائر غاضب، يخرج من المقهى وكأن الهزيمة انتهاك شخصي لكرامته، يتوعد، يصرخ، ويؤكد أن التحكيم "مُسيس" وأن هناك مؤامرة ضد ناديه… الذي لا يعرف أصلاً أنه موجود.
يا صديقي، كرة القدم جميلة حين تكون متعة وهروبًا مؤقتًا من قسوة الواقع، لا حين تتحول إلى قضية وطنية وهمية نُفرّغ فيها كل ما لم نستطع فعله في حياتنا.
الفرقة الوحيدة التي تستحق التشجيع حقًّا، هي "نادي الشعب"، لكنه للأسف… لم يدخل بعد أرضية الملعب، لأن الجماهير ما زالت مشغولة بتشجيع فرقٍ لا تعبأ بها.
#الشهبي_أحمد (هاشتاغ)
Echahby_Ahmed#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟