أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة المربك و المرتبك .















المزيد.....

مقامة المربك و المرتبك .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8310 - 2025 / 4 / 12 - 09:23
المحور: الادب والفن
    


مقامة المربك والمرتبك :

تحدث د .كامل الخطي في قناة العربية عن مؤلفات د.علي شريعتي خصوصا كتابه (( التشيع العلوي و التشيع الصفوي )) , ووصفه بالمثقف المربك والمرتبك , كما أني قرأت ماكتبه السوداني فوزى بشري تحت عنوان ((المرتبك المربك)) : (( المرتبك في نفسه , المربك لغيره , بمثل هذه (الفهلوة والشطارة غير الشاطرة) انتهينا إلى الحرب , فكيف لمن كان سببا في مأساتنا الوطنية يكون هو عينه المخلص منها ؟)) , وقرأت أيضا ما نشره د . انور قرقاش على صفحته الأكسية : ((وبرغم أننا قد نخسر الجار المربك والمرتبك , بنسيجه الإجتماعي الواحد , نكسب الوضوح والشفافية , وهو عالم رحب واسع سنتحرك فيه مجموعة متجانسة صادقة )) , وهكذا تصف عبارة (( أنا مرتبك )) حالةً يشعر فيها الشخص بالحيرة أو عدم اليقين بشأن موقفٍ ما , وتشير إلى أنه يواجه صعوبةً في فهم أمرٍ ما , في المقابل , تشير عبارة (( أنا مُربك )) إلى أن المتحدث يُسبب ارتباكًا للآخرين بسبب أفعاله أو أقواله , في حين أن الأولى تتعلق بالمشاعر الشخصية , تُركز الثانية على تأثير سلوك المتحدث على الآخرين.

فشلت الأنظمة الشمولية في إيجاد حالة ثقافية إنسانية , لأنها تعاملت مع المبدع والمفكر كمنفذ ومترجم لمنهج سياسي واقتصادي صارم , إن محاولات تحويل المبدع (المثقف) المفكر إلى منفذ لا يقتصر على الأنظمة الشمولية , وإنما يشمل أنظمة تتراوح بين الجمهورية والملكية , حيث الصوت الواحد يطغى على بقية الأصوات , ويسعى إلى تشكيل جوقة (كورال) تردد ما يتفتق عنه عقل ذاك الصوت , لقد ابتليت الإنسانية بشخصيات من هذا النوع على مر العصور, وشملت شخصيات وجدوا في المؤسسات الفكرية والإبداعية والعلمية , وكانت النتيجة خلق بشر آليين قبل اختراع الإنسان الآلي , إلا أن هذه الحقب لم تدم , وسقطت مع سقوط الأشخاص , ولم يتوقف التاريخ عندها , بسبب تعارضها مع منطقه ومنطق الطبيعة والإنسانية , وبذلك تكون تلك الشخصيات قد حرمت الأمة من تكوين ثقافة/حضارة , تستند إليها الأجيال في قراءة تاريخها , دون أن يضطروا للاستعانة بوثائق الآخر, ثقافة مربكة , تربك السائد وتزلزله , هذا ما نحتاجه في وطننا العربي , وهذه مهمة الأفراد المثقفين , شرط أن يعملوا لوجه الثقافة , وليس لوجه الوجاهة.

يبرز في عالم السياسة المعقد والمتغير باستمرار , مفهومان مهمان غالبًا ما يؤثران على القرارات والأحداث : (( المربك و المرتبك )) , حيث يشير المربك إلى الوضع أو القضية التي تتسم بالغموض والتعقيد وعدم اليقين , مما يجعل من الصعب فهمها أو التنبؤ بنتائجها, أما المرتبك فيصف الشخص أو الجهة التي تجد نفسها في حالة من الحيرة والضياع وعدم القدرة على اتخاذ قرارات واضحة بسبب هذا الغموض والتعقيد , لذا يعد كل من المربك والمرتبك من العناصر المتأصلة في عالم السياسة , إن فهم طبيعة المواقف المربكة وتأثيرها على صناع القرار يمكن أن يساعد في تطوير استراتيجيات أفضل للتعامل مع الغموض واتخاذ قرارات أكثر فعالية في وجه التحديات المعقدة , يتطلب التغلب على الارتباك في السياسة قيادة حكيمة وقدرة على التحليل النقدي والتواصل الواضح والمرونة في مواجهة التغيرات.

الثقافة كلمة مربكة , لم يتم الاتفاق على تعريف واضح ومحدد لها بعد , فهي ليست الأدب والفن والإبداع , وهي أقرب إلى كلمة حضارة , كونها تشمل الإنجازات الإنسانية الشاملة , بل إنها أقرب إلى الإنسانية , كونها تسعى إلى تحقيق ماهية البشر وكنههم , ويمكن أن نطلق لقب (مثقف) على الإنسان المنشغل , وليس المشتغل , بإحدى معارف العلوم الإنسانية والعلمية , وهو انشغال يدخل من بوابة ضيقة , ليفضي إلى بوابات تتسع لتطال الإنسان وتأملاته في الخلق والوجود والفلسفات , وصولاً إلى تشكيل موقف غير حاد ومنفتح , ليستوعب المواقف الأخرى , ولهذا فإن كلمة ثقافة مربكة , أو على الأصح , تبدو مربكة , لأنها كما هو مشاع تتعلق بإيجاد حالة ثقافية تتسم بمجموعة من الملامح والسمات والتوجهات , وليس بالضرورة أن تكون تلك العناصر متشابهة أو متفقة , ولكنها لا بد أن تكون منسجمة , ليس في مضمونها , وإنما في آلية إدارتها والتعاطي معها , وتوفير الأجواء الملائمة لتفاعلها , في بيئة صحية تحترم قدرات الإنسان الفكرية والإبداعية.

يربكني وأنا المرتبك ما أورده د . رشيد خيون عما قاله الفيلسوف والطبيب الشهير ابن سينا , ضمن ما ذكره في سيرته الذاتية : (( وكنت ارجع بالليل الى داري , وأضع السراج بين يدي , واشتغل بالقراءة والكتابة فمهما غلبني النوم او شعرت بضعف , عدلت الى شرب قدح من الشراب ريثما تعود الي قوتي , ثم ارجع الى القراءة , ومتى اخذني ادنى نوم , احلم بتلك المسائل بأعيانها حتى ان كثيرا منها انفتح لي وجوهها في المنام , ولم أزل كذلك حتى أحكمت علم المنطق والطبيعي والرياضي)) (ابن أبي أصيبعة , طبقات الأطباء , و ابن العبري , تاريخ مختصر الدول , والذهبي , تاريخ الإسلام)

تقول فاطمة الفلاحي : ((أنا حَرفٌ لا يَنْزِحُ ولا يَنْزَحُ , وإِن نفدَني البَصَر , قد ينتهي البعد , وقد تظل كأيقونة معلقة , لا يمكن لآثار القادم إدراكها , وسيندلق تيه وحدتي على قارعة الفراغ )) , أي ارباك مرتبك هذا ؟ وهناك اغتراب أزلي يراودني , فدع الليل يرحل دونك الليلة , ودعني أتوارى , حين يمتلؤن بالكثير من التفاصيل الفارغة , ويجتهدون في جعلها مُلفتة دون مُبرر , أربكت المرتبك حين كتبت له : (( اشتاقك حد آخر المدى ,ما عادَ ليّ من الوقت متسع , مشاغل تغتال يومي , لكني لم أسه عنك , اشتاقك , واشتاقك , حتى جرعات الألم , مشوبة بالشوق إليك , ودون وعي مني , تعرشت قلبي , اشتاقك حد التوسل , تمنيت رؤياك ولو من بعيد , سأجيز لنفسي حق الإعتراف بالتخاطر معك )) .

تربكني ايها المرتبك , لقد دسست بعضًا مني في القصائد علك تتعثر بها , وانا اعرف ان لعينيك مداد أمنية , مؤججة بالشوق ومثقلة بالوجد, و قلبك يوزعه الغياب في غفلة الليل وجنونه , وأخاف عليّ من وجع الحنين , أشهد أنك عابق بالجنون , وغنج الطفولة , وقلوبنا تثمل بفيض الوجد فيك ,آه يا أيها النبي العابق في تفاصيلي , لا تدع القلق , يأخذ من تفكيرك حيزًا , سيأتيك النوم والشعر, فلا تعاتبهما , فقط أنهما نسيا أن يأتيا , سيأتيك مثل قبيلة شعر , سيأتيك مثلما يداعب أحداق الحالمين المنام, لا تخلد لأحلامك الفزعة , دع لحظات الراح تُكحل المقل بالفرح ولذيذ النوم, ومجيئك على أحلامي هو اليقين بعينه , فلم تربكني ايها المرتبك ؟

صباح الزهيري .



#صباح_حزمي_الزهيري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة اطاعة المسؤول .
- مقامة حُراس التناحة .
- مقامة سُكرةعراقية .
- مقامة ترانيم المواويل
- مقامة رفيق الحويجة .
- مقامة الأنبهار .
- مقامة السمراوتين .
- مقامة الدرويش .
- مقامة فرحة العيد ؟
- مقامة زئير المعري .
- مقامة كرسي العراق .
- مقامة العجمي و الأعجمي .
- مقامة جنود العسل .
- مقامة المرورة .
- مقامة الصلع .
- مقامة أحلام .
- مقامة الدبلوماسية .
- مقامة وقار العشق .
- مقامة الفطنة .
- مقامة النخالة .


المزيد.....




- زيارة العراق تحرم فناناً مغربياً شهيراً من دخول أميركا
- تحدّى المؤسسة الدينيّة وانتقد -خروج الثورة من المساجد-، ماذا ...
- تحقيق جديد لواشنطن بوست ينسف الرواية الإسرائيلية عن مذبحة مس ...
- -فيلم ماينكرافت- إيرادات قياسية وفانتازيا صاخبة وعمل مخيب لل ...
- هكذا قاد حلم الطفولة فاطمة الرميحي إلى نهضة السينما القطرية ...
- ستوكهولم: مشاركة حاشدة في فعاليات مهرجان الفيلم الفلسطيني لل ...
- بعد منعه من دور العرض في السينما .. ما هي حقيقة نزول فيلم اس ...
- هل تخاف السلطة من المسرح؟ كينيا على وقع احتجاجات طلابية
- تتويج أحمد حلمي بجائزة الإنجاز في مهرجان هوليود للفيلم العرب ...
- فيلم -إسكندر- لم يعوض غياب سلمان خان السينمائي


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة المربك و المرتبك .