أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جلال عباس - حضرة النمل واسئلة المكان














المزيد.....

حضرة النمل واسئلة المكان


جلال عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8310 - 2025 / 4 / 12 - 09:17
المحور: الادب والفن
    


في حضرة النمل وأسئلة المكان

الصيف على الابواب هذا ما اخبرني به شهر نيسان، حين يصبح الهواء مشبعًا بالاحتمالات، وقبل أن تشتد الشمس على الرؤوس، رأيت صفًا من النمل يعبر أمامي. كان يسير باتزان، يلتقط ما يسقط من الأرض، كأن لا شيء يضيع عليه. لم يكن في سلوكه تردد، ولا في مسيرته مواربة. بدا وكأنه يعرف لماذا يفعل ما يفعل. تأملت المشهد طويلًا، لا لأنني معني بالنمل، بل لأنني كنت أبحث عن إشارة - أي إشارة - تدلني على جدوى الكتابة. كنت أحاول أن أكتب شيئًا يبتعد عن السائد، عن النصوص المكررة ، عن الحكايات المنمقة والنتائج المحسومة. كنت أريد أن أكتب كما يتحرك النمل: بصدق داخلي، دون ادّعاء.
أدركت أنني أقف بين لوحتين:
الأولى تنزلق إلى وادٍ سحيق، تمثل الاستسلام، الخمول، والارتماء في العتمة.
والثانية ترتفع في خط مستقيم نحو القمة، واضحة لكنها تتطلب صمتًا طويلاً، عزلة، وربما نوعًا من الوحدة التي لا يعود منها المرء كما كان.
حين تأملت هذا، فكرت في الأيام التي تمضي دون أثر، كما لو أنها تلبس أجسادًا بشرية، تمشي على الأرض، لكنها تترك كل شيء وراءها مغلقًا.
في هذه الأيام، هناك من يرحل دون وداع، دون تفسير، تاركًا أشياءه مرتبة في العلن، وكأنها رسائل غير مقروءة.
إنه لا يحمي رأسه من الشمس، ولا يتقي ضربة الحياة، بل يسير كأنه يعرف أن الصمت أقوى من الدفاع. هناك حديث صامت في داخله، يمشي معه، بأرجل كائن صغير، أسود، لا يُرى لكنه لا يختفي . كأن كل خطوة له محاولة للنجاة، أو احتجاج أبيض على عالمٍ مثقل بالضجيج
كل ما يحدث، يتراكم.
لا ينتهي.
بل يتحول — مع الوقت — إلى مادة للكتابة.
لكن ليست الكتابة هنا تسلية أو رفاهية.
هي شكل آخر للفهم.
محاولة لترتيب الفوضى، لا حلّها.
هي مجازٌ طويل، يُبنى فوق مجازٍ آخر، إلى أن تتعب اللغة وتبقى الأسئلة.
أنا ما زلت أمارس طقوسي،
أنتقل بين الكتب لا كقارئ،
بل كجثة مهذبة تحاول أن تحفظ لذاتها بعض النظام وسط الخراب.
وفي النهاية، عدت إلى النمل وسألته كما يسأل الإنسان ظلّه:
هل للمكان جواب؟
أم أن الجواب، كما كل شيء في هذا العالم،
يتشكل فقط حين لا نعود بحاجة إليه؟



#جلال_عباس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- زيارة العراق تحرم فناناً مغربياً شهيراً من دخول أميركا
- تحدّى المؤسسة الدينيّة وانتقد -خروج الثورة من المساجد-، ماذا ...
- تحقيق جديد لواشنطن بوست ينسف الرواية الإسرائيلية عن مذبحة مس ...
- -فيلم ماينكرافت- إيرادات قياسية وفانتازيا صاخبة وعمل مخيب لل ...
- هكذا قاد حلم الطفولة فاطمة الرميحي إلى نهضة السينما القطرية ...
- ستوكهولم: مشاركة حاشدة في فعاليات مهرجان الفيلم الفلسطيني لل ...
- بعد منعه من دور العرض في السينما .. ما هي حقيقة نزول فيلم اس ...
- هل تخاف السلطة من المسرح؟ كينيا على وقع احتجاجات طلابية
- تتويج أحمد حلمي بجائزة الإنجاز في مهرجان هوليود للفيلم العرب ...
- فيلم -إسكندر- لم يعوض غياب سلمان خان السينمائي


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جلال عباس - حضرة النمل واسئلة المكان