ادورد اوراها
الحوار المتمدن-العدد: 8309 - 2025 / 4 / 11 - 21:59
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
ادورد اوراها – 10 نيسان 2025
الطموح الكردي في شرعنة اغتصاب الارض الاشورية في شمال ما يعرف اليوم بالعراق يقوم على ركائز عدة, منها توظيف كافة الادواة المتاحة بحكم الامر الواقع في سبيل خلق سردية كردية تهدف الى نسج تاريخ كردي و تعميمه على الاجيال الكردية الصاعدة من اجل خلق هوية كردية مفقودة, وهذا ما نشهده اليوم من خلال عمليات تكريد الواقع والتاريخ والجغرافيا والديموغرافيا , والذي يؤدي الى خلق اجيال متعصبة للسردية المأمولة, والشواهد على حملة التكريد هذه, هي الادبيات المزوٍٍرة (بكسر الواو) للتاريخ من مدعي المعرفة ومتصدري السياسة على حد سواء, واهم هذه الاضاليل هو ادعاء وجود الاكراد كشعب ذو وجود تاريخي يمتد لالاف السنين, ورغم ان هذه الادعاءات لا يمكن تداولها في اي محفل اكاديمي لكونها لا تعدو كونها نكتة علمية سمجة, فانها تتكرر يوميا على مسامع البسطاء املا في تحقيق مقولة اكذب، اكذب، ثم اكذب حتى يصدقك الناس , التي اطلقها وزير الدعاية النازي جوزيف جوبلز, والامثلة على تكرار هذه الاكاذيب كثيرة من اهمها ما ورد في كتاب مسعود البارزاني الذي عنونه (للتاريخ), وكما تناولت احدى هذه الاكاذيب في مقالة سابقة بعنوان (الكذب العلاني في اقوال البارزاني) بتاريخ 05/04/2025 فلا يد من مواصلة كشف التضليل من خلال طرح واستعراض الحقائق العلمية والتاريخية كما تعتمدها المرجعيات الاكاديمية لا كما يتخيلها محترفي التزوير العلمي والتاريخي.
يقول البارزاني في مقدمة كتابه:
"للشعب الكوردي تأريخٌ وجغرافيا ولغةٌ وثقافةٌ وعادات وتقاليدُ خاصة، يعيش منذ آلاف السنين عى أرضه"
لتوضيح الامور وكشف الحقائق العلمية والتاريخية في مقابل هذه الهرطقات العلمية والسياسية, لا بد من الوقوف عند موضوعة اصل الاكراد و من هم وهل هم فعلا شعب له وجود تاريخي متمايز؟ واذا تم الاثبات التاريخي ان العناصر التي نستند اليها في تعريف مجموعة على انها شعب تغيب في الحالة الكردية, يمكن القول بثقة ان الاكراد ليسو شعبا واحدا متجانسا بهوية اثنية او قومية متماسكة وعمق تاريخي صاغ تلك الهوية.
الاكراد: قراءة في التنوع الجيني والثقافي والتاريخي
رغم وجود الاكراد اليوم في كيان غاصب على ارض اشور يقوم بضمهم الى بعضهم لخلق شعب متجانس ومحاولة انشاء اواصر عبر الحدود ، فإنهم ليسوا عرقًا متجانسًا من الناحية التاريخية أو الثقافية، بل هم مجموعات تتمايز عن بعضها و تحتفظ بتنوعات إثنية وثقافية وجينية كبيرة, وهذا ما هو مثبت علميا و ستناوله تاليا.
• التنوع الجيني للأكراد
دراسات علم الوراثة البشرية أظهرت أن الأكراد ليسوا مجموعة متجانسة جينيًا، بل إنهم يمثلون تنوع جيني كبير , فالبيانات الجينية تشير إلى أن الأكراد يحملون خصائص مشتركة مع الإيرانيين، الأتراك، العرب، وغيرهم من الشعوب التي عاشت في المناطق المحيطة بهم .
هذا التنوع الجيني الواسع يعكس حقيقة أن الأكراد ليسوا مجموعة عرقية واحدة ظهرت في وقت واحد أو مكان واحد، بل هم نتاج لتداخل ثقافي وجيني ادى الى ما نشهده اليوم من وجود الاكراد وهذه المجموعة لا تزال في طور التشكل.
من الناحية الجينية، دراسات حديثة منشورة في دوؤلات علمية رصينة أكدت أن الأكراد لديهم بصمات جينية يمكن تتبعها الى الشعوب التي تسكن المنطقة.
الأمر لا يتوقف عند الاختلافات بين القبائل الكردية، بل حتى داخل القبيلة الواحدة يمكن ملاحظة اختلافات جينية كبيرة. هذه الاختلافات تعكس تأثيرات متعددة، بما في ذلك تاريخ الهجرات البشرية ، والتفاعلات مع الشعوب المجاورة. على سبيل المثال، قبائل مثل البارزانيين أو الحويتيين تظهر تنوعًا جينيًا داخليًا،حيث يمكن تتبع بعض أفرادها إلى أصول فارسية أو تركية أو عربية, وخير مثال على ذلك هو ان قبيلة البارزاني نفسها تحتوي على تنوع جيني داخلي، حيث يمكن تتبع بعض أفراد القبيلة إلى أصول فارسية، بينما يظهر آخرون أصولًا آرية أو قوقازية.
هذه التداخلات يمكن تلخيصها بالتالي:
التأثير الفارسي: الأكراد الذين يعيشون في إيران (مثل قبائل البهدينان والزند) يظهرون تشابهًا وتماثلا جينيًا كبيرًا مع الفرس.
التأثير التركي: الأكراد الذين يعيشون في تركيا (مثل قبائل الحويتي والشيخان) يظهرون تداخلًا وتماثلا جينيًا مع السكان الأتراك.
التأثير العربي: الأكراد الذين يعيشون في العراق وسوريا (مثل قبائل البارزاني) يظهرون تداخلًا وتماثلا جينيًا مع العرب وفي بعض المجموعات الاخرى من هذه القبائل يوجد تداخل جيني مع فارسي وآري .
التأثير القوقازي: الأكراد الذين يعيشون في مناطق تركيا وأرمينيا يظهرون تداخلا وتماثلا جينيًا مع الشعوب القوقازية.
ان هذه التداخلات والاختلاطات الجيينية تتجاوز حدود التداخل الموجود عند الشعوب المتماسكة اثنيا ذات الصفات الاثنية والجينية المشترة, وتصل الى حد يجعل من الاكراد خليطا من الشعوب.
و بالتالي يمكن تلخيص هذا المحور في ان اكراد اليوم هم خليط من جينات شعوب المنطقة وليس لهم هوية جينية متمايزة كما نجد في بقية شعوب واثنيات المنطقة, فهم بالتالي بالصورة التي نعرفهم عليها اليوم نتاج تطورات تاريخية لاحقة, و تؤكد ذلك الدراسات التي تشير الى أن الحمض النووي للميتوكوندريا لدى الأكراد يظهر تنوعًا كبيرًا، مما يعكس تداخلهم مع او حتى انحدارهم من الشعوب المجاورة.
- على سبيل المثال:
- الحمض النووي للميتوكوندريا لدى قبائل الزند يظهر أصولًا فارسية .
- الحمض النووي للميتوكوندريا لدى قبائل الشيخان يظهر أصولًا عربية وتركية.
وتطهر دراسات اخرى أن الكروموسوم Y لدى الأكراد يحتوي على بصمات جينية متعددة تعكس التنوع الجيني بين القبائل.
- على سبيل المثال:
- الكروموسوم Y لدى قبائل البارزاني يظهر أصولًا فارسية وآرية.
- الكروموسوم Y لدى قبائل الحويتي يظهر أصولًا تركية وقوقازية.
• الاكراد, الافتقاد للادلة التاريخية:
لا يوجد أي ذكر للاكراد أو أي جماعات تحمل اسمًا مشابهًا في النصوص السومرية أو الأكدية التي تعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد. هذه النصوص، التي تعد من أقدم الوثائق المكتوبة في تاريخ البشرية، تُظهر أن سكان ما يعرف اليوم بالعراق كانوا يتألفون من مجموعات محددة . كل واحدة من هذه المجموعات كانت تمتلك خصائصها ونتاجاتها الحضارية، وقد اسهمت بشكل كبير في تشكيل الحضارات القديمة في المنطقة.
على الرغم من غنى هذه النصوص بالمعلومات حول المجموعات التي عاشت في هذه المنطقة خلال تلك الفترات، فإنها لا تتضمن أي إشارات مباشرة إلى الاكراد أو أي جماعات يمكن ربطها بهم, بدلاً من ذلك، يبدو أن الهوية الكردية كما نعرفها اليوم قد تكون نتاج تطورات حدثت في في فترات زمنية أكثر حداثة.
علاوة على ذلك، فإن الحضارات اللاحقة ، التي سيطرت على المنطقة في الألف الثاني والأول قبل الميلاد، لم تذكر أيضًا وجود أي شعب يحمل اسم "الاكراد" أو يشبههم في تركيبته الاجتماعية أو الثقافية. هذا يشير إلى أن المنطقة كانت تتألف من مجموعات ذات هويات واضحة ومتمايزة عن محيطهم، ولم يكن للأكراد كجماعة ذكر او مكان ضمن هذه التكوينات الاجتماعية القديمة. وبالتالي، يمكن الاستنتاج أن الكرد ليسوا جزءًا من النسيج السكاني القديم للمنطقة المعروفة اليوم بالعراق، وأن ظهورهم كجماعة مميزة كان نتيجة لتغيرات تاريخية وجغرافية وسياسية لاحقة, والإشارات الاولى إلى "الاكراد" كانت تُستخدم غالبًا للإشارة إلى قبائل متناثرة في المناطق الجبلية الوعرة في سلسلة جبال زاغروس ولم يشر إلى هوية عرقية موحدة او الى شعب.
• اللغة الكردية الغائبة:
اللغة الكردية نفسها ليست موحدة، بل تتكون من لهجتين رئيسيتين: الكرمانجية والسورانية ، بالإضافة إلى العديد من اللهجات الفرعية. هذه اللهجات مختلفة لدرجة أن المتحدثين بها قد لا يتمكنون من فهم بعضهم البعض بسهولة، مما يعكس اختلافات ثقافية كبيرة داخل المجموعات الكردية.
الكرمانجية تُعتبر الأكثر انتشارًا وتُتحدث بشكل رئيسي في مناطق تواجد الاكراد البوم في أجزاء من تركيا وسوريا، بالإضافة إلى بعض المناطق في العراق وإيران. أما السورانية، فهي اللغة السائدة الى الجنوب الشرقي من المناطق اعلاه، خاصة في العراق وإيران.
إلى جانب هاتين اللهجتين الرئيسيتين، هناك لهجات فرعية مثل الزازاكية والهورامية ، التي تُستخدم في مناطق معينة وتتميز بطابعها الخاص. هذا التنوع اللغوي ليس مجرد اختلاف في النطق أو المفردات، بل يتعدى ذلك ليشمل الاختلافات في القواعد اللغوية والنحوية، مما يجعل التواصل بين المتحدثين بهذه اللهجات تحديًا حقيقيًا, فعلى سبيل المثال، النصوص المكتوبة بالكرمانجية غالبًا ما تكون غير مفهومة تمامًا للأشخاص الذين يتحدثون السورانية والعكس صحيح.
• الأبجديات المستخدمة في التدوين الكردي
الابجدية العربية:
تعتبر الأبجدية العربية الأكثر شيوعًا في التدوين الكردي، خاصة في اللهجتين الكرمانجية والسورانية.
الأبجدية اللاتينية:
في القرن العشرين، ومع زيادة التأثير الغربي، بدأت بعض المجتمعات الكردية، خاصة في تركيا، باستخدام الأبجدية اللاتينية لكتابة اللغة الكردية. هذا كان جزءًا من الجهود لانشاء الهوية الكردية المستقلة.
لأبجدية الفارسية (الخط الفارسي):
في إيران، تم استخدام الأبجدية الفارسية لتدوين اللغة الكردية، خاصة بين المتحدثين باللهجة السورانية. هذا يعكس التأثير الثقافي واللغوي الفارسي على الاكراد.
خلاصة:
يفتقد الاكراد عناصر متعددة تشكل مقومات الهوية العرقية او الاثنية التي تجعل من اي مجموعة بشرية شعب او عرقا, فهم يفتقدون الى الانسجام الجيني كما يفتقدون الثقافة الواحدة الجامعة واللعة الواحدة المفهومة بين جميع الاكراد, واضافة الى ذلك يفتقدون الادلة التاريخية على وجودهم كشعب متمايز, بل ان الدراسات تشير الى غياب ذكر الاكراد او ذكر اي جماعات مشابهة لاكراد اليوم او يمحكن ربطها بهم., وبالتالي فم مجموعات خليطة تسعى اليوم الى اقامة هوية جامعة.
المراجع :
• Liverani, Mario. "The Ancient Near East: History, Society and Economy."
• Postgate, J.N. "Early Mesopotamia: Society and Economy at the Dawn of History."
• دراسة نشرت في مجلة European Journal of Human Genetics عام 2001 بعنوان "Y-chromosome and mtDNA polymorphisms in Iraq, a crossroad of populations sharing Africa, Asia, and Europe"
• دراسة نشرت في مجلة Annals of Human Biology عام 2005
• دراسة نشرت في مجلة European Journal of Human Genetics
• دراسة نشرت في مجلة BMC Evolutionary Biology عام 2013 بعنوان *"The genetic structure of Kurdish populations"
• Gunter, Michael M.و "The Kurds: A Modern History
• Mehrdad Izady, “The Kurds: A Concise Handbook”
#ادورد_اوراها (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
