للاإيمان الشباني
الحوار المتمدن-العدد: 8309 - 2025 / 4 / 11 - 10:28
المحور:
قضايا ثقافية
الحياة أحداث نعيشها، هي عملية تشكيل مستمرة للإنسان، تبدأ منذ لحظة ولادته، بل منذ تفاعله الأول مع أسرته ومحيطه. يكبر الإنسان وهو يحمل في ذاته طبقات من التأثيرات، بعضها واعٍ وبعضها خفي، ويظل السؤال قائمًا: إلى أي مدى نحن من نصنع ذواتنا، وإلى أي مدى نُصنع من قِبل الآخرين؟
جوهر الموضوع:
يتعرض الإنسان في مراحل طفولته الأولى لتوجيه وتربية تكون الأساس في بناء شخصيته. يتلقن القيم، المبادئ، وحتى نظرة معينة للحياة، سواء عبر الوالدين، المدرسة، المجتمع، أو الثقافة العامة. وفي خضم هذا التلقي، يتشكل "النمط الأولي" للفرد، الذي يظنه أحيانًا اختياره الذاتي، لكنه في الحقيقة مزيج مما لُقِّن به.
لكن مع التقدم في العمر واحتكاك الإنسان بتجارب مختلفة، يبدأ نوع من التمرد أو المراجعة الذاتية، إذ يدرك أن بعض ما تربى عليه لا يناسبه، أو ربما يضره، فيحاول التحرر منه. وهنا يظهر الوعي الحقيقي، فإما أن يعيد تشكيل نفسه بناءً على مبادئ اقتنع بها من ذاته، أو يظل نسخة مشوهة من الآخرين، يعيش بتناقض داخلي.
الإشكالية الحقيقية:
الخطورة لا تكمن في التلقين بحد ذاته، بل في غياب النقد الذاتي. فإذا استسلم الفرد لما غُرِس فيه دون مراجعة أو تصفية، أصبح ضحية لهوية مستعارة، قد تجعله يُكرر أخطاء من سبقوه، أو يعيش صراعات لا تشبهه.
النتيجة:
لكي لا نكون مجرد نسخ مكررة من الآخرين، لا بد أن نقف وقفة صدق مع الذات. نحتفظ بما ينفعنا، ونتخلص مما يعيقنا أو يضرنا، ونبني نمط حياتنا بما يتوافق مع وعينا ومبادئنا الذاتية، لا وفق ما فُرض علينا قسرًا.
التحرر من النسخ لا يعني التمرد المجرد، بل هو عملية وعي وتشكيل متدرج، تبدأ حين نسأل أنفسنا بصدق: من نحن؟ ولماذا نعيش بهذه الطريقة؟ وما الذي نريد أن نبقى عليه؟ وحدها هذه الأسئلة قادرة على تحرير الإنسان ليكون هو... لا مجرد انعكاس للآخرين
#للاإيمان_الشباني (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟