|
قراءة في نص صدى المشاعر
نصيف الشمري
الحوار المتمدن-العدد: 8309 - 2025 / 4 / 11 - 08:52
المحور:
الادب والفن
قراءة نقدية إنجاز فاطمة عبدالله النص: صدى المشاعر للأديب نصيف علي وهيب القراءة النقدية Under the Eyes of Night: Reflections on Dream, Symbols, and Existential Wandering. تحت عيون الليل: تأملات في الحلم، الرموز، والتيه الوجودي
العنوان صدى المشاعر: يحمل العنوان وظيفة دلالية تمهيدية، تنفتح على ثنائية الصوت والوجدان، ويتماهى مع الطابع التأملي الحالم للنص. "الصدى" يوحي بالتكرار، بالرجع، وبالحنين، بينما "المشاعر" تشير إلى الذات الداخلية، ما يجعل العنوان بوابة لدخول عالم مليء بالشوق، الذكرى، والتيه الوجودي. البنية السردية والتعبيرية: النص ليس شعرياً بالمعنى التقليدي، ولا نثريا ساذجا، بل هو سردية تعبيرية ذات طابع شعري حداثي، تتكئ على اللغة الرمزية والانزياح الدلالي. يتشكل النص من مقاطع متداخلة تتنقل بين: التيه الوجودي: يُجسد الحلم التائه في دروب اللاعودة، رمزًا للذات العربية أو الحلم الجمعي الذي يعاني من الاغتراب والانكسار. و على مستوى آخر ، تتجلى الرموز الثقافية: مثل "شهريار" و"شهرزاد"، وهي رموز تحيل إلى الحكاية الشرقية، ولكن يُعاد توظيفها في سياق حديث، للتعبير عن فقدان المعنى أو الحاجة إلى إعادة السرد.
السيميائيات: يفكك النص العلامات الثقافية (شهريار، شهرزاد، الأنبياء، الغزاة)، ويعيد تركيبها بطريقة مغايرة، وهو ما يماثل فكرة رولان بارت (Roland Barthes) في "موت المؤلف"، حيث يستقل النص عن نوايا كاتبه ويمنح القارئ سلطة إعادة المعنى. كل رمز في النص هو "نص داخل النص"، كما يرى بارت، مما يجعل القراءة سلسلة لا نهائية من التأويلات. وفي امتداد لهذا الاشتغال الرمزي، ينتقل النص إلى الاشتغال على الزمن والذاكرة، إذ يستمر في استخدام الرموز الثقافية ضمن بنية زمنية شعرية، حيث يعاد تشكيل الذاكرة والزمن بشكل يتناغم مع تلك الرموز، مما يتيح للقارئ إعادة تصور الحلم والوجود بشكل غير خطي. ومن هذا المنطلق، تتجاوز مقاربة الزمن والذاكرة في النص الاستدعاء التقليدي؛ فالذكرى لا تُستحضر كماضٍ جامد، بل كقوة دينامية توجه الحلم وتعيد بناء العلاقة بين الفرد والواقع.
وفي السياق ذاته، تتجلى الذكرى كطاقة مبدعة تسهم في تشكيل الحاضر، وهو ما ينسجم مع تصور هنري برغسون عن "الذاكرة كحركة"، وغاستون باشلار عن "الزمن الشعري" الذي يعيد تشكيل الواقع.
اللغة والأسلوب : اللغة شعرية مكثفة، تعتمد على المجاز و التكرار و الإيقاع الداخلي واستحضار المفارقة. الأسلوب تجريبي، يتجنب الخطية التقليدية ويعتمد على التداعي الحر للأفكار مما ينسجم مع تيارات الكتابة الحداثية خاصة الكتابة اللاخطية و"كتابة التيه". ويُبرز هذا النهج ما يشير إليه جاك دريدا (Jacques Derrida) في مفهومه حول "الكتابة اللاخطية" اي ،يتجنب النص البنية التقليدية (بداية، ذروة، نهاية)، ويشتغل على الاختلاف والتشظي والتداعي مما يجعله قريباً من "الكتابة التفكيكية"، حيث لا يوجد مركز ثابت للمعنى. وفي هذا الإطار، يشتغل المعجم على حقول دلالية ،اذ يراوح بين الحقول المعنوية (الحنين، الذكرى، التيه، الحلم) والحقول السياسية-الرمزية (الحرية، السجن، الغزاة، المنفى).
الدلالات الرمزية: الحلم الضليل: كناية عن الذات الباحثة عن خلاص روحي أو جماعي. "العيون، الليل، الذكرى": عناصر تعيد تشكيل الوعي الجمعي والذاتي، تشير إلى معاناة الإنسان العربي بين الاستلاب والبحث عن المعنى. الحرية ،السجن: مفارقة وجودية وسياقية تحيل إلى خيبات التحرر العربي، حيث تحولت الحرية إلى "سجن مأهول بالأمنيات". "الغرباء، الشعراء، الأنبياء" : رموز لذوات مرفوضة في عالم مادي قمعي، تمثل الهامش الذي يخشى من كلمته.
الرمز والتأويل : يعتمد النص على طبقات رمزية قابلة للتأويل، مثل: "الحلم الضليل"، "الحرية السجينة"، "عيون تراقبها أجهزة ليلية"، وهي كلها علامات لا تقرأ بشكل مباشر بل تؤول وفق السياق. بول ريكور (Paul Ricœur) يرى أن الرمز يقتضي تأويلاً، لا شرحا مباشرا، وهذا ينطبق على خطاب النص، الذي يتجاوز السطح إلى عمق فلسفي-وجودي.
المقارنة الحداثية: مثل الأديب أدونيس، يستخدم الأديب نصيف البنية المفتوحة والرموز الكبرى، لكن الاختلاف يكمن في أن الأديب نصيف يستعير من الموروث الشعبي السردي (شهريار، الحكاية)، في حين أن الأديب أدونيس يعمق رموزه بعمق صوفي وفلسفي. أما بالنسبة للتشابه مع الأديب سليم بركات، فيظهر في تشظي اللغة وكثافة الصورة. ولكن الفارق يكمن سليم بركات يغوص في الطفولة والغربة الكردية، و بينما الأديب نصيف يعيد إنتاج التيه العربي بلغة محكية رمزية ذات طابع حكائي.
البعد الحداثي : رفض البنية السردية التقليدية: لا بداية واضحة ولا نهاية حاسمة. تفكيك الصور النمطية: خاصة في التعامل مع الرموز الكبرى "كشهريار، الحرية، الغزاة ، المنفى " وهو ما ينعكس كذلك على البنية التأويلية للنص، إذ لا يقدم رسالة مباشرة، بل يفتح أسئلة وجودية كبرى حول: الحرية، الحلم، الذكرى، والهوية. في قلبه رغبة مقاومة رمزية: أن تحكي، أن تتذكر، أن ترى بعين الحلم لا بكاميرات الغزاة. الذكرى هنا ليست حنيناً ، بل فعل مقاومة ضد الزوال. النص يحتضن مأساة الإنسان العربي، دون أن يسقط في المباشرة، بل يجعل من الحلم نفسه أداة استعادة المعنى. ويتقاطع هذا البعد التأويلي مع ما طرحه هانس روبرت ياوس في نظريته حول "أفق التلقي"، حيث لا ينظر إلى النص بوصفه بنية مغلقة ذات معنى جاهز، بل باعتباره حدثاً جمالياً لا يكتمل إلا بتفاعل القارئ. اللغة الرمزية والانزياحات الدلالية في النص تخلق فراغات تأويلية تمكن القارئ من إعادة تشكيل الحلم، وفهم التيه والحرية ضمن تجربته الذاتية والثقافية ما يجعل النص تجربة مفتوحة لا تنضب دلالاتها.
و بالتالي ،يمثل هذا النص نموذجاً معاصراً لما يمكن تسميته بـ"السردية الشعرية التأملية"، وهو يشتبك مع الواقع الثقافي والسياسي العربي عبر لغة رمزية وحلمية، تستبطن التاريخ وتعيد إنتاجه على مستوى التخيل. النص برغم تراكم رموزه وتشظي مساراته، ينجح في خلق تجربة وجدانية جمالية تستدعي قارئاً نشطاً و مشاركاً لا مستهلكاّ للمعنى.
....
النص : صدى المشاعر وسن العيون آن لهُ أن يتذكر حلمهُ الذي ضل طريق العودة، ذلك التائهُ في الدروب، المشاكس لبؤبؤ العين، شهريار الأحلامِ ضليلٌ، بلا رفيقةِ عمرهِ الذكرى شهرزاد، ترتب الكلمات لشفاهٍ لا ترتوي إلا وهي تقطع صحراء الليل الطويل بحكاية، ليسمع عن بعدٍ بداية كل الحكايات، بلغني أيها الحلم الضليل، إن التيه بحرٌ، موجات صوتهِ المبحوح من الشوق، تلملم عن أهداب الليل وَسَنَهُ ويصحو الدجى على أيقاعِ حُبهِ والحنين، ذلك الذي يحتضن الأماكن يحميها إلا من أجهزة الرؤيا الليلية، تلك التي يستخدمها الغزاة خوفاً من الزوال، لن تطول معهم الأيام، ما دام الضليل حلماً، يستعيدُ تفاصيل عودتهِ إلى العيون، ويسمعُ حكايات التيه، بطلها هو الشارد بالأحلام، أهلا بعودته في رحاب الذكرى وهو يسمع من جديد بلغني أيها الحلم المسافر بالأحلام، إن الحرية سجن مأهول بأمنيات السفر الى المريخ ونفي الشعراء، كما نفوهم أول مرة، من جمهوريةٍ ظلت نائمة إلى الآن في الكتب وعلى السطور، الحريةُ عندهم أن يعبروا المحيط إلى الشرق كما عبروه من السجون إلى الغرب، وصادروا من العيون أحلامها، يريدوا أن يمحوا آثار الأنبياء، هم في قلقٌ لا يهجعون هذا ماقالتهُ الذكرى أيها المحمول في العيون، اياكَ وانتظار الأمل، اهرع إليه، حقق ماتريدهُ، ستبصرهُ في هذا الشرق شمساً، تحرق أجساد الغرباء، لن يمكثوا تحتها إلا مقدار وهمٍ يتبخر، أنا مع الحلم الصادق الأمين، هذا ماترددهُ الذكرى دائماٌ، حين تدلهم الغيوم، وتتفرق على صدى كلمات حكايتها، أفيضُ مع النهرين غضباً، ويستوي على القلب السلام، الأديب نصيف علي وهيب
#نصيف_الشمري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صدى المشاعر
-
زمن العيد
-
بعد الشوق
-
مطر الوجد
-
سطر حب لأمي
-
الوطن
-
تقليلية بطعم السرد
-
مداد العدل
-
نصان تعبيريان بطعم السرد
-
ولدي
-
اوراق الشعر
-
لست شاعرا
-
بطعم السرد
-
هو ذا حلمي
-
الشتاء
-
يوم حنين
-
إنتظار
-
كانون
-
منذ الحب
-
في ديسمبر
المزيد.....
-
زيارة العراق تحرم فناناً مغربياً شهيراً من دخول أميركا
-
تحدّى المؤسسة الدينيّة وانتقد -خروج الثورة من المساجد-، ماذا
...
-
تحقيق جديد لواشنطن بوست ينسف الرواية الإسرائيلية عن مذبحة مس
...
-
-فيلم ماينكرافت- إيرادات قياسية وفانتازيا صاخبة وعمل مخيب لل
...
-
هكذا قاد حلم الطفولة فاطمة الرميحي إلى نهضة السينما القطرية
...
-
ستوكهولم: مشاركة حاشدة في فعاليات مهرجان الفيلم الفلسطيني لل
...
-
بعد منعه من دور العرض في السينما .. ما هي حقيقة نزول فيلم اس
...
-
هل تخاف السلطة من المسرح؟ كينيا على وقع احتجاجات طلابية
-
تتويج أحمد حلمي بجائزة الإنجاز في مهرجان هوليود للفيلم العرب
...
-
فيلم -إسكندر- لم يعوض غياب سلمان خان السينمائي
المزيد.....
-
فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج
...
/ محمد نجيب السعد
-
أوراق عائلة عراقية
/ عقيل الخضري
-
إعدام عبد الله عاشور
/ عقيل الخضري
-
عشاء حمص الأخير
/ د. خالد زغريت
-
أحلام تانيا
/ ترجمة إحسان الملائكة
-
تحت الركام
/ الشهبي أحمد
-
رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية
...
/ أكد الجبوري
-
نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر
...
/ د. سناء الشعلان
-
أدركها النسيان
/ سناء شعلان
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
المزيد.....
|