الشهبي أحمد
كاتب ومدون الرأي وروائي
(Echahby Ahmed)
الحوار المتمدن-العدد: 8308 - 2025 / 4 / 10 - 20:47
المحور:
كتابات ساخرة
قبل أن تلبسني لقب "الصحافي"، دعني أخبرك أنني لم أضعه يومًا على صدري، لا على سبيل الفخر ولا حتى بالخطأ. بدأت رحلتي مع الكتابة من مدوّنة الجزيرة، نعم تلك التي لا تُفتح أبوابها للعابرين في زحمة الفيسبوك، بل تفتحها لمن شقوا طريقهم بالقلم لا بالقرابة ولا بالولاء لشيخ القبيلة الإعلامية. كتبت هناك، ثم شققت طريقي إلى "ساسة بوست"، المنصة التي إن أرسلت لها نصًّا، تعيده إليك مُحمّلاً بالملاحظات كأنك تلميذ مشاغب في حصة الإنشاء.
مررت من "هسبريس"، ولم أكن سائحًا بل كاتبًا، نشرت لي منصات إلكترونية كثيرة، واستقر بي المقام حاليًا في "الحوار المتمدن"، أكتب دون أن أبحث عن لقب ولا عن تصفيق. ومنحتني بعض المواقع بطاقات صحافة، نعم، بطاقات مزينة بصورة قديمة وعبارة "صحافي مهني"، لكنني كنت أعيدها إلى الدرج وأقول: "الله يعفو علينا من هاد المهنيّة المصنوعة في المطبعة".
لم أخرج يومًا أصرخ في الناس: أنا صحافي! ليس تواضعًا، بل احترامًا لمهنة أعرف ثقلها، ولأني ببساطة لا أبيع الوهم، أنا مدوّن، كاتب رأي، أقول رأيي في الناس والأشياء والأوهام، وأمضي.
أما أولئك الذين يكتبون جملة تُصلب فيها اللغة العربية مصلوبةً على جدار النكران، فلا يميزون بين المبتدأ والمصيبة، ويكتبون نصوصًا لو قرأها سيبويه لقام من قبره وطلب سلاحًا ناريًا... هؤلاء تجدهم في توقيع المقال: "الصحافي والإعلامي والمحلل الإستراتيجي وخبير الموز في حوض البحر المتوسط".
يكذبون على أنفسهم ويصدّقون، يكذبون على القرّاء ويكافئون أنفسهم بلقب لم يتعبوا في حمله. يكفيك أن تكتب اسم "الشهبي أحمد" على غوغل، ودع النتائج تتكلم، أما أنا، فلا زلت أكتب، وأضحك، وأرقب مشهد "الصوحافة" في زمن كل من حمل هاتفًا صار "صحافيًا" بالمعنى البلاغي للكلمة، لا المهني.
أَمَّا أَنْتُمْ يَا "صَوحَافِيِّينَ"، إِنْ آذَتْكُمْ هَذِهِ الْكَلِمَاتُ فَتَأَلَّمْتُمْ، وَأَزْعَجَتْكُمْ فَتَضَجَّرْتُمْ، وَرَأَيْتُمْ فِيهَا تَحَامُلاً عَلَى كَرَامَاتِكُمْ تَزْعُمُونَ، فَلَا تَسْتَحْسِنُوا الْمَقَامَ بَيْنَ سُطُورِ مَقَالِي هَذَا تَقِيمُونَ. انْفَرِقُوا عَنْ صَفْحَتِي فَتَنْفَرِجُوا، وَانْطَلِقُوا فِي دُرُوبِكُمْ تَتَعَرَّجُوا، إِنْ لَمْ يَرْقَ لَكُمْ مَا قَصَدْتُ فَأَعْرَجُوا. فَإِنِّي عَنْ تَعْلِيقَاتِكُمْ الْخَاوِيَةِ أَسْتَغْنِي، وَمِنْ تَنْقِيصِكُمْ لِقَدْرِي أَسْتَبْنِي، وَإِنِ اعْتَبَرْتُمْ أَنْفُسَكُمْ ضَالِعِينَ فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ فَمَا عَلَيْكُمْ إِلَّا فَهْمُ مَا كَتَبْتُ فَتَعْلَمُوا...
#الشهبي_أحمد (هاشتاغ)
Echahby_Ahmed#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟