الفيلم الوثائقي -بين الثورات- محاولة الربط بين الثورتين في كل من إيران ورومانيا

علي المسعود
(Ali Al- Masoud)

الحوار المتمدن-العدد: 8307 - 2025 / 4 / 9 - 16:10
المحور: الادب والفن
    

بعد إصدار أول فيلم وثائقي طويل له ، أين أنت بوخارست ، في عام 2014 ، يعود المخرج الروماني فلاد بيتري إلى هذا النوع مع فيلم " بين الثورات "، الفيلم وثائقي الذي عرض في قسم منتدى برلين ، والذي يجمع بين لقطات أرشيفية ورسائل خيالية لاستكشاف ثورتين مختلفتين تماما (في بعض النواحي) ولكنهما متشابهتان تماما، الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 والثورة الرومانية عام 1989 .
وعرض فيلم فلاد بيتري " بين الثورات " في المسابقة الوثائقية لمهرجان تريست السينمائي 2024 . يروي الفيلم من خلال شخصيات خيالية مسار ثورتين رئيسيتين في القرن العشرين ، الثورة الإيرانية في عام 1979 والثورة الرومانية بعد عشر سنوات. تتبع الثورات في التاريخ ديناميكيات مماثلة ، بدءا من المثل والآمال ثم تنتهي بتغيير بسيط للسلطة . فيلم "بين ‏‏ثورتين " يطمس الخط الفاصل بين الخيال والوثائقي يتخيل المراسلات بين امرأتين ، ماريا الرومانية والإيرانية زهرة اللذان التقيا في السبعينيات في كلية الطب جامعة في بوخارست. ينفصلان بعد عودة زهرة الى موطنها ويبدأن في كتابة رسائل إلى بعضهم البعض عن حياتهم وظروف العيش في أنظمة قمعية مختلفة . فيلم أرشيفي يستخدم لقطات وثائقية من البلدان المعنية .
استضافت الجامعات الرومانية العديد من الطلاب من إيران في السبعينيات . يروي الفيلم حكاية صديقتان ، الرومانية ماريا والإيرانية زهرة ، التقيا في جامعة بوخارست. ظلت المرأتان على اتصال حتى بعد عودة الأخيرة إلى بلدتها الأصلية واستمرتا في مراسلاتها لكنهما لم يلتقيا مرة أخرى. ورووا تجارب بعضهم البعض في الثورات التي اجتاحت بلدانهم، الثورة الإيرانية في عام 1979، التي أطاحت بالشاه لتأتي بالجمهورية الإسلامية إلى السلطة، والثورة الرومانية في عام 1989 التي أطاحت بتشاوشيسكو، تاركة مجالا للرأسمالية الوحشية ، في الحقيقة ، ماريا وزهرة شخصيتان خياليتان . أعيد فيلم "بين الثورات "‏‏ صياغة التاريخ من خلال منظور أنثوي ، حيث يتخيل أيضا كيف يشكل العمر والخبرة وخيبة الأمل كيف نرى أنفسنا والعالم من حولنا . تواجه التوقعات المفعمة بالأمل للشباب حقائق محبطة بشكل متزايد مفادها أنه كلما تغيرت الأشياء يبقى الأمل في مستقبل الأجيال المثقفة ، على الرغم من مذبحة خيبة الأمل التي تواجهها كلتا المرأتين ، فإن حبهما المشترك يساعدهما في دفعهما . في بوخارست في السبعينيات ، شكلت زهرة وماريا صداقة عميقة خلال سنوات دراستهما الجامعية. عندما تندلع الثورة في إيران ، تضطر زهرة إلى العودة إلى الوطن . على مدى السنوات العشر التالية ، ظلت الصديقتان على اتصال ، وتبادلتا الرسائل التي وصفتا فيها جهودهما لإسماع أصواتهما كنساء ، في وقت كانت فيه بلديهما يتحركان في اتجاهين متعاكسين . كان الرئيس الروماني "نيكولاي تشاوشيسكو " في زيارة رسمية الى إيران عندما بدأت أعمال الشغب والإضرابات في رومانيا والتي أدت في غضون أيام قليلة من عودته إلى إقالته وإعدامه . كانت العلاقات بين البلدين قديمة تعود إلى أواخر القرن التاسع عشر، كما استمرت بين الأنظمة المختلفة التي مر بها البلدان. كانت رومانيا تشاوشيسكو من بين أوائل الدول التي اعترفت بالإدارة الإيرانية الجديدة ، التي خلفت إدارة الشاه بعد ثورة عام 1979. في الوقت نفسه ، كانت الجمهورية الإسلامية من بين أوائل الذين قبلوا المسار الروماني الجديد بعد الثورة بعد عشر سنوات .
كانت إحدى نقاط القوة في الفيلم الوثائقي الأول لبيتري ، هي الطريقة التي استحوذ بها على غضب وخيبة أمل المجتمع الروماني خلال سلسلة من الاحتجاجات التي أثارها تغيير في تشريعات الرعاية الصحية ، والتي سرعان ما تصاعدت إلى شيء أكبر ، يركز المخرج على عالم مماثل من الاضطرابات المدنية ، لكنه يستخدم لقطات أرشيفية من كل من رومانيا وإيران لإظهار كيف يمكن للمجتمع أن يستسلم لسحر الثورة وحلم التغير و لكن ما هي النتائج ؟. الفكرة التي تهيمن على نهج المخرج الروماني "فلاد بيتري" هي أن "الانتصارات يمكن مصادرتها" وأنه في أغلب الأحيان ، يتم تجاهل آمال ورغبات الناس العاديين من قبل أولئك الذين يأتون لحكم بلد . يجد بيتري طرقا بارعة للتأكيد على أوجه التشابه بين الثورتين و تقارب الثقافتين . على الرغم من أن الحدثين وقعا بفارق عقد من الزمن ، إلا أنهما متزامنان بطريقة غريبة ، في حين أن الثورة الإسلامية ، التي استقبلها المجتمع الإيراني بأمل كبير ، جلبت معها معايير جديدة تقيد الحريات في ظل الحكم الديني المتشدد لروح الله الخميني في الثمانينيات من القرن الماضي ، على الجانب ألآخر ، واجه الرومانيون نقصا حاداً في الغذاء بسبب هوس الديكتاتور نيكولاي تشاوشيسكو بسداد الديون الخارجية للبلاد . على الرغم من أن ثورة 1989 قوبلت بحماس كبير، إلا أن التسعينيات أظهرت أن المجتمعات مترددة تماما في التغيير . يستعين المخرج الروماني بيتري مواد أرشيفية للمجتمعين تعكس بعضها البعض. على سبيل المثال ، يتبع صور الثوار وهم يحرقون العلم الأمريكي في عام 1979 ، على الضفة الأخرى ، حرق صور تشاوشيسكو المنتشرة في كل مكان في عام 1989. عندما بدأت قبضة تشاوشيسكو على السلطة في التعثر ، أصبحت ماريا أكثر حذرا بشأن التغيير القادم لبلدها. تقدم لقطات أرشيفية تظهر بيبسي وكوكا كولا وهما يتم تسليمهما للرومانيين المتحمسين تعليقا ساخرا على الانتقال من الشيوعية إلى الرأسمالية . بالإضافة إلى تقديم صور ربما لم يسبق لكثير من الجمهور رؤيتها من قبل . التأثير الدائم للفيلم الوثائقي يتجاوز الثورات وأعمال الشغب . بعد الفحص ، يبقى الانطباع أنه بغض النظر عن الجنس أو العرق أو بلد المنشأ ، يمكن مشاركة خيبات الأمل المريرة من خلال الصداقة والحب الذي نشعر به تجاه من حولنا . من خلال سلسلة من الرسائل يسرد فيلم "بين ثورتين " قصة صداقة زهرة وماريا اللذان التقيا في جامعة بوخارست في السبعينيات وشكلتا صداقة عميقة. مع احتدام الاضطرابات السياسية في إيران ، تضطر زهرة إلى العودة إلى المنزل ، تاركة ماريا وراءها. على مدى العقد التالي، والسرد منقسم بسبب ثورتين - الثورة ضد ديكتاتورية الشاه في إيران وتلك التي حدثت في رومانيا ضد نظام تشاوشيسكو . حافظوا على علاقتهم من خلال سلسلة من الرسائل، يؤرخون نضالاتهم كنساء يناضلن من أجل صوت، مع تحرك بلدانهم في اتجاهات متباينة. على الرغم من المسافة والعقبات ، لا يزال شوقهم لبعضهم البعض قويا . الرسائل مستوحاة من أرشيفات الشرطة السرية وقصائد لكاتبتين بارزتين من رومانيا وإيران - نينا كاسيان وفروغ فرخزاد ( فروغ الزمان فرخزاد (28 ديسمبر 1944-13 فبراير 1967) كان شاعرة إيرانية. نشرت ستة كتب شعرية ، تعد من بين أفضل الأمثلة على الشعر الفارسي الحديث. بدأت فرخزاد أبداعها بمجموعات "السجين" و "الجدار" و "التمرد" وتعتبر أحدى رائدات الشعر الفارسي الحديث ، رويت سيرة الشاعرة " فروغ فرخزاد "عدة مرات وبطرق مختلفة منذ وفاتها وكلها تثبت جيدا أن جرأتها في قصائدها المبتكرة جعلتها أحد أشهر الشعراء المعاصرين في إيران) . صاغت هذه القصائد الكاتبة الرومانية لافينيا برانيشتي ، التي كتبت السيناريو مع بيتري . يمزج فيلم فلاد بيتري الهجين بين السياسة والشعر والماضي مع الحاضر في تاريخ الصداقة بين رومانية وإيرانية بين ثورات بلديهما . أعتقد أن هاتين الثورتين هما من أهم الأحداث السياسية في القرن العشرين". "بين الثورات " هو فيلم يمزج بين السياسة والشعر، والقصص الحميمة مع الدعاية التي تسيطر عليها الدولة، والرسائل مع الأرشيف، وعلى خلفية الأحداث الأخيرة في إيران، الماضي والحاضر ". الفيلم هو ثاني فيلم روائي طويل لبيتري كمخرج ، بعد أين أنت بوخارست؟، الذي تم عرضه لأول مرة في روتردام في عام 2014، يضع بيتري مخاوف النساء وخيبات أملهن ومخاوفهن ضد لقطات أرشيفية غير مألوفة من مصادر رومانية وإيرانية. في الغالب بالأبيض والأسود ، ينقل الأحداث اليومية والتاريخ في المسيرة. نرى الناس على الشاطئ ، يسترخون في أرض المعارض ويعيشون حياتهم اليومية. تنظم احتجاجات حاشدة في الشوارع. قوة الشعب محسوسة في إيران ، حيث تثير الجموع من أجل سقوط الشاه .
تعود زهرة إلى طهران بسبب الأمل الناشئ في أسلوب حياة جديد هناك مع قوة الانتفاضة ضد ملكية الشاه في عام 1978. وسرعان ما تحطمت توقعاتها عندما تحولت الثورة الإيرانية إلى ثورة إسلامية، وتحولت الى نموذج لحكم إستبدادي بغلاف ديني . في هذه الأثناء ، تمر ماريا بخيبة أملها الخاصة حيث تصبح الحياة في رومانيا صعبة بشكل متزايد بسبب المخاوف الاقتصادية وليست المجتمعية. تخشى ماريا أن حقوق وحريات المرأة هي التي تبدو وكأنها أول ما يتعرض للتهديد في أي نظام جديد . تتوسع كلمات رسائلهم المختلقة بطريقة معقولة حول مشاعر الهزيمة هذه من خلال تجسيد الحياة الداخلية لكل من المرأتين وعواطفهما ورباطهما. في سياق جملة واحدة أو بين السطور ، نعلم من خلال الرسائل أنمه تحت رادارات الشرطة السرية في كلا البلدين ، يشعران بالرقيب من الشرطة السياسية يتبع خطواتهما في كلا البلدين .‏غالبا ما تأخذنا اللقطات الأرشيفية التي جمعها بيتري لسرد هذه القصة ، لامرأتين تحبان بلدا لا يحبهما ، إلى حيث لا نتوقعها. تتشابك الصور ذات الهدف الوثائقي الحقيقي مع تسلسلات على وشك التجريد ، مثل تلك المسيرات الضخمة التي تم إجراؤها في عهد تشاوشيسكو: بمجرد فصلها عن السياق ، تصبح تصميمات الرقصات الخاصة بها مثالا مذهلا على العبثية والتجريد من الإنسانية التي يعاني منها الناس المخدعون باليه الدعاية. من خلال مزيجه المبتكر من الأفلام الوثائقية والخيالية ، يحمل فلاد بيتري بشكل فعال التقليد السينمائي الروماني لعدة مخرجين من الموجة الجديدة على سبيل المثال( رادو جود أو كورنيليو بورومبويو) المتمثل في تشريح جنون بلدهم خلال الثمانينيات من خلال الإبداع البصري والنغمة الشاذة .‏
أن أهم الثورات في النصف الثاني من القرن العشرين حدثت في إيران ورومانيا ، الثورة الإيرانية الحاسمة في عام 1979 أحدثت تغييرا كبيرا وجاءت مع العديد من الآمال ، والتي للأسف لم يكن لها ما يبررها ، في حين أن الثورة الرومانية في عام 1989 كانت أول ثورة متلفزة للغاية. تم توثيقه عن كثب على شاشة التلفزيون ، واللقطات التي عرض فيلم " بين ثورتين " تقع بين الفيلم الوثائقي والخيالي ، مثل المسرح التلفزيوني. كانت الحكومة الجديدة بحاجة إلى إضفاء الشرعية على التلفزيون. لذلك ، بدأت التلاعبات البصرية حتى قبل إعدام تشاوشيسكو . والآن نرى كيف أصبح هذا النهج اتجاها في البث التلفزيوني المباشر . هذا الخط‏‏ هو جزء من تطور شخصية ماريا: فهي تعرف بالفعل من زهرة ما حدث مع الثورة في إيران، لذا فهي ليست متفائلة جدا بشأن الثورة الرومانية، التي تأتي بعد عقد من الزمان : " كان والداي، على سبيل المثال، مثل ملايين الرومانيين الآخرين، ساذجين للغاية: كانا يعتقدان أن البلاد ستتحول بأعجوبة إلى جنة بعد سقوط الشيوعية ". تشير المصادرة إلى وصول الرأسمالية القاسية ، والتي يتضح في الفيلم من خلال صور أشخاص يشترون سيارات باهظة الثمن ويشربون كوكا كولا ويدمجون على الفور الرموز الاستهلاكية الغربية في الحياة في رومانيا. ومع ذلك ، فقد كثيرون آخرون وظائفهم ومدخراتهم بسبب التضخم . تمت مصادرة مستقبلهم من قبل النخبة القوية اقتصاديا ، ما يسمى ب "الأثرياء الجدد" الذين حافظوا على علاقات مع ممثلي السلطات الشيوعية السابقة أو هياكل المافيا. كما تم حل أي تضامن تماما او المنظمات التي تساعد الطبقات المسحوقة .
‏الرسائل التي تبادلتها المرأتان مستوحاة من ملفات الشرطة السرية. وتستند الى العديد من الرسائل التي صادرتها إدارة الأمن الرومانية في ظل نظام نيكولاي تشاوشيسكو .الرسائل‏‏ كتبها" ‏‏لافينيا برانيشتي‏‏ " وهي كاتبة معاصرة موهوبة ومشهورة للغاية. عمل المخرج في كتابة السيناريو مع الكاتبة لافينيا التي وجدت رسائل وملفات حقيقية من السجلات حول كيفية متابعة الشرطة السرية لجميع الطلاب الأجانب. فيلم " بين ثورتين " عام 2023 ، يعيدنا الى حالات القمع والثورات التي أندلعت في دولتين مختلفتين. من ناحية، كانت إيران على بعد خطوة واحدة من الثورة الشعبية التي من شأنها أن تعيد الدولة الإسلامية إلى أيدي آية الله روح الله الخميني، بينما في الطرف الآخر، كان على رومانيا انتظار سقوط الشيوعية للانتفاض ضد حكومة تشاوشيسكو. للقيام بذلك ، يستخدم الفيلم الوثائقي لفلاد بيتري كمية كبيرة من المواد التي تم العثور عليها من أواخر السبعينيات إلى نهاية الثمانينيات وتبادل الرسائل بين اثنين من طالبات كلية الطب ، أحداهما رومانية والآخر إيرانية ، بعيدا عن الروح الثورية لأحدهما. سيصف كل واحد أيامه في ظل نظام قمعي. إنه وقت العديد من الأحداث والتغيرات السياسية في العالم .
بصرف النظر عن صورة مع تشاوشيسكو وواحدة مع الخميني ، لا يظهر فلاد بيتري القادة ، كما لا يتم تمثيل التسلسلات الشهيرة لمحاكمة وإعدام تشاوشيسكو وعائلته. إن اختيار رواية إمرأتين يعني تبني وجهة نظر أنثوية ، وهي فكرة لها أعاد ودلالات قوية جدا ، على سبيل المثال في جزء من احتجاجات النساء الإيرانيات ضد الحجاب الإلزامي الذي أصدره النظام الجديد بعد الثورة. تبرز جانب نضالات المرأة الأيرانية ضد القمع الذي تمارسه السلطة الدينية وهي صورة من النظام الأبوي الذي يمثله المستبدون الذين يجب الإطاحة بهم . هناك عناصر مجازية مشتركة بين الثورتين، مثل الأعلام الأمريكية، التي أحرقت في إيران وتفاخرت ماريا به في رومانيا. تزخر الأيرانية زهرة بالأمل عند رؤية شرائح من الناس الذين نزلوا إلى الشوارع . ومن بينهم رجال ونساء من جميع الأعمار ، وعدد قليل جدا منهنً يرتدينً غطاء رأس. تنضم إليهم الشابة المبتهجة زهرة سعيدة بهذا التغير. إنهم يسعون إلى الإطاحة بالشاه ، وبالتالي رفض الإمبريالية الأمريكية والتدخل بشؤونهم . ‏‏إنهم يبحثون عن شيء جديد تماما، وتبدو وعود الجمهورية الإسلامية مغرية في البداية‏‏ .السمات المتكررة بين الثورتين كثيرة ويمكن أن تمتد إلى جميع الثورات تقريبا في التاريخ. ديناميكيات الثورات هي نفسها دائما إلى حد ما، بغض النظر عن مصفوفة أيديولوجيتها وقوة السلطة التي تنوي الإطاحة بها. يبدأ بالحماس والمثالية والأمل . وسرعان ميبدأ الشعور بخيبة الأمل حين تظهر حقيقة هاذ التغير ، ويتبين أنه ليس بالضرورة الظام الجديد أفضل من سابقه. شاه بلاد فارس يحميه الأمريكان الذين حكموا بمساعدة الشرطة السرية المخيفة السافاك ، أفسح المجال للثيوقراطية الشيعية بالوصول الى السلطة .
‏بعد عشر سنوات ، جاء دور ماريا لتجربة ثورة ، عندما خرجت حشود هائلة مماثلة إلى شوارع العاصمة الرومانية من أجل المطالبة بإزاحة واغتيال طاغية مختل. هم أيضا يحققون هدفهم ، لكنهم يصبحون ضحايا لمكائد الرأسمالية قبل أن يدركوا ذلك. تشرح ماريا لصديقتها البعيدة أنه بعد عام من الثورة الرومانية ، أصبحت الرفوف فارغة والفرص نادرة بنفس القدر ونظام يسيطر على كل جانب من جوانب حياة مواطنيه من خلال التأمين الذي لا يرحم بنفس القدر ، بنظام رأسمالي غير منظم ، يرمز إليه في الفيلم بصور السيارات الفاخرة اللامعة أوصعود الطبقة البرجوازية ، القاسم المشترك بين الثورتين هو أنهما "تمت مصادرتهما" من قبل قوى زائفة مع القليل من الاهتمام بمطالب القاعدة الشعبية التي أدت إلى التغيير. هذا فيلم التداعيات الخطيرة لتغيير منقسم. بمجرد ترك فراغ السلطة ، غالبا ما تكون القوى المظلمة هي السائدة.‏ بين الثورات للمخرج الروماني " فلاد بيتري " الذي تم تقديمه في مسابقة الوثائقية لمهرجان تريستا عام 2024 ، بعد عرضه الأول في منتدى برلين ومروره إلى سلسلة من المهرجانات مثل ثيسالونيكي ،هذا الإنتاج الدولي المشترك بين رومانيا وإيران وكرواتيا وقطر هو بادرة معارضة. بعبارة أخرى ‏‏، صورة مصغرة عن السينما الثورية‏‏. السرد جميل الذي تلونه قصائد أشهر شاعرة إيرانية تقدمية " فروغ فرخزاد" . هذا الإنتاج الدولي المشترك بين رومانيا وإيران وكرواتيا وقطر هو بادرة معارضة. بعبارة أخرى ، قطعة صغيرة من السينما الثورية. ثوري في شكله غير العادي ، يصنع قصة خيالية من حقائق حقيقية للغاية ، في شكل وثائقي. يتم تسليم التعليق الصوتي بقوة فوق لقطات أرشيفية رائعة. يجب أن يكون هذا قد تضمن قدرا كبيرا من البحث، ويأتي ذلك مع العديد من المخاطر المرتبطة (كان على المنتج الإيراني المشارك أن يظل مجهول الهوية). وثورية في مضمونها ، تكشف أن الرغبة في التغيير يمكن أن تكون متحررة وخادعة بنفس القدر ، سواء كان ذلك في أوروبا أو في الشرق الأوسط ".‏
‏ في الختام : العملية التي قام بها المخرج في فيلمه "بين الثورات"، أيجاد المشتركات بين الثورات التحرر العالمية والربط بين الثورتين في إيران ورومانيا، وتسيلط الضوء على سمة مشتركة في هذه الأحداث التاريخية: إنها تبدأ بالمثل العليا وأفضل النوايا، ثم تصل إلى الإطاحة بالسلطة، التي تستولي عليها قوة أخرى، والتي يمكن أن تتحول إلى نظام أسوء من سابقتها . ‏"اللقطات المذهلة من تلك الحقبة تعطي "بين الثورات" نسيجا محددا ، مما يجعلها لقطة لا تمحى لزمان ومكان معينين. في أعقاب الثورة الإسلامية ، سرعان ما كانت إيران في طريقها إلى أن تصبح مجتمعا محافظا منغلقا ، بينما بدأت رومانيا في الانفتاح على رأسمالية رعاة البقر غير المقيدة في حقبة ما بعد الشيوعية بعد سقوط تشاوشيسكو .‏

كاتب عراقي

#علي_المسعود (هاشتاغ)       Ali_Al-_Masoud#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات