أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محيي الدين ابراهيم - الكتاب الأكثر مبيعا في العالم لعام ٢٠٢٥














المزيد.....

الكتاب الأكثر مبيعا في العالم لعام ٢٠٢٥


محيي الدين ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 8307 - 2025 / 4 / 9 - 16:09
المحور: الادب والفن
    


"نظرية دعهم وتحرر منهم" الكتاب الأكثر مبيعا في العالم ٢٠٢٥
للكاتبة الأمريكية "ميل روبينز" عن دار "Hay House "هو دليل عملي للتحرر من القلق بشأن آراء الآخرين, وتؤكد فيه "روبينز" أن ترك الناس يتصرفون كما يشاؤون دون محاولة تغييرهم يمنحك قوة داخلية وسلامًا نفسيًا، وذلك عبر قصص ونصائح عملية، توضح فيها كيف يساعد هذا المفهوم في تعزيز الثقة بالنفس، تقليل التوتر، والتركيز على ما يحقق لك النجاح والسعادة.
ويتناول هذا الكتاب خطابا ساخرا ظاهريًا، لكنه محمل بإيحاءات ثقافية ونفسية واجتماعية عميقة، تعكس حالة التراخي الجمعي أمام الأزمات المجتمعية، فلم تعد السلبية الاجتماعية مجرد موقف فردي، بل باتت تتخذ شكلًا جماعيًا شبه مؤسسي، تُغلف أحيانًا بالتهكم، وأحيانًا بالتكيف، وأحيانًا أخرى بالتواطؤ الصامت. في هذا السياق يجيء نص "نظرية دعهم" ليعيد صياغة هذا السلوك في صورة "نظرية" ساخرة، تُظهر تناقض الإنسان المعاصر بين إدراك الخطر وميله إلى الانسحاب.
وفي هذا الكتاب، تجسّد النظرية نمطًا سائدًا في المجتمعات التي عانت من تكرار الصدمات (سياسية، اقتصادية، أخلاقية)، حتى تكلّس الإحساس العام، وتبلور شعور بالعجز الجماعي، إنها ثقافة "الفرجة" التي تحوّل الكوارث إلى مشاهد متكررة لا تثير الفعل، بل تثير تعليقًا ساخرًا فقط، كما يعكس النص تآكل الشعور بالمسؤولية المشتركة، حيث يُعاد تعريف الفعل المجتمعي ليصبح "لا فعل".
وكذلك البعد النفسي للنظرية في هذا الكتاب يمثل آلية دفاع نفسي تشبه آليات الإنكار أو التبرير، فحين يعجز الفرد عن تغيير الواقع، يبدأ بتبرير صمته أو تواطئه عبر منح اللامبالاة شكلًا عقلانيًا أو أخلاقيًا، ومن ثم، تتحول السلبية إلى قناع مريح يُخفي تحته الفرد شعوره بالذنب أو القلق أو الخوف.
ولم تغفل مؤلفة الكتاب عن الأبعاد الثقافية والرمزية داخل النص، إذ نري نص الكتاب المكون من ٢٦٩ صفحة، قائم على تناصّ ضمني مع منظومات ثقافية اعتادت على شخصنة الفساد وتبرير الظلم تحت شعار الواقعية، إن هذا الكتاب يعكس حضورًا قويًا للخطاب القدري السلبي: "ما باليد حيلة"، "الدنيا كده"، إلخ ...، كل ذلك يتكثّف في رمز "دعهم" الذي يتحول من تعبير عرضي إلى شعار ثقافي عام.
كما أن الكتاب يستعرض تطبيقات واقعية من المجتمع لإبراز مدى تغلغل هذه النظرية في الواقع، يمكن رصد عدد من الأمثلة الميدانية:
1. في حادثة تحرش جماعي وثقتها الكاميرات، لم يتدخل أحد من المارة، بل اكتفوا بالمشاهدة أو تصوير الواقعة، متمثلين بموقف "دعهم".
2. في حالة انقطاع الكهرباء أو تراكم القمامة في الأحياء، يتداول السكان الأمر في مجموعات الدردشة قائلين: "دعهم، ما احنا اتكلمنا كتير".
3. عند مشاهدة موظف حكومي يبتز المواطنين أو يتلقى رشوة، تُقال العبارات: "دعهم، من زمان كده"، أو "هو أنا اللي هغير الدنيا؟".
4. في مواقف مدرسية أو جامعية، حين يتعرض طالب للظلم من أستاذ، تُنصح الضحية بالصمت: "دعهم، عشان ما تاخدش على دماغك".
5. في نقاشات شبابية حول المشاركة السياسية أو التطوعية، يُواجه المتحمسون بتهكم: "دعهم يا عم، كلهم زي بعض".
هذه النماذج تكشف كيف أصبحت "دعهم" ثقافة سائدة، تتجاوز كونها رد فعل لتصبح جزءًا من بنية التفكير والسلوك العام، ما يضعف قدرة المجتمع على التغيير.
وترى الكاتبة أنه ربما لا تكون "نظرية دعهم" سوى مرآة لما ران على القلوب من غبار، فهي ليست موقفًا عابرًا بل انعكاس لتصحر داخلي طال الروح قبل الفكر. وإن كان ظاهرها السخرية، فإن باطنها ينهض نداءً خفيًا للمراجعة، نداءً إلى القلب ليستفيق من سباته، في زمنٍ أُغلق فيه باب الحماسة، وتصدّعت فيه نوافذ الأمل.
وربما يدفعني هذا الكتاب للقول:
إن مقاومة "دعهم" لا تبدأ في الشارع، بل في باطن النفس: في لحظة اختيار بين الركون أو القيام، بين التواطؤ أو الشهادة، بين الصمت أو الكلام، وكما يقول ابن عطاء الله السكندري: "ربما فتح لك باب الطاعة وما فتح لك باب القَبول، وربما قضى عليك بالذنب فكان سببًا في الوصول". فلعل اعترافنا أننا غرقنا في "دعهم" هو بداية الرجوع، ولعل السخرية من الواقع لا تكون مفرًا، بل تكون حكمةً خفية تنبهنا إلى أننا هبطنا عن مقام الإنسان الكامل إلى درك اللامبالاة.
ولعلنا يجب أن نقول "لا"، ولو في قلوبنا، لكون "لا" التي تقولها قلوبنا، أول باب في الطريق الطويل، إن كتاب "نظرية دعهم" ليست مجرد نص ساخر، بل هي مرآة خطابية تكشف تشوّهات الوعي الجمعي في مجتمعات مأزومة، تحوّل العجز إلى ثقافة، والسخرية إلى أداة دفاع عن الذات.



#محيي_الدين_ابراهيم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أراد الحرية .. عليه أن يستعد للموت
- رواية دعاء الكروان حين تكون المرأة الشرقية ضحية لثلاثية المو ...
- النشيد الأول للعشق
- العشق ورحلة الفناء في الحقيقة
- قراءة في كتاب جماليات الصوفية لسايروس زارجار
- السعادة عند ابن سينا وابن عربي
- مفهوم الحياة من منظور الفلسفة
- السعادة وإمكانية الحقيقة
- لماذا الحكمة أفضل من الجمال ؟
- الحب والكراهية عند نيتشة وفلسفة قلب الموازين
- سقوط الدول عنوانه: التدهور الثقافي والفروق الطبقية الحادة
- لماذا تنهار الأمم ؟
- دراما رمضان وصراع الهوية الوطنية بين -مصر الكومباوندات- و-مص ...
- قراءة في أشهر رباعية للشاعر صلاح جاهين كادت أنت تسجنه:
- قراءة في- قصيدة الناس في بلادي- للشاعر صلاح عبد الصبور
- الشاعر صلاح عبد الصبور .. حكاية أسطورة قتلها التنمر !
- مأساة الحلاج ونقد أحد أشهر أشعاره
- سيلفيا بلاث: حكاية اسطورة الشعر التي احترقت في فرن التنمر ال ...
- بابلو نيرودا: الكلمة التي حملت سرّ النار
- بين الفلسفة والتصوف والعلم: هل آن الأوان للثورة الفكرية الجد ...


المزيد.....




- زيارة العراق تحرم فناناً مغربياً شهيراً من دخول أميركا
- تحدّى المؤسسة الدينيّة وانتقد -خروج الثورة من المساجد-، ماذا ...
- تحقيق جديد لواشنطن بوست ينسف الرواية الإسرائيلية عن مذبحة مس ...
- -فيلم ماينكرافت- إيرادات قياسية وفانتازيا صاخبة وعمل مخيب لل ...
- هكذا قاد حلم الطفولة فاطمة الرميحي إلى نهضة السينما القطرية ...
- ستوكهولم: مشاركة حاشدة في فعاليات مهرجان الفيلم الفلسطيني لل ...
- بعد منعه من دور العرض في السينما .. ما هي حقيقة نزول فيلم اس ...
- هل تخاف السلطة من المسرح؟ كينيا على وقع احتجاجات طلابية
- تتويج أحمد حلمي بجائزة الإنجاز في مهرجان هوليود للفيلم العرب ...
- فيلم -إسكندر- لم يعوض غياب سلمان خان السينمائي


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محيي الدين ابراهيم - الكتاب الأكثر مبيعا في العالم لعام ٢٠٢٥