أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - خالد خليل - الجهاد بين فرض العينية ورؤية الدولة: قراءة فقهية في ضوء الفتوى والردود المعاصرة














المزيد.....

الجهاد بين فرض العينية ورؤية الدولة: قراءة فقهية في ضوء الفتوى والردود المعاصرة


خالد خليل

الحوار المتمدن-العدد: 8306 - 2025 / 4 / 8 - 10:03
المحور: قضايا ثقافية
    


تمهيد

في خضم العدوان المتواصل على غزة، ومع اشتداد المجازر بحق المدنيين، أصدر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين فتوى تُوجب الجهاد على الأمة الإسلامية لنصرة الشعب الفلسطيني. أعقبها رد من دار الإفتاء المصرية، رافضة هذه الدعوة، واصفةً إياها بأنها دعوة “متسرعة” تؤدي إلى “الفوضى والإفساد”. هذا التباين في الفتوى يفتح بابًا فقهيا مهمًا للنظر في: هل يجوز تعطيل أو رفض فتوى الجهاد إذا أصبح فرض عين؟



أولًا: معنى الجهاد وحالات فرضه

الجهاد في سبيل الله هو بذل الجهد والوسع في قتال العدو دفاعًا عن الدين والنفس والمال والعِرض. وقد اتفق الفقهاء على أن الجهاد نوعان:

1. جهاد فرض كفاية:

وهو الأصل، إذا قام به من يكفي، سقط الإثم عن الباقين.
قال الإمام النووي:

“الجهاد فرض كفاية، إذا قام به من يكفي، سقط عن الباقين، وإن لم يقم به من يكفي، أثم الجميع”
روضة الطالبين، النووي (10/237).

2. جهاد فرض عين:

ويتحول الجهاد إلى فرض عين في ثلاث حالات – كما بيّنها ابن قدامة في “المغني” (9/228):
1. إذا التقى الصفان، وحضر القتال.
2. إذا هجم العدو على بلد.
3. إذا استنفر الإمامُ (ولي الأمر) المسلمَ.

قال النووي:

“إذا دخل الكفار بلدةً من بلاد المسلمين، تعيَّن على أهلها دفعُهم، ولا يشترط إذن الإمام”.



ثانيًا: الحالة الفلسطينية وفق هذه الضوابط

انطبقت شروط فرض العينية للجهاد على أهل فلسطين بوضوح، إذ:
• العدو محتل، مهاجم، يمارس القتل والتهجير.
• الدولة (أو السلطة) الفلسطينية غير قادرة على صد العدوان أو حماية المدنيين.
• الأمة الإسلامية لا تُقدّم عونًا عسكريًا رسميًا.

وعليه، حسب هذه الرؤية، فإن الجهاد على أهل فلسطين فرض عين لا يحتاج إلى إذن ولي أمر، لا محليًا ولا خارجيًا، وهو ما أفتى به عدد كبير من العلماء سلفًا وخلفًا.



ثالثًا: هل يجوز تعطيل الجهاد إذا أصبح فرض عين؟

من الناحية الفقهية: لا يجوز.

إذا تحقق فرض العين، فإن الجهاد يكون كالصلوات الخمس، لا يسقط بالتقاعس، ولا يُعلّق على إذن أحد.

قال الإمام الشافعي:

“وإذا نزل الكفار بساحة قوم، وجب على كل من يقاتلهم أن يفعل، فإن لم يفعلوا كانوا عاصين”.
الأم، الشافعي (4/259).

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية:

“إذا دخل العدو بلاد الإسلام، فلا ريب أنه يجب دفعه، والواجب بحسب الإمكان على كل أحد… ولا يشترط في ذلك إذن الإمام”.
الفتاوى الكبرى، ابن تيمية (4/608).



رابعًا: الرد على رأي دار الإفتاء القائل بأن “الجهاد قرار دولة”

دار الإفتاء المصرية ربطت مشروعية الجهاد بقرار الدولة، وحذّرت من “الفوضى”. وهذا الرأي يُمكن الرد عليه من عدة زوايا:

1. تمييز بين إعلان الحرب وبين نصرة المظلوم:

الفقهاء فرّقوا بين قرار الحرب الجماعية (فرض كفاية)، ووجوب النصرة حين يُعتدى على المسلمين (فرض عين).

2. إعطاء الدولة حق المنع دون القيام بالواجب = تعطيل لأمر الله:

إذا لم تُجاهد الدولة، ولم تسمح لغيرها أن يُجاهد، فهي تُعطل نصًا قرآنيًا، قال تعالى:

“وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر”
[الأنفال: 72].

3. القول بأن الجهاد “يؤدي للفوضى” لا يُسقط فرضيته:

لأن درء الفتنة لا يكون بترك الفرائض، بل بتنظيمها، كما هو الحال في إقامة الحدود رغم ما قد تسببه من اضطراب محدود.



خامسًا: فقه الموازنات والمصالح

ينبغي أن يُراعى في الدعوة للجهاد فقه المصالح والمفاسد. فالعلماء لا يدعون للفوضى، بل لجهاد منضبط، منظم، يُفرّق بين المحارب والمدني، ويحترم قواعد الشرع.

لكن هذا لا يعني تحريم الجهاد أو تعطيله بالمطلق، فـ”المصالح” لا تُقدّم على “الفرائض” إلا في حالات مخصوصة، وبضوابط شرعية، لا سياسية.



خاتمة

من المقرر فقهًا أن الجهاد إذا أصبح فرض عين، كما في حال الاحتلال والعدوان الظالم، لا يجوز تأخيره ولا تعطيله، ولا يحتاج لإذن إمام أو دولة. والدعوة إلى الجهاد في هذه الحالة لا تُعد خروجًا على النظام، بل التزامًا بشريعة الله. ومن منع الجهاد وهو قادر على القيام به أو مساندته، فقد قارب حدود الإثم – لا الاجتهاد.



#خالد_خليل (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين يصير القلب وطنًا
- التعريفات الجمركية في عهد ترامب: بين سيادة الاقتصاد الأمريكي ...
- قيامة الطين والنور
- ضعي قلبي بين يديكِ
- تجلِّيات العابر الأخير
- إمكانية التحديث والنهضة في اليمن بقيادة أنصار الله: بين السي ...
- التحديث في العالم العربي وإشكالية السيادة المنقوصة: بين العو ...
- نبوءة الضوء
- لغة الغيم
- تداعيات الحرب على غزة وعودة اليمن إلى الساحة الإقليمية: قراء ...
- لغة السحر
- سَاتِيرَا فِي زَمَنِ العَجَائِبِ
- العم سام في رقصة السقوط الحر
- رقصة في حدائق الصمت
- مزامير الضوء العاشر
- التهجين الكمومي في المجال البيولوجي: استحداث تقنية علاجية جد ...
- أسطورة النور والظل
- محنة الأدب العالمي تحت هيمنة التوحش الرأسمالي
- اسرار النور
- العلاج الصوتي عبر الحقول الكمومية: ابتكار د. خالد خليل لنهج ...


المزيد.....




- الدفاع الروسية: قوات كييف استهدفت بنى الطاقة 8 مرات في 24 سا ...
- نواف سلام يبحث مع أبو الغيط الوضع في لبنان والمنطقة
- ليبيا.. حرائق غامضة تلتهم 40 منزلا في مدينة الأصابعة خلال 3 ...
- رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام يصل إلى دمشق حيث سيلتقي بال ...
- -يجب علينا تخيُّل العالم ما بعد الولايات المتحدة- - الغارديا ...
- الجزائر تمهل 12 موظفا في سفارة فرنسا 48 ساعة لمغادرة أراضيها ...
- -ديب سيك - ذكيّ ولكن بحدود... روبوت الدردشة الصيني مقيّد بضو ...
- انخفاض تعداد سكان اليابان إلى أدنى مستوى منذ عام 1950
- جدل في الكنيست حول مصر.. وخبير يعلق: كوهين أحد أدوات الهجوم ...
- وزير خارجية فرنسا يدعو لفرض -أشد العقوبات- على روسيا


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف
- أنغام الربيع Spring Melodies / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - خالد خليل - الجهاد بين فرض العينية ورؤية الدولة: قراءة فقهية في ضوء الفتوى والردود المعاصرة