أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ابراهيم برسي - النظام ساقط… ولكن الظل قائم: في طقوس الإنكار وانفجارات الكذب الوجودي عند إبراهيم محمود.














المزيد.....

النظام ساقط… ولكن الظل قائم: في طقوس الإنكار وانفجارات الكذب الوجودي عند إبراهيم محمود.


ابراهيم برسي

الحوار المتمدن-العدد: 8306 - 2025 / 4 / 8 - 08:29
المحور: كتابات ساخرة
    


هل يمكن للظل أن يُلقي بنفسه في النهر ظانًّا أنه سينجو؟
هذا ما يفعله إبراهيم محمود، الرئيس المكلف لحزب المؤتمر الوطني، حين يقف على شاشة الجزيرة ليحاور الأستاذ أحمد طه، ليس بصفته مسؤولًا سياسيًا سابقًا، بل كممثل بارع لمدرسة “الإنكار العالي”، حيث الحقيقة ليست إلا مؤامرة، والوقائع ترف ذهني، والثورات… تجلٍ هوسي، و هلوسة جماعية لشعب مخدوع.

لقد جلس الرجل، في قشرة مدنية صقيلة تحاكي هيئة النظام لا جوهره، ونبرة لا تخلو من يقين أن العالم ما يزال يدور حول “المشروع الحضاري”، ليقول لنا ببساطة: “نحن لم نربِّ الوحش، لم نغذّيه بمكر سياسي حتى تضخمت مخالبه، لم نحرق دارفور، ولم نرَ ديسمبر أصلًا، بل رأينا سحابة صيف عبرت من الخارج، ثم غرّرت ببعض القُصّر.و الحالمين”

أيها الإله الذي نفاك المؤتمر الوطني ثم أعاد استيرادك بشروطه: قل لنا، هل هذا هو التجسيد الحداثي الجديد لسياسة “عليّ الطلاق ما حصل”؟ هل هذه المقابلة كانت درسًا في محو التاريخ أم إملاءً في بنية معماريّة دقيقة لتشويه المعنى؟

إبراهيم محمود لم يُجب، بل ناور، دار، لفّ، وحوّل كل سؤال إلى متاهة. بدا كأنه يفاوض الحقيقة على شاشة البث المباشر، كأنها صفقة سياسية قابلة للتأجيل.

هل المؤتمر الوطني مسؤول عن تضخيم الدعم السريع؟
“لا، قوى الحرية والتغيير فعلت ذلك.”
ومن الذي شرعن له برلمانيًا؟
“البرهان، تحت الضغط الخارجي.”
ومن الذي أوجد البرهان؟
“القدر، ربما… أو إحدى المعجزات السياسية.”

هكذا يجيب من لا يملك شجاعة القول، ومن ما زال يعتقد أن الناس قطيع، وأن الزمن يمكن إعادة تطويعه بدهاء السوقة وشطارة المكر السياسي، وأن الكذب مهارة إدارية.

يا سيدي، إنكم أنتم من نصبتم خيمتكم على مفاصل الدولة، حوّلتم الإسلام إلى سلعة، والوطن إلى غنيمة، والجيش إلى شركة أمن خاصة. ثم جئتم بعد السُكر الطويل، وأنتم تترنحون في محراب الإعلام، لتقولوا: لم نكن هناك.

لا أحد منكم يريد أن يعترف، لأنكم – وكما قال إريك فروم – “لا تحتملون الحرية”، أنتم أبناء الطاعة، تخافون من الحقيقة لأنها تفكّك السلطة، وأنتم عبدة السلطة.

إن إبراهيم محمود، في تلك المقابلة، لم يكن يمثل حزبه فقط، بل جسّد بأمانة كاملة عقلية الإسلام السياسي حين يُستدعى للمساءلة:
أولًا ينكر،
ثم يتّهم الآخر،
ثم يتذكّر أن الله معه،
ثم يختم بابتسامة مُرّة توحي بأنه يعلم أنه يكذب، لكنه قرر أن لا يختشي.

أي نقد يُقدَّم لهؤلاء يُقابل بتهمة “الحرب على الإسلام”، وكأن الإسلام وُكِّل إليهم دون سواهم، وكأن الله نفسه عقد معهم اجتماعًا مغلقًا، ووقّع على بيان رسمي قال فيه: هؤلاء وكلائي الحصريون.

ياللمفارقة التراجيدية! كيف تؤول النصوص، وتُسرق القيم، وتُختطف الأخلاق، ليُقال إن من اختلف مع حزب سرق السلطة لثلاثين عامًا، ونهب الوطن، ودفع به إلى حرب أهلية، إنما هو “عدو للإسلام”!

لقد قدم إبراهيم محمود درسًا في الاستبداد الديني المغلّف: ليس في ما قال، بل في كيف قال. بنبرة فوقية لا تعترف بالمُحاوِر، ولا بالشعب، ولا بالتاريخ، بل تُخاطب جمهورًا متخيّلًا، جمهورًا مخصيًا ذهنيًا، يصفّق لكل شيء، حتى لو قال لهم إن الشمس تشرق من دار المؤتمر الوطني.

لقد خرجت الثورة، يا سيدي، لا من مؤامرة، بل من رحم الغضب.
من دم الشهداء في عطبرة، و نيرتتي من ليل المعتقلات، من جوع الأحياء الطرفية، من حنجرة حميد، من صمت الأمهات، من دعاء أولئك الذين رأوا أطفالهم يُدفنون في خيام النزوح باسم المشروع.

ولكنك، كاهنٌ آخر في معبد الإنكار لا يصغي حتى لصدى خطواته في الخراب.

فلا بأس، سنكتب.

وسنضحك، ساخرين من “الرئيس المكلف” لحزب منحل، يجلس على طاولة الكلام وكأنه ما زال يحكم.



#ابراهيم_برسي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقاطعة الإعلام الحربي كأداة مقاومة ضد آلة الدعاية العسكرية
- مازق المثقف في المنفي: بين التماهي والهويات المنقسمة
- البحر والمدينة: ثنائية القسوة والخلاص عند حنا مينا
- من المتحف القومي إلى مكتبة الترابي: كيف يُعاد تشكيل السودان ...
- -اللجنة- لصنع الله إبراهيم.. كيف تسائل الرواية أنظمة القهر؟
- حين يصبح الجسد عقيدة: وشوم وزير الدفاع الأمريكي وسؤال الأيدي ...
- شيطان التفاصيل عبد الحي يوسف: من الجهاد إلى الفساد إلى هروبه ...
- من الطاعة إلى الهيمنة: كيف تُستخدم المصطلحات السياسية والدين ...


المزيد.....




- فنان مصري يعرض عملا على رئيس فرنسا
- من مايكل جاكسون إلى مادونا.. أبرز 8 أفلام سيرة ذاتية منتظرة ...
- إطلالة محمد رمضان في مهرجان -كوتشيلا- الموسيقي تلفت الأنظار ...
- الفنانة البريطانية ستيفنسون: لن أتوقف عن التظاهر لأجل غزة
- رحيل الكاتب البيروفي الشهير ماريو فارغاس يوسا
- جورجينا صديقة رونالدو تستعرض مجوهراتها مع وشم دعاء باللغة ال ...
- مأساة آثار السودان.. حين عجز الملك تهارقا عن حماية منزله بمل ...
- بعد عبور خط كارمان.. كاتي بيري تصنع التاريخ بأول رحلة فضائية ...
- -أناشيد النصر-.. قصائد غاضبة تستنسخ شخصية البطل في غزة
- فنانون روس يتصدرون قائمة الأكثر رواجا في أوكرانيا (فيديو)


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ابراهيم برسي - النظام ساقط… ولكن الظل قائم: في طقوس الإنكار وانفجارات الكذب الوجودي عند إبراهيم محمود.