|
الأناركية الفردية سوف تخفي الذهب تحت البلاطة، فوق الدولة
محمد عبد القادر الفار
كاتب
(Mohammad Abdel Qader Alfar)
الحوار المتمدن-العدد: 8305 - 2025 / 4 / 7 - 22:29
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
منذ أول رمشة فتنة برق فيها المعدن في عين صيّاد بدائي، والذهب لم يعد معدنًا فقط. صار استعارة. صار مَجازًا للحب، وللخيانة، وللموت.
كان يمكن لأي حجر أن يؤدي وظيفته الاقتصادية، لكن الذهب اختار أن يؤدي وظيفة نفسية، رمزية، دينية، سلطوية… وظيفته الحقيقية لم تكن في التبادل، بل في الإغواء.
ولعل الذهب الفعلي ليس ما نضعه في جيوبنا، بل ما نحلم أنه مدفون في جُبّ لا يعرفه أحد.
وقد لا يكون هناك ما هو أكثر إغواءً من فكرة الذهب، سوى فكرة أنه لم يعد موجودًا.
في لحظة ما، حين تلتقي العبقرية بالتمويه، تصبح قيمة الذهب أضعف من وهمه، وتغدو القوة الحقيقية في القدرة على جعل الآخرين يعتقدون أنك تملكه… أو أنك دمرته.
أتوقف عند جملة قالها بروس ويليس في أحد أفلام داي هارد: “الشيء الوحيد الأفضل من تفجير مئة مليار دولار من الذهب… هو أن تجعل الناس يظنون أنك فعلت.” جملة تلخّص قرونًا من الهوس البشري.
المسألة ليست في الذهب، بل في الهالة. وليست في التدمير، بل في صناعة الوهم. الذهب لم يعد معدنًا فقط. صار فكرة، شائعة، شبحًا يمر بين الأسواق والبورصات وأحلام الفقراء ونشرات الأخبار. صار احتمالاً، وهذا أخطر ما يمكن أن يصير إليه شيء.
الذهب هنا لا يعود شيئاً نملكه، بل يصبح شيئًا نصدّقه. والقوة الحقيقية لا تكمن في الصناديق المصفوفة داخل قبو بنكي تحت نيويورك، بل في الأفواه التي تهمس: “لقد سُرقت.” هكذا يتحول الذهب إلى فكرة. إلى سلاح. إلى cult بدائيّ لم يفقد أتباعه رغم آلاف السنين. إلى وهج يجعل القلوب تلهث، حتى وإن كان الحريق في القصة مختلقًا.
ماذا لو أن أحد الأولين قد كذب بشأن الذهب حين قال أنه شيء حقيقي وحقيقي جداً. فلعله قال: طالما أنهم يعتقدون أنه "حقيقي جدًا" لن يجرؤ أحد على اختباره.
ولا على إعادة تسمية لونه، اللون الذهبي: هذا اللون الذي لا يظهر في قوس قزح. ولن تراه في قاع محيط، ولا في جفن زهرة، ولا في سماء قبل المطر.
اللون الذهبي، رغم حضوره الطاغي، ليس نتيجة عابرة لانكسار ضوء أو تشتت موجات، كما في قوس قزح أو صفحة ماء. بل هو أثر عميق لحيلة كونية تتقنها الذرات الثقيلة وحدها. في حالة الذهب، تتحرك إلكتروناته بسرعات تقارب نصف سرعة الضوء، وهذا يغيّر قوانين اللعبة. بفعل النسبية الخاصة لأينشتاين، تزداد كتلة هذه الإلكترونات، وتضيق الفجوة بين مستويات الطاقة، فيمتص الذهب جزءًا من الضوء الأزرق ويعكس الباقي. هكذا يبدو لنا ذهبًا، لا لأنه يُظهر شيئًا، بل لأنه يخفي الأزرق.
الذهب لا يضيء من تلقاء نفسه، بل يتقن الانعكاس بذكاء ملوّن. وبهذا، فهو ليس خدعة بصرية تمامًا، لكنه يشبهها: ما تراه هو الحقيقة، لكنه ليس كل الحقيقة. أما في الطباعة، فمحاكاة هذا اللون شبه مستحيلة. لا خليط مباشر من الألوان الأساسية يمنحك ذهبًا. لا طابعة تقليدية، ولا كود RGB رقمي، يستطيع أن يمنحك اللمعان والدفء والعمق. الذهب يُطبع بحبر خاص، يُلمع برقائق معدنية، ويُحاكى فقط عبر الظلال والانحناءات والتوهجات المصطنعة.
في نهاية الأمر، الذهبي ليس لونًا نراه… بل وعدًا نلاحقه. لونٌ لا يُولد… بل يُقلَّد.
وكأن الذهبي تمثيل، وهم، نغمة بصرية تهمس بالترف، دون أن تقول الحقيقة.
وهذا ما يجعله مختلفًا عن كل لون عرفناه. إنه ليس الأحمر الذي يحذر، ولا الأزرق الذي يطمئن، ولا الأخضر الذي يعِد، بل هو اللون الذي يهمس: “أنا لست مثلهم… أنا فوق.” في تصميم العلامات التجارية، يُستخدم الذهبي للإيحاء بالفخامة. في الفن الكنسي، يُستخدم للدلالة على النور الإلهي. في ميثولوجيا الألوان، الذهبي هو الحارس على بوابة المقدّس والدنيوي في آن. إنه اللون الذي لا يُحب، ولا يُكرَه… بل يُخشى.
الذهبي ليس من الطبيعة، بل من الحلم. وكل حلم يحتاج إلى من يبيعه.
يقول صديقي علي إن اللون الذهبي لم يكن يومًا مجرد لون، بل إعلان نوايا. فمن يرتديه لا يبحث عن التخفّي، بل عن الظهور. ومن يلمع لا يسعى إلى الحكمة، بل إلى السلطة. والذهب، حتى في صيغته اللونية، ليس بريئًا.
إنه اللون الذي تكرهه الملائكة وتغار منه الشياطين. لون الترف، والانحطاط، والنهضة، والانهيار… في آنٍ معًا.
في فيلم Goldfinger من سلسلة جيمس بوند، تظهر امرأة مغطاة بطبقة ذهبية بالكامل، مشهد سينمائي أيقوني أدى إلى واحدة من أشهر الإشاعات في تاريخ السينما: أن الممثلة شيرلي إيتون ماتت فعلًا أثناء التصوير بسبب “اختناق الجلد”. لم تكن هذه القصة حقيقية، لكن الناس أرادوا تصديقها، لأن الذهب، في خيالهم، جميل وقاتل في آن. لا يُلبَس، بل يُلبَس عليك. لا يُهدى، بل يُغلفك حتى الاختناق.
الفكرة ذاتها، وإن لم تكن فيزيائية، فهي رمزية تمامًا: الترف حين يزيد يصبح موتًا لامعًا.
لون الذهب وحده حكاية. ولعله النقيض الرمزي لما هو شفاف.
قبل حوالي 15 سنة، كتبتُ بالنص: "إن الحقيقة لا بيضاء ولا سوداء، لا رمادية باهتة ولا صفراء فاقعة، لا هي بلون الفرح، ولا بلون الكآبة، الحقيقة غالبا شفافة لا تدركها الأبصار، ولا يمكن رسمها على ورقة أو إيجاد شيء له نفس لونها، وهي غير مغرية إجمالا."
وإذا كانت الحقيقة شفافة باهتة، فإن شيئاً ما في المقابل، شيءٌ لونه ذهبي، هو بالتأكيد ليس شفافاً، شيء مهم، لعله الوهم الضروري، أو الوهم اللازم لخلق الدافع. لم أر حتى الآن سبيكة ذهب شفافة، ومع أنني لا أستبعد أن أفعل، بالنظر إلى أنه يمكن تقليل سمك السبيكة تقنيا حتى تصبح شبه شفافه، وناهيك عن الشفافية المحتملة لعنصر الذهب الخام، إلا أن الذهب الشفاف، ليس ذهباً، وإن كان.
ولون الذهب حكاية لأنه ليس الأصفر، ولا هو البرونزي وإن كان يشبه كليهما، ولا أيّ ظلّ من ظلال التراب يمثل جوهر الذهب.
إنه لون لا ينتمي للطبيعة، بل يلمّح إلى شيء يتجاوزها.
منذ أن عرف الإنسان المعادن، كان الذهبي لونًا للتمييز، للقداسة، للقوة الغامضة. كأنّ الشمس حين تنعكس على شيء، تترك وراءها أثرًا لا يُمحى.
وبذلك يكون الذهبي اللون الوحيد الذي يخدع العين مرتين… مرة لأنه لامع، ومرة لأنه لا يتسخ.
لكن الذهب ليس لونًا فقط، هو أيضًا صوت: صوت الطرق عليه، في يد الصائغ، وفي قلب القصائد. صوت العملات وهي تُلقى فوق الطاولة، وصوت النظرة حين تقف على خاتم كبير في إصبع يد واثقة.
وصوت الذهب لم يكن يومًا بعيدًا عن الموسيقى:
في House of the Rising Sun، لا يُذكر الذهب، لكنك تسمعه. في نبرة الغيتار الثقيلة، في الغناء الذي يشبه الاعتراف، في اللحن الذي يتلوى كما لو كان معدنًا انصهر على إيقاع الذنب.
وكما قلت قبل قليل فإن الشمس -على ما يبدو- حين تنعكس على شيء، تترك وراءها أثرًا لا يُمحى.
تقول الأغنية الشهيرة أنه في نيو أورليانز، ثمة بيتٌ يُدعى “بيت الشمس الطالعة”.
لم يكن فيه شمس. كان فيه ذهب. أو هكذا ظنه من دخله أول مرة.
ذهبٌ في ضحكة امرأة، في طقطقة كؤوس، في عيون المرآة.
ذهبٌ يُغنّي عنه نزلاء الليل بصوت مبحوح، كأنه استغفار لا يُغفر.
الأغنية House of the Rising Sun، لا تحكي عن ذهب يُلبس، بل عن ذهب يُبتلع.
ذهب يشبه الشمس… يشبهها لأنها تشرق وتوهمك بالبداية. وتحترق وتتركك في العتمة. ذهب يُشبه الخطيئة لأنها تأتيك في عباءة البركة.
الذهب، منذ فجر الميثولوجيا، كان ابن الشمس. وفي مصر القديمة، لم يكن مجرّد معدن، بل إشعاع سماويّ تُرجم إلى رمز: “Nebu”، علامة الذهب في الكتابة الهيروغليفية. لم يكن هذا الرمز يعني الثراء فقط، بل قداسة لا تفنى، نورًا خالصًا لا يُدنّسه الصدأ.
ومن بين جميع الآلهة، لم تكن سوى حتحور ربة الحب والموسيقى والخصب التي حُمّلت بلقب “ربة الذهب”. لم يكن ذلك لأن مناجم الذهب كانت تُنسب لها، بل لأنها، في عين المصري القديم، كانت جوهره المتجسد، الشعاع النازل من عين رع حين تلامس الأرض. كان الذهب في خيالهم يُغني عن الجنة، لأن جسد حتحور كان كافيًا ليجعل الأرض تغنّي. كانت تمشي، فيتصاعد البخور، وتلمس، فيبرق النحاس، وتبتسم، فيتفتّح الذهب من قلب الرمل.
حتحور والذهب يشتركان في الخصلة ذاتها: الإغواء الناعم. الحنان الملمّع. اللمسة التي تشفي وتفتن وتُفسد، في آنٍ معًا.
وقد قرأت شيئًا من هذا، أو قريبًا منه، في كتاب “أنبياء سومريون” لخزعل الماجدي حيث أشار إلى كيف أن بعض الآلهة لم تكن تُعبد خشية أو طمعًا، بل عشقًا… لأن جمالها ذاته كان طقسًا. وبهذا المعنى، لم تكن حتحور فقط ربة الذهب… بل الذهب حين صار امرأة، تعرف كيف تكون فخًا وملاذًا في نفس اللحظة.
وفي الخيمياء، صار الذهب هو الشمس المعدنية، الكمال الصلب، غاية من يحلمون بتحويل الطين إلى نور.
فيزيائياً، هذا المعدن النبيل لا يتكوّن على الأرض. بل في أعماق الفوضى الكونية: نجوم تنفجر، تصرخ، تُمزق نفسها، وتلد الذهب كما تلد الأم جنينًا من الألم. ثم يسقط إلى كواكب غافلة، ليُصبح في أحدها خاتم زواج، أو سنًّا في فم تمثال، أو سبيكة تنتظر أن يُعاد صهرها بعد قرن. وكأنه تقنياً لا يُصنع، بل يُكتشف. ولعل هذا ما يجعله من ضمن الحقائق التي لا تُخدع. تضعه في النار، فيزداد جمالًا
لكن الذهب ليس دومًا حقيقة. في كثير من الأحيان، هو الوهم الذي يشبه الحقيقة أكثر من الحقيقة نفسها. وهو إن شابه الشمس في طلعتها، فإنه يشبهها أيضًا في خطرها. وهنا تعود الأغنية… House of the Rising Sun، التي تقول:
“Oh mother, tell your children Not to do what I have done…”
الخطيئة كانت ذهبيّة. والخلاص، في بعض الأحيان، هو أن لا تلمع.
لكن ما يجعل House of the Rising Sun أغنية لا تُنسى، ليس فقط كلماتها أو قصتها، بل النوع الموسيقي الذي تنتمي إليه. هي ليست بلوزًا خالصًا، ولا فلكلورًا أمريكيًا تقليديًا، ولا روكًا نقيًا، بل مزيجٌ غرائبي تتقاطع فيه خيوط Folk Rock وBlues Rock، كما لو أن اللحن نفسه ضائع بين ثقافتين وقرنين. خلطة أصوات مأخوذة من شعب لا يعرف اليقين، وغيتار كهربائي يُذكّرك أن الذنب، مهما غُني عنه، يبقى حيًّا.
هذا التهجين في النوع، مثل التهجين في الذهب: ذهب أصفر، ذهب أبيض، ذهب وردي، وذهب مُطعَّم بحكايات لا يعرفها إلا الصائغ الذي نام ذات مرة في حضن نجمة ميّتة. وتمامًا مثل الأغنية، التي لا يعرف أحد من كتبها أول مرة فحتى الفرقة البريطانية “The Animals” ما كانت إلا واحدة من عشرات من غنّوها.
كذلك الذهب، لا نعرف له صاحبًا أول. من انتزعه من بطن الأرض أول مرة؟ من سجد له؟ من مات بسببه؟ الاسم ضائع… لكن الأثر باقٍ.
ولنذهب أبعد من ذلك، فالذهب هو العملة الوحيدة التي لا تحتاج إلى تعريف. لا يحتاج الذهب إلى تسويق. كل ما تحتاجه هو أن تُخرجه من عتمة المخزن وتضعه تحت الضوء، وهو سيتحدث عن نفسه. إنه يشبه تلك النساء اللواتي يرتدين الذهب لا لأنهن يردن الزينة، بل لأن الذهب نفسه هو الزينة. الشبكة في الأعراس ليست مجرد هدية، بل هي إعلان صريح عن فكرة: “أنا أستطيع أن أضع على جسدك شيئًا يُشبه الخلود.” وهكذا، منذ قرون، صار الذهب صكًّا يلمع فوق اليد لا لشيء، سوى أنه يقول: هذه امرأة مهمة، أو هذه امرأة مملوكة، أو هذه امرأة من عائلة تعرف الفرق بين النحاس والذهب.
لكن الأثر لا يبقى فقط، بل يتكاثر.
الذهب لا يُستهلك.
كل ما استُخرج منه منذ فجر الحضارات لا يزال بيننا، في شكلٍ ما. في الخزائن، في الأساور، في أسنان بعض الجدّات، في رقائق خفية داخل الأقمار الصناعية، وحتى في حطام السلاطين الغارق في قاع البحر.
ولأنه لا يفنى، فإن كل غرام ذهب يحمله شخص الآن، ربما حمله من قبله فينيقي، أو راهبة في معبد فرعوني، أو جندي مهزوم في طريقه إلى المنفى.
الذهب يتنقل، يتبدّل، لكنه لا يزول.
وربما لهذا يُقال إن الذهب ليس ملك أحد. هو مثل السرّ المشترك الذي يمر من يد إلى يد، من حضارة إلى أخرى، ومن حكاية إلى جريمة إلى قبلة إلى حرب.
وقد يحدث، كما حدث في كثير من الأعراس، أن يُقدَّم الذهب كشبكة للعروس. كأنه عربون حب، لكنه في الحقيقة عربون قلق.
كأن لسان حال الخطيب يقول: “خذوا هذا القليل من الشمس، لعلّه يُقنعها بأن تضيء حياتي”.
ويصير الذهب هنا ليس للزينة بل للضمان. ضمانة أن لا تنهار العلاقة بسرعة، وأن تكون قيمة ما لو سقط العالم من حولهم.
وفي أعراس المدن القديمة، كان الذهب يُعرَض أمام الحماة، لا أمام العروس. المهم أن تراه “الجهة العليا” وتطمئن.
الذهب يُعرض أكثر مما يُهدى !
لكن في عصرنا، صار الذهب يُتداول رقميًا. ورقة، ثم سهم، ثم رقم. ثم أصبح يُقاس بالدقيقة، ويُعرض كأنما هو خبر في نشرة المساء.
وسعره، هذا المتقلب بين الهبوط والصعود، لا يعكس قيمته الحقيقية، بل يعكس فقط خوف الناس من المستقبل.
في الأزمات، يقفز. في الحروب، يلمع. في الضباب، يتوهج. تمامًا كما تفعل الرغبة، حين تُحاصر.
لآلاف السنين، كان الذهب هو معيار القيمة، قبل أن تصوغ المصارف مفاهيم العملة والضمانات والتضخم. لكنه لم يصبح “المعيار الذهبي” Gold Standard بالمعنى الدقيق إلا حين قررت الإمبراطوريات الحديثة أن تثبت عملاتها بشيء لا يموت. شيء لا يُطبع، ولا يُزيف، ولا يتبخر مع الأزمات.
كان الذهب أشبه بالقَدَر في النظام النقدي، المعيار الأعلى الذي تُوزن عنده أوراق الدول وسندات بنوكها، والضامن الوحيد لصوت النقود وهي تُصدر من فم الدولة. بريطانيا كانت أول من ربط الجنيه الإسترليني بالذهب رسميًا عام 1821، وما لبثت الدول الكبرى أن لحقت بها، وبهذا أصبح العالم كله يدور في فلك كتلة معدنية صامتة، لا تصرخ، لكنها تُملِي على الجميع ما يفعلون. وكانت أمريكا آخر عشيقات الذهب؛ ربطت الدولار بالذهب رسميًا من خلال اتفاقية “بريتون وودز” بعد الحرب العالمية الثانية، فصار الدولار هو العملة العالمية، لكنه لم يكن مستقلًا… كان مُقيدًا بسلاسل ذهبية خفية.
غير أن هذا القيد، كما يحدث في كل زواج بين القوة والرغبة، بدأ يضيق على الطرف الأقوى. ومع تصاعد الديون، وتزايد الالتزامات، وخوف أمريكا من أن يطالب العالم بما لا تستطيع منحه، اتخذ الرئيس ريتشارد نيكسون القرار الذي غيّر شكل العالم المالي: في عام 1971، أعلن ما يُعرف بـ”صدمة نيكسون”، حيث فُصل الدولار عن الذهب، وتوقفت أمريكا عن تحويل الدولارات إلى ذهب، كما كانت قد وعدت.
انتهت الأسطورة؟ على الأقل رسمياً؟
تقنياً نعم. لم يعد الدولار قطعة من ذهب، بل وعدًا بأن تكون له قيمة، فقط لأن الجميع يعتقد ذلك.
منذ تلك اللحظة، لم يعد الذهب سيّد العملات… بل صوفيًا في معبد الاقتصاد، يراقب من بعيد، ساكنًا، ساخرًا، يتقلب سعره حسب جنون الأسواق، لكنه لا يطلب شيئًا. فقط ينتظر، كقدَر قديم، أن يعود العالم إلى حقيقته: أن كل شيء هش… إلا هو.
عندما فَصلت أمريكا في السبعينيات الدولار عن الغطاء الذهبي، لم تكن تقطع فقط العلاقة بين الورقة والمعنى، بل كانت تدشّن عصرًا جديدًا، صار فيه الذهب روحًا بلا جسد، بينما الدولار جسدًا بلا روح.
ومن يومها، بدأت اللعبة.
لم يعد الذهب عملة، لكنه ظل هو المقياس السرّي لكل العملات. وبينما تنفخ الدول في عملاتها الورقية كما تُنفخ البالونات، ظل الذهب يحتفظ بصمته العنيد. لا يعبأ بالخطاب، لا يهتز للخُطب، لا يتأثر بالانقلابات، ولا يتلون بألوان النشرات الاقتصادية.
وكأن الذهب يشبه الفكرة النقية… لا تُنشر، لا تُباع، لكنها تبقى أصل كل ما يُباع ويُنشر.
ثم جاء البتكوين.
فكرة جريئة تقول للعالم: “إن كنتم تبيعون الوهم، فها نحن نبيع وهمًا أنظف”. عملة رقمية بلا بنك، بلا دولة، بلا هوية، لكنها، وبعناد ساحر، تحاول أن تشبه الذهب: محدودة، مستقلة، ويصعب تزويرها.
البلوكتشين هنا هو منجم الذهب الجديد. لا تحفر فيه بمعول، بل بالكود. لا تكتشف فيه المعدن، بل الثقة. وبدل أن تخزّن الذهب في قبو، تخزّنه في سلسلة مشفّرة موزعة على ملايين العقول.
وهكذا، من ذهب الفراعنة إلى ذهب المستقبل، يتحرك المعدن النفيس، لا في الجيوب فقط، بل في الرموز والمفاهيم.
وهذا بالطبع سيروق أولئك الذين يرفضون كل شيء: الدولة، العملة، البنوك، الشرطة، الضرائب، حتى الشوارع المنظمة.
نعم، أتحدث عنهم، رفاقنا الأناركو كابيتاليستس!
الأناركيون الرأسماليون أو الفرديون يرون في الذهب (أو في بديله المشفّر) وسيلتهم الوحيدة للنجاة من طغيان المركز.
هؤلاء كما أظن يحبون الذهب لأنه لا يسألهم عن اسمهم ولا عن نواياهم، فقط يحتفظ بقيمته… ويحترم سرّهم.
في عين الأناركي الفردي، ليس الذهب زينة ولا ادّخارًا، بل خلاص. هو الشيء الوحيد الذي لا يبتسم باسم الدولة، ولا يوقّع خلف ظهر الإنسان. لا يُطبع، لا يُزوَّر، لا يُخضع لرئيس، ولا يستجدي من مصرف مركزي ترخيصًا لوجوده.
كثيرا ما ارتبطت فكرة الأناركية بعلم الأفعى المجلجلة – أو علم غادسدن. وبغض النظر عن الظروف التاريخية لنشأته واستخدامه، فإن ارتباطه بالأناركية الفردية اليوم يجعل منه رمزاً حياً للغريزة الأصلية في الدفاع عن النفس والسيادة الفردية. تلك الأفعى الملفوفة، المستعدة للعض عند أول خطوة خاطئة، تمثل ما يراه الأناركي الرأسمالي في نفسه: كائن مسالم، لا يبدأ الأذى، لكنه لن يُدهَس بصمت.
في هذا الرمز، يلتقي القديم بالجديد. فكما كان الذهب مخزون القوة الصامتة في جيوب الأحرار، وكما صار البتكوين صرخة الكترونية ضد مركزية المال، تأتي الأفعى لتذكّر:
“أنا هنا. لا أحتاج إلى إذن. ولا أسامح من يعتدي.”
يرى الأناركي الرأسمالي في علم الأفعى ترميزًا لحياةٍ بلا وصاية. لا وصاية من دولة، ولا من بنك، ولا من نظام يطلب توقيعًا قبل أن يسمح لك بالوجود.
وفي عصر البلوك تشين، تصبح هذه الأفعى… “عُقدة ذكية” تحكم ذاتها. لا مركز، لا ترخيص، لا وصي. فالأفعى لا تنتخب ملكها، بل تحكم بوجودها، بوعيها، وبهشاشة جلدها الذي يعرف متى يتبدّل ومتى يتخشّب.
إنها ليست علم حرب، بل راية كرامة. تقول لمن يحاول السيطرة على السوق، أو برمجة الجسد، أو حبس العقل:
“لا تقترب، فأنا غير قابل للترويض.”
وبين الذهب كرمز للثبات، والبتكوين كرمز للخلود الرقمي، تقف الأفعى كرمز للفطرة… فطرة الحريّة.
الذهب، في نظر هذا التمرّد الفردي العارم، هو العملة الأصل. الفيزا التي لا تحمل عَلَمًا. هو الوثيقة التي تقول: أنا موجود… بوزني، لا برأيك عني.
في عالمٍ تَسقط فيه الدول واحدة تلو الأخرى، وتتساقط فيه أوراق الثقة من دفاتر القانون والشرطة والحكومة والبنك والأمم المتحدة وحتى العقائد، يبقى الذهب الشيء الوحيد الذي لا يقول إلا ما يعني، ولا يعني إلا ما يزن.
وكذلك البتكوين: فهو ليس عملة، بل أُغنية كودٍ تُنشدها الأرواح المتمرّدة في فضاء الإنترنت. هو وعدُ السيبورغ الذي قرأ سفر التكوين الرقمي وقال:
“فليكن مالٌ لا يُطبع… فليكن نورٌ لا يُطفأ.”
إنه الطوفان الجديد، لكن بلا ماء. طوفان من الأصفار والآحاد، يغسل الأرض من آثام البنوك والديون والنظام الأبوي للمال. وكل من آمن به بنى فُلكه: محفظة مشفّرة، كلمة سر، ومفتاح خاص… ينتظرون سقوط العملات، كما انتظر نوح أول قطرة مطر.
البتكوين هو نبوءة، والمنقذ ليس نبيًا، بل شبح يُدعى ساتوشي، ظهر كما يليق بالأساطير… ثم اختفى.
إذاً، وفي نظامنا الرقمي، يقبع البلوك تشين حيث: كل معاملة تُكتب، ولا تُمحى. كل خطأ يُسجَّل، وكل حق يُحفظ.
البلوك تشين ليس قاعدة بيانات… بل تاريخ أخلاقي للثقة. مكتوبٌ فيه:
“ها نحن نحاول، للمرة الأولى منذ آدم، أن نعيش بلا كذب.”
إنه الكتاب المقدّس للسيادة الفردية،
وهو الذاكرة المتسامحة والصارمة في آن… كأنه يقول: “أكتبْ حياتك، لكن تذكّر… لا شيء يُمحى.”
إن الذهب هو الذاكرة المعدنية للجنة الاقتصادية المفقودة. هو بقايا عصرٍ لم تكن فيه الآلات تطبع المال، بل كانت الأيادي تنقّب عنه تحت الشمس. الذهب لا يُخلق، بل يُكتشَف… وكأنّه يقول لنا:
“الثروة الحقيقية لا تُخلق من لا شيء، بل تُستخرج من باطن الأرض، من تعبٍ، من ألمٍ، من صبرٍ يشبه الطهارة.”
فيه حنينٌ واضح إلى زمنٍ لم تكن فيه القوّة بيد من يسيطر على الطابعة، بل بيد من يحفظ ثقله في حجر. الذهب هو قُبلة من زمن ما قبل الخطيئة المالية الكبرى… حين قرّر الإنسان أن يُبدّل وزنه بوعد، وأن يستبدل المعدن بالحبر. كل ورقة نقدية هي ثمرة من شجرة معرفة الخير والشر المالي… والذهب هو الجنة التي طُردنا منها.
الذهب، بهذا المعنى، هو أول فكرة لا مركزية عرفها الإنسان. وكل ما تبعه، من عملات رقمية وبلوكتشين ومشفّرات، إنما هو محاولة لنسخ تلك الهيبة الأصلية التي منحها الذهب لليد التي تمسك به، لا للخطاب الذي يُقال عنه.
لذا، ففي عين الأناركي الرأسمالي، الذهب ليس مجرد معدن… بل هو الكلمة المتجسدة للحرية الاقتصادية. إنه الصمت الثمين الذي قاوم الصراخ الورقي للبنوك المركزية واحتفظ بكرامته عبر قرون من التزوير النقدي، والوعود المسمومة، والحروب التي كانت تُشعل فقط لتطفأ بالديون.
أما البتكوين؟ فهو الذهب الذي تعلّم البرمجة. هو الصيحة الرقمية للسيادة الفردية، الرصاصة الأولى التي أُطلقت في حرب تحرير العملة من الدولة. لا يمكن تزويره، لا يمكن مصادرته بسهولة، ولا يعترف بأي سلطة إلا السلطة التي يختارها من يُشغّله. فيه يُترجم مبدأ “لا سيّد لكَ” إلى كود. وفيه يتحوّل دفتر الأستاذ إلى كتاب مقدّس مفتوح لا يُمحى، تشهده كل العيون، وتحرسه كل العُقُول.
وهكذا يكون البلوك تشين هو الذاكرة الجماعية للثقة بدون حاجة إلى ثقة. هو البنية التحتية لعالم لا مركزي، حيث لا يحتاج الإنسان إلى أن يعبد مصرفًا مركزيًا، ولا إلى أن يستجدي توقيعًا من بيروقراطي أصمّ.
في نظر الأناركي الرأسمالي، هذه الثلاثية (الذهب، البتكوين، البلوك تشين) ليست أدوات، بل طقوس تحرّر. هي وسائط بين الإنسان وبين ذاته السيّدة، تماما كما كانت النار في الميثولوجيا الإغريقية رمزًا للمعرفة المسروقة من الآلهة.
الذهب هو الزمن المتجمد، والبتكوين هو الثقة المشفّرة، والبلوك تشين هو الذاكرة التي لا تنسى.
ويكفي أن تعرف أن الأناركي لا يريد أن “يحكم”، بل فقط أن لا يُحكم. هو لا يسعى إلى الملك، بل إلى ألا يُسرق من الملوك. ولذلك، يرى في هذه الرموز الثلاثة تمائم تحرّر من سحر الدولة:
سحر الطباعة دون غطاء، وسحر الضرائب المقنّعة، وسحر المال الذي لا ينام إلا في حساب الحاكم. وإذا كان البيتكوين هو تمرد رقمي، فالذهب هو التمرد الذي لا يحتاج واي فاي. هو صرخة الجاذبية: أنا هنا. أنا أثقل من كذبتكم.
في هذا العالم، لا تعني الهوية كثيرًا، لا الجنسية، ولا الأوراق الرسمية. تعني فقط: هل تملك ما يُوزن؟ هل تملك ذهبًا؟
فأي عار بعد ذلك في أن تختار الأناركية الذهب؟ أليس هو الشيء الوحيد الذي لا يُملي عليك ما تفكر، بل يدفعك لتفكر كيف تملكه؟
كل فكرة حرّة، كل صرخة ضد المركز، كل رغبة في كسر القالب، تبحث عن مرجعية بديلة. الذهب، في هذا السياق، ليس مجرد معدن… بل هو بنية مقاومة. حقيقة مصمتة تُقاس، لا تُنتخب. يُلمَس، لا يُنتخب له ناطق رسمي.
حتى الكلمة نفسها… “ذهب”، فيها نغمة هروب. ذهب… فانفلت من القبضة. ذهب… فسبقكَ بخطوة. ذهب… فصار ماضيًا ومشتهى في الوقت ذاته.
ربما لهذا، كل من أراد استقلالًا ذاتيًا، أو اقتصادًا متمردًا، أو ملاذًا آمنًا من تعسف الحكومات، وجد في الذهب ضالته. الرأسمالية نفسها لم تعد تثق في بنوكها، فعادت إلى الذهب كلما اهتزت الأرض من تحت قدميها.
لذا فإن بعض الأناركيين الفرديين يَرَون أن المستقبل لن يُبنى على أصوات الناخبين، بل على أصوات الموازين.
عملة واحدة تكفي. عملة لا تحتاج إلى توقيع رئيس ولا غلاف سيادي. عملة من عصر ما قبل البيروقراطيات، وعصر ما بعد الفشل الجماعي.
عملة تُخبَّأ تحت البلاطة، أو تُدفَن في قبو، أو تُقصَم لأجلها ظهر قافلة كاملة في صحراء بلا خارطة. عملة، إن فقدت، تُبكي الرجال لا البورصات.
والمفارقة أن الذهب، بهذا الحضور الأسطوري، لا ينتمي لأحد. لا وطن له. لا لهجة. لا عِرق. لكنه حين يحضر، يُسكت الجميع.
ولهذا، فإن كل مشروع حرّ، مستقل، أناركي، فردي، لا بد له من ركيزة. والذهب… هو الركيزة التي لا تستجدي شرعية من أحد.
أحيانًا أفكر، لو كانت البشرية في خضم انهيار شامل… لو انهارت العملات، وتفككت الأمم، وذابت الحدود في أمواج من الفوضى… ماذا سيبقى؟ ليس الآيديولوجيات، ولا الأعلام، ولا التغريدات.
سيبقى الذهب… يتلألأ بصمت. ويقول لكل يد ترتجف: زنني… وسأُريك من أنت.
لذا لا تلوموا الحالمين،
أولئك الذين لا زالوا يتحدثون عن مناجم سرية في جبال لم تُكتشف بعد، أو حتى عن أرض عظيمة ممتدة امتداد السماء نفسها، ترفض أن تكتفي بأن تكون مجرد كرة صغيرة تسبح في فضاء سبق وأخذت منه ما تحتاج من معادن، وما عاد في جعبته الكثير ليمنحها… بل لا تلوموهم حين يرسمون الخرائط التي توصل إلى جدار جليدي يُقال إن خلفه ذهب يكفي ليعيد توزيع الثروات في لحظة.
وكأن جون سيلفر نفسه يبتسم في الظل، يراقب تلك الخرائط الجديدة التي يرسمها الحالمون، ولا يهمه إن كانت الأرض مسطحة أو مكورة أو مثقوبة من المنتصف. فكل أرض، بالنسبة له، تخفي كنزًا ما... وكل جدار، حتى لو كان جليديًا، لا بد أن خلفه خشبةٌ مدفونة تحمل علامة X حمراء. هو لم يؤمن يومًا بالجغرافيا، بل بالشائعات. لم يثق بالبوصلة، بل بحكاية تُهمس على مائدة قراصنة.
قد يكون سيلفر على حق، للمرة الأولى... أو الأخيرة.
ولأنه كان متمردًا بالفطرة، لا عجب أن يشبه جوني سيلفر في جوهره أولئك الأناركيين الفرديين الذين قالوا إن الدولة كذبة، وإن الملكية تقييد، وإن القانون مجرد شبكة يصطاد بها الضعفاء بعضهم البعض.
سيلفر لم يحتج إلى مانيفستو، كان بيانه العملي خنجرًا وسفينة وحكاية كنز.
لم يحتج إلى منصة رقمية ليُعرّف نفسه، فقد كان اسمه وحده ماركة للخروج على السائد.
فكرته عن العدالة؟ بسيطة: من وجد الكنز، فهو له.
ولذا فإن الحالمين الذين يرسمون خرائطهم خارج المنظومة، الذين يتخيلون ذهبًا خلف جدار لا تعترف به الأقمار الصناعية، ليسوا سوى أحفاد لسيلفر…
لكنهم لا يحتاجون إلى ساق خشبية هذه المرة، فقط إلى فكرة جامحة، وخيال يرفض أن يخضع.
هم إذاً، مثل سيلفر، ليسوا سُذجًا.
هم فقط يريدون أن يصدّقوا أن الأرض ما تزال تخبئ شيئًا يستحق الحفر لأجله.
#محمد_عبد_القادر_الفار (هاشتاغ)
Mohammad_Abdel_Qader_Alfar#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ميم: رواية بضمير مستتر
-
الإيقاع الحلال: ماذا لو جاز الجاز؟
-
خطة الله في غزة
-
سأم مع سبق الإصرار
-
غزة: مشهد إضافي
-
كاتب يطارد شبحه في أرشيف الإنترنت
-
حين أخفى تاكاهيرو ذاكرة الرجل المسكين - 8
-
حين أخفى تاكاهيرو ذاكرة الرجل المسكين - 7
-
مذكرات تائب -٦
-
مذكرات تائب - 5
-
مذكرات تائب - ٤
-
مذكرات تائب - ٣
-
مذكرات تائب - ٢
-
مذكرات تائب - 1
-
لا أستحق الحياة
-
صابر Sober - جزء ثان
-
رحلة إلى شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة (7)
-
رحلة إلى شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة (6)
-
لا تخالف كي تُعرف (قصيدة)
-
يا قوم قصوا لي لساني (قصيدة كاملة)
المزيد.....
-
نتنياهو من البيت الأبيض: نعمل مع أمريكا على صفقة أخرى لإطلاق
...
-
ترامب يجدد رغبته في السيطرة على قطاع غزة: لماذا تخلت إسرائيل
...
-
ترامب يعلن عن محادثات مباشرة مع إيران بشأن برنامجها النووي
-
ترامب يطلق تصريحا -مدهشا- عن غزة أرض الممتلكات المهمة ومن سي
...
-
-أردوغان صديقي وعليك التعقل-.. سجال بين نتنياهو وترامب بشأن
...
-
الولايات المتحدة.. الاستئناف يسمح لوزارة ماسك بالوصول إلى ال
...
-
وزير الدفاع السعودي ونظيره الأمريكي يبحثان تطورات الأوضاع ال
...
-
الجيش الباكستاني: مقتل 9 مسلحين برصاص قوات الأمن في مداهمة ق
...
-
إعلام: الولايات المتحدة ستقطع معظم المساعدات المتبقية لأفغان
...
-
مشاهد من لقاء ترامب بنتنياهو في البيت الأبيض
المزيد.....
-
Express To Impress عبر لتؤثر
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التدريب الاستراتيجي مفاهيم وآفاق
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
Incoterms 2000 القواعد التجارية الدولية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
المزيد.....
|