أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - طالب الجليلي - الرواگيص..!














المزيد.....

الرواگيص..!


طالب الجليلي
(Talib Al Jalely)


الحوار المتمدن-العدد: 8304 - 2025 / 4 / 6 - 10:24
المحور: كتابات ساخرة
    


( الرواگيص !!!!)


انتشر الخبر كأنه شعلة نار القيت على (جمرية) مكشوفة من التبن!! سارعن النساء يتبعن أطفالهن فرحين صوب حوش الشيوخ .هرع الرجال الى مضيف الشيخ وقد ترك البعض اكواخهم وأوقف الآخرون أغنامهم تعود الى بيوتهم وآخرون القوا بمساحيهم وتسلقوا كتف التل الذي تقبع عليه قريتهم وأخذوا يغذون السير الى مضيف الشيخ .. كيف سرى خبر الضيف ؟! الشيطان وحده يعلم ..
كعادة ابناء العشيرة .. حين يأتي ضيف الى الشيخ يجتمع الجميع في مضيف الشيخ ليشاركوا في خدمة شيخهم وضيوفه في ذبح الخراف وسلخها وتقطيعها وتشارك نساؤهم عائلة الشيوخ في الطبخ والخبز وجلب الماء.. والمهم هو اسغلال الفرصة التاريخية في تذوق الطبيخ واللحم الذي لا يزور معداتهم الا في الفواتح والأعراس ، او حين تتخم شاة عند سيء حظ من ابناء القرية فيضطر حينها الى ذبحها ودعوة ابناء القرية الى غداء يشبعهم اثناء تناولهم لحمها بأقذع الشتائم والدعوة لهم بالحريشي !!....
اما اليوم فقد كان الضيف شيخا كبيرا وافدا من ( الغربية !!) وقيل انه كان شيخا من شيوخ عنزه !!! هذا ما تناقله ابناء القرية ...
غص المضيف بأبناء القرية .. دارت فناجين القهوة على الجالسين وعم الصمت الذي فرضه وجود ضيف من شيوخ اعنزه . بين الحين والآخر كان يسري همس بين الاخرين .. زادت من هيبة الجلسة مبادرة شيخ العشيرة بالجلوس خلف وجاغ ( موقد) الدلال ومسكه المقلاة على النار وهو يتلذذ بتقليب حبات القهوة وتحميصها بالملعقة الطويلة السوداء .. كانت اصوات انفلاق تلك الحبات تصدع ذلك الصمت الذي كان مخيما على الجالسين ...
كان الضيف رجلا في الخمسين وقد اعتمر الغترة البيضاء يعلوها عقال خال من الشعر ومبروما برما مجسما وكان يميل قليلا الى الجانب الايمن .. برز طرف خصلة سوداء من شعره فوق جبهته مما اكد عدم وجود طاقية تحت الغترة البيضاء وهي عادة تميز بها سكان الغربية والبدو .. اما عبائته فقد كانت سوداء شفافة جدا وقد طرزت حواشيها بشريط من الخيوط المذهبة .. اما لحيته فقد كانت سوداء فاحمة لا تتجاوز الذقن وكان يعلو شفتيه شاربان معقوفتان حرص على فتلهما باصابعه التي طوق خنصرها خاتما ذو خرزة من العقيق اليماني ...
كان المتحدث الوحيد هو الشيخ وكانت اجابات الضيف مقتضبة وذات لهجة بدوية ترددت فيها كثيرا مفردة ( يُبه) البدوية .. لا زال الشيخ يقلب حبات القهوة ويراقبها وهي تنط وتنفلق مصدرة تلك الأصوات المميزة .. كانت نظرة منه الى ابناء عشيرته تلجمهم وتسكت ضحكات كانت تنطلق بين الحين والآخر ...
اجتاحت جو المضيف رائحة اللحم المحموس !! وسال لعاب البعض فاستعانوا باذيال كوفياتهم لكي يخفونه ...
دلف رجل طويل القامة من باب المضيف واتخذ له مكانا قريبا من الباب حيث تجمعت نعل الحاضرين ومداساتهم .. لم يلق ذلك الرجل اهتماما من الحاضرين وكان الرد على تحيته فاترا !! كان امحيبس من عائلة وافدة استقرت قديما في القرية وقد كانوا جميعا مدمنين على الرقص!!! فما ان يكون هناك عرسا وتجلب فيه الغجريات حتى تجدهم ينزلون للساحة وهم يهزون اكنافهم برشاقة تفوق ما تؤديه الغجريات . وعلى مر الزمن التصق بهم لقب ( الرواگيص) !!! كانت ادنى حالة انتعاش او خبر مفرح كافية لأن ينزل الحاضر منهم للساحة وتصيبه حالة من الرقص وهز الاكتاف !! اصبح الرقص عندهم داءا ومرضا مزمنا...
لا زال الشيخ يقلب القهوة ويلقي بين الحين والآخر نظرة على ضيفه الوقور ويتابع حديثه عن الإبل والخلافات العشائرية واخبار الغزوات التي كان أجداده يقومون بها ... وفجأة وبفراسته المعهودة التقط دهشة بدت على وجه ( امحيبس الراكوص)!! قابلها الضيف بامتعاض لم ينتبه له الآخرون حين دلف امحيبس ... !!!
في لحظة ما استغل امحيبس قيام احد الحاضرين الذي يبدوا انه لم يتحمل رائحة اللحم المقلي وفرقاعة الدهن الحر وهي تطوف على الطبيخ !! قفز بخفة ليشغل مكان الرجل الذي كان لا يفصله عن الشيخ الضيف سوى شخص واحد !! حين جلس مد رقبته نحوه محاولا التأكد وقد كان مشدوها.. !! الشيخ لا زال يقلب حبات القهوة وبستبدلها... والعبد اخذ يطحن الوجبة المحمصة ويدقها بهاونه وذراعها البرونزي الثقيل بنغمات مترادفة ثم يدق دقتين جدار الهاون لتصدح نغمة اخرى !!
كان امحيبس كلما يمد عنقه باتجاه الضيف ، يشيح هذا بوجهه بعنف وامتعاض للجانب الاخر .. اخذ الشيخ ينقل نظره بين الاثنين .. وقد راوده شك في الامر !! اغلقت رائحة اللحم عيون الاخرين وقام البعض متجها صوب بيت الشيخ الكبير لكي يشاركوا بنقل الطعام... تأكد امحيبس وصدقت ظنونه!! ما عليه الان سوى الصعود !!! انه هو !! قال لنفسه ... أيا ابن ال....!! جعلت من نفسك شيخا وبدويا يا ابن ال....!!! مالذي جاء بك ؟! ماذا تريد وأي هدف خبيث عزمت عليه ...؟!
كان هذا ابن عم له .. انه اطريمش!!! رافق الكاولية واختفى قبل ثلاثين عاماً !! ولم يسمع عنه خبرا.. ردد بينه وبين نفسه : أيا .. منتوف !!!
اخذ امحيبس يهمس لابن عمه مستغلا انشغال الاخرين وقد افقدتهم وعيهم رائحة اللحم والثريد .... اخذ ينقر باصبعيه من وراء ظهر جاره وهو يردد هامسا : گوم .. گوم .. لا يا منتووف!!
مع امتعاضه ، لكن الحمى بدأت تأخذ طريقها لاكتافه التي بدأت تهتز على إيقاع نقر سبابتي امحيبس ... شيئا فشيئا وصعودا تسارعت وعلت نقرات اصابع امحيبس وهمسه .. اشتدت وازدادت حرارة وعنفوانا واهتزتزا ورشاقة اكتاف الشيخ اطريمش وراح يذوب في عالمه الاصلي .. الرقص !!! ولما وصلت حالة الذوبان لكليهما القمة قفز امحيبس وهو يرفع عبائته ويلطم بها وجه الشيخ المزيف وهو يصرخ : كلّك گوم ... لا .. يا .. منتوووف !!! وبسرعة البرق نزل الاثنان الى وسط المضيف وهم يهزون الاكتاف والأرداف مستعيدين اصلهم وكاشفين عن سلعتهم وبضاعتهم : حمى الرقص التي لا يجيدون غيرها ... رافق ذلك خيزرانة الشيخ المضيِّف وهي ترسم خرائطا عاى ظهورهم وتلاه الحاضرون بأمدستهم ونعلهم وهي تتبعهم الى العراء ....

طالب
.....



#طالب_الجليلي (هاشتاغ)       Talib_Al_Jalely#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصتي مع حنا بطاطو .. تكملة لما نشرت
- حنا بطاطو والطبقات الاجتماعية في العراق
- نقاء الشيوعيين
- إنها امريكا ..
- من مدينة الحي ..
- من كتب مقالات الثورة حول أهل الجنوب عام 1991؟!
- آخر مسمار يدق في نعش 14 تموز الخالدة..!
- نصيحة ابو علي لعلاج العراق
- الإغتيال الثاني لثورك 14 تموز 1958
- من يلعن 14 تموز وزعيمها؟!
- الحي ؛ مدينة الورد والقداح
- العقبة وما أدراك مالعقبه
- امام مجلس محافظة واسط
- حقيقة انقلاب 8 شباط الاسود 1963
- مجرد تساؤل
- من الشيخ والبحر ..!
- ( جَمعَنْ)
- ليلة ممطرة
- ابو أرنب..!!
- يحدث في العراق..!


المزيد.....




- الفنانة ثراء ديوب تتحدث عن تجربتها في -زهرة عمري-
- إلتون جون يعترف بفشل مسرحيته الموسيقية -Tammy Faye- في برودو ...
- معجم الدوحة التاريخي ثروة لغوية وفكرية وريادة على مستوى العر ...
- بين موهبة الرسامين و-نهب الكتب-.. هل يهدد الذكاء الاصطناعي ج ...
- بعد انتهاء تصوير -7Dogs-.. تركي آل الشيخ يعلن عن أفلام سعودي ...
- برائعة شعرية.. محمد بن راشد يهنئ أمير قطر بفوز «هوت شو» بكأس ...
- -خدِت الموهبة-.. عمرو دياب يقدم ابنته جانا على المسرح في أبو ...
- وفاة الفنان العراقي حميد صابر
- فنانة سورية تفجع بوفاة ابنها الشاب
- رحيل الفنان أمادو باغايوكو أسطورة الموسيقى المالية


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - طالب الجليلي - الرواگيص..!